ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة مع المطرب العربي التونسي لطفي بوشناق ضمن فعاليات «مهرجانات صور الدولية»

مصطفى الحمّود

وفي الليلة الثانية من ليالي «مهرجانات صور الدولية» التي تقام على أرض المدرّجات التي استحدثت للمناسبة في قلعة الشقيف الأثرية، حضر عمر بن أبي ربيعة وقيس ابن الملوّح وسيد درويش والشيخ سلامة وعبد الحي ووديع الصافي مع شيخ الطرب الأصيل العربي الملتزم الأغنية الوطنية لطفي بوشناق الذي كعادته قدّم ما يجعل أي شخص في المسرح يحلّق إلى أبعد من مجرد الاستماع لمطرب، فهو القادر على الإمساك بأنفاس ودقّات قلوب الجمهور على إختلاف الأعمار والانتماء، باختصار هو حالة خاصة جداً ونادرة. وليس من حضر كمن سمع.

ليلة حضرتها رئيسة «مهرجانات صور الدولية» رنده عاصي برّي وحشد من الشخصيات السياسية والبلدية والتربوية والثقافية وإعلامية ورجال أعمال ومحبّوا الطرب الأصيل الذين قدّم لهم بوشناق كلّ ما يتمنّى المتذوق، فكانت مائدة فنّية بجدارة، حيث احتوت على أغلب أنواع وقوالب الغناء من الطرب الذي عوّدنا عليها بوشناق من الموشّحات الأندلسية الشرقية التي أظهرت العاشق بداخله الذي أتعبه الحب ولكن زاده عشقاً وتغريداً وتعلّقاً بالحبيب الساكن في حنايا قلبه، والمواويل التي ترافقت مع الآهات التي ردّدت صداها القلعة مع الجمهور لتصل «الآه» إلى كل أرجاء الوطن العربي، فهو المسافر في أرض الله الواسعة. وطبعاً كانت الأغنية السياسية والوطنية حاضرة في «أنا العربي» الذي تمنّى فيها أن يكون آخر عربي ليشهد من الحياة على الحياة كيف لا وهو الذي يغني ليبقى حتى بعد الرحيل، فلا شيء يوقظ روح الوجود على الأرض سوى صدى الأغنيات. وفي أغنية «أنا مواطن» ينتظر الجواب والحكم ذلك الخائف من الضباب وغياب الوعي الرافض للحروب والفتن، المتخلّي عن المناصب والكراسي مقابل أن يعطوه وطن. المخدوع بالزمان يتمنّى العودة من حيث أتى إلى رحم أمه، والترانزيزتور الذي لا يحبه يفضل عليه عيشة الرعاة، الساخر من التكيتك المذلّ، والقائمة تطول.

أما جديده فكان أكثر من أغنية من بينها أغنية خاصة للبنان «تحية إلى لبنان» كلمات الشاعر علي الورتاني قدّمها بوشناق هدية إلى الشعب البناني الذي أحبّه وأحب أن تكون المرة الأولى التي يؤديها فيها من قلعة الشقيف، واستعمل فيها بعض الإيقاعات اللبنانية الراقصة والسريعة. أما أجراس العودة وهي من جديده أيضاً من كلمات الشاعر السوري د. عماد الدين طه انتقد فيها صفقة القرن التي يحكى عنها، وتفاءلوا بالخير للملحن السوري عبدالله المرتشي الذي رغم كل المآسي يدعو بوشناق فيها إلى الفرح والإيجابية والغرام ليطول العمر، وهو ما ترجمه بعدها.

وعلى وقع أغاني الفلامنغو من الجوّ اللاتنيني رقص وطرب من سمع وشاهد «لاموني يلي غاروا مني»، و«سمرا يا سمرا» وشارك الجمهور بوشناق في طقطوقة سيد درويش «طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة» التي لو أراد ليبقى لاستطاع يغني حتى طلوع الفجر ليقفل الجمهور بعدها عائداً من حيث أتى مع ذكرى وليلة من العمر تساوي ألف ليلة وليلة، ولتعود فاعليات المهرجان يوم الجمعة المقبل مع الوافد من مدينة الشمس فارس الغناء العربي عاصي الحلاني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى