العالِم عزيز أسبر يفتدي الوطن

منير برجاس

أن يتعرّض عالم سوري للاغتيال على أيدي جهاز الموساد «الإسرائيلي»، وعملائه المحليّين، أمر منتظر حدوثه في أيّ لحظة، لأنّ الصراع السوري الصهيوني، والصراع السوري مع قوى الاستعمار والصهيونية العربية وتجّار الطائفيّة والمذهبيّة، صراع مشرّع الساحات شديد العنف لن يتوقف إلا بمنتصر ومهزوم، وقدر سورية أن تنتصر وكلفة النصر غالباً ما تكون مرتفعة، ومرتفعة جداً، بدليل استشهاد العالِم الدكتور عزيز إسبر.

هكذا كان، فالدكتور عزيز إسبر، العالِم المميّز في تطوير سلاح الصواريخ، قدّم إسهاماتٍ مشهودة في ميدان الدفاع عن الوطن السوري ككلّ، من خلال الدولة القلب، الدولة المركزيّة، الجمهورية العربية السورية وجيشها الباسل الجيش السوري.

لقد انضمّ العالِم عزيز إسبر إلى زملائه العلماء السوريين الذين استشهدوا في ميدان الدفاع عن الوطن، ومعظمهم بعمليات اغتيال نفذها جهاز الموساد وعملاؤه.

إنّ استهداف العقول العلميّة جزءٌ من المخططات الاستراتيجية لقوى الاستعمار، على اعتبار أنّ هذه العقول تحقق هدفين متلازمين: هدف الدفاع عن الوطن وهدف التنمية والتحديث.

واستشهاد العالِم عزيز إسبر يفضح مرةً جديدة الحكومات الغربيّة وتوابعها ممّن يسمّون أنفسهم «معارضة» ويصنّفهم الغرب بـ «المعتدلين»، والغرب نفسه الذي يتلطّخ وجهه وأيديه بدماء السوريين، ويمعن حتى بتدمير آثار سورية وتغطية كلّ أنواع المجازر التي ترتكب بحق المجتمع السوري. فهذه الحكومات الغربية لم توجّه، ولو لوماً واحداً، لـ «إسرائيل» على سياسة الاغتيال التي تمارسها بحق الأفراد، ومنهم العلماء، ومنهم علماء صودف أن اغتالتهم أيدي الموساد أثناء مرورهم في بعض الدول الأوروبية. ويشكل هذا السكوت المدوّي موافقة ضمنية على سياسة الاغتيال، هذا في الوقت نفسه الذي لا تتوقف فيه الدول الغربيّة عن المحاضرة بالديمقراطية، وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب…

أما في شأن ما يسمّى بـ «المعارضة»، أو «المعارضة المعتدلة»، فتختفي أصواتها كلّما ارتكبت «إسرائيل»، أو عملاؤها مجازر أو اغتيالات، وهذا كله بعد مرور سنوات على تحويل هذه «المعارضة» نفسها إلى ستارة داخلية تتسلح بها «إسرائيل»، ومعها الدول الغربية الأطلسيّة، لتبرير التدخل في سورية والإمعان في تدميرها وحرمان مجتمعها من الأمن والسلام.

فما قيمة هكذا «معارضة» بعد كلّ ما فعلته وتفعله من أمورٍ يندى لها الجبين، خصوصاً أنها لا تندّد بإقدام بعض رموزها على زيارة الكيان الغاصب بشكل علني للترويج للتطبيع، على حساب فلسطين وطبعاً على حساب الحقوق القوميّة والوجود القومي.

يبدو أنّ هذه «المعارضة» فقدت كلّ مقوّمات الانتماء وما يثمر الانتماء من كرامة وطنية واستقلال.

إنّ العالِم عزيز إسبر خسارة كبرى، كما زملاؤه العلماء الذين سبقوه على درب الفداء لسورية، ولكن سورية هي ولاّدة علماء وعباقرة يحملون مشاعل العلم والتنوير، والدفاع والتحديث، لتبقى الأمّة. البقاء للأمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى