نصرالله: مع فلسطين لمواجهة صفقة القرن… مع اليمن ويا ليتنا هناك… ومع العراق كما يقرّر حزب الله يتولّى ملف النازحين حتى التنسيق الحكومي… والحكومة تعود لتداول صيغة الـ 32

كتب المحرّر السياسيّ

أشار كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى انهيارات سريعة في وضع الجماعات المسلحة في محافظتي القنيطرة ودرعا، بينما تحدّثت التقارير الواردة من الميدان عن انتصارات متسارعة للجيش السوري نحو الحسم المتدحرج الذي تلوح بشائره في الجبهات كلها، وتعلو الأصوات الشعبية المطالبة بخروج الجماعات المسلحة، التي بدأ بعضها التفاوض على تسويات تنتهي بتسلّم الجيش السوري مناطق سيطرتها. وتوقعت مصادر متابعة أن يكون نصر الجيش السوري الناجز قد اكتمل أو تحققت أغلب مراحله قرب الحدود الأردنية عشية انعقاد القمّة التي ستضمّ الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين منتصف الشهر المقبل في هلسنكي عاصمة فنلندا.

بقي الحدث في كلام السيد نصرالله، بوضع التحدّي الأبرز للمنطقة بما يُسمّى بصفقة القرن، أو المشروع الأميركي لتصفية القضية الفلسطينية بعرض رعاية واشنطن لمشروع سلام تنال «إسرائيل» فيه التطبيع العربي الكامل والتحالف المعلن من الدول العربية مقابل دولة فلسطينية في غزة تحت الرقابة «الإسرائيلية»، يحسم بموجبها مصير القدس كعاصمة موحّدة لكيان الاحتلال، ويُطوى عبرها ملف عودة اللاجئين، وتُمنح بعض مدن الضفة الغربية إدارة مدنية ذاتية في ظلّ الاحتلال، وحيث المواجهات الدائرة ليست إلا فروعاً من أصل حول المواجهة حول مستقبل القضية الفلسطينية، حيث أكد نصرالله وقوف المقاومة في الملف الفلسطيني في خندق الاشتباك الأول مع المشروع الأميركي ومن سيشارك في حلقاته الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.

في الطريق إلى فلسطين، نفى السيد نصرالله وجود أسرى أو شهداء لحزب الله في اليمن، حيث فضيحة سياسية وعسكرية وإعلامية لقوى العدوان الأميركي السعودي، وحيث شعار حزب الله لليمنيين، «يا ليتنا كنا معكم». وفي الطريق إلى فلسطين يقف حزب الله مع المقاومة العراقية بوجه العدوان الذي استهدفها على الحدود السورية العراقية ومع قرارها بالردّ، أما في لبنان فتناول السيد نصرالله ملفات أمن البقاع والتجنيس وفي الملفين وضع المعايير والتصرف بروح الدولة هو الموقف، ليمنح تشكيل الحكومة الجديدة حيّزاً خاصاً وملف النازحين السوريين وعودتهم مساحة وإعلان خطة.

في الحكومة سيحكم موقف السيد نصرالله معادلات التفاوض على التشكيلة الجديدة، بعدما أحيا عنوان تمثيل السريان والعلويين، لتعود صيغة حكومة من إثنين وثلاثين وزيراً للتداول، وإلا فلسنا أمام حكومة وحدة وطنية كما قال، ولسنا أمام حكومة تحترم نتائج الانتخابات طالما الاستنساب وغياب المعايير يقرّران الأحجام وشكل التمثيل، داعياً لإيضاح المعيار الذي سيعتمد في تمثيل الأطراف السياسية، فإذا لم يكن الهدف حكومة وحدة وطنية تضمّ الجميع وفقاً لنتائج الانتخابات، وكان البديل حكومة تمثيل واسع فليحدّد معيار التمثيل المعتمَد لنقرّر حصتنا على أساسه، وإذا كانت حكومة وحدة وطنية تضمّ الجميع فليحدّد المعيار أيضاً، فثنائي حركة أمل وحزب الله بمعزل عن تمثيل النواب السنة خارج تيار المستقبل والحلفاء المسيحيين للثنائي، يتمثلان بثلاثين نائباً وهو ضعف تمثيل القوات اللبنانية، وفي حكومة وحدة وطنية أو حكومة التمثيل الواسع يحقّ له بضعف مقاعدها الوزارية.

في ملف النازحين كشف السيد نصرالله عن دخول حزب الله مباشرة على تحضيرات عودة النازحين السوريين، بانتظار قيام تنسيق مباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية كسقف سياسي للعودة، حيث يبقى الأمن العام اللبناني في الحالتين هو الجهة التي تتولى الترتيبات الأمنية والإدارية، وكشفت مصادر مطلعة لـ «البناء» عن امتعاض سوري من التلكؤ في التعاون الحكومي من الجانب اللبناني واضطرار حزب الله للدخول على الخطّ لتعويض هذا الخلل، وتقديم السقف السياسي لملف النازحين بانتظار تبلور جهوزية حكومية لبنانية لتحمّل المسؤولية، وتوقعت المصادر أن تكون قوافل العائدين بالآلاف في ظلّ التعاون السوري مع حزب الله سياسياً، بالشراكة مع الأمن العام اللبناني لوجستياً وإدارياً وأمنياً.

نصرالله: نحن أمام انتصار كبير في جنوب سورية

أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أننا أمام انتصار كبير في جنوب سورية على الجماعات التي تمّ دعمها أميركياً وإسرائيلياً ومن دول إقليمية.

وفي خطاب بثته شاشة المنار كشف السيد نصرالله أن «كل المعطيات تشير الى انهيارات كبيرة في الجماعات المسلحة هناك، وتخلي البيئة الحاضنة إذا كانت هناك فعلاً بيئة حاضنة»، وأضاف أن «المعطيات تؤكد أن الجماعات المسلحة ليس فقط الجزء الغربي من منطقة درعا بل لعل كل المنطقة في الجنوب في درعا والقنيطرة في حالة الانهيار والهزيمة، وكثير منها بدأت تعيد حساباتها وتطلب الدخول في المصالحات».

محرّكات «صفقة القرن» تعمل بقوة

ونبّه الأمين العام لحزب لله الى «اننا دخلنا في مرحلة العمل الأميركي والإسرائيلي الجدي لإنجاز «صفقة القرن» وقد نكون على مقربة من إعلان رسمي أميركي حول هذه الخطة المشينة، لذلك فالقيادات السياسية وكل المعنيين بالقضية الفلسطينية يجب أن يواكبوا هذه التطورات، وما يجري داخل فلسطين والمنطقة وما جرى في الأردن وموضوع الحدود اللبنانية يجب أن ننظر فيه من هذه الزاوية»، داعياً الى «بحث كيفية الصمود والمواجهة لهذا الأمر».

لا أفق للحرب على اليمن

وحول تطوّرات اليمن نفى السيد نصر الله ما أعلنته قوى العدوان على اليمن عن سقوط 8 شهداء لحزب الله او أسر 8 من حزب الله، «ولو افترضنا أنه في يوم من الأيام كان هناك شهداء، فإننا لا نخفي ذلك ونرفع رؤوسنا بهم».

وأكد أن ما شهدناه في معركة الحديدة هو فضيحتان: فضيحة عسكرية ميدانية وفضيحة إعلامية لقوى العدوان. وقال: عندما نزلوا الى الميدان كانت هزيمة نكراء وما جرى في الساحل الغربي اليمني أشبه بالمعجزة، لأن القتال يجري بين أقوى أسلحة الجو وأجهزة استعلام قوية وتقنيات وجيوش وقوات، وبالمقابل شعب مجاهد يملك إمكانيات متواضعة لكن يملك ايماناً كبيراً وثقة بالله». ودعا قوى العدوان لا سيما السعودية والإمارات الى وقف الحرب، لأن لا أفق لها.

غياب المعايير الواضحة يؤخر ولادة الحكومة

وفي أول موقف له في مسألة تأليف الحكومة الجديدة منذ تكليف الرئيس سعد الحريري، وجّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رسالة غير مباشرة الى المعنيين بتأليف الحكومة بضرورة احترام المعايير المعتمدة في عملية التشكيل، منتقداً هذه المعايير وداعياً لإعادة النظر فيها ملوحاً باتخاذ مواقف حاسمة، إذا ما استمر اعتماد الانتقائية والازدواجية في التأليف في إشارة الى تجاهل الأحجام النيابية لحركة أمل وحزب الله اللذين يملكان 30 نائباً وفريق 8 آذار ككل الذي يحظى بـ45 نائباً، مقابل سخاء الرئيس المكلف على قوى أخرى كتياره السياسي الذي يملك 20 نائباً و«القوات اللبنانية» التي تملك 15 نائباً. ما يكشف عن تناقض فاضح في عدالة التمثيل بين الفريقين داخل الحكومة. فإذا كان المعيار المعتمد هو وزير لكل 4 نواب، فالثنائي الشيعي يجب أن يتمثلا بـ7 وزراء كحد أدنى و10 وزراء لـ8 آذار كحد أدنى، مقابل وزيرين للاشتراكي و4 للقوات 5 لتيار المستقبل كحد أقصى.

ولم يدخل السيد نصرالله بمهلٍ محدّدة ولم يوحِ بأن مساعي الرئيس الحريري وصلت الى طريق مسدود ولم يوجّه رسائل مبطنة للرئيس المكلف ولم يلوح بأكثرية يملكها وفريق المقاومة وحليفه التيار الوطني الحر، ما يعني بحسب مصادر مطلعة بأن السيد نصرالله لا يزال يعتبر حتى الآن أننا في فترة السماح الزمنية السياسية المعقولة في ظل غياب نص دستوري واضح يحدّد مهل التأليف ويلزم الرئيس المكلف بها، ولا زال السيد نصرالله يعتبر بأن العقد داخلية حتى ثبوت العكس، رغم إدراكه بأن الأسباب الخارجية موجودة وأساسية، لكن لم يبن على الشيء مقتضاه بانتظار الأسابيع القليلة المقبلة علها تكون كفيلة بتبيان الخيط الأبيض من الأسود وتتضح خلفيات التعقيدات، علماً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ردد قبل سفره أكثر من مرة عن أسباب داخلية وخارجية تعيق التأليف. ووفق المصادر نفسها ترى بأن استحضار العقد القواتية والدرزية وتضخيمها يهدف الى تأخير التأليف، حيث إن السعودية تسعى الى تشكيل تحالف ثلاثي ليكون نواة لإعادة ترميم هيكليتها السياسية في لبنان لذلك الأسباب الخارجية تتوارى خلف الداخلية.

وقالت أوساط مقرّبة من الرئيس بري لـ «البناء» إن «رئيس المجلس يتابع مسألة تأليف الحكومة وهو قدم قبيل سفره كل التسهيلات لذلك، لكنه لا يرى حتى الآن ما يستدعي عودته، إذ إن ظروف ولادة الحكومة لم تنضج بعد وتحتاج الى مزيد من الوقت والتشاور»، ولفتت الى أن رئيس المجلس لا يزال عند موقفه باعتماد معايير واضحة وثابتة للتأليف وأن لا تقفز فوق نتائج الانتخابات مع ضرورة الإسراع في التأليف لمواجهة التحدّيات، مجدّداً القول بأن «مسألة التشكيل ليست عنده بل عند رئيسَيْ الجمهورية والحكومة».

وعن موقف الرئيس بري من السجالات بين بعبدا وبيت الوسط، لفتت الأوساط الى أن «الرئيس بري ضد الاصطفافات ويؤيد التفاهم والوفاق لأنه السبيل الأوحد لإنقاذ البلد وأن برّي يؤيّد ما تتطلّبه المصلحة الوطنية. وهو لديه خيارات سياسية داخلية وأخرى تتعلق بالاستراتيجيا في المنطقة ويحدّد موقفه السياسي على أساسها ومَن يقترب من هذه الخيارات نصطف معه».

وجدّدت الأوساط بأن «برّي مصرّ على حكومة وحدة وطنية ويرفض صيغة الـ24 وزيراً لأنها تفرغ التمثيل النيابي الجديد من معناه ومحتواه»، موضحة أنه «بعد اتفاق الطائف لم يعُد بالإمكان تأليف حكومات مصغّرة».

وقالت مصادر مشاركة في اللقاء التشاوري السياسي في منزل النائب عبد الرحيم مراد لـ «البناء» إن «اللقاءات مستمرّة لرفع الصوت حتى نيل حقوقنا المشروعة»، مشيرة الى أن «الرئيس المكلف يتذرع بأن النواب خارج تياره ليسوا كتلة للتهرب من تمثيلنا، لكننا مجموعة منضوية تحت شعارات وعناوين سياسية واضحة وأكبر من كتلة وعدم تمثيلنا خروج عن كل ما أفرزته الانتخابات وخلل في المعايير المعتمدة»، وأكدت المصادر «إصرار كل من الرئيس بري والسيد نصرالله على تمثيلنا».

حزب الله وسيط بين الحكومة والدولة السورية؟

وللمرة الأولى يدخل حزب الله على خط ملف النازحين السوريين بشكل مباشر، على أن يلعب دور الوسيط بين الحكومة اللبنانية والدولة السورية لتسهيل عودة النازحين، كما يمكن أن يشكل الحزب ضمانة للنازحين لدى الدولة السورية، نظراً للثقة التي يتمتع بها السيد نصرالله في صفوف النازحين وحتى ممن يؤيدون المجموعات المسلحة، حيث أعلن السيد نصرالله عن «تشكيل ملف للعناية بمساعدة وتسهيلات عودة النازحين وتكليف النائب السابق نوار الساحلي به وتشكيل لجان شعبية في مختلف المناطق للتواصل مع النازحين ولا نريد ان نلزم أحداً بل أن نقدم هذه المساعدة التي تخدم مصلحة البلدين والشعبين». كما كشف انه «من خلال معلوماتنا الميدانية هناك جهات ومنظمات دولية وجهات محلية تخوّف النازحين السوريين من العودة وتقدّم لهم معلومات غير صحيحة».

وأعلن «اننا في حزب الله وانطلاقاً من طبيعة علاقتنا الجيدة مع الدولة السورية ولكوننا جزءاً من الوضع الموجود في لبنان نريد أن نستفيد من هذه الحيثية لمدّ يد المساعدة في عودة النازحين ونريد أن ندخل الى هذا الملف ونقدّم المساعدة اللازمة».

لن نتخلّى عن البقاع

وتناول السيد نصر الله ملف الأمن في البقاع، مشيراً الى أن «هناك فلتاناً أمنياً وهناك مبالغات إعلامية كبيرة جداً حول الفلتان الأمني»، مؤكداً «أننا نجمع المعطيات بدقة لنقرأها بدقة». وأشار إلى أن «هناك أمراً غير مفهوم ويحتاج للتدقيق منا ومن اهل المنطقة والدولة اللبنانية»، داعياً الى جملة امور في هذا الاطار: وأكد أن ليس حزب الله ولا حركة امل ولا احد بوارد التخلي عن هذه المنطقة وترك أمنها للمجهول ونحن قدمنا الدماء من أجل ان نحفظ حدودها».

سجال «التيار» – «القوات»

إلى ذلك لم يسجل يوم أمس، أي جديد على مسار التأليف، وسط معلومات عن سفر الحريري خلال أيام في إجازة عائلية رجحت مصادر أن تكون الى فرنسا أو المملكة العربية السعودية، كما أفادت معلومات أن الوزير جبران باسيل سيغادر البلاد ايضاً في إجازة عائلية.

وملأ سجال التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية فراغ مفاوضات التأليف، رغم تعهد رئيس «القوّات» سمير جعجع بناءً على طلب الرئيس الحريري بعد لقائهما الأخير في بيت الوسط الالتزام بالتهدئة الاعلامية مع التيار الوطني الحر، حيث انتقد جعجع «التيار» من دون أن يسمّيه، ولفت الى أننا «لن نقبل بأن نقايض وجودنا في الحكومة بسكوتنا عن الهدر وقلة الإنتاجيّة والفساد، لأنّ وجودنا هو أصلاً لمكافحة الفساد وليس لحصد المواقع».

وقال: «اذا كنا نتمسّك بتفاهم معراب فليس من أجل تشكيل ثنائيات او ثلاثيات او رباعيات في الساحة المسيحية، إنما من أجل إشاعة جو من الاستقرار والتفاهم داخل المجتمع على أن يتم تعميمه على مستوى الوطن. نحن مع «اوعا خيّك» و«اوعا الفساد»».

وردّ النائب ألان عون على جعجع، مذكراً بأنه «في الحكومة السابقة لولا وقوفنا الى جانب القوات اللبنانية لما حصلت القوات على الذي حصلت عليه»، وسأل عون: «اذا كان القواتيون عدائيين الى هذه الدرجة قبل حتى دخول الحكومة، فماذا يتركون الى ما بعد الدخول؟»، كما أشار عضو تكتل لبنان القوي النائب الياس بو صعب ، أن «تفاهم معراب كان الاتفاق ان نكون نحن والقوات كتلة واحدة داعمة للعهد الامر الذي لم يُترجم في الحكومة»، وشدّد بو صعب في حديث تلفزيوني على «أن اعتراضنا ليس على عدد وزراء القوات والنائب جبران باسيل أبلغ رئيس الحكومة المكلّف عدم اعتراضه على إعطاء القوات حقيبة سيادية»، لافتاً الى أن لا شك في أن التمثيل الأوسع في الشارع الدرزي هو للحزب التقدمي الاشتراكي، ولكنه ليس الأوحد، كاشفاً أن «قرارنا عدم فصل النيابة عن الوزارة بعد انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وليس بعد انتخاب باسيل نائباً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى