أيقظوا مشاعركم الإنسانية…

جاك يوسف خزمو

عندما يشاهد المرء، إذا كان إنساناً حقيقياً، مناظر المجازر التي تقع في اليمن نتيجة غارات طائرات التحالف السعودي على مناطق سكنية منها أسواق ومنازل وقاعات وحافلات، يتساءل: لماذا لا تقوم القائمة ضدّ هذه الغارات؟ ولماذا لا يُدان التحالف السعودي على هذه المجازر الوحشية؟ هل فقد العالم، وبخاصة قادة بعض الدول إنسانيتهم؟ وأصبحوا لا يكترثون بالوضع الإنساني المؤلم المحزن في اليمن!

وعندما تغير طائرات التحالف الأميركي على مناطق مدنية في شمال سورية بحجة مكافحة تنظيم داعش الموالي لها، ويسقط عدد كبير من الشهداء، أطفال ونساء وشيوخ، فإنّ العالم يتفرّج ولا يقول أيّ شيء لهذا التحالف الأميركي رغم اعترافه بأنّ طائراته ارتكبت خطأ بقصف هذه المنطقة أو تلك.

أما إذا أغارت الطائرات الحربية السورية والروسية على معاقل تنظيم داعش في مناطق عدة من سورية، فإنّ العالم يقوم ولا يقعد، ويعتبر ما تقوم به هذه الطائرات بأنه قتل وتدمير وارتكاب مجازر، علماً بأنّ القيام بهذه الغارات جاء للدفاع عن الشعب السوري، ودفاعاً عن سيادة الوطن، وكفاحاً حقيقياً ضدّ الإرهاب والإرهابيين الذين يعيثون في المناطق التي يتمركزون فيها فساداً ودماراً ورعباً.

إنه عالم غريب عجيب، وقادة معظم وسائل الإعلام هم أيضاً عميان ومرتزقة لمن يشغّلهم ويوفّر لهم الراتب الأكبر، وإنْ كان ذلك على حساب مآسي الآخرين، فيتغاضون عن الحقيقة، رغم علمهم اليقين بها، ولكنهم باعوا أنفسهم وإنسانيتهم ومشاعرهم وضمائرهم حتى لا يخسروا مناصبهم ورواتبهم الباهظة. وهؤلاء الإعلاميون عبيد لأصحاب وسائل الإعلام المضللة والخادعة، وعبيد للحكام أو السيد في تلك الدولة التي تموّل وتدعم وسيلة الإعلام.

كم من الإعلاميين في دول الغرب قالوا ما تعبّر عنه ضمائرهم، وضحّوا بمناصبهم ووظائفهم دفاعاً عن الإنسانية ومكافحة للظلم. وكم من الإعلاميين العرب تركوا أكثر من وسيلة إعلامية مضللة واتجهوا للعمل نحو وسائل وطنية حتى ولو برواتب وامتيازات أقلّ…

إنّ المطلوب من قادة العالم كله أن يدركوا أنّ دعم الظلم والحقد والكراهية والقتل هو دعم للفوضى وعدم الاستقرار، ودعم لنيران مدمّرة ستطالهم في المستقبل!

المطلوب الوقوف ضدّ المجازر التي ترتكب في اليمن… والمطلوب العمل على وقف نزيف الدم العربي، من خلال وقف الانصياع لأوامر سيد البيت الأبيض أو لجهات أخرى خبيثة وحاقدة على الإنسانية، وعلى ما هو عروبي وشريف. والمطلوب أن يتحلى الإعلاميون قبل غيرهم بالأمانة والشفافية والأخلاق الإنسانية الرفيعة، وأن يقولوا كلمة الحق دون خوف أو رعب، وعلى أبناء الأمة الصامتين على كلّ ما يجري أن يحرّكوا مشاعرهم ويوقظوا ضمائرهم، حتى يقفوا وقفة قوية وصلبة ومشرّفة ضدّ الظلم، وضدّ سفك الدماء العربية الزكية، وضدّ من هم أعداء الأمة.

لقد حان موعد الانتفاضة على الظلم، ومَن يسكت عليه فهو شيطان أخرس خطير… وكلّ الأمل في أن تصحو «الضمائر»، وتعمل على وقف العدوان على اليمن وعلى كلّ قطر عربي!

رئيس تحرير مجلة «البيادر» ـ القدس المحتلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى