«بريكس»… عملاق جديد يقوده بوتين لكبح نفوذ أميركا… تعرف عليه في عشرة تساؤلات

استقبلت مدينة شنغهاي الصينية، الثلاثاء الفائت، حفل افتتاح «بنك التنمية الجديد»، التابع لمجموعة «بريكس»، الذي حدّد أولى غاياته في تمويل البنى التحتية في بلدان «بريكس» والدول النامية، ويأتي إنشاء البنك تجسيداً لمساع بذلتها مجموعة «بريكس» خلال الفترة الأخيرة، لتقدّم للعالم كياناً اقتصادياً جديداً يناهض سياسة «القطب الواحد» المالي.

ويعمل على إنهاء هيمنة صندوق النقد والبنك الدوليين على مقدرات العالم الاقتصادية، ووقف تسخيرها وتطويعها واستخدامها لمصلحة قوى بعينها مسيطرة على هاتين المؤسستين، دون غيرها من بقية دول العالم.

ومع انطلاق قطار «بريكس» ومؤسّساته التي شرعت في الظهور، الواحدة تلو الأخرى، برزت تساؤلات عدة في الأوساط المالية والاقتصادية بدءاً من ماهية مجموعة «بريكس»؟ وأهدافها؟ ووصولاً إلى كيف ستفضي «بريكس» ومؤسساتها إلى تحجيم السياسة الأميركية في التحكّم في آليات الاقتصاد العالمي؟ وغيرها من الأسئلة التي نجمل منها عشرة تساؤلات تكشف لنا تفاصيل العملاق الاقتصادي ومشروعاته الأخيرة والجديدة.

1 ـ ماذا تعني كلمة «بريكس – BRICS»؟

«بريكس»، كلمة تحمل اختصارات للأحرف الأولى للكلمة الإنجليزية «BRICS» وهى كلمة مكوّنة من الأحرف الأولى لأسماء خمس دول، صاحبة أسرع معدلات نمو اقتصادي عالمي، وبترتيب الحروف «البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا».

«بريكس» هى مجموعة الدول التي اتفقت في ما بينها على إنشاء كيان اقتصادي «مضادّ» للكيانات الاقتصادية الغربية المتمثلة فى «صندوق النقد الدولي» و»البنك الدولي»، وتضمّ نظاماً ائتمانياً بنكياً عالمياً جديداً يقضي على سياسة «القطب الواحد» التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية للسيطرة على مقدرات العالم واستغلاله اقتصادياً، عبر توجيه السياسات الاقتصادية، وفرض قيود تتحكّم في الدول النامية من خلال صندوق النقد والبنك الدوليين، خاصة على الدول النامية وبلدان العالم الثالث.

2 ـ كيف تمّ تأسيس مجموعة «بريكس»؟

قبيل انضمام دولة جنوب أفريقيا، كانت المجموعة يطلق عليها اسم «بريك ـ Bric»، وبدأ التفاوض حول إنشاء هذه المجموعة خلال اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع «البرازيل وروسيا والهند والصين» في نيويورك سبتمبر/ أيلول 2006، على هامش اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما عقد زعماء الدول أول قمة لهم في يونيو/ حزيران 2009.

في مدينة يكاتيرينبرغ الروسية، خلال عام 2010، قادت جنوب أفريقيا مساعٍ مكثفة ومفاوضات واسعة مع دول المجموعة للانضمام اليها، ونجحت في الانضمام رسميا في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، ليعلن للعالم انطلاق شبح اقتصادي جديد يهدّد القطبية الأحادية العالمية التي تسيطر عليها أميركا وتحرّكها، وليحلّ على النظام الاقتصادي العالمي كيان جديد يطلق عليه اسم «بريكس ـ Brics»… بات يعقد العزم على تثبيت حجمه دون توسّعات، والعمل على تنفيذ اتفاقاته والبروز على الساحة العالمية كمنظمة فاعلة، وهو ما كشفه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أكد في تصريحات له قبل انعقاد قمة «أوفا» الماضية، بأنّ أعضاء «بريكس» لا يفكرون حالياً في توسيع عضوية المجموعة، مرجعاً ذلك إلى رغبة الدول الأعضاء في تنفيذ الاتفاقات الملزمة للأطراف أولاً، قبيل التفكير في أيّ توسّعات جديدة.

بوتين: «بريكس» ستقود العالم والاقتصاد العالمي مستقبلاً

3 ـ أين يقع مقرّ مجموعة «بريكس»؟ ومن هو رئيسها الحالي؟

يقع مقر مجموعة «بريكس» في مدينة شنغهاي الصينية، كما تمّ افتتاح «البنك الجديد للتنمية»، التابع للمجموعة أيضاً في المدينة نفسها، ويتناوب أعضاء المجموعة الخمسة رئاستها سنوياً، بشكل دوري في ما بينهم.

وفي الأول من أبريل/ نيسان من العام الحالي، تسلّمت روسيا رئاسة المجموعة، ولمدة سنة كاملة من دولة البرازيل.

وحدّدت موسكو خلال رئاستها للمجموعة هذا العام أهدافاً عدة، من بينها إطلاق عمل «بنك التنمية الجديد»، وصندوق الاحتياطيات النقدية. وينصّ نظام المجموعة على أن يتمّ ترشيح الرئيس الأول لمجلس المحافظين للبنك من قبل روسيا، بينما يتمّ ترشيح الرئيس الأول لمجلس الإدارة من قبل البرازيل، على أن يتمّ ترشيح أول رئيس للمدراء التنفيذيين من قبل الهند.

4 ـ كم يبلغ رأسمال مجموعة «بريكس»؟

يبلغ رأسمال مجموعة «بريكس» ما يقرب من مائتي مليار دولار، مقسّمة إلى مئة مليار دولار، كرأسمال بنك «بريكس» الدولي للتنمية، إضافة إلى مئة مليار دولار أخرى لصندوق الاحتياطي النقدي. كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن قبيل انعقاد قمة «أوفا» في روسيا الشهر الماضى، أنّ قادة دول المجموعة وقعوا، خلال القمة السادسة التي عُقدت العام الماضي في مدينة فورتاليزا البرازيلية، وثيقة تأسيس البنك بمئة مليار دولار، يبدأ العمل فيه برأس مال يقدّر بخمسين مليار دولار، على أن تقدّم كلّ دولة عشرة مليارات.

5 ـ ما هو بنك التنمية الجديد التابع لـ»بريكس»؟

هو بنك تابع لمجموعة «بريكس ـ Brics»، وتقتصر عضويته حالياً على دول بريكس ـ BRICS» الخمس، برأس مال مستهدف مئة مليار، وعلى أن يكون رأس ماله المدفوع في البداية خمسين مليار دولار، موزعة بالتساوي على الدول الخمس بواقع عشرة مليارات دولار لكلّ دولة.

البنك الجديد كان من المقرّر أن يطلق عليه اسم بنك «بريكس»، لكن زعماء الدول الخمس قرّروا التخلي عن اسم «بريكس»، رغبة منهم في توسيع عضوية البنك مستقبلاً، وإتاحة الفرصة للدول الراغبة في الانضمام إليه.

البنك الجديد، الذي يقع في شنغهاي الصينية، صادق البرلمان الصيني على اتفاقية تأسيسه في الأول من يوليو، تموز الماضي، وانطلق في الواحد والعشرين من الشهر نفسه، ليباشر عمله كواحد من أكبر البنوك عالمياً يمارس السياسات النقدية المستقلة، ويترأسه كوندابور فامان كاماتخان.

بنك روسيا يصدر عملة تذكارية لمجموعة «بريكس»

6 ـ ما هي أهداف مجموعة «بريكس»؟

بشكل رئيسي، تستهدف مجموعة «بريكس» خلق توازن دولي في العملية الاقتصادية، وإنهاء سياسة القطب الأحادي، وهيمنة الولايات المتحدة على السياسات المالية العالمية، وإيجاد بديل فعّال وحقيقي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إلى جانب تحقيق تكامل اقتصادي وسياسي وجيوسياسي بين الدول الخمس المنضوية فى عضويته، وتنمية البنى التحتية في بلدان المجموعة، وتحقيق آليات مساهمة فعّالة بين الدول الخمس فى وقت الأزمات والتدهورات الاقتصادية بدل اللجوء إلى المؤسسات الغربية، وإيجاد طريقة فعّالة لمنح وتبادل القروض بين دول المجموعة بشكل لا يؤثر ولا يحدث أيّ خلل اقتصادي لأيّ من دول المجموعة رغم مساعدة الدولة المتضرّرة. إلى جانب تعزيز شبكة الأمان الاقتصادي العالمية بالنسبة لتلك البلدان وتجنيبها ضغوط الاقتراض من المؤسسات الغربية وتكبيلها بالفوائد.

7 ـ ما هي آلية المساهمة في صندوق الاحتياطيات الأجنبي لـ «بريكس»؟

تمّ التوافق بين الدول الخمس المنضوية تحت مجموعة «بريكس» على أن تبدأ الصين في ضخ واحد وأربعين مليار دولار في الصندوق، لكونها صاحبة الاقتصاد الأكبر في دول المجموعة، في حين تضخّ كلّ من روسيا والبرازيل والهند حصصاً متساوية تبلغ الواحدة منها ثمانية عشر مليار دولار، إلى جانب خمسة مليارات دولار يتمّ ضخها من دولة جنوب أفريقيا بصفتها المساهم صاحب الاقتصاد الأصغر في المجموعة.

وفى يوليو/ تموز الماضي، أعلن المصرف المركزي الروسي أنّ الاتفاقية التي وقعتها الدول الخمس لإنشاء الصندوق تشمل العمليات الدقيقة التي تنفذها المصارف المركزية لدول «بريكس»، وأن تقوم هذه المصارف المركزية للدول الخمس مجتمعة بتقديم التمويل المتبادل بالعملة الأميركية داخل الصندوق في حال ظهور أيّ مشكلات في السيولة، وأكد المصرف المركزي الروسي أنّ الصندوق سيتمكّن من التغلب على نقص السيولة، على المدى القصير، بين بلدان المجموعة، وتغطية عجز الميزانية في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي.

8 ـ التحديات التي تواجه «بريكس»؟

التحديات الكبرى التي تواجه مجموعة «بريكس» تتمثل في الاختلاف في السياسات الاقتصادية التي تنتهجها البلدان المشاركة في المجموعة، إلى جانب التباينات الثقافية والتاريخية والسياسات المالية التي تتبعها كلّ دولة على حدة، وتداخل أنظمة اقتصادية عدة ذات أحجام متفاوتة وأسعار عملات متفاوتة في نظام اقتصادي واحد.

هناك تحدّ آخر تحدّث عنه الرئيس بوتين شخصياً، يتمثل في رغبة المجموعة وضع استراتيجية للتعاون الاقتصادي بين هذه الدول الخمس، على أن يكون من شأنها تهيئة الظروف الملائمة لتسريع التطوّر الاقتصادي وتعزيز قدرات هذه الدول على المنافسة، وتوسيع العلاقات التجارية وتنويعها، وتأمين التفاعل من أجل النمو الابتكاري.

ولتحقيق «الإشباع» الاستثماري لهذه الوثيقة تتمّ دراسة عدد من المشاريع المستقبلية للتعاون، إلى جانب توحيد المواقف السياسية تجاه القضايا الدولية والملفات المطروحة. علاوة على عدد من العوامل الاقتصادية الأخرى أهمّها الأتي:

أ ـ وضع شروط ائتمانية أكثر تيسيراً على بلدان العالم الثالث والدول النامية.

ب ـ تدويل العملات المحلية وإجراء تجارة بينية بعيدة عن الدولار الأميركي في ما بينها.

ج ـ إمكانية توفير قروض آجلة وميسّرة لبلدان العالم الثالث والدول النامية.

د ـ تقديم تسهيلات ائتمانية أفضل من تلك المفروضة من قبل البنك وصندوق النقد الدوليين.

هـ ـ تسريع التكامل الاقتصادي بين الدول الخمس المنضوية في عضوية المجموعة.

و ـ تحقيق معدلات نموّ أسرع للبلدان المنضوية في عضوية المجموعة.

9 – أرقام ينبغي معرفتها عن «بريكس».

مثل الناتج المحلي للدول الخمس المشاركة فى «بريكس» أكثر من ربع الناتج المحلى العالمي.

مساحة دول «بريكس» الخمس مجتمعة أكثر من ربع مساحة العالم.

يمثل عدد سكان دول «بريكس» أكثر من أربعين بالمئة من تعداد سكان العالم.

10.8 من حجم الإنفاق العسكري العالمي.

40.2 من حجم إنتاج مصادر الطاقة العالمي.

16.1 حصة «بريكس» من حجم التبادل التجاري العالمي في 2013.

10 – أهمّ المواقف المشتركة لدول «بريكس»؟

1 – رفضت مجموعة «بريكس» التدخل العسكري الخارجي فى النزاع السوري واعتبرته غير مقبول.

2 – توحد موقف دول المجموعة بشأن النزاع السوري وضرورة وقفه عبر الحلول السلمية.

3 – رفضت مجموعة «بريكس» التدخل العسكري فى الأزمة الإيرانية.

4 – نظرة واحدة تجاه ملفات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

5 – رفض العقوبات الغربية المفروضة على روسيا واعتبارها غير مشروعة وعدم التعامل معها.

6 – رؤية موحدة حول التعامل مع قضايا الفقر والفساد والتحريات في بلدان العالم الثالث والنامية.

7 – رؤية موحدة حول ضرورة خلق عالم متعدّد الأقطاب.

8 – مساع يقودها الرئيس بوتين لإنشاء استراتيجية تنموية طويلة الأمد بين البلدان الخمس.

9 – معارضة بناء المستوطنات «الإسرائيلية» واعتباره مخالفاً للقانون الدولي.

10 – رفض التجسّس الإلكترونى الذي تقوده الولايات المتحدة واعتباره نوعاً من الإرهاب.

11 – تسعى دول «بريكس» إلى إنشاء كابل إنترنت خاص بها لتفادي عمليات التجسّس الأميركية.

12 – السعي لخفض التعاملات الدولارية في ما بين الدول الخمس.

13 – مساع يقودها الرئيس بوتين لإنشاء اتحاد للطاقة بين الدول الخمس.

14 – رغبة في تحقيق اندماج بين سوق الاتحاد الأوراسي وأسواق أميركا اللاتينية.

15 – مساع مشتركة بين الدول الخمس للتصدي للأمراض المعدية خاصة في أفريقيا.

«سبوتنيك»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى