الجيش السوري أنهى داعش جنوباً حتى الجولان… ويسقط صواريخ وطائرة استطلاع «إسرائيلية» تأقلم محلي مع تعثر الحكومة وتمترس عند العقد… بانتظار تنازل سعودي عن الثلث المعطل

كتب المحرّر السياسيّ

عبّرت مناقشات مجلس الأمن الدولي حول اليمن عن المتغيّرات التي أدخلتها حرب المضائق والناقلات على الموقف الدولي، والغربي خصوصاً، والأميركي بصورة أخصّ، فأعلنت المندوبة الأميركية نيكي هيلي دعمها لمبادرة المبعوث الأممي مارتن غريفيت، بالدعوة للتفاوض بين الأطراف اليمنية في السادس من أيلول المقبل، على قاعدة لا حصار ولا مواصلة للحرب، ولا بحث عن حلّ وسط للحديدة وحلّ شامل لليمن، وكان لافتاً تفويت المندوبة الأميركية لفرصة الهجوم على إيران كطرف مسؤول عن حرب اليمن وإعادة مواقفها السابقة الداعية لتكريس الحراك الأممي على مواجهة إيران وأنصار الله كطريق وحيد لوقف الحرب في اليمن. ورأت مصادر متابعة للملف اليمني أنّ هذا الموقف يعبّر عن توجه مشابه لمضمون دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحوار غير مشروط مع إيران، معيدة السبب للقلق الذي أصاب السوق النفطية من مخاطر إغلاق المضائق المائية في باب المندب وهرمز بوجه الملاحة النفطية.

في سورية، بينما الحشود نحو إدلب في خط تصاعدي، أنهى الجيش السوري معارك الجنوب بحسم آخر جيوب تنظيم داعش في حوض اليرموك وشرق السويداء، ودخلت موسكو على خط المطالبة الإجرائية بإخلاء قاعدة التنف الأميركية التي فقدت مبرّر وجودها وصارت عقبة أمام ملاحقة فلول داعش في البادية، بينما نجحت الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرة استطلاع «إسرائيلية» من دون طيار وثلاثة صواريخ يرجح أن تكون من نوع أرض أرض، أطلقت باتجاه جنوب دمشق، وفقاً لمصادر عسكرية متابعة.

لبنانياً، بدت القيادات السياسية وقد قالت كلّ ما عندها، في استراحة محارب تتأقلم مع التعثر الحكومي، ويتمترس كلّ طرف عند موقفه، بعدما بات واضحاً أنّ هناك معادلات تغيّرت في الانتخابات النيابية بين الخطين السياسيين المتصارعين في لبنان منذ انتخابات العام 2005. الخط الذي يضع العداء لسورية وسلاح المقاومة فوق المصلحة اللبنانية، كما قال الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إنه حتى لو استدعت مصلحة لبنان العليا أن يتواصل مع الحكومة السورية فلن يفعل ويفضل أن يأتي سواه للقيام بالمهمة. وفي المقابل خط سياسي متمسك بالعلاقة مع سورية وبسلاح المقاومة، مكوّن من فريقين يختلفان بالمفردات والخلفية الثقافية والسياسية، لكنهما يلتقيان على التمسك بسلاح المقاومة كمصدر قوة للبنان وبالعلاقة مع سورية كحاجة ملحة في مواجهة تحديات بحجم عودة النازحين وتسهيل الحركة التجارية للبضائع اللبنانية وتجارة الترانزيت وقد استعادت الدولة السورية معابرها الحدودية مع الأردن والعراق كشرايين حيوية للحركة الاقتصادية في المنطقة، إضافة لما يتطلبه تطلع الشركات والمصارف اللبنانية للعب دور في عملية إعادة إعمار سورية، ويمثل هذين الفريقين في الدولة كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي.

في المقارنة بين الماضي واليوم في مواقف الرئيس الحريري الذي تتعثر عنده عملية التأليف لتبنيه سقوفاً مفتعلة متضخمة لتياره ولحليفية الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، للحفاظ على الثلث المعطل للحكومة، يبدو واضحاً أن لا أسباب منطقية تفسّر كلام الحريري السادي في تعذيب اللبنانيين بلا مبرّر بإعلان القطيعة مع سورية من دون وجود أسباب لبنانية، كتلك التي كانت موجودة عام 2007 في ذروة الاتهامات الموجهة لسورية بالوقوف وراء الاغتيالات، وفي مقدّمتها اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، وتخطاها وذهب إلى دمشق وأعلن براءة سورية من الاتهامات، لمجرد أنّ السعودية طلبت منه ذلك، وهو ما يدفع المصادر المتابعة لليقين بأنّ الثلث المعطل مطلوب سعودياً لامتلاك حق الفيتو في مواجهة أيّ تطبيع لبناني سوري تمليه المصلحة اللبنانية، لكن الحريري الذي قال إنه يفضل أن يقول فتشوا عن غيري إذا استدعت مصلحة لبنان التواصل مع سورية، وهو يعلم أنّ المصلحة اللبنانية تستدعي هذا التواصل، لا يستطيع أن يخلي مكانه ليتمّ التفتيش عن غيره كما قال، فهو ممنوع من التواصل وممنوع من إفساح المجال لسواه.

«التيار» لـ«القوات»: خُذوا السياديّة من الحريري

لم تتمكّن سلسلة اللقاءات المتتالية التي حصلت خلال الأيام القليلة الماضية وشملت بعبدا – عين التينة – بيت الوسط ميرنا الشالوحي ومعراب من إحداث خرقٍ نوعي وجدي في جدار التأليف الحكومي، إذ إن العقد المُتعارف عليها راوحت مكانها والقوى السياسية مجتمعة لم تُبارح مواقعها ومواقفها وتموضعاتها، رغم رسالة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي نقلها اليه وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي.

سبعون يوماً مرّت على التكليف والرئيس المكلف سعد الحريري عاجز عن التأليف، ومسار التشكيل يتأرجح على حبال رمي المتفاوضين للكرة إلى ملاعب بعضهم بعضاً، إذ إن التسهيل والحد الأدنى للتنازل الذي تحدّث عنه رياشي من بعبدا بعد لقائه الرئيس عون لن يتدنى، بحسب ما قالت مصادر نيابية قواتية مطلعة لـ«البناء» «أكثر من منح «القوات» 4 وزراء من بينها حقيبة سيادية وأخرى أساسية أو نيابة رئاسة الحكومة ونقاش لاحق على نوع الحقائب الأخرى»، في حين أبلغ عون رياشي بحسب معلومات «البناء» بأن «موضوع الحقيبة السيادية يناقش مع الرئيس المكلف وبأن نيابة رئاسة الحكومة من حصة رئيس الجمهورية»، وأشارت أوساط عونية إلى «البناء» بأن «عون ورئيس التيار يرفضان منح القوات حقيبة سيادية أو نيابة رئاسة الحكومة وإذا أصرّت على ذلك فلتأخذ السيادية من الحريري»، وتعزو الأوساط السبب الى التجربة المريرة للقوات في الحكومة الحالية التي لم تكن مشجّعة ولا يريد عون إعادة هذه التجربة في الحكومة المقبلة».

«القوات»: الحريري أبلغنا رفضه حكومة أكثرية

في المقابل تضيف مصادر «القوات» لـ«البناء» الى «أن حجمنا النيابي والشعبي يوازي حجم التيار الحر، وبالتالي يجب توزيع الحصص الوزارية بما يحقق التوازن السياسي وليس بالضرورة بالأرقام بل بالمواقع الوازنة، وذلك بنيلنا إحدى الحقيبتين السياديتين للمسيحيين لكوننا رابع أكبر كتلة نيابية»، وأوضحت بأن «رئيس الجمهورية ليس بحاجة الى حقيبة سيادية بل كل الوزراء من حصته». ورفضت المصادر أن «ننال أي شيء من حصة الرئيس المكلّف». وتشدّد المصادر على أن «أيّ تقدم في العقدة المسيحية لم يحصل حتى الساعة، إذ إن القوات ترى نفسها مستهدفة من قوى عدة»، وتشير الى أن «اجتماع رياشي مع عون كان ايجابياً لكن لم يحل العقدة بل أحالنا الى الرئيس المكلف، وقبل ذلك أحالنا الى الوزير جبران باسيل»، ونفت أن يكون عون قد «أبلغ رياشي بتعليق العمل بتفاهم معراب». وترى المصادر بأن «السبب وراء تعثر التشكيل هو محاولة رئيس التيار الوطني الحر ضرب التوازن السياسي في الحكومة لا سيما على الساحة المسيحية». وتحذر المصادر من «تهديدنا بحكومة أكثرية بهدف إقصاء القوات»، مشددة على أن «الحريري أبلغ جعجع في لقائهما الأخير بأنه لا يوافق على حكومة أكثرية، وأنه حاز 112 نائباً ليس بهدف تشكيل حكومة أكثرية بل وحدة وطنية تشمل الجميع». ورأت المصادر في زيارة باسيل الى عين التينة بادرة إيجابية وليس موجهة الى القوات، بل نحن مع انفتاح الأطراف على بعضها للمصلحة الوطنية»، وعن دور الرئيس نبيه بري في الضغط على القوات والاشتراكي والحريري لخفض مطالبهم، قالت المصادر: «الرئيس بري بمون، لكن لن يحرمنا حصتنا ونثق برؤيته المتوازنة للحكومة».

وقال رياشي من بعبدا: «نقلت الى الرئيس رسالة من رئيس القوات اللبنانية حول موقف «القوات» من الحكومة واستعدادها لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، لكن ضمن الحد الأدنى المقبول للحجم الانتخابي والوزن السياسي. وقد ابلغني الرئيس ان موضوع منح حقيبة سيادية للقوات اللبنانية يتم بحثه مع الرئيس المكلف».

جليد بين بعبدا وبيت الوسط

أما أوساط نيابية في التيار الوطني الحر فتؤكد لـ«البناء» الى أن «رئيس التيار جبران باسيل أبلغ الرئيس المكلف منذ بداية مشوار التأليف بأننا نريد حصتنا التي تتناسب وحجمنا النيابي ولا نتدخل بحصص الآخرين ولم نضع فيتو على الحقائب، لكن مع مرور الوقت لمسنا أن بعض القوى السياسية قامت بتضخيم أحجامها ورفع مطالبها على حسابنا. وهنا بدأت تتظهر العقد». ورأت الأوساط أن «حل العقدة المسيحية أسهل من العقدة الدرزية، إذ إن تمسك الحزب الاشتراكي بالوزارات الدرزية الثلاث يؤكد نياته الاستئثار بتمثيل الطائفة الدرزية ما يعيق تأليف الحكومة»، ولا تنفي الأوساط «تكوّن جليد على طريق العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط، بسبب أداء الحريري في عملية التأليف وتبنّيه الكامل لمطلب القوات والاشتراكي وتجاهله الشراكة مع عون والتسوية الرئاسية والدعم العوني له في مختلف الظروف والمراحل».

أما في العلاقة مع «القوات» فأوضحت الأوساط «أنها ليست أكثر من عادية وبعد تسريب مضمون اتفاق معراب لم تحصل اي خطوة لإصلاح الأمور، وأضافت بأن الطرفين متمسكان بالمصالحة المسيحية لكن الاتفاق السياسي قد سقط». وتعلق الأوساط على زيارة باسيل للرئيس بري بالقول: «هي قفزة نوعية بين الطرفين وهناك انسجام تام في المواضيع والقضايا السياسية كافة لا سيما الخارجية». وتعوّل الاوساط على «دور بري في تسهيل ولادة الحكومة من خلال التدخل لدى جنبلاط وجعجع والحريري لتخفيض سقف مطالبهم».

وفي سياق ذلك، كشف عضو تكتل لبنان القوي النائب الياس بو صعب عن أن «الرئيس عون أوضح للرياشي أن منصب نائب رئيس الحكومة هو من حصة رئيس الجمهورية»، كما لفت الى أن «مطالب القوات ليست سهلة ولسنا نحن مَن يلبيها بل الرئيس المكلف»، وأشار الى أن «الرئيس بري قال في لقاء الأربعاء النيابي، أن «كلام باسيل في الاجتماع الذي حصل في عين التينة إيجابي، ونقله بري الى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ». في المقابل اتهم عضو كتلة الوفاء للوقاومة، النائب نواف الموسوي ، في حديث تلفزيوني، نظاماً إقليمياً معروفاً، بـ «عرقلة كل شيء في المسار السياسي في لبنان».

الاشتراكي على موقفه

وقد هدفت زيارة عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن الى معراب لإظهار تماسك التحالف الثلاثي المستجد القواتي – الاشتراكي – المستقبلي وتوحيد الموقف لا سيما من الملف الحكومي ورفض خيار حكومة الأكثرية التي يهدّد بها الوزير باسيل، كما أوحى تصريح أبو الحسن بأن الحزب الاشتراكي «لا يزال يتمسك بالحقائب الدرزية الثلاث»، وسط استمرار تأييد الرئيس المكلف لمطالب القوات والاشتراكي وفق ما أكدت مصادر الطرفين لـ«البناء».

سورية دعت النازحين إلى العودة

وكانت المبادرة الروسية لإعادة النازحين الى بلادهم مدار بحث بين الوزير باسيل والسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم الذي أكد أن «سورية بحاجة الى كل أبنائها وترحب بهم». وقال من قصر بسترس «تطرقنا في اللقاء الى المبادرة الروسية التي تسهم في تذليل بعض العقبات والرئيس بشار الأسد لم يضع شروطاً تعجيزية، لا بل هناك تسهيل تام لعملية العودة»، مشيراً الى ان «هناك مراسيم عفو متلاحقة يصدرها الأسد تعفو عن المواطنين السوريين الذين لم يؤدوا الخدمة الإلزامية أو غيره». واضاف «الدولة السورية مستعدّة بالتعاون مع الدولة اللبنانية لتسوية اوضاع من لديهم اشكاليات صغيرة»، مؤكداً ان «سورية بحاجة لليد العاملة للإسهام الجدي والحقيقي والفاعل في إعادة إعمار سورية».

في سياق ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، عن فتح 7 معابر جديدة لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم بينها بحري وجوي. وذكر رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع عن روسيا الاتحادية، اللواء ميخائيل ميزينتسيف، في جلسة لمكتب التنسيق الخاص بملف إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، أن تدفق اللاجئين السوريين العائدين إلى بلادهم من المتوقع أن يرتفع في فترة قريبة. وأشار إلى أن هذا الأمر يتطلب توسيعاً لشبكة المعابر والمكاتب التابعة لمركز استقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين السوريين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى