عون: الحكومة العتيدة ستكون جامعة للمكوّنات اللبنانية من دون تهميش واحتكار التمثيل وغلبة فريق على آخر

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «الجيش يظل المرجعية الأكثر ثباتاً عند الأزمات»، معتبراً «أن دور الجيش ما زال كاملاً في حماية الجنوب من أطماع إسرائيل، بالتعاون الكامل والمنسق مع القوات الدولية»، وأكد أن كل «محاولات إسرائيل، لن تحول دون عزمنا على المضي في الاستفادة من ثروتنا النفطية، وقد بتنا على مشارف مرحلة التنقيب، التي ستدخل لبنان في المستقبل القريب إلى مصاف الدول النفطية».

وأكد عزمه على أن «تكون الحكومة العتيدة جامعة للمكوّنات اللبنانية، من دون تهميش أي مكوّن، أو إلغاء دوره، ومن دون احتكار تمثيل أي طائفة من الطوائف»، مشدداً على «ألا تكون فيها الغلبة لفريق على آخر، وألا تحقق مصلحة طرف واحد يستأثر بالقرار أو يعطل مسيرة الدولة».

مواقف رئيس الجمهورية جاءت في الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال، الذي ترأسه قبل ظهر أمس لتقليد السيوف للضباط المتخرجين في دورة حملت اسم «دورة فجر الجرود»، لمناسبة العيد الثالث والسبعين للجيش، وذلك في الكلية الحربية في ثكنة شكري غانم في الفياضية، والذي دعا إليه قائد الجيش العماد جوزاف عون، وحضره رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، وعدد من الوزراء والنوّاب وعميد وأركان السلك الدبلوماسي والملحقين العسكريين العرب والأجانب المعتمدين في لبنان، ووفد من قيادة «يونيفيل»، وعميد السلك القنصلي وأركان السلطة القضائية، وكبار الموظفين المدنيين والعسكريين ونقباء المهن الحرة، وممثلو المرجعيات الدينية والروحية، ورؤساء الجامعات والبلديات، إضافة إلى عائلات الضبّاط المتخرجين.

بدأ الاحتفال مع وصول علم الجيش، فرئيس الأركان في الجيش اللواء الركن حاتم ملاك، فقائد الجيش العماد جوزاف عون، ومن ثم وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، وسط مراسم الاستقبال المحددة لكل منهم. بعد ذلك وصل تباعاً كل من الرئيس الحريري، ثم الرئيس بري، وأديت لهما المراسم التكريمية.

وعند التاسعة، وصل الرئيس عون فعزفت الموسيقى معزوفة التأهب، وبعد تقديم السلاح عُزف لحن التعظيم، ثم النشيد الوطني، ووضع الرئيس عون إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري لشهداء ضباط الجيش داخل حرم الكلية الحربية يحيط به وزير الدفاع وقائد الجيش ورئيس الأركان وقائد الكلية الحربية العميد الركن جورج الحايك. وعزفت الموسيقى لحن الموتى ولازمة النشيد الوطني، ولازمة الشهداء، فيما ردد تلامذة الضباط عبارة «لن ننساهم أبداً» ثلاث مرات على إيقاع الطبول.

ثم توجّه الرئيس عون الى المنصة الرسمية لتبدأ وقائع الاحتفال بمرور تشكيلات تابعة للقوات الجوية، تضمّنت: سرب مقاتلات من نوع Super Tucano التي تستعمل لمهمات الدعم الجوي القريب ومجهزة بقنابل وصواريخ موجهة عالية الدقة وتشارك للمرة الأولى في العرض، سرب طوافات Bell تستعمل للعمليات المجوقلة، الإخلاء الطبي وقصف القنابل، سرب طوافات نوع Puma تستعمل لتنفيذ مهمات النقل والدعم الجوي القريب وقصف القنابل، سرب طائرات من نوع Cessna تستعمل لمهمات الاستطلاع وقصف الأهداف بواسطة صواريخ موجهة عالية الدقة، سرب طوافات نوع Gazelle تستعمل لتنفيذ مهمات الدعم الجوي القريب ومجهزة بصواريخ موجهة عالية الدقة، وحملت بعض الطوافات الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش. ثم تم تسليم بيرق الكلية الحربية من الدورة المتخرجة إلى طليع السنة الثانية. بعد ذلك تقدمت الدورة المتخرجة وهي تنشد نشيد الكلية الحربية ووقف أفرادها في منتصف الملعب، حيث تقدم طليع الدورة السابقة من رئيس الجمهورية، وطلب تسمية الدورة المتخرّجة قائلاً: «باسم هؤلاء الفتيان اطلب تسمية دورتهم دورة فجر الجرود». وردّ الرئيس عون: «فلتسمَّ دورتكم دورة فجر الجرود».

بعد ذلك، تلا الوزير الصرّاف مرسوم ترقية تلامذة ضباط قوى الجيش في القوات البرية والجوية والبحرية وعددهم 24 ضابطاً، فيما تلا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مرسوم ترقية تلامذة ضباط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وعددهم 10 ضباط، والمديرية العامة لأمن الدولة ضابط واحد.

وعلى الأثر، سلّم الرئيس عون الضباط المتخرجين للعام 2018 السيوف، تقدّم بعدها علم الجيش أمام رئيس الجمهورية، ثم تقدم طليع الدورة المتخرجة الملازم في قوى الأمن الداخلي جورج فؤاد عطالله وأقسم اليمين الآتية: «أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي كاملاً حفاظاً على علم بلادي وذوداً عن وطني لبنان». وردّد الضباط المتخرجون «والله العظيم».

عون

ثم ألقى الرئيس عون كلمة توجه في مستهلها إلى الضباط المتخرجين بالقول «لقد اخترتم أن تحمل دورتكم اسم «فجر الجرود»، وفي رمزية هذا الاسم عبر ومسيرة حياة. فتلك الجرود التي خيّم عليها ليل الإرهاب طويلاً وسالت على أرضها دماء وسقط شهداء وعانى مخطوفون حتى الشهادة، وبكى أهل وأحبّة، قد بزغ فجرها في النهاية بسواعد أبطال، وقرار قيادة، وبسالة تضحيات حرّرت الأرض وطهرتها من الإرهاب فصانت كل الوطن.

وقد أكدت العملية العسكرية النوعية التي قام بها الجيش للقضاء على الإرهابيين، والتي أجمع العالم بأسره على حرفيتها ودقتها، على أهلية مؤسستنا العسكرية واكتسابها ثقة دولية، وإيمان أبنائها بدورهم الجوهري في الدفاع عن وطنهم، وبأنهم في النهاية خشبة الخلاص له وسط العواصف والاضطرابات.

فتحية من على هذا المنبر، إلى شهداء «فجر الجرود» وهم ساكنون دوماً في بالنا ووجدان الوطن، ولاسيما العسكريين الذين تمت استعادة جثامينهم بعد اختطافهم على أيدي أبناء الظلام، ليحتضنها تراب الوطن أيقونة للبطولة والحرية».

وأضاف «أيّها العسكريون، تؤكد الأحداث والأيام والحقبات، أن الجيش يظل المرجعية الأكثر ثباتاً عند الأزمات. ففي أوقات الحرب، يحفظ الحدود، ويصون الأرض والكرامة والسيادة، ويرمم التصدّع في جدار الوحدة والعيش المشترك. وفي السلم، له الفضل في حفظ الأمن ومكتسبات الاستقرار، وتطلعات اللبنانيين. وعهدي للجيش أن أكون دوماً إلى جانبه وجانب قيادته في سعيها إلى تحصينه، وتطوير قدراته القتالية، وتسليحه بأحدث العتاد والمعدات والتجهيزات، ليكون على الدوام على قدر المهمات التي يقوم بها والتي تنتظره في المستقبل، بالتوازي مع ورشة العمل والمهمات التي تنتظر الحكومة العتيدة، في معركة بناء الوطن».

وأكد أن «هدفنا اليوم وفي المرحلة المقبلة، هو النهوض بالوطن والاقتصاد، وقطع دابر الفساد، وقيام الدولة القوية والقادرة، وإغلاق ملف النازحين بعودتهم الآمنة إلى بلادهم، ولاسيما أن مطالبنا المتكرّرة في هذا المجال، قد لاقت صداها الايجابي أخيراً في دول القرار، التي نشهد تحولاً أساسياً في مواقفها لتصبح متناغمة مع التوجه اللبناني ودعوتنا إلى إعادة النازحين إلى أرضهم»، معبراً عن «امتنان لبنان للمبادرات التي تهدف إلى اعتماد إجراءات عملية تؤمن عودة آمنة للنازحين. وعلينا ملاقاتها بجهوزية تامة بما يحقق الهدف المنشود منها».

وقال «كل هذه الأهداف المذكورة يمكن تحقيقها إذا صدقت النيات وتضافرت الإرادات وانخرط كل مواطن في ورشة الإصلاح والتنمية، وبات خفيراً وحسيباً لأداء من أوكلهم شؤون حياته، وحلم العبور بلبنان إلى ضفة الحداثة والتطور».

وقال «تحقق في الفترة الأخيرة إنجاز انتظرناه لسنوات، وهو إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون عصري توافق عليه اللبنانيون، وفي أجواء ديمقراطية وسلمية مشهود لها. وأفضت هذه الانتخابات إلى التعبير عن صوت الشعب الذي اختار ممثليه، فعكست نتيجة اقتراعه إرادته الحرة، وعليه الآن أن يراقب أداء مَن أوصلهم إلى قبة المجلس النيابي، ليطابق أفعالهم على وعودهم وبرامجهم.

وصوت اللبنانيين الذي تمثّل في مجلس النواب، يجب أن ينعكس أيضاً على تشكيل الحكومة العتيدة. وكلنا تصميم في هذا الإطار ألا تكون فيها الغلبة لفريق على آخر، وألا تحقق مصلحة طرف واحد يستأثر بالقرار أو يعطّل مسيرة الدولة. فعزمنا واضح، وهو أن تكون هذه الحكومة جامعة للمكوّنات اللبنانية، دون تهميش أي مكوّن، أو إلغاء دوره، ودون احتكار تمثيل أي طائفة من الطوائف».

وإذ أشار إلى أن «بعض المطالب قد أخّر حتى الآن تشكيل الحكومة، في مرحلة دقيقة ومليئة بالتحديات بالنسبة إلى لبنان»، جدّد عزمه بالتعاون مع الرئيس المكلّف، على إخراج البلاد من أزمة تأخير ولادة الحكومة، مراهناً على تعاون جميع الأطراف وحسهم الوطني «لأن أي انكفاء في هذه المرحلة من تاريخنا، المحاطة بالأعاصير وصفقات القرن، هو خيانة للوطن وآمال الناس الذين عبروا في صناديق الاقتراع عن خياراتهم وتطلعاتهم. وأنا ملزم بحكم مسؤولياتي كرئيس للجمهورية، على احترامها وعدم السماح بالتنكر لها».

وتابع «أيها العسكريون، ما زال دوركم كاملاً في حماية جنوبنا من أطماع إسرائيل، بالتعاون الكامل والمنسق مع القوات الدولية. وقد ساهمتم في الحفاظ على التزامات لبنان، ولا سيما في تطبيق القرار الدولي 1701، فيما إسرائيل لا تزال تنتهك هذا القرار، وتحتل قسماً من أراضينا. لكن، كل محاولاتها لن تحول دون عزمنا على المضي في الاستفادة من ثروتنا النفطية، وقد بتنا على مشارف مرحلة التنقيب، التي ستدخل لبنان في المستقبل القريب إلى مصاف الدول النفطية».

ودعا الضباط المتخرجين، إلى ان يكونوا القدوة بأخلاقهم وسلوكهم والتزامهم وانضباطم، معتبراً أن «بالانضباط والمناقبية تصان المؤسسات، تماماً كما يصون الالتزام بالقوانين المجتمعات».

وختم متوجّهاً إلى أهالي الضباط المتخرجين قائلاً «يحق لكم اليوم أن تفخروا وأنتم ترون أبناءكم يتسلمون الأمانة، أمانة الحفاظ على الأرض والذود عن الوطن مهما غلت التضحيات. أشارككم الفخر والعنفوان، واشاركم أيضاً الآمال المعقودة على أبطال جيشنا كما على كل شبابنا، فهؤلاء هم لبنان الاتي، وبهمتهم سيبزغ فجر الوطن. عشتم، عاش الجيش، وعاش لبنان».

عرض التحية

بعد انتهاء كلمة رئيس الجمهورية، أمر قائد العرض العميد الحايك القوى المشاركة بالاستعداد لعرض التحية، وفيما غادرت القوى الملعب الأخضر، قُدم عرض عسكري مميز رسموا خلاله الأرزة وعلم الجيش والعلم اللبناني وكلمة الجيش وكلمة لبنان وعبارة فجر الجرود، بعد ذلك بدأ عرض التحية الذي شاركت فيه وحدات من مختلف القطعات العسكرية.

وبعد إعلان قائد العرض انتهاء الاحتفال، توجه الرئيس عون ورئيسا مجلس النواب ومجلس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية وقائد الجيش ورئيس الأركان والمدراء العامون لقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة ورئيس المجلس الأعلى للجمارك ومديرها العام، وقائد الكلية الحربية الى ساحة الشرف حيث صافحوا ضباط الكلية وأخذت الصورة التذكارية للضباط المتخرجين. ثم دخل الجميع الى ردهة الشرف ورفع قائد الجيش الكأس لشرب نخب رئيس الجمهورية، وقدم قائد الكلية العميد الركن جورج الحايك السيف الهدية إلى الرئيس عون الذي سلّمه الى طليع الدورة المتخرجة، وصافح أفراد عائلته، ثم قطع قالب الحلوى.

السجل الذهبي

وبعد التقاط الصور التذكارية، وقّع رئيس الجمهورية السجل الذهبي للكلية الحربية، حيث دوّن الكلمة الآتية «لا تبدأ مسيرة الضابط بتخرّجه، بل تفتح قصة حياته العسكرية. آمالنا معلقة عليكم لتكتبوا تاريخ لبنان المعاصر، بقلم الشرف الذي تتحلون به، وحبر التضحية التي تبذلونها كل يوم، وعلى سجل الوفاء الذي جعلتم صفحاته أكثر بياضاً من الثلج. انتماؤكم إلى دورة «فجر الجرود» يضعكم أمام مسؤولية مضاعفة، بأن تكونوا، مع رفاقكم الذين سبقوكم «فجر لبنان» الموعود، أن تحملوا إرث أبطال أرسوا اسس الذود عن كرامة هذا الوطن وارضه وشعبه».

كما دوّن الرئيس بري الكلمة الآتية «لبنان ليس جيشاً ولا لبنان بدون جيش».

ودوّن الرئيس الحريري الكلمة الآتية «تحية الى الجيش في عيده السنوي الثالث والسبعين. نتذكر في هذا اليوم، وكل يوم شهداءنا الضباط والعسكريين، وتضحيات كل فرد من قواتنا المسلحة ليبقى لبنان سيداً حراً مستقلاً، ولتبقى الدولة فوق الجميع وراعية وضامنة للجميع، وليبقى الأمان والاستقرار لكل اللبنانيين».

ودوّن الصرّاف الكلمة الآتية: «اليوم يقف اللبنانيون جميعاً ليؤدوا التحية إلى أهل الشرف والتضحية والوفاء تقديراً لبطولاتهم.

في كل يوم، ننحني امام الجهود التي يبذلها جيشنا للحفاظ على الامن والاستقرار على امتداد مساحة الوطن. في هذا اليوم الذي تمتزج رائحته برائحة الكرامة والعزة والعنفوان، أتوجه بالمعايدة إلى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ربان السفينة، وإلى قيادة الجيش وإلى جميع الضباط وأفراد الجيش اللبناني، وإلى عائلاتهم وعائلات الشهداء الذين حفروا أسماءهم على لوحة من مجد بدم الشهادة من اجل أن يحيا الوطن».

وعلى الأثر غادر رئيس الجمهورية الكلية الحربية.

وكان وُزع على الحضور خلال الاحتفال، كتيب حمل عنوان: «عيدنا يوم أمنك كل يوم» تضمن كلمات للرئيس عون ووزير الدفاع وقائد الجيش، اضافة الى امر اليوم لقائد الجيش، ونبذة عن تاريخ الجيش اللبناني منذ بداياته حتى اليوم، وصوراً عن معارك فجر الجرود وأخرى تاريخية مختلفة حول احتفالات تقليد السيوف للضباط المتخرجين في مختلف السنوات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى