يوم الخلاص الباكستاني يقترب والسعودية تُهزم على أسوار إسلام أباد…

محمد صادق الحسيني

تلقت الرياض يوم أمس، ضربة قاسية وهزيمة مدوية عندما انتخب البرلمان الباكستاني زعيم الكتلة البرلمانية الأكبر رئيس حركة الإنصاف السيد عمران خان رئيساً للوزراء بنسبة 176 صوتاً مقابل 96 صوتاً لإبن الزعيم الفاسد والمعتقل ورجل السعودية نواز شريف في خطوة اعتبرت نقطة عطف في تاريخ الباكستان الحديث…!

ويعتبر الزعيم عمران خان الرجل الأول من نوعه الذي يختار لهذا المنصب من خارج رموز اللعبة التقليدية التي ظلت تتداول السلطة بينها على الدولة النووية المسلمة الوحيدة في العالم، تحت عباءة واشنطن والوهابية السعودية منذ نحو عقود…!

وكان الشعب الباكستاني قد رفض إعادة انتخاب قامات كبیرة من أعمدة النظام التقليدي الفاسد، مما سبب شر هزيمة للهيمنة السعودية الوهابية التي ظلّت جاثمة على صدر الشعب الباكستاني لمدة عقود..!

وحسب نتائج انتخابات يوم 25 تموز 2018 حصل تحوّل كبير في أوزان الكتل البرلمانية بما يشي بقرب حصول تحوّل كبير في النظام السياسي الحاكم في اسلام أباد…!

ويجزم مراقبون متابعون عن قرب لمجريات التحوّل الباكستاني بأن باكستان الجديدة بعد إعلان عمران خان رئيساً للوزراء هي غير باكستان ما قبل عمران خان…!

هذا كما يتوقع الباكستانيون أن يكون أداء النظام السياسي الباكستاني من الآن فصاعداً مختلفاً عن أدائه التقليدي السابق الذي كان مهيمناً منذ أربعين سنة على البلاد…!

نظرة أولية على مَن خسر الانتخابات البرلمانية في أواخر تموز الماضي ستضعنا في صورة باكستان الجديدة والمغايرة..!

فقد خسر وخرج من البرلمان قامات ورموز كبيرة عرفت بتمثيلها الفكر الداعشي التكفيري والتي ظلت تنخر في عقول الباكستانيين على مدى العقود الأربعة الماضية والذين هم في غالبيتهم إما يمثلون الفكر الوهابي بشكل مباشر أو صنفوا رموزاً للفساد المرتبط بالغرب وأذنابه الإقليميين وفي مقدمهم السعوديون وهم:

1 – اسفند يار ولي رئيس حزب القومية الشعبية.

2 – ملا فضل الرحمن رئيس مجلس العمل الموحّد ورئيس جمعية علماء الإسلام.

3 – سراج الحق أمير الجماعة الإسلامية في باكستان.

4 – شاهد خاقان عباسي رئيس الوزراء السابق من حزب نواز شريف.

5 – شودري نثار علي خان وزير الداخلية السابق في حكومة نواز شريف.

6 – فاروق ستار رئيس الحزب القومي للمهاجرين.

7 – مصطفى كمال حاكم السند ورئيس حزب منشق من حزب القومي للمهاجرين.

8 – اياز صادق رئيس البرلمان في حكومة نواز شريف.

9 – وعدد آخر من وزراء حزب نواز شريف.

10 – ملا احمد لدهيانوي رئيس حزب أهل السنة جيش الصحابة .

11 – اورنغزيب فاروقي معاون أول رئيس جيش الصحابة وعدد من القادة الآخرين أمثال رمضان مينغل وغيرهم.

12 – شهباز شريف خسر من ثلاث دوائر انتخابية، ولكن يبقى، لأنه شخص واحد يستطيع أن يرشح نفسه في دوائر عدة.

13 – بلاول بوتو إبن اصف زرداري وبينظير بوتو. وكذلك خسر رئيس حزب الشعب أيضاً من إحدى الدوائر الفرعية دائرة واحدة.

الأمر الذي يؤكد حصول تحول كبير في المزاج الشعبي العام وتالياً في هيكلية النظام السياسي الباكستاني.

هذه النتائج وما تبعها من انتقال السلطة التنفيذية يوم امس، الى ايدي حزب عمران خان تؤكد ليس فقط على خسارة كبيرة لحلفاء السعودية في إسلام أباد، بل واحتمال حصول تحول نوعي في سياسة الدولة الباكستانية وخروجها عملياً من الفلك الأميركي الى أجواء وفضاءات اقرب ما تكون الى محور روسيا -الصين- إيران …!

فقد عرف عن زعيم حركة الإنصاف انتقاداته اللاذعة للأميركيين خاصة تلك المتعلقة بفرض العقوبات على إيران، ومخالفته الشديدة للحرب الظالمة على اليمن ورفضه مشاركة بلاده فيها، هذا كما أعلن في اتصال هاتفي بالرئيس روحاني فور فوزه بأن طهران ستكون هي محطته الأولى التي سيبدأ فيها جولته الخارجية…!

الرجل ليس قائد حزب ديني، ولم يعلن أنه جزء من محور المقاومة، لكنه أثبت أنه رجل حر ومستقل والأهم منصف لاهله وشعبه عندما يبدي حرصاً خاصاً على إقامة علاقات خاصة ووطيدة مع جزء هام من شعب الباكستان. وهم اتباع الطائفة الشيعية الإسلامية الكريمة، بل وأعلن تحالفاً انتخابياً وسياسياً مع واحد من أهم أحزاب هذا التيار الرسالي المقاوم ألا وهو حزب مجلس الوحدة الإسلامي بقيادة سماحة العلامة الشيخ ناصر عباس الجعفري.

وربما العلامة الفارقة الكبرى التي تميّز بها هذا الزعيم الباكستاني الحديد هو رفضه نقل السفارة الأميركية للقدس الشريف وذلك في إطار معارضته المبدئية للكيان الصهيوني الغاصب والمحتل وعدم اعترافه به.

مصادر متابعة لتحولات الباكستان المقبلة تؤكد أن بعد هذا الانقلاب المهم في مزاج الرأي العام الباكستاني وتنصيب عمران خان يوم غد رئيساً للوزراء باحتفال رسمي فإن البلاد ستصبح لأول مرة قائمة على أربعة أعمدة بدلاً من ثلاثة…!

إذ إن دخول هذا الرجل الكبير والمهم الى واجهة السلطة سيجعل نادي السياسة الباكستانية يتشكل من اربعة اعمدة بدلاً من ثلاثة، فبالإضافة الى عمودي حزبي الشعب والرابطة الإسلامية التاريخيين وعمود الجيش الباكستاني سيكون حزب الإنصاف بمثابة عمود الخيمة الرابع وعمران خان بيضة القبان…!

وهكذا تكون ارتدادات نصر تموز اللبناني ونصر سورية في حربها الكونية على الإرهاب وتحدي إيران للهيمنة الأميركية وصمود اليمن الأسطوري بوجه التحالف السعودي قد وصلت الى إسلام أباد..!

على أمل أن تعود پاكستان جمهورية حرة مستقلة نظيفة، كما أراد لها زعيمها التاريخي محمد علي جناح «المكان الطاهر»، كما هو المعنى اللغوي لاسم البلاد!

بعدنا طيّبين، قولوا الله…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى