موسكو: الوجود الإيراني في سورية شرعي… والتطبيق الكامل لفك الاشتباك كافٍ توافق رئاسي على مهلة لنهاية الشهر لولادة الحكومة قبل الإقرار بوجود أزمة حكم

كتب المحرّر السياسيّ

فيما دارت المعارك في الجنوب السوري في أطراف محافظتي درعا والقنيطرة القريبة من حدود الجولان المحتل، وغاب جنود الاحتلال وآلياتهم وراء السواتر الترابية، يراقبون عن بعد، بدأ الجيش السوري معركة تحرير بلدة نوى أكبر البلدات الواقعة على أطراف حوض اليرموك، حيث يسيطر تنظيم داعش، كانت منطقة إدلب وريفها تشهد بدء إخلاء المحاصرين في بلدتي الفوعة وكفريا بتعاون روسي تركي يفترض أن يُترجم بخطوات لاحقة تستبق بدء الجيش السوري لعملية عسكرية متوقعة في شهر أيلول، ما لم تنجح المساعي السياسية بتأمين دخول الجيش السوري إلى الطريق الدولية التي تربط حماة بحلب وصولاً للحدود التركية، وبدء تسويات مع الجماعات المسلحة التي تعمل تحت عباءة تركيا، على قاعدة إبعاد جبهة النصرة، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، بينما بدأت الإشارات من مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية نحو التفاوض مع دمشق حول صيغ مشابهة بالظهور علناً، مع إعلان قيادات «قسد» أنّ مؤتمرها الذي بدأ أعماله أمس، سيكون معنياً بتشكيل منصة تفاوضية مع الحكومة السورية، فيما قالت مصادر قيادية في «قسد» إنّ تسليم بعض المرافق الحكومية لدمشق قد بدأ فعلاً.

في نتائج قمة هلسنكي التي أظهرت توتراً داخلياً متصاعداً في واشنطن، تابعت موسكو تظهير التفاهمات عبر مواقف تضمّنتها تصريحات السفير الروسي في طهران لصحيفة «كومرسانت» الروسية، وقال السفير ليفان جاغاريان «إننا بطبيعة الحال قلقون من احتمال مواجهة عسكرية بين القوات الإيرانية والإسرائيلية في سورية، ونفعل كلّ شيء ممكن لتجنّب ذلك ولمنع تصعيد النزاع».

وأضاف جاغاريان «أنّ الوجود العسكري لإيران في سورية يعدّ بنظرنا قانونياً»، وتعليقاً على الطلبات «الإسرائيلية» بممارسة روسيا ضغطاً على إيران لجعلها تسحب قواتها من سورية، قال «إنّ إيران ليست بلداً يمكن الضغط عليه، فهي دولة كبيرة ولها سياساتها الخارجية المستقلة»، وشدّد السفير على أنه «لا يمكن العمل مع إيران إلا من خلال وسائل الإقناع، دون ممارسة أيّ ضغط، لأنّ ذلك أمر غير مثمر».

بينما قالت مصادر إعلامية مقرّبة من القيادة الروسية في موسكو إنّ التطبيق الدقيق لاتفاق فك الاشتباك يحقق المطلوب من الاطمئنان لكلّ الأطراف. فهو من جهة يقدّم التزاماً دولياً أممياً وروسياً وأميركياً بالحفاظ على وقف النار، ومن جهة أخرى يضمن طرح مستقبل الانسحاب من الجولان كطريق للاستقرار الطويل المدى، والإجراءات التي ينص عليها تضمن عدم تمركز قوات ذات طبيعة قتالية على عمق عشرين كيلومتراً من جانبي خط الفصل، وكلّ مطالبة تتخطى هذا المضمون تصير في غير مكانها، وأضافت المصادر، هذا ما أوضحه الرئيس بوتين للرئيس ترامب.

لبنانياً الجمود الحكومي مقيم، وفي تقييم الرئاسات خلاف على تفسير الأسباب، بين بعبدا حيث الرئيس المكلف يطلب لنفسه أكثر مما تعطيه نتائج الانتخابات ويتسامح لذلك مع طلبات مشابهة للآخرين، وبين بيت الوسط حيث المطالب ذات السقوف العالية لرئيس التيار الوطني الحر لم تبلغ المستوى الذي يخلق بيئة تفاوضية واقعية لإقلاع الحكومة، وبين عين التينة حيث التباطؤ لدى الرئيس المكلف وغياب الرؤية الواضحة لخطة تشكيل حكومة يتمّ التفاوض على أساسها بدلاً من الاستكشاف المتكرّر لطلبات الأطراف ومحاولة تليينها، هو السبب بالجمود، لكن بموازاة الخلاف على تقييم أسباب الجمود تفاهم غير مباشر وغير معلَن على اعتبار المهلة المتاحة حتى نهاية الشهر الحالي تُعتبر كافية للاعتراف بأنّ الأمر خرج عن حدّه الطبيعي وبات يستدعي تصرفاً مغايراً، يصل البعض حدّ القول أنه الاعتراف بأنّ الأزمة ليست أزمة حكومة بل أزمة حكم.

عون: أنتظر الحريري 10 أيام…

تراجعت «هبة» التفاؤل التي أشاعها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بإمكان ولادة الحكومة خلال أسبوعين لتحلّ محلها أجواء تشاؤمية، بعد أن أظهر الواقع التفاوضي الحكومي أن لا مصدر حسيّاً لتفاؤل بيت الوسط الذي يغرد خارج سرب بعبدا وعين التينة. ففي حين أشارت مصادر بعبدا لـ«البناء» الى أن «لا بوادر حلحلة حتى الآن وأن رئيس الجمهورية ينتظر الرئيس المكلف وأنه يعطي فرصة عشرة أيام للمعنيين بالتأليف لتقديم رؤية أو مسودة حكومية وإن لم يرَ تقدماً في مسار التأليف حتى ذلك الحين، فإنه سيبني على الشيء مقتضاه». أما رئيس المجلس النيابي نبيه برّي فكرّر موقفه، بأنه لم يحصل تقدّم على صعيد التأليف منذ شهرين». وبحسب مصادر التيار الوطني الحر، فإن «كرة التأليف في ملعب الرئيس المكلف الذي لم يقدّم حتى الساعة أي رؤية كاملة متكاملة أو تصوراً واضحاً للحكومة كي يبدي رئيس الجمهورية رأيه فيها»، مشيرة لـ«البناء» الى أن «على الرئيس سعد الحريري أن يحدد موقفه، فإما أن يكون موضوعياً أو يكون طرفاً ويتبنى مواقف حزبي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي»، وأوضحت أن «الرئيس عون يحترم صلاحيات رئيس الحكومة الملكف ولا يتعدّى عليها، لكنه لن يوقع مرسوم أي حكومة لا تحظى بموافقته ولا تراعي القواعد والأصول والمعايير المتفق عليها بين جميع الأطراف».

غير أن مصادر إعلامية نقلت عن رئيس حكومة تصريف الأعمال بأنه يرفض توزير أي سني من خارج تياره السياسي من حصته الوزارية، أكدت مصادر اللقاء التشاوري السني لـ«البناء» أن اللقاء مصرّ على تمثيله في الحكومة وأن أي إقصاء لهذه المجموعة النيابية يشكل طعناً لحكومة الوحدة الوطنية وضرباً للمعايير التي وضعها رئيسا الجمهورية والحكومة المكلف». وقالت مصادر «البناء» إن «حزب الله داعم لتمثيل حلفائه السنة، لكنه لم ولن يتدخل بشكل مباشر في مسألة التأليف، بل يضع التفاوض بالملف الحكومي بعهدة الرئيس بري».

وإذ أكد مصدر وزاري لـ«البناء» أن وضع الحكومة معقد وأن العقد تحتاج الى مزيد من الوقت للحل، تساءلت مصادر سياسية: كيف ستخرج الحكومة الى النور خلال أسبوعين، كما قال الحريري؟ والأخير بات خارج البلاد في إجازة عائلية بين إسبانيا وباريس في حين يعتزم الوزير جبران باسيل السفر الى الولايات المتحدة الأميركية خلال الأيام القليلة المقبلةَ!

بري: لا تقدّم منذ شهرين

وأشار الرئيس بري، بحسب ما نقل زواره عنه لـ«البناء» أن «العقدة عند رئيس الجمهورية وتحديداً العقدة المسيحية التي لم تُحل حتى الساعة. وبالتالي إن حلت يصبح من السهل تذليل العقدتين الدرزية والسنية. وبالتالي يؤكد زوار بري بأن «لا جديد على الصعيد الحكومي حتى الساعة ولا تطور يوحي بأن الحكومة ستتشكل قريباً، كما قال الحريري»، موضحاً بأن «اللقاء بين الحريري والوزير جبران باسيل كان إيجابياً بالشكل لكن حتى الساعة لم يُترجَم على الأرض في ما يتعلق بالتأليف»، وأضاف «نحن أحوج ما يكون في هذه المرحلة لوجود حكومة فاعلة لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وكذلك لإخراج البلد من هذا الجمود وهذه المراوحة من أجل استعادة ثقة الناس ولتفعيل عجلة العمل في المؤسسات». وجدّد بري قوله إنه من الآن لأسبوع اذا لم يحصل جديد في شأن الحكومة فإنه سيدعو الى جلسة تشاورية للمجلس حول الوضع القائم».

أما فيما خصّ اللجان، فأكد الزوار بأن «الرئيس بري مهتمّ جداً بضرورة عمل اللجان في المرحلة المقبلة وبدءاً من الاسبوع المقبل لمتابعة مشاريع واقتراحات وقوانين تتعلق بمؤتمر سيدر على وجه الخصوص إضافة الى مشاريع واقتراحات أخرى». وأكد بري خلال لقاء الأربعاء النيابي «أنه لا بدّ من إدخال تعديلات على قانون الانتخابات الحالي، ومشدّداً على إدخال الكوتا النسائية لإنصاف تمثيل المرأة». وأشار إلى أن تعزيز النسبية وتوسيع الدوائر يؤدي الى الدولة المدنية التي تحفظ حقوق المواطن والطوائف لا الطائفية».

اشتباك جنبلاطي – عوني أرسلاني

في غضون ذلك، وعلى وقع تراجع موجة التفاؤل تجدد الاشتباك الكلامي الجنبلاطي – العوني الأرسلاني، ففي وقت انتقدت أوساط الحزب الاشتراكي طريقة أداء العهد والتيار الوطني الحر في موضوع تأليف الحكومة، أشار النائب زياد أسود الى انه «لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مشكلة في الطائفة السنية وكيفية تمثيل المعارضة فيها، فهو يعتبر نفسه ممثل الطائفة الوحيد»، مضيفاً في حديث تلفزيوني: «هناك ايضاً مشكلة درزية، وهي تكمن في إقصائية النائب السابق وليد جنبلاط الذي لا يعترف أن هناك أمراً ما تغير في الجبل».

في المقابل قال النائب طلال أرسلان عبر «تويتر»: «لا نتمثل في الحكومة إلا من موقعنا الطبيعي بالحصة الدرزية ولسنا بحاجة لبراءة ذمة من أحد ولا شهادة من أحد حول رمزية موقعنا الدرزي الذي نعتز ونفتخر بانتمائنا له عبر تاريخنا الطويل». أضاف: «والكل يعلم وليس سراً على أحد بأن هنالك تحالفات قائمة على تبادل المصالح لتطويق وتفشيل العهد عبر التربص بالحكومة. وهذا ما لن يحصل ولن نسمح بأن يحصل أو حتى التفكير به». وتابع بالقول: «أنا متحالف مع التيار الوطني الحر. وتحالفي هذا على رأس السطح، وكتلتنا ضمانة الجبل هي جزء من تكتل لبنان القوي أيضاً على رأس السطح وبكل فخر».

وفي موازاة ذلك، يبدو أن الخلاف السياسي على ملف النازحين السوريين لن ينتظر الحكومة الجديدة، بل طفا على سطح الخلاف الحكومي، وشدد الوزير مروان حمادة في حديث تلفزيوني على أن «موضوع النازحين السوريين يتم حلّه عبر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي»، معتبراً ان «نفوذ حزب الله لدى النازحين صفر ولدى التيار الوطني الحر مع احترامي له تحت الصفر». وأكد أن «لا الوزير جبران باسيل ولا من أعلى منه يمكنه أن يغير السياسة الخارجية للبنان ولا يمكنه أن يأخذ لبنان إلى مواقف من النظام السوري قبل تشكيل الحكومة ووضع البيان الوزاري لها».

إيجابية «قواتية» باتجاه العهد

على صعيد جبهة معراب – ميرنا الشالوحي لوحظ التزام بالتهدئة بين التيار الوطني و«القوات» وانخفاض مستوى التوتر والسجالات الحادة، كما لوحظت إيجابية قواتية باتجاه العهد، وذلك بعد تدخل الكنيسة المارونية على خط رأب الصدع بين الحزبين. فقد أكدت النائب ستريدا جعجع من عين التينة الى «اننا نعوّل على حكمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في معالجة مشكلة التمثيل القواتي في الحكومة»، مضيفة «نقول لـ«أخينا الكبير»: خذ أخيك الصغير في عين الاعتبار فهو الذي سيدوم لك»، مؤكدة «أننا حريصون على تفاهم معراب وعلى العهد». كما لفت النائب السابق فادي كرم في حديث تلفزيوني الى أن «المناخ دائماً على ما يرام بين أهم مؤسسة سياسية وحزب سيادي بالبلد»، موضحاً انه «نحن بكل مداخلاتنا همنا الوحيد يكون دعم المؤسسة السيادية وهي مؤسسة رئاسة الجمهورية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى