صورية حمدوش: الوجع كان دافعي للكتابة والشجن غالب على معظم كتاباتي

حاورها: عزيز البزوني

صورية حمدوش شاعرة جزائرية من مواليد ولاية ميلة عام 1971، تميزت منذ نعومة أظافرها على أقرانها باللغة العربية. كان ذلك جليّاً في مادة التعبير الحر. اشتركت بالكتابة في العديد من المجلات الأدبية الإلكترونية وحصدت جوائز عدّة في المراتب الأولى في مسابقات إلكترونية نافست فيها أقلام لها باع في عالم الكتابة ومن ذوي الاختصاص.

أصدرت أول مولود لها كان بعنوان «أوراق من النبض» ومولود آخر جاهز سيكون قريباً في دار النشر بعنوان «وقفات بين فتق ورتق الجراح»، التقيناها فكان هذا الحوار معها.

يقال «إن أفضل ما في عملية الكتابة هو أنّك لستَ مطالباً بأن تنجح من المرة الأولى»، بعبارة أخرى كيف تصفين محاولتك الأولى؟

ـ عدتُ إلى الكتابة بعدما تركتها بسنّ المراهقة عندما أمي مزّقت دفتري ظنّاً منها لقدمه أنه ليس مهماً لجهلها. اعتبرتها رسالة ربانية للتخلّي عن الشعر. لكن بعدما أوجعتني الحياة بفقدها وتهاطلت المصائب كسلسلة لا متناهية بحياتي لم أجد ملجأ لي سوى القلم. كان وفياً لي بكل طقوس الحياة ويفاجئني الكثير بارتباطهم بحروفي التي كنتُ أنثرها صباحاً ومساء فيحتضنونها فأحسّ بدفء مشاعرهم الذي كان يملأ وحدتي إلى درجة أنه بأحد أيام الجمعة وهو عطلة أقتحم البعض الخاص للسؤال عن أحوالي، لأني فقط لم أنشر تلك الصبيحة مبكراً لظرف خاص ظنّاً منهم أنه قد أصابني سوء ويخبرونني أنهم أدمنوا حروفي مع فطور الصباح وأن صباحهم كان شاحباً بدون كلماتي وبعدها طالبوني بجمع كتاباتي بدواوين. هذا دليل على أن تجربتي ناجحة وتواصلت تلك اللهفة بعد طبع ديواني أوراق من النبض وطالبني أصدقائي بنسخة منه من معظم الأقطار العربية العراق، مصر، تونس والسعودية ناهيك عن الجزائر بلدي لم آخذ خطوة النشر إلا بعدما تيقنت أن لحرفي قراءة.

هل الوجع شرط حتميّ لكتابة الشعر؟

ـ ليس شرطاً حتمياً. سبق وكتبت للفرح ولحبيب خيالي فقط، لأني أردت ذلك. لكن الوجع كان دافعي للكتابة والشجن غالباً على معظم كتاباتي فواقعنا العربي لا يدعو للفرح. وواقعي الشخصي لا يختلف كثيراً عن الواقع العربي خاصة بعد وفاة والدتي والغربة والتشرّد اللذين اعترياني من انغلاق كل على ذاته.

هل عليك أن تكونِ مثقفة كي تكونِ شاعرة؟

ـ نعم يجب أن يكون الشاعر مثقفاً وينام على رصيد معرفي في شتى المجالات، خصوصاً ونحن في عصر المعلوماتية وإن لم يكن حاصلاً على شهادات دراسات عليا. فالثقافة ليست توأماً للدراسة الأكاديمية إلا أنها مهمة جداً في دفع عجلة الشاعر والأديب بصفة عامة للإبحار أفضل في عالم الإبداع والتنوّع في الكتابة.

إلى أين يتجه مشروعك الشعري؟ وإلى أين تريدينه أن يتجه؟

ـ لا أجزم لأن العراقيل كثيرة، لكنني أظنّه يخطو خطاه الأولى بتأنٍ نحو أفق كان يراودني.

هل فكّرت بكتابة الرواية؟

ـ أظنني سألج عالم الرواية لأن لي بعض المحاولات في القصة القصيرة وأحداث رواية كاملة مخزنة بعقلي ووجداني فقط تنتظر الوقت المناسب كي تطفو فوق سطح الورق.

هل ترين أن تجربتك الشعرية قوبلت بما يستحق نقدياً؟

ـ صدر ديواني من فترة بسيطة وقد قدّمته تماضر وداعة من العراق في برنامج لها بعنوان «قنديل في رمضان»، وأيضاً قدّمه الروائي الجزائري مصطفى بوغازي في جريدته «كواليس» في ولاية سطيف الجزائر.

كيف تصفين المشهد الشعري الجزائري؟

ـ لا أدري من أين أبدأ فقد وضعت يدك على جرح عميق عند المبدعين على السواء شعراً ورواية رغم الكثير من الأقلام الرائدة في الشعر بأنواعه والمحاولات الرائعة لجمعيات أينعت زهورها فيها الذي له باع من التجذيف والذي بدأ التجذيف حديثاً لجمع شتات المبدعين والشعراء خاصة وخلق جسور بينهم إلا أنه ما يزال يعيش في بوثقة التهميش. يكفي أن البعض لا يريد جمع كتاباته بديوان لأن الشاعر بعدما يتحمّل أعباء الطبع على كاهله يواصل رحلته كبائع متجوّل بين جمعيات محتشمة هنا وهناك بمختلف الولايات لإيصال كتاباته إلى القارئ وقلة الملتقيات الشعرية وتمركز الإعلام بالولايات الكبيرة.

يقال لا تسأل امرأة عن عمرها، ولا رجل عن مرتّبه، فما الذي يجب ألا نسأل عنه الشاعرة؟

ـ كتبت بجرأة عن واقعي وكانت أول قصائدي في ديوان «أوراق من النبض» تجربة شخصية فاشلة وبعضها عن غربتي وسط عائلتي التي تشتّت بعد وفاة والدتي أسقطت وجعي ولم أتهرّب من أي سؤال بأي حوار مع الصحافة. وعمري ليس سرّاً وما أخفيته يوماً، فالثقة بالنفس تجعل تجاعيد الوجه إن غزتني تبدو أكثر جمالاً بما تضفيه روحي من جمال تتزيّن به شخصيتي. وعلى العموم لكل قناعاته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى