إيقاد شعلة الثورة السورية الكبرى في 21 تموز في راشيا الوادي

تداعت لجنة تكريم شهداء الثورة السورية الكبرى إلى لقاء تأسيسي في راشيا الوادي، أول أمس السبت، في منزل الدكتور منير مهنا، لإيقاد شعلة الثورة لمناسبة انطلاقة الثورة السورية الكبرى بمعركتي صلخد والكفر بين 18 تموز 1925 و23 منه في جبل العرب.

حضر اللقاء عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا، عضو المجلس السياسي في الحزب الديمقراطي اللبناني الدكتور نزار زاكي، طارق سليم الداوود، د. منير مهنا، الكاتب، الزميل هاني الحلبي، الشاعرة نسرين كمال، الفنان عارف أبو لطيف، عضو مجلس بلدية بكيفا وممثلها في اتحاد بلديات جبل الشيخ عماد دهام، الشيخان سلمان نقور وتوفيق حمود، الناشطون يحيى شموط، فاروق الحلبي، رفيق حمد مهنا، طارق جمال، ومهتمّون.

افتتح د. منير مهنا اللقاء مرحّباً، وعارضاً بدايات التفكير في تشكيل لجنة تهتمّ بتراث الثورة وتاريخها وضرورة إحيائه والعقبات التي اعترضت، والاتصالات التي أجريت، وانسحاب المؤسسات البلدية من «أيّ تعاون تحت شروط ذات طابع سياسي بتشويه تاريخ الثورة وفصلها عن تاريخ وادي التيم بكونه ضمن أراضي الدولة اللبنانية كقولهم ماذا يعنينا من الثورة السورية الكبرى؟».

وأضاف «قد تناسى المشوّهون أنّ كثيراً من الشهداء في معارك جبل العرب من راشيا، وأنّ كثيراً من شهداء الثورة في معركتي راشيا ومعركة حاصبيا هم من جبل العرب ومن الجولان وفلسطين».

وقال «إنّ مهمّتنا صعبة لكنها جليلة، وإنّ طريقنا وعرة لكنها مجيدة، ولا شيء مستحيلاً عندما تتوفر إرادة الأحرار. فكما تحققت النقلة النوعية في جعل جبل حرمون في بؤرة الاهتمام العلمي والسياحي والتاريخي حتى تعالت أصوات تدعو الحبر الأعظم للحج إلى الأرض التي تجلّى عليها السيد المسيح، بدلاً من النظرة التقليدية إليه كجبل نقمة جليدية يشكل عقاباً للمناطق المجاورة».

الحلبي

ثم قبل أن يتلو الزميل هاني الحلبي بيان إطلاق اللجنة، أشار إلى معجزتين في معركة الكفر، حيث تمّ التخطيط لتشكيل مجموعات فدائية عدة من الثوار مهمتها قلب الدبابات الفرنسية المعادية، لتحييد سلاح المدرّعات الفتاك ضدّ الثوار المشاة. وتمّ تنفيذ المهمة ببطولة فائقة. لنعرف القيمة النفسية التي خلقتها الثورة في شعبنا. ثم ألقى البيان، ونصه الآتي:

«تكريم شهداء الثورة السورية الكبرى واجب وطني

راشيا الوادي في 21 تموز 2018

أهلنا الكرام، أحباءنا الأعزاء

«الدين لله والوطن للجميع»

«يد الله مع الجماعة، وأن إرادة الشعب من إرادة الله، وأن الأمم المتمدنة الناهضة لن تنالها يد البغي»

«أنّ أمامكم طريقاً طويلة ومشقة شديدة تحتاج إلى جهاد وجهاد: جهاد مع النفس وجهاد مع العدو «

«الحفاظ على الاستقلال أمانة في أعناقكم»

«ما أُخِذَ بالسيف، بالسيف يُؤخَذ، وأنّ الإيمان أقوى من كل سلاح، وأن كأس الحنظل في العز أشهى من ماء الحياة مع الذل وأن الإيمان يُشحَن بالصبر ويُحفَظ بالعدل ويُعَزّز باليقين ويُقوّى بالجهاد»

«لم أرَ أقوى تأثيراً في النفوس من قراءة التاريخ لتنبيه الشعور وإيقاظ الهمم لاستنهاض الشعوب»

«أن الأمن بالعدل وأن بالتعاون قوة». القائد الكبير سلطان الأطرش .

ولأجل قطف العبر وفهم تاريخنا بما يعزز حياتنا حتى تليق بنا جميعاً ونليق بها، كانت «لجنة تكريم شهداء الثورة السورية الكبرى».

تشكلت لجنة تكريم شهداء الثورة السورية الكبرى من مواطنين لبنانيين متطوّعين استجابوا لنداء التاريخ والواجب الوطني، وتنبّهوا لهتاف الدماء والأرواح التي فاضت من كل زاوية في راشيا وقضائها، شهداء وجرحى، وجعاً ودماراً. وهي لجنة مفتوحة العضوية أمام مَن يعنيهم الوطن ويهمّهم إنصاف الشهداء الأبرار.

وتتزامن الذكرى الثالثة والتسعون لإطلاق الثورة السورية الكبرى المباركة، في 21 تموز 1925، وانتصارات تفتتح عصراً جديداً للشعوب المقاومة الحرّة، لتستأنف فعل النهوض المشرقي.

والقادة الذين أطلقوا تلك الثورة المباركة والشهداء الذين افتدوا هم مصداق رفعة قيمنا المشرقية والروح الوطنية الجامعة التي اعتصموا بها، فأسقطوا التقسيم، وأسست للاستقلال الحقيقي الذي يُنتزع بالنضال ولا يمنحه منتدَب او محتل.

وتشكلت لجنة تكريم شهداء الثورة السورية الكبرى لأجل تحقيق 7 أهداف:

1-إحياء يوم 21 تموز من كل سنة وتسميته «يوم الشعلة» لمناسبة إطلاق شعلة الثورة ضد التدخل الأجنبي والفتنة.

2 – إحياء يوم 22 تشرين الثاني وتسميته «يوم الشهداء»، حيث ارتقى على أسوار قلعة الثورة والاستقلال في راشيا مئات المجاهدين وتحديد كيفية إنصافهم وتكريمهم.

3 – إحياء تراثنا التاريخي وجمعه وتعزيزه وتعريف الأجيال الشابة عليه بالبحث العلمي وبكل الوسائل المتاحة وتشبيكه بدورة التنمية المحلية.

4 التواصل مع المنتشرين من راشيا في المهاجر والاستفادة من طاقاتهم الاغترابية بما يدعم خطة العمل ويعزز روابط انتمائهم ببلدهم الأم.

5- إحياء مئوية الثورة السورية الكبرى 2025 بروزنامة انشطة سنوية.

6 – التشبيك مع مراكز بحث أو جمعيات أو لجان مماثلة لأجل تحقيق الأهداف المحدّدة أعلاه.

7 – إصدار مطبوعة دورية ومنشورات تعبر عن أهداف لجنة التكريم وتسهم في خدمتها.

لجنة تكريم شهداء الثورة السورية الكبرى».

الداوود

ثم تحدّث الداوود، مصرّحاً لقناة «المنار»، فأشاد بتشكيل لجنة تحيي تاريخ منطقة راشيا واستطراداً وادي التيم، وبخاصة في مرحلة الثورة السورية الكبرى التي أسست للاستقلال الحقيقي وسرّعت رحيل الاحتلال عن المشرق العربي.

ولفت إلى معركتي حلوى ضدّ الانتداب الفرنسي اللتين قادهما المرحوم جدّه المجاهد نسيب الداوود، وتكللتا بنصر مؤزر، واضطر في الثانية للانطلاق إلى الجولان لدعم الثورة.

زاكي

وأدلى الدكتور زاكي بمداخلة استنكر فيها تغييب تاريخ المنطقة وصفحات البطولة ووقفات العز التي سطرتها دماء الأجداد، وتحولت لاحقاً منطقة نائية مهملة بسبب النظام السياسي الطائفي الفئوي. ودعا لرفض سياسة الانحناء والذل للأجنبي وللنافذين على حساب كرامة أهلنا وشعبنا وتاريخنا.

ولاحظ إلى ان بين العامين 1925 و1943 مدة 18 سنة وكأن الدولة اللبنانية قد بلغت خلالها الرشد لتستقلّ وتبني دولة بفضل الثورة التي أسست استقلالها المجيد بمعزل عن الانتداب.

وشدد زاكي على ضرورة فتح المساءلة عن التقصير المعيب بحق تاريخنا، رافضاً ان يتم تكريم قتلة أهلنا بدلاً من أن يتم تكريم شهدائنا الذين ضحّوا في الدفاع المقدس عن بلادنا وكرامتنا. وأكد أننا في راشيا لا نخجل بمقاومتنا التاريخية، سابقاً وحالياً ومستقبلاً. ولا نخجل بأننا إلى جانب المقاومة وإلى جانب كل من يحرّر أرضنا من الاحتلال والاستعمار. ضد الاستعمار القديم وضد الاستعمار الجديد المتمثل بالتطبيع والذل والانهزام.

ودعا إلى ضرورة توحيد الجهود كافة لفتح صفحات تاريخنا التي غسلت دماؤنا جدران بيوتنا بلا ثمن سوى التهميش.

مهنا

اختتم عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا الحديث بمداخلة أوضح فيها نقاطاً عدة، في موضوع الثورة السورية الكبرى.

فرأى أنّ الثورة السورية الكبرى شكلت انعطافاً حقيقياً في تاريخ صراع شعبنا مع قوى الاستعمار، وبالتحديد مع المستعمر الفرنسي. وهذه الذكرى هي وليدة إرادة نضالية لشعبنا تعبر عن مخزونه المجاهد والمقاوم التاريخي الذي تصدّى لكل الغزاة والاحتلالات، ووضع حداً لها، وشق تاريخاً جديداً. فشكلت الثورة عاملاً فاصلاً في تاريخنا الحديث وفي التاريخ السوري والعربي والعالمي. وهذه الثورة هي بالضبط التي وقفت ضد اتفاقية سايكس بيكو المعادية وضد وعد بلفور المشؤوم اللذين قضيا بالقوة بتقسيم بلادنا وإعطاء فلسطين كياناً مغتصباً لليهود.

وأوضح نقاطاً أساسية عدّة بدأها من زيارته برفقة ثائر منصور الأطرش حفيد القائد سلطان الأطرش، ووجّه مهنا تحية له باسم الحاضرين، لضريح سلطان الذي قدمته الجمهورية العربية السورية برعاية الرئيس السوري بشار حافظ الأسد، تكريماً لقائد الثورة وشهدائها، الذي يضم مقتنيات القائد ومكتبة عامة، بحيث تحرص الهيئة المشرفة على الصرح أن تضم تلك المكتبة كل كلمة كتبت عن الثورة، أكانت معها أو ضدها، تدليلاً على أهمية التوثيق للتاريخ. وروى عن مشاهدته اللوحة البانورامية في قبة الضريح وقد حُفرت فيها أسماء شهداء الثورة. ولم يعثر على معظم أسماء شهداء منطقة راشيا ووادي التيم. لذلك جزء من مسؤولية اللجنة وعملها إعادة تركيز واستحضار أسماء شهدائنا ومجاهدينا كافة، داعياً لوضع ثبت دقيق وتوثيقي بأسماء الشهداء ليتم نشره وتكريمهم وربما إعادة ضم تلك الأسماء إلى سجل أسماء شهداء الثورة كافة.

وتابع: قوى الاستعمار وأتباعها المحليون يحاولون دائماً صبغ تلك الثورة بصبغة محلية وطائفية، وهو هدف مقصود ومشروع مخطط له بدقة، حتى يدجّنوا ويحتووا ويقوّضوا كل فكرة مقاومة ومجاهدة. فهذه الثورة تخطّت الجانب المحلي والجهوي والطائفي إلى المدى القومي، فبلغت أبعد من جبل العرب وأبعد من مناطق انتشار الدروز في الجولان ووادي التيم ومحافظة السويداء. بل وشملت سورية في معظم مناطقها دمشق، حلب، دير الزور، حماه، فلسطين. وأقصد سورية الطبيعية، لأننا في ذلك الزمن كلنا كنا سوريين.

ولفت إلى ان هذه الثورة هي حلقة من حلقات ثورة شعبنا في فلسطين وجبل عامل والعراق وبلاد الشام كلها، لذلك ليست مصادفة أن يجد المجاهد من جنوب لبنان أدهم خنجر الملجأ الطبيعي والحضن الدافئ والمقاوم في السويداء، وهو بين أهله ورفاقه، لاستمرار القتال في لبنان والشام. وصحيح أن الثورة انطلقت بقيادة القائد التاريخي المجاهد والفذ سلطان الأطرش من السويداء وريفها لكنها امتدت في المناطق الشامية والسورية كافة. فكانت سورية كلها بيئة الثورة. وهذه الثورة لم تتوقف قط، بل استمرت بالحزب السوري القومي الاجتماعي وغيره من قوى المقاومة الشريفة على امتداد الأمة السورية، من العراق إلى الجمهورية العربية السورية إلى لبنان إلى فلسطين، التي تسطر بدماء اطفالها وفتياتها ورجالها أروع ملاحم الثورة القومية المنتصرة، بخاصة بعد إقرار قانون ما سُمّي أصل القومية في الكنيست الصهيوني، لتكريس يهودية الدولة العنصرية، ليتجه الصراع ببوصلته القومية الأصلية بلا أقنعة حتى تهزم إحدى القوتين الأخرى هزيمة ماحقة. ونحن واثقون من انتصار حقنا القومي على الباطل الصهيوني.

وردّ مهنا على الذين يطالبون باغتيال التاريخ وتزويره بفصل كل ما هو لبناني عما هو سوري، بينما هما مندمجان هوية وتاريخاً، إذ كيف لا نعتز بعظمة الثورة السورية الكبرى كما نعتز بمعركة ميسلون المجيدة، بينما كنا نعتز بكل عمل مقاوم داعم لحركات تحرّر الشعوب من الاستعمار، فنحن نعتز بدماء ثورة الجزائر وببطولات الشعب الجزائري ضد محتليه الفرنسيين، وبكافة الثورات العربية والعالمية المحقة والمباركة، حتى يخجل بعضنا بقائد عظيم كسلطان وبثورة كالثورة السورية الكبرى المباركة.

أبو لطيف

وأشار الفنان أبو لطيف إلى تجربته منذ العام 1974 في تصميم نصب لقائد الثورة السورية الكبرى، بعيد انتهائه من دراسة الفن في البرازيل، واهتمام مهاجرين اثنين من راشيا هما نسيب مفرج وغطاس الخوري، بمشروع النصب وبدأ تصميمه، وقدّم نموذجاً مصغراً له وسلطان معتلٍ جواده، لكن لجنة طائفية رفضت المشروع بسبب كون بعض المهتمين من المهاجرين ليسوا من طائفة قائد الثورة.

ومسك الختام

إيقاد شعلة الثورة المقدسة

واختتم اللقاء بإيقاد شعلة الثورة من شموع حملها الحاضرون وأوقدوا شعلة رمزية منها، بقيت مشتعلة طيلة اللقاء.

لكن شعلة الثورة ستبقى مشتعلة ببرامج سنوية لا تنقطع حتى يتمّ بعث تاريخنا والأمجاد التي تحققت وأسست للمقاومة الباسلة فطردت الانتداب ومن ثم عادت وفرضت الاستقلال وأطلقت حركة التحرير المستمرة حتى تحرير الجنوب فالوطن كله وإنسانه الأصيل من قيود الرجعية والطائفية والخوف والظلم.

ووجّه الحاضرون، باسم لجنة تكريم شهداء الثورة السورية الكبرى تحية لروح المرحوم أبو غسان خليفة مهنا وللعميد الركن مروان زاكي قائد موقع راشيا خلال ثمانينيات القرن الماضي لتعاونهما بتثبيت رخامة تحمل أسماء أكثر من مئة شهيد من منطقة راشيا في باحة القلعة التاريخية للثورة والاستقلال.

ووجّهوا تحية لرئيس بلدية تنورة الشاعر معضاد أبو زور لإهدائه أغنية لقائدة الثورة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى