حسم المواجهة في الجنوب السوري يُنهي الحرب

حميدي العبدالله

تقوم روسيا بدورٍ نشط لإقناع كل من تل أبيب وواشنطن بقبول حل سياسي لمنطقة الجنوب يجنّب هذه المنطقة معركةً كبرى قد تقود إلى مواجهة غير مسبوقة في سورية بين دمشق وحلفائها، وبين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وربما الأردن، وستكون تداعيات هذه الحرب مزلزلة ومقوّضة لاستقرار المنطقة برمّتها وليس سورية.

ومعروفةٌ الخطوط الرئيسية للحل، وهي إجراء مصالحة مع مسلحي المنطقة وانتقال مَن لا يرغب في المصالحة إلى إدلب، وتفكيك قاعدة التنف الأميركية، وبعد ذلك انتشار حصري للجيش العربي السوري في هذه المنطقة. هذه المصالحة وما تتضمّنه من تنازلات من قبل الولايات المتحدة و«إسرائيل»، وإبعاد أي جهات غير الجيش العربي السوري عن المنطقة وتجنّب مواجهة عسكرية ستكون تداعياتها في غير مصلحة الكيان الصهيوني والأردن، وبالتالي الولايات المتحدة.

بناءً على مضمون التسوية هذا الذي لا تقبل الدولة السورية أقلّ منه، كما أوضح ذلك وزير خارجية سورية الأستاذ وليد المعلم، بكل تأكيد في حال نجاح التسوية، تفقد الولايات المتحدة مبرر وجود قواتها في سورية. إذ من المعروف أن الهدف الرئيسي، أو من بين الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة هدفان، الأول تأمين «إسرائيل»، وفي حال قبول تل أبيب هذه التسوية. فإن هذا الهدف يصبح غير قائم. والهدف الثاني، قطع أي تواصل بين سورية والعراق برياً، لأن مثل هذا التواصل بنظر واشنطن وتل أبيب يعزّز مكانة منظومة المقاومة والممانعة الاستراتيجية، ويؤمن تواصلاً برياً يمتد من طهران إلى بغداد إلى دمشق إلى بيروت، ومن ثم إلى حدود فلسطين، بل أكثر من ذلك يساعد على خلق منطقة تتواصل دولها وتضمّ روسيا والصين وإيران والعراق وسورية، وكل ذلك ستكون له تداعيات لمصلحة الدول التي تناهض سياسة الهيمنة الأميركية والغربية.

أي تسوية في الجنوب ضمن ما تطالب به سورية، يغيّر جذرياً، وربما أكثر من تحرير حلب ودير الزور والبادية والغوطة، في واقع الحرب التي شنت على سورية منذ عام 2011. فانتصار حلب، وبعد ذلك دير الزور وبعده الغوطة، شكّل انعطافات هامة في مجرى الحرب، ولكن الحلقات الأهم كانت مواجهة المناطق التي يتداخل فيها انتشار المجموعات الإرهابية مع وجود قوات أجنبية ولا سيما القوات الأميركية. وبالتالي فالحرب لا تُخاض ضد مجموعات إرهابية وحدها، بل ضد الجيوش الأجنبية الداعمة لها. وعندما تقبل واشنطن تفكيك قاعدتها في التنف وهي أخطر المناطق صلة مع أهدافها ومبرّر وجود قواتها في سورية، فإن انسحابها من سورية يصبح مسألة وقت، وعندها تنتهي الحرب في سورية، أو الحرب على سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى