لماذا تصرّ موسكو على تحييد الكيان الصهيوني في سورية؟

حميدي العبدالله

الزيارة التي قام بها وفد روسي رفيع يضمّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس الأركان الروسي فاليري غراسيموف إلى تل أبيب للقاء رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وعدد من كبار المسؤولين في الكيان الصهيوني، يمكن وضعها، بمعزل عن نتائجها، ولقاءات نتنياهو السابقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إطار جهد تبذله موسكو لتحييد «إسرائيل» ومنعها من التمادي في التأثير على مجريات الأحداث في سورية.

وتسعى موسكو عبر هذا الجهد لتحقيق هدفَين رئيسيّين، الهدف الأول، منع تل أبيب من تقديم الدعم للجماعات الإرهابية، ولا سيما تنظيم داعش في حوض اليرموك، إذ من المعروف أنّ المعركة مع داعش تختلف عن المعارك الأخرى مع بقية الجماعات المسلحة، وأنّ انتشار داعش في حوض اليرموك المتداخل مع الحدود الأردنية والفلسطينية المحتلة، وخط وقف إطلاق النار في الجولان، قد يقود إلى حصول احتكاكات عسكرية بين الجيش السوري وبين القوات الإسرائيلية، وتريد موسكو الحصول على ضمانات بأن لا تتدخل تل أبيب لحماية مسلحي داعش في هذه المنطقة أو عرقلة العملية العسكرية التي ينفذها الجيش السوري، لأنّ ذلك قد يقود إلى صدامٍ مع روسيا التي تقدم الدعم الجويّ للجيش السوري في المعركة ضدّ داعش، لذلك فإنّ التصريح الوحيد الصادر عن الخارجية الروسية بعد انتهاء زيارة الوفد الروسي الرفيع إلى تل أبيب، أكد على أنّ البحث تركز على محاربة الإرهاب، ولم تكن هناك أيّ إشارة إلى موضوع الوجود العسكري الإيراني في سورية.

الهدف الثاني، الوصول إلى اتفاق مع المسؤولين «الإسرائيليين» لوقف الاعتداءات العسكرية «الإسرائيلية» المتكرّرة على مواقع للجيش السوري وحلفائه بذريعة منع التمركز الإيراني في سورية، علماً أنّ موسكو تعتقد بأنّ هذه مسألة سيادية تخصّ سورية وحدها وليس من حق تل أبيب التدخل بهذا الأمر.

موسكو تريد الوصول إلى اتفاق يحول دون وقوع مواجهة كبرى بين سورية وحلفائها من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى، لأنّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية قد يقود إلى اندلاع مثل هذه المواجهة، كما أنّ منع هذه المواجهة تسهّل تفرّغ الجيش السوري وحلفائه لمواصلة الحرب على الإرهاب ولا سيما الإرهاب الذي يتمركز في إدلب والعمل على إجلاء الجيوش الأجنبية التي دخلت سورية بصورة غير شرعية.

هذه الأهداف هي التي تسعى موسكو للعمل من أجلها عبر اتصالاتها المكثّفة مع قادة العدو الصهيوني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى