من التراث القومي الاجتماعي… كيف تعاطى زعيم الحزب بعد الاعتداء الذي تعرّض له بيار الجميل

يزخر تاريخ حزب الكتائب بالعداء والمواقف التحريضية ضد الحزب، وصولًا إلى إفتعال حادثة الجميزة بالتواطؤ مع السلطة الحاكمة للإيقاع بسعادة وبالحزب، وهذا ما بات معروفًا.

إنما كيف تعاطى سعاده عندما وصله أن رئيس الكتائب بيار الجميل تعرّض لحادث أوجب نقله إلى المستشفى، وماذا كان توجيهه إلى القوميين الإجتماعيين في حينه.

هذا ما نقرأه في عدد جريدة «النهضة» رقم 37 تاريخ 25 تشرين الثاني 1937.

« هبط بيروت أمس زعيم الحزب القومي وكان أول عمل قام به أنه كلّف معاونه الأول الأستاذ نعمه ثابت وناموسه الخاص 1 بالاستفسار عن صحة السيد بيار الجميل رئيس الكتائب اللبنانية وتقديم عبارات أسفه لحوادث الأحد الماضي ونتائجها غلى أهل السجين الجريح وأركان الكتائب.

وقد قابل مندوب «النهضة» الزعيم في مكتبه وسأله إذا كان عمله هذا يُعدّ من باب الإستحسان أو التقدير لعمل الكتائب فأجاب الزعيم:

« إن العوامل التي بعثت «الكتائب اللبنانية» وغيرها من الأحزاب اللبنانية إلى الوجود هي عوامل خفيّة، وقد شعر الناس المراقبون للتطورات السياسية الداخلية أن الطائفية والمذهبية لعبت الدور الأكبر في جلب عدد المناصرين. والفكرة التي قامت وراء هذه الأحزاب وجمعت الأنصار هي: أنه لا يمكن أن يتفق المسيحي والمسلم ويتدامجا في عقيدة قومية واحدة ومبادئ واحدة، وهذه الفكرة حُـرّضت بقصد فكرة محاربة الحزب السوري القومي القائلة بأن العقيدة القومية تتكفل بإيجاد المساواة في الحقوق والواجبات القومية بين جميع عناصر الأمة المذهبية . وإنه لذلك يجب أن تؤسس أحزاب مسيحية لخدمة المصلحة المسيحية فقط وراء ستار سياسي أو قومي مخترع.

وقد ورد إلى مركز الحزب السوري القومي، فيما مضى تقارير كثيرة تدل على أن هذه الأحزاب تسير نحو قصد واضح وهو محاربة الحزب السوري القومي وفكرته القومية. وقد أعلن بعض رؤساء هذه الأحزاب وخصوصاً رئيس الكتائب اللبنانية أنه يحارب فكرة سعادة التي نعتها «بالسخيفة» وتهجم على شخصيتي.

ولجميع هذه الأسباب لا يمكن مطلقاً أن يكون استفساري عن صحة رئيس الكتائب وأسفي للحوادث التي جرت يوم الأحد الماضي من باب استحسان هذه الأحزاب وأعمالها.

ولكن الموقف يتعلق بشباب أبرياء غُرّر بهم وحرّضهم بعض الإكليركيين ونفخ في اضطرارهم بعض المستغلين الذين لم يتمكنوا من استغلال الانتخابات الماضية.

واذا كان السيد بيار جميل قد طلب سحق رأسي فأنا أريد سلامة رأسه، لأن المبدأ الذي أتمشى عليه هو مبدأ القومية، وهو المبدأ الذي يدعونا إلى محبة أبناء قومنا وجلب الإصلاح القومي إليهم».

أمر مماثل حصل مع كميل شمعون عام 1948 عندما كان يتبوأ وزارة الداخلية في لبنان.

عن عدد «النشرة الرسمية» تاريخ 31 أيار 1948، ننقل التالي:

« بعد قدوم الأستاذ كميل شمعون، وزير داخلية الجمهورية اللبنانية السابق، من غيابه الطويل في أميركانية وأوروبا توّجه وفد من الحزب القومي الاجتماعي للسلام عليه وتهنئته بسلامة العودة. وقد سأل حضرته الوفد المهنئ عن الزعيم وصحته وأبدى رغبته في الإجتماع به. ثم كان أن أصابت الأستاذ شمعون نوبة قلبية ألزمته الفراش وتناقلت الألسن خطر النوبة وضعف الأستاذ شمعون، فعاده من قبل الحزب بعض أعضاء الشعبة السياسية اللبنانية وفي أثناء المحادثة عاد الأستاذ شمعون فأبدى رغبته في الإجتماع بالزعيم حالما تتحسن صحته.

في هذه الحالة المرضية، ونظراً لبعض الصلات الشخصية السابقة ولرحابة صدر الزعيم وتجاوزه عن كل ما يدعو إلى الحقد، قرّر الزعيم عيادة الأستاذ شمعون وزير الداخلية السابق الذي تنوقلت عنه عبارة: «يجب جلب أنطون سعاده حياً أو ميتاً»، قيل أنه قالها بعد الإنتخابات الماضية وبعد عودته وزيراً للداخلية في الوزارة التي تألفت بعد الإنتخابات. وسواء أكانت العبارة المذكورة صحيحة أو غير صحيحة فإن الزعيم لم يحمل منها شيئاً في صدره. ولذلك رغب في عيادة الأستاذ شمعون إهتماماً بصحته وحباً بإظهار إحترام الرأي والعمل العمومي. وقد نفذ الزعيم رغبته فعاد الأستاذ شمعون في 26 أيار الماضي. فما كان من جريدة «الرواد» المعروف أنها تسير في سياسة الأستاذ شمعون، إلا أن أعلنت تلك العيادة بشكل «استقبال» من الأستاذ شمعون للزعيم وقامت جرائد تستغل الزيارة لتكسبها شكل «انضواء» الحزب القومي الاجتماعي تحت لواء حملة الاستاذ شمعون على خصومه السياسيين. فأصدرت عمدة الاذاعة البيان التالي تصحيحاً للأخبار واظهاراً لموقف الحزب:

« لما بلغ حضرة الزعيم ان العارض المرضي الذي طرأ على الأستاذ كميل شمعون بعد عودته من الخارج، ألزمه الفراش وأنه مستمر في فراشه أبى الا أن يعوده عيادة شخصية متجاوزاً حالة التباعد السياسي التي كانت موجودة قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة وبعدها. فقام بزيارة له يوم الأربعاء في 26 مايو الحاضر يرافقه منفذ المتن العام الأمين فريد صباغ.

وقد شاءت صحيفة «الرواد» أن تكسب هذه الزيارة الممتازة بروحها الشخصية صفة سياسية فروت في عددها الصادر في 27 مايو الحاضر أن الأستاذ كميل شمعون «استقبل الاستاذ أنطون سعاده زعيم الحزب القومي طويلاً، والاستقبال هو غير العيادة في الفراش، وعلقت جريدة «الديار» في عددها الصادر يوم الأحد في 30 مايو الحاضر على الخبر المذكور وعدّت عيادة الزعيم للاستاذ كميل شمعون في عداد أعمال «النشاط السياسي».

تجاه هذه الاشاعات والتعاليق تعلن عمدة الاذاعة في الحزب القومي الاجتماعي للرأي العام ان التأويلات التي تحاول بعض الصحف اكسابها لعيادة الزعيم الأستاذ كميل شمعون تظهر صورة غير صحيحة للزيارة المذكورة.

هامش:

لم يرد في عدد جريدة «النهضة» اسم «ناموس الزعيم، الخاص».

إذا كان أحد من الرفقاء على بيّنة من ذلك، نأمل أن يفيد لجنة تاريخ الحزب .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى