جوليا… حكاية عزّ تصدح مقاومةً وحبّاً في صور

رنا صادق

توجّهت الأنظار السبت والأحد الماضيين إلى مدينة البحر والسلام، صور الجنوبية، حيث أحيت الفنانة المقاومة جوليا بطرس، حفلتين متتاليتين، أطربت خلالهما الحاضرين وأيقظت وقع الكرامة والعزّ في نفوسنا.

غنّت السلام، الحقّ، الشهادة والمقاومة، عرف صوتها نوتات الثورة والأرض، وعرفت ألحانها أنغام التراب والوطن، غنّت للجنوب، غنّت للبنان، غنّت لا بل أجادت في الغناء مقاومةً وشعباً.

تلك هي الروحية التي يحتاجها لبنان، روح انتصار الحق على الباطل، واستنزاف كلّ قمع وظلم وقهر، رغم أنوف الكثيرين ممن يحاولون تدنيس هذه الأرض.

هناك من على المدرّج الروماني في عروس البحر صور، أطلّت صاحبة الصوت المقاوم التي لبّاها الجمهور بغزارة من كل أطياف لبنان.

حشدت على مواقع التواصل الاجتماعي بالعناوين العريضة تحضيرات مدينة البحر لاستقبال أميرة الغناء المقاوم، وتزاحمت الصور والفيديوات على وقع أنغام «يا ثوار الأرض» و«أحبّائي».

في سياق منفصل، كثرت أيضاً التجاذبات على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ورافض للحفلة، ما بين متديّن ومنفتح، لكن هذه الشرارة سرعان ما انطفأت لأن اللبنانيين جميعاً متفقون على حقيقة واحدة، أن جوليا أضحت رمز لبنان المقاوم، لطالما غنّت وسحرت بصوتها النفوس.

حيث أثبت جوليا مجدداً ، أنها الرقم الأول والصعب، ومثلها لا أحد، فإن النجاح الحقيقي للفنان هو في المهرجانات لا بأرقام المتابعين ونقل أسخف اليوميات على مواقع التواصل ولا بالقال والقيل، أي أنه موجود على الساحة، ولا بأرقام المشاهدة على موقع «يوتيوب». من الشمال إلى البقاع من بيروت إلى الجنوب، توافدوا بالآلاف من أجلها.

تصّدر هاشتاغ « جوليا ـ بطرس» موقع «تويتر» في اليومين الماضيين حيث عبّر المغرّدون عن فرحهم وامتنانهم لما تقدّمه فنانتهم المفضلة من أعمال.

وفي ما يلي، نعرض بعض التغريدات على مواقع التواصل:

غرّدت الإعلامية ريما نجيم وكتبت: «تقف على المسرح ممتلئة بالحب والحضور والضوء… وتسأل أتحبّونني… فيهتف الآلاف: «نعم» بقوة!

فتتأكد جوليا أنها في القلب والذاكرة والأرض والوطن…

تبكينا، تجعلنا نبتسم، نثور، نغضب، نحبّ، نتذكّر ولا ننسى… تنعش الذاكرة الحيّة ولا تدعها تموت…

ماذا تفعلين يا جوليا؟

لا بل… ماذا تريدين بعد أكثر يا جوليا؟».

أمّا الإعلامي نيشان فغرّد قائلاً: «جوليا بِ صور

رسمِة صُوَر ما بتنمحى:

صُوَر عزّ وفخر وحبّ

ونَفْس حرّة

ونَفَس حرّية».

من وجع الأمة وبؤس الحروب والدمار، من ركام المعارك وبروز الصهينة وعشعشتها عند البعض، يبقى الصوت الأعلى لذلك القلب الحقيقي الذي اعتاد الوجع لا بل تعلّم لملمته… وتغليفه والمحاربة في سبيل الحياة، والحقّ… هذه العبارات وأكثر تتملك كلّ من عاش الحرب، الاضطهاد والظلم، حين يسمع جوليا تغنّي الحق والأرض.

فنانة الرقيّ، والحضارة والمقاومة اختصرت مواقع الأخبار… من أغاني المقاومة إلى أغاني الحبّ والغزل والعتاب الخفيف، مرّت عليها جوليا كلفحة أيار في عزّ آب، وأطربت الحاضرين بحُسن أدائها.

مفاجأة الحفل كانت بإطلاق جوليا أغنية للمرة الأولى تقول كلماتها: «راجعة إلكن بعد طول سنين…

راجعة إلكن وبقلبي حنين

منكم أنا

ومعكم أنا»…

لتختصر محبتها لأرض بلدها وناس بلدها. تفاعل الجمهور معها انعكس خجلاً على وجنتيها، كما أن حرّ تموز جعل الليلة باردة في قلوب محبيها التي نقلتهم معها تارة بين الغضب والحب، وتارة أخرى بين العتاب والغزل.

أحبّت جوليا هذه السنة أن تتوجّه إلى والدها من على المسرح وقالت: «أحبك كثيراً». أدمعت عيون الحاضرين بتلك الكلمات وأبت بعد انتهاء كلامها إلا أن تغني أغنيتها الجديدة «بكرا شي نهار» التي أصدرتها مؤخراً واحتلت المراتب الأولى عبر الإذاعات.

وبعدها، حان دور والدتها، لتوجّه إليها الشكر في حفلها. وأعادت جوليا الجمهور معها في الذاكرة، حينما ذكرته في إطلالتها لها عبر شاشة التلفزيون، حيث استأذنت المصمّم ايلي صعب وقالت: «والدتي هي من قامت بخياطة أول ثوب ارتديته في أولى إطلالاتي التلفزيونية، ورغم إمكانياتنا المحدودة حاولت أن تبرزه بأجمل الأكسسوارات… ماما… حبيبة قلبي… أحبك كثيراً».

هكذا كانت جوليا أسطورة الغناء، واستطاعت أن تحتل النسبة الأكثر مبيعاً للمهرجانات لهذه السنة، وقد تقدّمت لتحلّ في مكانة الفنانين الذين ستُخلّد أسماؤهم عبر صفحات التاريخ… تبقى جوليا الحقيقة ويبقى استرجاع الأرض والحقّ هو الواقع، لنفتخر أن من لبناننا، أسطورة مقاومة اسمها جوليا بطرس، على أن تبقى تراتيل المقاومة والكرامة تتردّد في أصداء لبنان من الجنوب إلى الشمال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى