اتهامات بخرق الدستور ومطالب بعزل الرئيس.. المساواة في الميراث تثير جدلاً في البرلمان التونسي

جدل وصراع وتجاذبات واتهامات وتوافقات، كل هذا تعيشه الساحة التونسية، في الوقت الراهن، خاصة ما قبل المرحلة الأخيرة، التي قد يُقرّ فيها مشروعات القوانين، التي جاءت بتقرير المساواة والحريات الفردية.

التقرير الذي تحدّث عنه رئيس الجمهورية التونسية، الباجي قائد السبسي، في 13 آب، في عيد المرأة التونسية، من المرتقب تقديمه إلى البرلمان، في تشرين الأول المقبل، كمقترحات مشاريع قوانين جديدة، أبرزها المساواة في الميراث، وإلغاء عقوبة الإعدام، وعدم تجريم المثلية الجنسية.

حسب الموقف الراهن، أصبح الأمر في يد البرلمان التونسي الذي سيفصل في مشروعات القوانين المقدمة ضمن التقرير، وذلك بعد نقاش موسع من اللجان المختصة، التي تحيله فيما بعد إلى الجلسة العامة، خاصة أن مقترح القانون يضع القاعدة ويبيح عدم الالتزام بها.

من ناحيتها، قالت خولة بن عائشة، عضو البرلمان التونسي «إن التقرير تضمن العديد من مشروعات القوانين على مستوى الحريات والمساواة، وفي ما يتعلق بالأخيرة التي أخذت الحيز الأكبر من الاهتمام، فإن عملية المساواة في الميراث يمكن أن تمرّ من البرلمان، ويتم التوافق عليها، خاصة أن الأغلبية مع ما جاء بالتقرير، وأن مقترح الرئيس واضح بشأن أن تكون المساواة هي القاعدة، وأن تكون الحرية لأي شخص عدم الالتزام بهذا القانون، في حال كتابة الوصية، وبذلك يمكن أن يطبق ما يراه مناسباً لأبنائه، أو أن يطبق الجانب الشرعي الذي ينص على أن للذكر مثل حظ الأنثيين».

وأضافت «أنه من المرتقب أن تتبنى رئاسة الجمهورية مقترح المساواة في الميراث، ويتم تقديمه للبرلمان، وتتم مناقشته داخل إحدى اللجان البرلمانية، وأن هناك بعض الكتل البرلمانية تتوافق مع التقرير وأخرى تعارضه، والأمر قد يتحوّل إلى صراع داخل البرلمان على ما جاء فيه».

في الإطار نفسه، يقول عبد الرؤوف الشريف، رئيس الكتلة النيابية في حركة مشروع تونس «إن البرلمان ملزم بمناقشة مشروعات القوانين، التي تقدّم له من رئاسة الجمهورية، وأن مسألة التصويت بالموافقة، أو الرفض، لم تتّضح بعد، خاصة أن المقترحات لم تصل، بشكل رسمي، حتى الآن».

وأضاف «أن البرلمان سيناقش المقترحات على مستوى اللجنة الأولية، قبل إحالته للجلسة العامة، ويمكن أن يتم إجراء بعض التعديلات أو الموافقة على مشروع القانون كما هو مقدّم، وأن هذا الأمر يتعلق بمسألة التوافق».

واستطرد «أن التقرير ينقسم إلى جانبين، الحريات والمساواة، وأن حركة مشروع تونس مع التقرير في كل ما يتوافق مع الدستور التونسي، والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها الدولة التونسية، ذات المرجعية المدنية، التي تلتزم بما ينص عليه الدستور التونسي».

ومن المرتقب أن يعود البرلمان إلى العمل، مع بداية تشرين الأول، ليبدأ مناقشة المقترحات المقدمة.

فيما قال المحامي والناشط السياسي التونسي فتحي العويني إن «الفصل 88 من الدستور التونسي يقول إنه يمكن لأغلبية مجلس النواب أن يتقدّموا بطلب لعزل الرئيس التونسي إذا ما اقترف خرقاً جسيماً للدستور، وأعتقد أنه اخترق الدستور ما يستدعي القيام بعزله».

ويتميّز العويني بأنه قريب من حركة النهضة ويعتبر البعض أنه يعبّر عن مواقف حركة النهضة حين لا تريد الأخيرة إطلاق مواقفها بشكل علني.

بالتزامن، جدّد رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في رسالة نشرها أول أمس، دعوته لكل الأطراف إلى «معالجة الاختلافات حول قانون المساواة في الميراث بين المرأة والرجل ومضمون تقرير الحريات والمساواة والبحث عن الحلول المعقولة سياسياً والمقبولة دستورياً».

كما حذّر الغنوشي «من خطورة الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يحتاج حوكمة رشيدة وعادلة ومستقرة في معالجة مشاكل الناس قبل تحوّلها أزمات مستفحلة»، مشيراً إلى أن حزبه «منفتح على كل الحلول عبر الحوار الجاد بحثاً عن التوافقات الضرورية».

يأتي ذلك على خلفية إعلان الرئيس السبسي إحالته إلى مجلس النواب مسودة قانون حول المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، ودعا حركة النهضة التي تحوز على أكبر كتلة في البرلمان بـ 68 نائباً من مجموع 217 نائباً في مجلس النواب، للتصويت على المشروع وعدم تعطيله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى