لافروف يلتقي بولتون الأربعاء… والجيش السوري يتقدّم بسرعة… و«إسرائيل» تراه منتصراً «المستقبل»: لن نقبل للرئيس وتياره نيل أكثر من ثلث الحكومة… والحريري مكانك راوح

كتب المحرّر السياسيّ

بدأت التحضيرات للقمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين منتصف الشهر المقبل تتصدّر الاهتمامات الدولية والإقليمية، وقد دخلت التحضيرات حيّز التنسيق لجدول الأعمال وقضايا النقاش. وبالتأكيد كما العادة في مثل هذه القمم، مشاريع التفاهمات، ويأتي الاجتماع الذي سيضمّ وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في موسكو غداً الأربعاء، علامة على المدى الذي بلغته التحضيرات للقمة.

الملفات المشتركة بين موسكو وواشنطن كلها على الطاولة، وخصوصاً سورية، لكن في سورية معادلات يفرضها الجيش السوري وحلفاؤه بإيقاع غير قابل للكسر، حيث يتقدّم الجيش والحلفاء في الجنوب بسرعة قياسية اضطر «الإسرائيليون» للاعتراف، بأنها تصنع نصراً لا يقبل العودة للوراء ولا أمل للجماعات المسلّحة بتغيير إيقاعها، بينما تحدّث عن هذه الانتصارات رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف من حمص، مشيراً إلى أنها سترسم معادلات جديدة في المنطقة تُعيد تصويب البوصلة نحو فلسطين.

في لبنان تصاعد السجال حول الحكومة الجديدة، مع انضمام تيار المستقبل علناً إلى حلفائه في القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، فتحدّث نوابه عن استحالة قبولهم نيل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ما مجموعه أكثر من ثلث الحكومة، تحت شعار عدم السماح بتشكيل ثلث معطل، بينما يسعى رئيس تيار المستقبل في تشكيل الحكومة لتمكين حلفه من نيل نصف الحكومة وضمناً الثلث المعطل، بتبنّي مطالب حلفائه المضخمة مسيحياً ودرزياً من جهة، ومطالبته بكامل حصة الطائفة السنية من جهة مقابلة ليصير الحصاد بـ 44 نائباً لـ 15 وزيراً مقابل 15 وزيراً لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وثنائي حركة أمل وحزب الله وحلفائهم في السنة والدروز والمسيحيين، ومعهم المستقلون الذين يمثلهم الرئيس نجيب ميقاتي وكتلته، أيّ 15 وزيراً لـ 78 نائباً ورئيس الجمهورية و15 وزيراً لـ 44 نائباً ورئيس الحكومة.

بعد كلام نواب المستقبل الصادم لرئيس الجمهورية، لم تردّ مصادر بعبدا، ولا التيار الوطني الحر الذي حَصَر الردّ بسجال بقي بينه وبين القوات والاشتراكي، ليستدرك الحريري ليلاً خطورة كسر الجسور مع رئيس الجمهورية الذي لا تتشكّل الحكومة من دون توقيعه، والذي لا يمكن التعامل معه كرئيس بلا حاضنة قوية يمكن فرض الأمر الواقع عليه، فاستقبل رئيس القوات سمير جعجع ليلاً في بيت الوسط الذي قال لا رغبة بالسجال، لكن لا نيّة للتنازل.

تبدو الحكومة في لبنان مرهونة بما يجري في المنطقة، وربما بانتظار مطلوب سعودياً لما بعد قمة ترامب – بوتين، وما بعد انقشاع مستقبل التفاهم النووي مع إيران في ضوء التفاوض الجاري بين أوروبا وإيران، ومصير صفقة القرن التي يبشر بإعلانها الرئيس الأميركي قريباً، بينما هناك مَن ينصح بعدم إضاعة الوقت، فما يجري في الجنوب السوري سيغيّر معادلات كثيرة تتجاوز حدود سورية.

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف أنّ ما حققته الشام وتحققه من انتصارات في الميدان والسياسة يشكّل دليلاً قوياً وملموساً على قدرة شعبنا في تحديد بوصلته والدفاع عن سيادته، لافتاً الى أنّ «معركة الجنوب ستفرض معادلات جديدة تسقط كلّ المشاريع والمخططات التي حاول العدو الصهيوني أن ينفذها على مرّ سنوات الحرب في تلك المنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة، حيث يواصل أبناء شعبنا بالدم والنار والحجر والإرادة، مقاومة الاحتلال ويقفون صامدين بوجه العدو وترسانته الحربية».

وخلال اجتماع إداري عقده في مدينة حمص مع المنفذين العامين والهيئات في عدد من المنفذيات، دعا الناشف إلى البقاء على الجهوزية لمواجهة الأخطار والتحديات العدوانية التي تواجه بلادنا، معتبراً أنه رغم الإنجازات التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه، فإنّ هناك تهديداً خطيراً في الشمال يتمثل بالاحتلال الأميركي والتركي لعدد من المناطق السورية، وحيال هذا الاحتلال لا خيار أمام السوريين إلا القتال والمقاومة، خصوصاً أنّ التركي مدعوماً من الأميركي يكشّر عن أنيابه وفي نيته تثبيت احتلاله لأرض سورية أُخرج منها قبل مئة عام، وهذا ما يرتب علينا أن نكون مستعدّين لتأدية الواجب القومي دفاعاً عن أرضنا ولتحرير ما هو محتلّ منها حتى كيليكيا والاسكندرون.

وشدّد الناشف على أنّ حزبنا ركن أساسي في عملية تحصين وحدة المجتمع والدفاع عنه، في وجه القوى الظلامية الإرهابية وفي إفشال المؤامرات التي تستهدف بلادنا.

جعجع من بيت الوسط: أُسهل بوقف السجال!

قلّصت زيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى بيت الوسط مساء أمس، مساحة التفاؤل بقرب ولادة الحكومة العتيدة، وسط إصراره على مطالبه، فقد جاءت الزيارة في ظل اتساع دائرة الخلاف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري بشأن توزيع الحصص على القوى السياسية، كما جاء لقاء جعجع – الحريري بعد إلغاء الأخير زيارته الى بعبدا مساء الأحد الماضي، كما أشاعت دوائر بيت الوسط وأعقبت أيضاً رفضه لقاء باسيل السبت الماضي، فغاب باسيل وحطّ سمير.

ويكفي شكل الزيارة بمعزل عن المضمون للدلالة على أن الحريري يقف في صف القوات اللبنانية وملتزم تحقيق مطالبها ويمكن الذهاب أبعد من ذلك الى حد أن شريك التسوية الرئاسية مع العهد بات أقرب الى «القوات اللبنانية» على حساب العلاقة مع التيار الوطني الحر، وقد بدأ هذا الانزياح السياسي التدريجي بعد القرارات التي اتخذها رئيس المستقبل عقب الانتخابات النيابية بضغط سعودي لا سيما إقالة مدير مكتبه نادر الحريري الأقرب الى التيار الحر، وما عزّز مناخ اقتراب الحريري من «القوات» هو دخول تيار المستقبل ومصادر المعلومات المحيطين بالحريري في الاشتباك العوني – القواتي الى جانب حليف الأمس «القوات».

وجُلّ ما قدّمه جعجع للإسراع في تأليف الحكومة هو التعهد كما قال «في عدم الدخول بأي سجال سياسي او اتهامات». وأضاف بعد لقائه الحريري في بيت الوسط بحضور الوزيرين ملحم رياشي وغطاس خوري: «جئت إلى بيت الوسط للمساعدة في تسهيل تأليف الحكومة، ومن جهتنا سنوقف حالياً أي سجالات سياسية رغبة منا لمساعدة الحريري، إلا أنه لا نستطيع تصغير حجمنا بيدنا في الحكومة».

وشدّد على أن «العقدة مش عنا. وأنا أعتقد أن تشكيل الحكومة بيد رئيسي الجمهورية والحكومة ولا يمكن أن تقيّم الأحزاب بعضها الآخر». وأوضح أن «الحكومة لا تتشكل على الطريق ولا في القهوة بل تتشكل في الغرف المغلقة بين المولجين بتشكيلها». وجدّد جعجع تمسكه بـ «التسوية التي أوصلت الرئيس ميشال عون وما زلنا داعمين للعهد رغم الحساسيات الموجودة».

وقالت أوساط الرئيس المكلف لـ «البناء» إن «الاتصالات واللقاءات لم تتوقف مع مختلف القوى السياسية رغم العقبات الحالية»، ونفت أن «تكون الأمور وصلت الى حد الأزمة بين بعبدا وبيت الوسط أو بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل»، موضحة أن الحريري يعمل لسحب فتيل التوتر بين التيار والقوات لتهدئة الأجواء لتسهيل التأليف، مشيرة الى «أن هناك وجهات نظر مختلفة بين الرئيسين عون والحريري في مسألة توزيع الحصص».

وفي حين أشّر سفر رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتمضية إجازته العائلية في إيطاليا الى تأجيل تأليف الحكومة الى ما بعد عودته، نفت مصادر بري أن يكون قرار سفره مرتبطاً بتراجع احتمال تأليف الحكومة خلال اليومين الماضيين، في المقابل أوضحت مصادر الحريري لـ«البناء» الى أن «الدستور لا يمنع الرئيس المكلف من إعلان ولادة الحكومة بغياب رئيس المجلس»، موضحة أنه «في حال أثمرت المفاوضات الى التوافق على تشكيلة حكومية فإن الحريري سيعلن عنها من قصر بعبدا على أن تؤخذ الصورة التذكارية بعد عودة بري الى بيروت».

وأشارت مصادر «البناء» الى أن «الرئيس الحريري يؤيد وجهة نظر القوات في نيلها ما تطلبه من حصة وحقائب لا سيما أن حجمها النيابي ارتفع في الانتخابات النيابية من 8 الى 17 وزيراً. وبالتالي من الطبيعي أن ترتفع حصتها الوزارية ونوعية الحقائب التي ستنالها»، موضحة أن «الحريري يسعى الى تأمين التوازن الحكومي والسياسي في الحكومة بين التيار الحر والقوات وبين فريقي 14 آذار من جهة و8 آذار والتيار الحر والرئيس عون من جهة ثانية»، كما أكدت بأن «الحريري يتعاطى في تأليف الحكومة على أن الحزب الاشتراكي هو الممثل الأوحد للدروز ويحق له 3 وزراء ويرفض توزير النائب طلال أرسلان»، مشيرة الى أن «النقاش بين الرئيسين عون والحريري يدور حول هذه العقدة التي لم تحلّ حتى الآن». وكشفت المصادر بأن «تمثيل السنة لم يُطرح بشكل جدي حتى الآن»، مستبعدة تمثيلهم لـ«صعوبة تحقيق ذلك في حكومة ثلاثينية».

«المستقبل»: لن نعطي العونيين الثلث المعطل

وفي حين تشير مصادر مستقبلية إلى أن الأمور باتت في عهدة الرئيس عون بعدما قام الرئيس المكلف بواجبه، وأن الحريري لن يمنح العونيين الثلث المعطل، أشار القيادي في «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش ، إلى أنّه «إذا كانت هناك جهة لا تتعاون في تأليف الحكومة ، فالمشكلة إذًا تعود إلى الجهة الّتي تفرض شروطًا تعجيزية». وفي حديث تلفزيوني أشار الى أنّ «الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لا يجب أن يتسرّع بالتشكيل، إلا إذا كان مقتنعًا بالتشكيلة وبالحكومة، وبأنّها ستكون حكومة منتجة»، غامزاً من قناة الرئيس عون والتيار الحر بأنّ «العناد على الحصص وعلى المطالبة بـ11 وزيرًا لن ينتج حكومة فاعلة»، منوّهًا بأنّ «من لديه القوة، فليتبّرع من حصّته ويقدّم تنازلات لتشكيل الحكومة». غير أن مصادر نيابية في التيار الوطني الحر تؤكد لـ«البناء» بأن «القوات تعرقل عملية تشكيل الحكومة بهدف الضغط على رئيس الجمهورية للتنازل». منوّهة بأن «على الرئيس المكلف تذليل العقد التي يعرف أين هي ومَع مَن».

وأوضح وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي أن « الدستور أعطى رئيس الجمهورية صلاحيات معطاة لرئيس الحكومة ايضاً»، مشيراً الى أنه «بتاليف الحكومة هناك توقيع رئيس الجمهورية الذي لن يقوم بالتوقيع طالما لم يرضَ على التركيبة والتوزيع وصحة التمثيل». وذكر جريصاتي، في حديث تلفزيوني، أن « اتفاق الدوحة جاء بظرف أمني سياسي معروف»، منوّهاً بأن «رئيس الجمهورية ميشال عون رفض ازدواجية المعايير ويريد وحدة معيار بالتمثيل في الحكومة وحقائب يحرص على تمثيلها من وزراء يحصلون على ثقة، كما أنه يحرص على الحكومة الجامعة».

مطالب «القوات» تفرمل ولادة الحكومة

في المقابل، أكد رئيس « تيار الكرامة » النائب فيصل كرامي «أننا قد نصبح 11 نائباً سنياً مستقلاً إذا سار طعن طه ناجي، من خارج تيار المستقبل »، مشيراً الى أنه «على الأقل يحق لنا وزيرين، وإذا تغير المعيار وأصبحت حكومة أكثرية وأقلية يتغيّر الوضع». وفي حديث تلفزيوني له، أوضح كرامي «أننا طالبنا بحقيبتين وحدّدناهما وطالبنا أن يكون التكتل ممثل بوزير مسيحي ومسلم». وقالت مصادر 8 آذار لـ «البناء» إن فريق المقاومة متمسك بتمثيل حلفائه وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية لا سيما تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي والنواب السنّة خارج تيار المستقبل. مشيرة الى أن «مطالب القوات فرملت تشكيل الحكومة، حيث تحاول السعودية تقوية الذراع السياسية الرئيسية لها في لبنان أي القوات من خلال الضغط على الحريري لتضخيم حصتها في الحكومة في إطار التأثير في المعادلة الحكومية والسياسية في لبنان».

«التيار» و«القوات»- الاشتباك باقٍ ويتمدّد

ورغم الهدنة المؤقتة التي تعهد جعجع الالتزام بها من بيت الوسط، يبدو أن الاشتباك السياسي والإعلامي بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» باقٍ ويتمدّد بعد أن ارتفعت وتيرته أمس، وإذ انتقد جعجع سياسة وسلوك رئيس التيار الوزير جبران باسيل، شنّ النائب «القواتي» السابق فادي كرم هجوماً لاذعاً على التيار الحر واصفاً إياه بتيار الإفساد والاستئثار، وقال عبر «تويتر»: «نية الاستئثار عند تيار الإفساد والتسلط هي المسؤولة ليست فقط عن تأخير التأليف، ولكن ايضاً عن عرقلة العهد، ففجعهم للاستفادة من موارد الشعب اللبناني لا حدود لها، وآخرها ما يجري في مؤسسة كهرباء قاديشا. هدفهم واضح، إزاحة كل مَن يعترض حساباتهم المزرعية. مسلسل فضائحهم مستمرّ».

وردّ عضو تكتل « لبنان القوي » النائب الياس بو صعب متوجّهاً الى « القوات اللبنانية » بالسؤال: «هل هناك مصلحة لمهاجمة كتلة رئاسة الجمهورية واذا أخذنا من رئيس الجمهورية موقع نيابة الرئاسة هل هذا الامر يقوّي موقع الرئيس؟

على صعيد آخر، حضر الوضع الأمني في بعلبك الهرمل في قصر بعبدا، حيث ابلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نواب المنطقة الذين استقبلهم قبل الظهر، ان الإجراءات الأمنية التي تتخذ لتعزيز الأمن والاستقرار فيها، «سيواكبها عمل إنمائي متكامل يتناغم وحاجات المنطقة الاقتصادية والحياتية والاجتماعية». وشدد على «ضرورة تعاون الاهالي مع الجيش والقوى الأمنية لوضع حد للفلتان الامني الذي يحصل في المنطقة ولا سيما في مدينة بعلبك»، مؤكداً أن «لا تهاون مع مَن يزرع الفوضى والقلق في نفوس الأهالي ويُلحق الضرر من خلال ممارساته بالحياة الاقتصادية في المنطقة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى