بري في عيد « كشافة الرسالة»: لن نقبل باستمرار حرق الوقت وصرفه دون طائل وما يجري هو ترك البلد دون مسؤولية وخدمات وتغييب للدولة وأدوارها

أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري «أننا لن نقبل باستمرار حرق الوقت وصرفه دون طائل، وتأجيل تنفيذ الاستحقاقات المتمثلة ببناء مسؤولية السلطة التنفيذية عبر تشكيل الحكومة». ودعا إلى «لملمة الوضع والواقع المتشظي والمسارعة الى تعويض الوقت الضائع بالسرعة القصوى»، معتبراً أن «ما يجري هو ترك البلد هكذا دون مسؤولية وخدمات وتغييب للدولة وأدوارها وترك ما تبقى من اقتصاد وطني له فرصة الانهيار فقط «.

مواقف الرئيس بري جاءت خلال الكلمة التي ألقاها في احتفال العيد الـ 41 لتأسيس «كشافة الرسالة الإسلامية» مساء أمس، في قصر الأونيسكو، بحضور عقيلته السيدة رندة بري وممثل الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الوزير جمال الجرّاح، والوزراء: نقولا تويني، علي حسن خليل، غازي زعيتر وعناية عزالدين. والنوّاب: عبد الرحيم مراد، بلال عبدالله، عدنان طرابلسي، أيوب حميد، قاسم هاشم، محمد نصرالله ومحمد خواجة. نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان وعدد كبير من رؤساء الكشافة في لبنان والمسؤولين في هيئات ثقافية وتربوية وصحية.

لبنان معلّق على صليب الانتظار

واستهلّ بري كلمته بالقول «لأنهم ورود صباحاتنا، زهراتنا، أشبالنا، فلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض. لأنهم يومنا وغدنا، طير الفينيق الذي ينبعث من رماد محارقنا، الجواب على أسئلتنا الحائرة، التفسير لحقيقة أحلامنا والتي كنا نحتمي منها بالتعاويذ الحميمة والأحجيات. لأنهم صحوتنا الى الحقيقة، المطر الذي يتدفق فوق يابس ترابنا، الوضوح في هذا الربيع ثم هذا الصيف الغامض في هذا الوطن المعلق على صليب الانتظار لعل حكومة تتشكل فتنزله عن صليبه وتضمّد جراحاته».

وأضاف «لأنهم الوقت القادم، وقد تعلموا الصدق في مدرسة الكشافة ورسالة الصدر من مدرسة الحياة وفيها: التعايش، المشاركة، الحرية، لبنان الواحد، الوحدة الوطنية، إنماء روح المواطنية الصحيحة، تعمير بل تجديد بناء البنيان الاجتماعي الوطني بما يكفل لنا وحدة وطنية حقيقية لا رياء فيها ولا زيف.

لأنهم تعلموا في مدرسة الرسالة أن الوطن ليس مجرد أرض محددة وحسب تلتقي عليها طوائف ضمن مناطق متعايشة سلمياً في نوع من الحذر والتحاسد والتمويه، بل قبل كل شيء مناخ استقرار وطمأنينة وثقة في حياة حقيقية، حرية مسؤولة، طموح على بساط العدالة الاجتماعية في إطار من تكافؤ الفرص للجميع وفي احترام حضاري للكرامة الإنسانية».

وتابع «في عيدكم اليوم أيها الكشافة وعيد النصر على إسرائيل في تموز 2006 بتضحيات المقاومين البواسل والمجاهدين وعيد النصر على الإرهاب مع الأخوة السوريين والجيش اللبناني والمقاومة وعيد انتقال السيدة العذراء وعلى مقربة من عيد الأضحى المبارك، أحمل لكم ولكل اللبنانيين والعرب والمسلمين تحية القلب خاصة بعد الذي سمعت رافع الجبين والهامة والقامة مزهواً بكم».

وقال «بداية أنقل لكم تحية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، شاكراً دولة الرئيس الحريري أيضاً لتمثله. وشاكراً جميع الحضور من دون استثناء وعائلة الإمام في طليعته. وبمناسبة مرور أربعين عاماً لتغييب الامام الصدر ورفيقيه فضيلة الأخ الشيخ محمد يعقوب والصحافي الاستاذ عباس بدر الدين، أرحب بإطلاق أبنائكم الكشافة أوبريت «إمام الحق والإنسان» المايسترو الفنان اندريه الحاج الذي قاد الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية لتخليد عدد من عمالقة الشرق».

لتعويض الوقت الضائع

وأضاف «ولأن كشافة الرسالة الإسلامية طليعة المؤسسة الأم أمل حركة اللبناني نحو الأفضل، أحمل إليها في عيدها التأكيد بأن لا أدعها تقع ضحية الثقافات الموروثة التي كادت لولا التربية الصدرية للكشافة وللحركة أن تأخذ بيد لبنان الى الهاوية خلال الحرب الفتنة وتتركه ضعيفاً ومكشوفاً امام إسرائيل واحتلالها، ثم انها كادت لولا انتباههم ان تجعله في مرحلة ثانية مكشوفاً أمام الإرهاب».

وتابع «إنني باسم الكشافة الذين تميّزوا بالمواطنية الصادقة اقول لأبنائها كلاماً على مسمع الوطن، أوله إننا لن نقبل باستمرار حرق الوقت وصرفه دون طائل، وتأجيل تنفيذ الاستحقاقات المتمثلة ببناء مسؤولية السلطة التنفيذية عبر تشكيل الحكومة»، معتبراً أن «ما يجري في الواقع هو ترك البلد هكذا دون مسؤولية وخدمات أو توليد فرص للعمل، وتغييب الدولة وأدوارها وترك ما تبقى من اقتصاد وطني له فرصة الانهيار فقط».

ودعا «بالسرعة القصوى إلى لملمة الوضع والواقع المتشظي والمسارعة إلى تعويض الوقت الضائع، واتخاذ الإجراءات البيئية العاجلة وردع ردم مجرى الليطاني بالمجارير والقاذورات، ولمّ ملف النفايات وبناء القدرات الوطنية لطي ملف الكهرباء»، مؤكداً أن «لا بد من إطلاق ورشة وطنية عاجلة لتعويض غياب مؤسسات القطاع العام ومؤسسات الرأي العام عن أدوارها وعدم تمكنها من القيام بواجباتها».

سببان للعجز الوطني

وأردف بري «إنني أقدم التهنئة للمؤسسات البحثية في كشافة الرسالة التي تمكنت من تحديد أسباب العجز الوطني عن المبادرة وعزت الأسباب الى أمرين :

أولهما: غياب ثقافة المصطلح، حيث لا يعرف الكثيرون مثلاً معنى نظام برلماني ديموقراطي، ولا يريدون أن يعرفوا أن الديمقراطية يجب أن تكون نهج حياة وليس مجرد عملية.

ثانيهما: عدم وجود رأي عام. الكشافة برأيي هي إحدى المؤسسات النادرة التي يمكن أن توجد هذا الرأي العام.

إن الكشافة تستطيع ومن أجل المجتمع والإنسان أن تلعب دوراً تربوياً هاماً الى جانب الأهل والمدرسة كثالث لتنفيذ الاستراتيجية الضرورية لبناء الفرد والمجتمع. إنني من خلال اطلاعي على المناهج الكشفية التي أنجزت وجرى تدريب كوادرنا على أدائها وتحاكي مراحل عمرية متنوعة، أرى أن اعتمادها يصب في مصلحة أجيالنا ويعوضها الكثير مما يفوتها».

واعتبر «أن تاريخ الجمعية وعديدها وإمكاناتها ومركزها وتنوّع مهامها، كان يجب أن يترك بصمة مميزة أكثر في صناديق الانتخابات، داعياً الجمعية «إلى إعلان حالة طوارئ تنظيمية وإعادة ترتيب بيتكم الكشفي بتقديم الاقتراحات اللازمة لإطلاق دينامية تنظيمية عبر بناء وحفظ هيكل الجمعية وإبعادها عن التجاذبات والحفاظ عليها مميزة، باعتبارها خط الخط وأعدكم باعتماده في مؤتمركم العام هذا كمنهج والذي سيعقد في مهلة أقصاها آخر تشرين الأول المقبل».

حماية البيئة والتصدّي لـ «إسرائيل»

وقال «إني أوصيكم وأنتم قوة المقاومة عندما تستدعي الأرض أبناءها وأنتم عناصر الإغاثة والإسعاف والدفاع المدني ساعة الشدة أوصيكم – في زمن السلم الأهلي ان تكون إحدى مهماتكم الى جانب مهامكم الكشفية حراساً للبيئة وأن تتشددوا تجاه الحفاظ على منابع ومساقط ومجاري المياه، خصوصاً مجرى وحوض الليطاني وأن تمنعوا اي عدوان داخلي على النهر، كما حرستم على ضفتيه منذ أجيال ومنعتم العدو الإسرائيلي من سرقته وممارسة أطماعه، وامنعوا من يلوث حياتنا ومياهنا ومزروعاتنا بكل الوسائل».

وأوجّه أيها الأبناء الأعزاء، عنايتكم بأن تبقوا عيونكم مفتوحة على محاولات «إسرائيل» التعدي على حدودنا السيادية البرية والتجاوز على العلامات الحدودية الفارقة المتضمنة خرائط الانتدابين الفرنسي والإنكليزي.

كما أن من مسؤوليتكم إنشاء فوج كشفي بحري ليساهم الى جانب الجيش اللبناني في حماية ثروة لبنان البحرية والتصدي لسرقة «إسرائيل» لثروتنا من نفط غاز».

وتابع «إن من مهامكم رفع القدرة على إنتاج المعرفة ونشر وعي على مساحة كل المواطنين حول الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي تعصف ببلدنا والأبعاد الاجتماعية للقضايا المختلفة، خصوصاً أزمة الكهرباء التي أكلت ثروة لبنان ولم تشبع بعد. فإنتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها أمر من مسؤوليات الدولة وإدارتها وكذلك جباية الرسوم المتأتية عنها ولا تقع على عاتق المواطن صيانة الشبكات، خصوصاً خطوط النقل ونحن في هذا المجال نريد حلولاً جذرية لا تعتمد تطويف أو مذهبة توزيع الطاقة ولا تعتمد على البواخر المستأجرة لإنتاج الكهرباء أو الإبقاء على فخاخ المولدات، اننا نسأل جنوباً على سبيل المثال: لماذا تمرّ الماء على عطشان في الجنوب مثلاً نصف إنتاج معمل الزهراني الآن يكفي الجنوب 24 على 24 ويعطي قسماً كبيراً من البقاع والباقي يوزع على كل لبنان، فلماذا هذا الإصرار على حرمان أكثر للمحرومين في البقاع في عكار في الجنوب وفي الجرود؟».

وختم «لن أثقل عليكم اليوم بحديث السياسة من قمة هلسنكي الى كل الوقائع المتصلة بما يجري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العربي والخليج، والتماس بين الجوار الإسلامي مع العالم العربي والتوقعات من قمة واشنطن المقبلة. واكتفي بالقول ان ما طرحناه باسم حركة أمل من دعوة الى حلول سياسية لأغلب القضايا القطرية العربية ولا سيما مع الشقيقة سورية واليمن، وطبعاً مع الجوار الاسلامي خاصة مع الجمهورية الإسلامية في ايران، وتمسكنا بخيار السلام العادل والشامل لأزمة الشرق الأوسط على قاعدة تحقيق الأماني المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، والانسحاب الإسرائيلي غير المشروط من الاراضي العربية وخصوصاً اللبناني، هو ما يحفظ السلم والأمن إلى جانب تعزيز ميزة الإقليميين والدوليين، كما أن تحقيق شرطي العدالة والمشاركة الكاملة داخل الوطن هو ما يحفظ استقرار لبنان الأمني والنقدي ويؤسس لازدهار الانسان في لبنان».

وفي الختام، قُدّم «فولار» الجمعية ودرع تكريمية للرئيس بري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى