قمة ترامب بوتين منتصف تموز… وبولتون ناقش فرص التسوية في سورية الحريري إلى بعبدا بصيغة الـ 24… وترجيح العودة إلى الـ 30 منقّحة

كتب المحرّر السياسيّ

يتزامن السعي الأميركي لاستكشاف فرص تسويات جزئية مع روسيا في ملفي سورية وكوريا، للتفرّغ للمواجهة مع إيران من بوابة إعلان التحالف «الإسرائيلي» السعودي تحت عنوان صفقة القرن. ومتفرّعات هذا التحالف ظاهرة في العقوبات الأميركية على إيران بعد الانسحاب من التفاهم حول ملفها النووي من جهة، وفي حرب اليمن والسعي المحموم للتصعيد السعودي الإماراتي طلباً لنصر بأيّ ثمن، من جهة أخرى. هكذا توزّع المشهد الدولي والإقليمي على عناوين لا تبدو منتمية لزمن سياسي واحد. ففيما شهدت موسكو محادثات مكثفة لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون مع الرئيس الروسي سيعقبها اليوم الإعلان عن موعد عقد القمّة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والتي بات مؤكداً انعقادها في هلسنكي منتصف الشهر المقبل، وفقاً لتغريدة للرئيس ترامب عن احتمال عقد القمة بعد قمة الناتو في هلنسكي والمقرّرة في الثالث عشر والرابع عشر من الشهر المقبل، رأت مصادر متابعة أنّ البحث في فرص التسوية في سورية ولو بالتدريج بدءاً من الجنوب نالَ النصيب الأوفر من محادثات بولتون في موسكو ويتوقّع أن يتصدّر محادثات القمة بين ترامب وبوتين. في المقابل تواصل التصعيد الأميركي على جبهة العقوبات على إيران، التي أعلن رئيسُها الشيخ حسن روحاني أنّ حكومته ستواجه العقوبات بالمزيد من التقشف في النفقات والعودة إلى خطط البناء والتنمية بالاعتماد على القدرات الذاتية، إذا لم تنجح أوروبا بتقديم الضمانات المصرفية التي تطلبها إيران لمعاملاتها المالية، مذكّراً أوروبا بأنّ المهلة تشارف على النهاية، وبالتوازي رفضت حكومة منصور هادي في اليمن عرضاً قدّمه أنصار الله لوضع مرفأ الحُدَيْدة تحت الإشراف الأممي كمقدّمة لتسوية تفتح طريق التفاوض على الحلّ السياسي، بعدما حمل المبعوث الأممي مارتن غريفيت هذا العرض إلى عدن، بينما كان الجيش السوري يتقدّم في محاور المواجهة في محافظتي درعا والسويداء محققاً المزيد من الإنجازات، عشية بدء الهجوم الكبير المتوقع على محاور المدينة، كما قالت مصادر الجماعات المسلحة على مواقعها، ونقلت عنها القنوات المموّلة خليجياً.

لبنانياً، دوّت صرخة رئيس الجمهورية حول المعايير الواجب اعتمادها في تشكيل الحكومة، وتمسّك بعبدا بالحكم على أيّ تشكيلة مقترحة على أساسها، أكدت مصادر مطلعة أنّ الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري سيحمل إلى بعبدا صيغة حكومية من أربعة وعشرين وزيراً، يُتوقّع أن لا تلقى القبول من رئيس الجمهورية، لأنّها تشكّل التفافاً على تمثيل متوازن لنتائج الانتخابات النيابية، لا تزال حكومة الثلاثين وزيراً هي الأقدر على استيعابه، سواء في التمثيل الدرزي الذي سيُحصر بكتلة اللقاء الديمقراطي في صيغة الأربعة والعشرين، أو بتصغير حصة رئيس الجمهورية في هذه الصيغة لضمان تمثيل الكتل النيابية. وتوقعت المصادر أن يبقى أثر ومفعول الكلام الرئاسي محور الاقتراحات اللاحقة التي ستدور على صيغة ثلاثينية معدّلة، ترسو فيها حصة القوات اللبنانية على أربعة وزراء ليس بينها حقيبة سيادية ولا منصب نائب رئيس الحكومة، وتمثيل النواب السنّة من خارج تيار المستقبل وتمثيل النائب طلال أرسلان، بالإضافة لما بات معلوماً عن تمثيل تيار المردة، وثنائي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر. وتبقى المشكلة في توزيع حقائب الخدمات، خصوصاً وزارة الأشغال والنقل ولمن ستؤول في ظلّ طلب شديد عليها.

صيغة الـ24 الى التداول…

لم يُسجل يوم أمس، أي خرق في جدار المواقف المتصلبة في مسألة تأليف الحكومة، باستثناء اتصال أجراه الرئيس المكلف سعد الحريري برئيس الجمهورية ميشال عون اتفقا خلاله على اللقاء بعد ظهر اليوم في بعبدا لاستكمال التشاور، ولقاء بين الرئيس عون والوزير ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والذي وصفه رياشي بالممتاز.

وقد جاء اتصال الحريري عقب بيان بعبدا العالي اللهجة والنبرة تجاه ثلاثي «المستقبل» – «القوات» – «الاشتراكي»، ما دفع الرئيس المكلف الى فهم الرسالة واحتواء الموقف واتخاذ خطوة تراجعية والعودة الى بعبدا بتصوّر جديد يأخذ بعين الاعتبار تحفّظات الرئيس عون على التصور الأخير الذي حمله الحريري الى بعبدا، بحسب مصادر «البناء».

كما أتى اتصال الحريري الهاتفي بعون بعدما ساد التوتر خط بيت الوسط – بعبدا الرابية، حيث ألغى رئيس الجمهورية موعد زيارة الحريري الأحد الماضي رداً على رفض الحريري تعيين موعد لرئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في بيت الوسط.

وترافق مناخ التهدئة في بيت الوسط مع غياب التصعيد من إعلام تيار المستقبل الذي دأب وإعلام 14 آذار على فتح النار على بعبدا خلال الأيام القليلة الماضية، قبل أن يخرج الرئيس عون عن صمته ويضع النقاط على الحروف في بيانه الأخير.

ووسط تعثّر الاتفاق على حكومة ثلاثينية عادت صيغة الـ 24 وزيراً الى التداول، حيث سرّبت معلومات مجهولة الهوية والمصدر هذه الصيغة التي سبق وسقطت في بداية مفاوضات التأليف ما يدعو للتساؤل عن الهدف من إعادة طرحها ولمصلحة مَن؟

وإذ نفت مصادر بيت الوسط أن تكون هي مصدر تسريب هذه الصيغة، أوضحت أوساط بعبدا لـ «البناء» بأن «لا شيء يمنع من اعتماد صيغة الـ24 وزيراً، إذا لم تخالف المعايير المتفق عليها لتأليف الحكومة لا سيما مراعاة التوازنات الطائفية والسياسية وتأخذ بعين الاعتبار الأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية وأن تبقى وحدة وطنية». ونفت المصادر أن يكون رئيس الجمهورية قد فاتح الرئيس المكلّف بموضوع تكليف بديل عنه في حال تأخّر في التأليف»، مؤكدة بأن «عون لم يتداول في أي من الأسماء المطروحة في الصحف».

وبحسب مصادر مواكبة لعملية التأليف، فإن الحصص وفقاً لصيغة الـ 24 وزيراً تصبح 5 موارنة و5 شيعة و5 سنة و2 دروز و2 كاثوليك و2 أرمن و3 أرثوذكس». ولفتت الى أن «طرح هذه الصيغة يسهّل حل العقدة الدرزية وتشكّل مخرجاً للعقدة القواتية»، وبحسب هذه الصيغة يصبح حجم القوات 3 وزراء مقابل 5 للتيار الوطني الحرّ و3 لرئيس الجمهورية ووزيرين للاشتراكي ووزيراً للمعارضة السنية من حصة رئيس الجمهورية.

وأشارت مصادر مطلعة في تيار المستقبل لـ «البناء» الى أن «الحريري لا يعارض تشكيلة الـ 24 وزيراً، إذا كانت تسهل ولادة الحكومة، لكنّه يفضل حكومة ثلاثينية، لأنّها الأكثر قدرة على تمثيل الأطراف».

وعلمت »البناء» في هذا السياق أن «أحد المخارج لعقدة حصة القوات الذي بحثها رياشي مع الرئيس عون أمس، والتي ستكون محور نقاش الرئيسين عون والحريري اليوم، هو أن تنال القوات في حكومة ثلاثينية 4 وزراء من ضمنهم حقيبتان أساسيتان العدل وحقيبة أخرى مقابل التنازل عن نائب رئيس الحكومة».

عون: نيابة الرئيس خارج النقاش

الى ذلك بقيت العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط في دائرة الضوء بعد تصعيد الأيام القليلة الماضية، وفي وقت لفتت أوساط بعبدا لـ«البناء» إلى أن «بيان بعبدا جاء بعد استشعار الرئيس عون بحملة اتهامات طاولته ودوره وموقعه وصلاحياته». جزمت بأن «مسألة نيابة رئاسة الحكومة غير قابلة للنقاش ولا الحقوق المكرّسة في الدستور»، مشيرة الى أن «هذا الموقع كرّسته الأعراف للرئيس، وهذا ما كان في عهد الرؤساء الياس الهراوي واميل لحود وميشال سليمان». ونوّهت الى أن «الاستثناء كان في الحكومة الحالية إذ تنازل عون للقوات عن هذا المنصب وغيره، لكن تحوّلت هذه المواقع ووزراء القوات الى عرقلة العهد في جملة ملفات». وعن تلمّس بعبدا حلفاً يسعى لتطويقها رفضت الأوساط لـ«البناء» الحكم على النيات، لكنها أبدت استغرابها «إزاء التصعيد السياسي والإعلامي الموجّه الى بعبدا».

من جهتها استبعدت مصادر مستقبلية أن نكون أمام أزمة بين الرئاستين الأولى والثالثة لا سيما أن الرئيسين لا يريدان ذلك، مؤكدة لـ«البناء» أن «التسوية الرئاسية تعرّضت للاهتزاز، لكنها لم تسقط»، وأضافت أن «السجال الإعلامي بين المستقبل والتيار الوطني الحر لم يصل الى مرحلة القطيعة»، موضحة أن «المستقبل منفتح على جميع القوى، ومنها القوات والاشتراكي وحركة أمل وأي تقدم في العلاقة مع هذه المكونات لن تكون على حساب العلاقة مع التيار الحر، بل العلاقة يجب أن تبقى جيدة من الجميع لتأليف حكومة تواجه التحديات». وشددت على أن «مطالب القوات محقة، لكن لا بد من تقديم التنازلات من الجميع للوصول إلى حل وسط».

سنّة المعارضة: الحريري يخشى وجودنا

ولفتت مصادر المستقبل لـ «البناء» إلى أن «الرئيس الحريري لا يزال على موقفه في مسألة حصة الحزب الاشتراكي الذي يمثّل الدروز في المجلس النيابي»، أما عن تمثيل سنة المعارضة فتساءلت المصادر: كيف يقولون إنهم معارضة ويريدون الدخول الى الحكومة؟ فهل هم سنّة حزب الله؟ وهل حزب الله في المعارضة؟ مشيرة إلى أن «الرئيس المكلف يتعاطى مع هؤلاء على أنّهم ليسوا تكتلاً نيابياً، بل لقاء سياسي لا أكثر ولا أقل». وأضافت أن «الرئيس عون يستطيع حلّ العقد الحكومية إن أراد ذلك».

أحد أقطاب 8 آذار من السنة أشار لـ«البناء» الى أن «من حق النواب السنّة الذين جاؤوا بإرادة ناخبيهم أن يتمثلوا في الحكومة إذا كانت فعلاً حكومة وحدة وطنية»، موضحاً أن تذرع رئيس الحكومة بـ»أن هؤلاء النواب ليسوا منضوين ضمن كتلة نيابية موحّدة غير مقنع»، مشيراً الى أن «هؤلاء النواب يشكلون جبهة موحدة ويمثلون أكثر من ثلث النواب السنة في البرلمان»، وحذّر من أن «إقصاء هؤلاء الشريحة الأساسية سيحوّلها إلى معارضة شديدة للحكومة ورئيسها». ودعا القطب فريق المقاومة إلى «دعم مطلب تمثيلنا حتى النهاية وأن لا يخضع للابتزاز والضغط السياسي»، وأضاف بأن «الرئيس المكلف لا يريد لأحد من معارضيه السنة أن يدخل الى مجلس الوزراء كي لا يشكّل معارضة سنية لسياساته، وكي لا يقاسمه الخدمات»، متّهماً الحريري بـ»مخالفة المعايير الديمقراطية ونسف نتائج الانتخابات واحتكار التمثيل السني بتياره السياسي». وأوضح بأنه «صحيح أن الرئيس المكلف هو الذي يشكل الحكومة إلا أن فريق 8 آذار وتكتل لبنان القويّ هم الذين أمنوا الأكثرية النيابية لتكليفه في الاستشارات النيابية». وأيّد القطب كلام اللواء جميل السيد بأنه «لا يمكن بقاء الحريري والبلد رهينة القوات اللبنانية الى ما شاء الله».

وقالت أوساط نيابية سنية لـ«البناء» إن «العقدة أمام تأليف الحكومة خارجية أكثر منها داخلية، إذ إن السعودية لا تريد تأليف الحكومة بالشروط والظروف الحالية بانتظار استحقاقات سياسية وعسكرية إقليمية ودولية». ولفتت مصادر «البناء» الى أن «الحريري لم يتمكّن من لقاء أي مسؤول سعودي خلال زيارته الأخيرة، وبالتالي لم يعُد إلى لبنان برؤية سعودية واضحة للوضع الحكومي ما زاد المشهد غموضاً أمامه، لكن هجوم النائب السابق وليد جنبلاط على العهد بعد عودته من السعودية كانت إشارة كافية للحريري لالتقاط الاتجاه السعودي تجاه بعبدا والحكومة ما دفعه الى التموضع ضد عون ورفع السقف والتمسك بمطالب القوات اللبنانية»، مشيرة الى أن «الحريري يحاول من خلال الإيحاء بابتعاده عن عون والتقرب من القوات كسب ودّ السعودية، إذ لا يستطيع الخروج من بيت الطاعة السعودي لأسباب سياسية ومالية وعائلية»، لكن المصادر حذّرت من أن «اصطفاف الحريري الجديد سيصطدم بالرئيس عون ما يطيح بالتسوية الرئاسية، وبالتالي تكون الحكومة أولى الضحايا».

وفي ظلّ تصعيد الحريري، لفتت عودة بعض صقور المستقبل المتطرّفين الى المشهد السياسي، بعدما أصبحوا خارج المعادلة النيابية، كالنائب السابق خالد الضاهر الذي حذّر خلال مؤتمر صحافي من أن التهديد بعريضة الـ65 نائباً يحمل ضغينة على البلد كله»، ما فسّرته مصادر على أنه رد من الحريري على اللواء السيّد الذي هدّد ببديل عن الحريري إذا طال أمد التأليف.

«التيار» نتمسك بالمصالحة

على خط الرابية – معراب، وبعد إعلان باسيل عن سقوط اتفاق معراب بين التيار والقوات التي التزمت الصمت، تحرّكت المساعي ونشطت الاتصالات بين الطرفين لرأب الصدع والتهدئة، لا سيما عرّابي المصالحة والاتفاق النائبين إبراهيم كنعان وجورج عدوان، لكن القوات حاولت الفصل في علاقتها بين عون وبين باسيل، واعتبر عدوان أن «نجاح الرّئيس ميشال عون هو نجاحنا»، قائلاً: «لن نقبل بأن يُسجّل على عهده أي شائبة دستوريّة». وكشف: «اتفاق معراب اتخذنا المعايير التالية: في حكومة من 30 وزير يأخذ الرئيس 3 وفي حكومة من 24 وزيراً يأخذ اثنين، وما تبقّى من وزراء مسيحيين يُقسم بالتساوي بيننا على أن يعطي كل منا حلفاءه المسيحيين وزراء من حصّته». وتابع: «باسيل لم يطبّق اتفاق معراب من الحكومة الأولى ورضينا بهذا الأمر كي لا يقع الخلاف من البداية».

وأشارت مصادر مطلعة للـ «أو تي في»، الى أن رئيس التيار جبران باسيل متمسك بالمصالحة المسيحية مع إشارة صريحة الى ان التفاهم السياسي مترنح حالياً». وغرّد كنعان عبر «تويتر»، قائلاً: «المصالحة المسيحيّة ليست ابنة تاريخ معيّن، بل هي للتاريخ وللأجيال الآتية كي نبني لها مستقبلاً هانئاً في المجتمع والوطن، وللشراكة الوطنيّة التي استعدنا كي نحميها. وهي برمزيّتها وعمقها لا يمحوها خلاف سياسي أو حكومي بعد أن حققنا حضوراً مسيحياً وازناً في المؤسسات الدستورية كافة».

نصرالله يطلّ غداً

وسط هذه الأجواء يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عند الخامسة والنصف من عصر غد الجمعة عبر شاشة «المنار» ويتناول الملف الحكومي وآخر المستجدات في المنطقة.

على صعيد آخر، أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان، أنّها «تقوم اليوم بتأمين العودة الطوعية لمئات النازحين السوريين وعبور الباصات والآليات الخاصة بهم من منطقة عرسال إلى سورية عبر حاجز وادي حميد، اعتباراً من الثامنة صباحاً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى