نتنياهو متمسّك بفك الاشتباك في الجولان… وبومبيو يتصل بلافروف والحريري الحكومة لما بعد قمة هلسنكي على إيقاع سوري… تسوية أم مواجهة أم انتظار

كتب المحرّر السياسيّ

على وقع جنازير الدبابات وأقدام الجنود ترتسم خريطة جديدة جنوب سورية، حيث الرهان على حرب استنزاف للجيش السوري، تمنح الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرص التفاوض من موقع أفضل في القمة التي ستجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين منتصف الشهر الحالي في هلسنكي عاصمة فنلندا. هذا الرهان الذي سقط بصورة مدوّية، فتلقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رسائل القوة السورية، معلناً التمسك باتفاق فك الاشتباك في الجولان الذي أسقطته قوات الاحتلال قبل سنوات أملاً ببناء حزام أمني تحرس من خلاله جبهة النصرة حدود الاحتلال.

الوضع في سورية وخيارات التسوية سيكونان العنوان الأبرز في قمة هلسنكي، والتمهيد الإعلامي الأميركي يضع على الطاولة استعداداً للانسحاب من سورية معطوفاً على التسليم بدور الرئيس السوري بشار الأسد، وفقاً لما صرّح به مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، عن أن لا مشكلة استراتيجية أميركية ببقاء الرئيس السوري، وأنّ إسقاطه ليس هدفاً ضمن الاستراتيجية الأميركية الهادفة لإخراج إيران من سورية، بما يوضح طبيعة العرض الأميركي للتسوية مقايضة انسحاب أميركي واعتراف بالنصر السوري برعاية روسية مقابل خروج إيران وحزب الله من سورية، سعياً لجعل هذا العنوان نصراً إعلامياً أميركياً يجري استخدامه في المواجهة مع إيران وحزب الله.

جدول أعمال ومواضيع التفاوض في هلسنكي كان موضوع اتصال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعقبه اتصال من بومبيو بالرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري قبيل سفره في إجازة خاصة. قالت مصادر متابعة إنّ لديها معطيات تربط بينه وبين الاستعداد الأميركي لجعل انسحاب حزب الله من سورية عنواناً للحركة السياسية والإعلامية المقبلة، ودعوة حلفاء واشنطن للمشاركة في هذه الحركة، خصوصاً على أبواب تشكيل حكومة لبنانية جديدة، يشارك فيها حزب الله. وتقترح واشنطن ربط حلفائها اللبنانيين لمشاركته فيها بالحصول على تعهّده بالخروج من سورية. وهو ما قالت مصادر في قوى الثامن من آذار إنّ قبول قوى لبنانية بتبنّيه والزجّ به في ملفات تشكيل الحكومة سيعقد تشكيلها، وربما يكون ذريعة لهذه العرقلة، ضمن خطة تربط ولادة الحكومة الجديدة بالخطة الأميركية للتسوية في سورية، التي فرضتها انتصارات سورية والمقاومة والحلفاء، كما هو السعي لربط عودة النازحين السوريين بشروط مشابهة.

المسار الحكومي المجمّد لم تحرّكه عجقة الاتصالات التي أكدت المعلومات المتواترة والمتقاطعة حولها أنها استهدفت التبريد في المناخات لا التمهيد لولادة الحكومة. فعلى خط بعبدا كليمنصو كان اتصال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط تمهيداً للقائهما اليوم للبدء بحوار هادئ يجمع اللقاء الديمقراطي وتكتل لبنان القوي حول الجبل والتمثيل النيابي والوزاري فيه، والطمأنة المتبادلة لعدم الاستهداف، وحرص الرئاسة على رعاية الحوار وتشجيعه تمهيداً للتوافق، أسوة بالتمهيد الذي قام به رئيس الجمهورية مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وأثمر اتصالاً من جعجع برئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل موفداً وزير الإعلام ملحم رياشي للقاء باسيل للغرض نفسه. التبريد ومن ثم التمهيد للحوار حول التمثيل النيابي والوزاري من موقع التسليم بعدم وجود مصلحة بالاستهداف المتبادل، ما يعني أنّ أسبوع التبريد سيعقبه أسبوع التمهيد، لتتأجّل الحكومة لما بعد قمة هلنسكي، وفقاً لما تقول المصادر المتابعة للمسار الحكومي، حيث يتبيّن موقع لبنان من التسوية السورية المفترضة، بعدما ينقشع الغبار عن هذه التسوية اقتراباً من الولادة أم عودة للمواجهة أم مزيداً من الانتظار.

يدور التأليف حول نفسه رغم الحراك الذي سجّل على مساره في الساعات الأخيرة في إطار جهود الرئاسة الأولى لتأليف الحكومة، حيث يستقبل الرئيس ميشال عون النائب السابق وليد جنبلاط ظهر اليوم. ويأتي اللقاء بعد اتصال أجراه عون بجنبلاط خلص إلى الاتفاق على عقد اللقاء الذي لم تعوّل عليه الاوساط السياسية في تغيير موقف جنبلاط من الحصة الدرزية، لا سيما بعد تأكيد النائب وائل أبو فاعور أن ما أفرزته نتائج الانتخابات النيابية يقضي بأن يحصل اللقاء الديمقراطي على 3 وزراء.

ومن المرجّح بعد انتهاء اللقاء أن تأخذ جولات التفاوض فسحة لالتقاط الأنفاس وتنفيس الاحتقان بعد جولات التصعيد والسجالات مع سفر كل من الرئيس المكلف سعد الحريري والوزير جبران باسيل في إجازة عائلية، قبيل العودة إلى ملعب التأليف من جديد بروحية وإرادة جديدتين تترافق مع ظروف إقليمية ينتظرها الجميع علها تساهم في فك أسر الحكومة.

بعد انقطاع استمرّ أشهراً في التواصل بين استقبال باسيل ووزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي في زيارة أتت بعد زيارة رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع إلى قصر بعبدا وكلامه عن إعادة التواصل مع الوزير باسيل. وبحسب معلومات «البناء» فقد «تمّ الاتفاق بين باسيل والرياشي على تهدئة إعلامية وسياسية في هذه المرحلة لتهيئة الأجواء للقاء رئيسَي القوات والتيار». وأشارت المعلومات الى أن «زيارة الرياشي باسيل تأتي استكمالاً لما تم التوافق عليه في لقاء بعبدا».

وأشار الرياشي بعد اللقاء الى أن «الجلسة مع باسيل كانت لسحب فتائل الاستفزاز بين بعضنا البعض ولمست حرصاً كبيراً من باسيل على المصالحة». وتابع: «لقاء بعبدا كان ممتازاً وسنلتقي مجدداً مع باسيل بعد عودته من السفر». ولفت الرياشي الى أن «هناك حرصاً كبيراً من باسيل على المصالحة وأهمية «أوعا خيّك» لحماية المسيحيين وكل الوطن بكل طوائفه ومكوناته، الماضي السحيق طويناه في تفاهم معراب والماضي القريب وتجب إعادة تشخيصه». ولم يتطرّق الطرفان بحسب الرياشي إلى موضوع حقيبة الدفاع واتفق جعجع مع باسيل على مناقشة الأمور التي هي موضع خلاف.

وبينما أكد تكتل لبنان القوي أن ليس لدينا فيتو أو شروط على أحد، والمطلوب أن يتم احترام القواعد الدستورية، ونحن في انتظار اكتمال الصورة لدى فخامة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل الحكومة لتكون لدينا حكومة قادرة ومتوازنة ولديها رؤية وقادرة على النهوض اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.

ولفتت مصادر تكتل لبنان القوي لـ«البناء» إلى أن «لقاء بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أرخى بظلاله الإيجابية على العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على أن يستكمل الوزير الرياشي والنائب كنعان العمل على تنقية المرحلة الماضية من الشوائب وفتح صفحة جديدة بين الطرفين والعودة الى تفاهم معراب».

وفي حين تم إرجاء البحث في الخلاف على الحصص بين الرئيس عون وجعجع الى لقاء جعجع – باسيل أفادت مصادر «البناء» عن صيغ يتمّ طرحها كحلول وسط من قبيل تنازل القوات عن نيابة رئاسة الحكومة مقابل حقيبة أساسية المرجّح أن تكون العدل، وأشارت مصادر «التيار الوطني» لـ «البناء» الى أن «لا مشكلة لدينا بنيل القوات حقيبة سيادية أو أساسية، لكن مشكلتنا تتمحور حول مصادرة القوات حق رئيس الجمهورية في أن يسمّي نائب الرئيس الذي كرّس كعرف وثانياً مراعاة الأحجام النيابية، فلن نقبل بأن تتساوى حصتنا مع حصة القوات».

وعن العقدة القواتية، جددت المصادر، تمسّك عون وباسيل بتوزير النائب طلال أرسلان انطلاقاً من أن نتائج الانتخابات أفرزت واقعاً جديداً على الساحة الدرزية بين نسبة تمثيل لجنبلاط ونسبة تمثيل لكتلة ضمانة الجبل التي تتمسّك بتمثيلها في الحكومة. وفي المقابل لا يمكن لجنبلاط أن يحتكر بعد الآن التمثيل الدرزي في الحكومة».

وأكدت المصادر بأن «التيار لم يحسم أسماء وزرائه بعد، بانتظار نهاية المفاوضات لمعرفة الحقائب التي سيتولاها»، ونفت ما قاله الوزير بيار رفول من أن باسيل لن يعود وزيراً للخارجية»، مشيرة الى أن «رفول ليس عضواً في الهيئة السياسية للتيار».

وعن العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة، أكدت المصادر أنها «إيجابية، رغم بعض التباينات حول صلاحيات الرئاستين في تأليف الحكومة».

وكان لافتاً أمس، تلقي الحريري اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو جرى خلاله التداول في الأوضاع الإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين. وقد ربطت مصادر سياسية بين اتصال بومبيو في هذا التوقيت بالذات وبين عملية تأليف الحكومة وتحريك ملف النازحين السوريين. ورأت في ذلك «محاولة أميركية للضغط على الرئيس المكلف للتريث بتأليف الحكومة بانتظار تحوّلات ما وللطلب منه وقف مسار عودة النازحين السوريين ورفض التواصل مع النظام السوري».

في غضون ذلك، وبعد إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الدخول على ملف النازحين السوريين، طلب وزير الداخلية نهاد المشنوق من المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان وقف العمل بالمذكرة الصادرة عنه قبل ثلاثة أشهر، بطلب من الجيش اللبناني ، والتي نصّت على إخلاء 4 مخيمات للنازحين السوريين في عرسال ، تضم غرفاً مبنية بالباطون وبعضها سقوفها من «التوتياء»، بعد توارد أنباء عن البدء في تنفيذ المذكرة اليوم.

وكان لافتاً دعوة وزارة الخارجية والمغتربين السورية «المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية الى مغادرة البلاد للعودة الى وطنهم الأم، بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين».

واشارت الخارجية السورية الى ان «الحكومة السورية مسؤولة عن مواطنيها وأمنهم وسلامتهم وتأمين احتياجاتهم اليومية من الحياة الكريمة». وشدّدت على «ضرورة أن تتحمل المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي مسؤولياتهم في هذا الشأن، للمساهمة في توفير متطلبات العودة الطوعية للمواطنين السوريين الى بلادهم، والى رفع الإجراءات القسرية أحادية الجانب، غير المشروعة، التي فرضت على الشعب السوري».

وعلى خط آخر، نشر الجيش السوري أسلاكاً شائكة على طول الحدود بين لبنان وسورية في جوار معبر مطربة المجاور لبلدة القصر، لمنع الانتقال سيراً على الأقدام. وأصبح التنقل لمواطني القرى المجاورة محصوراً بالمعابر الشرعية التي تقتصر على معبر الجوسية المجاور لبلدة القاع، ما يرتّب أعباء على اللبنانيين المقيمين في القرى الحدودية في الداخل السوري، الراغبين في الانتقال، وبينهم عشرات الموظفين. وجدّدت فاعليات المنطقة المطالبة بمعبر شرعي رسمي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى