انتصار 2006 كان صفعة العصر… تحاول أميركا و«إسرائيل» وعملاؤهما الردّ عليه بـ«صفقة العصر»

اياد موصللي

تمّر هذه الأيام الذكرى الثانية عشرة لصفعة العصر التي وجّهتها قبضات أحرار أمتنا إلى وجه وصدر العدو الصهيوني المتغطرس المستبدّ… كما مرّت قبلها اللكمات واللطمات من قبل مجموعات آمنت بأنّ الدماء التي تجري في عروقها هي وديعة الأمة لديها متى طلبتها وجدتها…

صنعنا الانتصار الذي حققته المقاومة ضدّ العدو «الإسرائيلي» عام 2006 وقبله عام 2000، والذي كان نتيجته انسحاب العدو مهزوماً من أرضنا التي احتلّها واغتصبها، انّ البطولة صناعتنا والشهادة ابتكارنا والنخوة صفة من صفاتنا نحن أهل العزة والعنفوان، نحن لنا الصدر دون العالمين أو القبر.

نحن آمنا بأنّ الشعب إذا أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر، نحن السيف والترس في حفظ الحق القومي والدفاع عنه فإذا تغنينا بفلسطين لنا ذلك لأننا لن نقبل ولن نرضى ان يكون قبر التاريخ مكاناً لنا في الحياة… نؤمن بأنّ فلسطين سُلبت بغفلة من أمتنا، وانّ استعادتها حق من حقوقنا القومية لأننا أصحاب الحق في الأرض والانتماء. لأننا أمة أغنت التاريخ بمواقف العزّ والبطولة، وإنْ مرّت بكبوات وتراجعات نتيجة تخاذل في الرأس شلّ فعل الجسد. الأمم الحية تتعرّض للانتكاسات والهزات والتراجعات ولكنها تنهض منها بفعل الإيمان ورسوخ العقيدة.. الأمم الضعيفة لا تشعر بأية انتكاسة لأنها في الأساس منكّسة الراية مسلوبة الإرادة…

اننا شعب منتصر ولو أردنا أن نفرّ من النصر لما وجدنا الى الفرار سبيلاً، وانّ الإرادة والتصميم سلاح كرامة سلاح حياة وهو أقوى من أسلحة الحديد والنار.

انّ ما حققه شعبنا في لبنان بتحرير أرضه من الاحتلال الصهيوني وما قدّمه من شهداء أمس واليوم كان صفعة العصر لجبروت القوة الغاشمة المغتصبة. فما حققه الشهداء خالد علوان وسناء محيدلي ورفقاؤهما كان تحقيقاً لفعل إرادة الأمة.

إنّ عام 2000 وعام 2006، هو بداية تحطيم صنم العار، وانّ تحرير فلسطين من هذا العدو ليس مستحيلاً، فالعدو ليس قوياً، ونحن لسنا ضعفاء، ولكن زمام الأمور كان بأيدي فئة رهنت نفسها وإمكانيات أمتنا لإرادات خارجية عطلت قوانا وجمّدت تحركاتنا لكنها لم تتمكّن من إطفاء شعلة القوة والإيمان لأننا إذا عرفنا أنفسنا حقّ المعرفة وآمنّا بإرادتنا وعرفنا جواب سؤالنا من نحن عندئذ نكون قد عرفنا أنفسنا، أمة حرة قوية جبارة تصنع تاريخها وتحقق أحلامها وتطهّر أرضها وتطرد الطغاة وتستحق البقاء حتى أنّ عدونا نفسه اعترف بذلك على لسان اسحق شامير الذي قال: «لم يخطر ببالي أن أحيا لهذا اليوم الذي تُرغم به إسرائيل وجيشها الذي وصفه أعداؤنا بالجيش الذي لا يُقهر فيُجبر على الفرار، إنّ بضع مئاتٍ من مقاتلي حزب الله يرغمون جيش إسرائيل على الانسحاب»…

وستنشد أجيالنا:

لا يموت الحق مهما

لطمت عارضيه قبضة المغتصب

لن ترى حفنة رمل فوقها

لم تعطّر بدما حرٍّ أبي

قال سعاده: ليس عاراً ان ننكب ولكن العار كلّ العار ان تحوّلنا النكبات من أمة حرة إلى أمة ذليلة مستعبدة مكبّلة بقيود الذلّ والعبودية والاستسلام…

«تمر على الأمم الحية القوية المحن والصعاب والنكبات فلا يكون لها خلاص منها إلا بالإرادة والبطولة المؤيدة بصحة العقيدة…»

ونحن نقول ونذكّر دعاة «صفقة العصر» والذين وراءهم من إسرائيليين وإميركان.. اننا سوف نكرّر صفعة العصر.. التي تلقاها الصهاينة مدة وجودهم محتلّين في لبنان وتكرّرت عام 2006.

أما اولئك الذين يسمسرون ويحضّرون للصفقة المهينة… فإليهم نقول ما قاله سعاده: لم يتسلّط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.

انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب.

وتوضح الأحداث التي نشهدها الآن على أرضنا.. النوايا والمخططات وفق المنهج الذي رسمته «إسرائيل».. انّ معظم قادة كيانات هذه الأمة ضالعون بغباء أو عمالة في تنفيذ هذا المخطط، ولعله قدرنا ان تكون الحجاز او السعودية مفتاح الأذى والنكبات لأمتنا منذ عهد أشراف مكة إلى عهد حماة الحرمين.

لو انّ هذا الذي يجري على أرضنا من حروب عبثية ومؤامرات تدميرية اقتصادياً وعسكرياً جرى جزء منه في «إسرائيل» هل كانت بقيت واستمرّت كما هي اليوم… منذ سنوات ودماء أبناء هذه الأمة تسفح وبناها تدمّر والفتن توقظ، فيما «إسرائيل» تبني المستعمرات وتوسّع ما كان قائماً وتتمدّد عبر الحلفاء والعملاء… وكلّ هذا يجري بعلم وتواطؤ ومباركة الأعراب الذين لا دين لهم ولا ملتزمين بالتعاليم السمحاء حتى ندعوهم للعودة إليها، ولا انتماء قومياً لهم ندعوهم للمحافظة عليه.. تصرفات خيانية وقحة كما يجري اليوم..

انّ التركيز على إنشاء مجموعات الخوارج ما هو إلا تكرار لمقولة «دود الخلّ منه وفيه».. والتاريخ يكرّر نفسه ولن يغيّر نتائجه إلا صمود وثبات المؤمنين من أبناء الامة، وانتصار هذه الفئة ليس مستحيلاً، والدليل ما حصل في 2000 و 2006.

إذا عدنا الى البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون وقرأناه بتمعّن توضّحت لنا صورة «صفقة القرن» وفق المخطط الصهيوني للسيطرة على البلاد المجاورة ووضعها تحت هيمنتها، فقد جاء فيه:

«إنّ غرضنا الذي نسعى إليه يحتّم أن تنتهي الحرب بلا تغيير حدود ولا توسع إقليمي، وينبغي تطبيق هذا ما أمكن فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع تحوّلت الحرب الى صعيد اقتصادي، وهنا لا مفرّ من أن تدرك الأمم من خلال ما نقدّم من مساعدات، ما لنا من قوة التغليب، تغليب فريق على آخر، ومن التفوّق وفوز اليد العليا الخفية.

وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام. ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد. وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على الحقوق القومية الخاصة في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق. فيتسنّى لنا أن نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماماً كما تحكم الدول رعاياها بالقانون المدني داخل حدودها».

انها المحاولات التي شهدناها في كثير من المحافل الدولية وآخرها ما تحاول أميركا الآن إمراره عبر «صفقة القرن».

انها صوَر حية لمحاولة تحقيق ما رسمته «إسرائيل» من توسعها الإقليمي عبر وسائل غير عسكرية.

كلّ الحسابات ضبطت بدقة حتى أنّ أدوار كلّ حكومة وكيلة من حكومات العمالة العربية أنيط بها دور، ولكن ما لم يضبط هو أنّ حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر وكانت المقاومة الوطنية هي الرقم الذي لم يتماش في عملية الطرح والضرب والقسمة، ولكنه الرقم الأساس في عملية الجمع إذ أجهض كلّ المخططات والمخاضات التي تجري من أجل إنهاء القضية الفلسيطينة.

وما زال الأعراب يمارسون نفس أدوار العمالة، فبعد حرب لم يخوضوها أصبحوا سماسرة المفاوضات والتسويات وصكوك التمليك وتطويب فلسطين لليهود، لقد صنع الاستعمار من هؤلاء المشايخ والأمراء حكام دول وهمية، ليكونوا يوماً ما صوته وسوطه وهذا هو دورهم يمارسونه بإيمان وحماس، صدق القول الكريم: «والأعراب أشدُّ كفراً ونفاقاً».

الأمر الذي لم تفهمه «إسرائيل» ولم تفهمه أميركا هو أننا ننتمي لأمة أبت أن يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة، أمة تريد الحياة الحرة الجميلة، أمة تحب الحياة لأنها تحب الحرية وتحب الموت حتى كان الموت طريقاً للحياة.. لقد شاهد أجدادنا الفاتحين السابقين ومشوا على بقاياهم أما نحن فسنضع حداً للفتوحات..

خسئ الأعراب بأحلامهم ونواياهم التي تكشفت تدريجياً لتنبئ عما أضمروه من شرّ للمسألة الفلسطينية قضيتنا الأولى. بدءاً من السعودية انتهاء بقطر وما حملته القاطرة من فئات المشيخات والإمارات.

الصفقات يعقدها أمثال ملك البحرين والمشايخ والأمراء، أما نحن اليوم وكما كنا في التاريخ من زمن زنوبيا ملكة تدمر.. وشعبنا في صور وصيدا في لبنان الذين دحروا الفرس والرومان والصرب واليونان والعثمانيين والافرنسيين.

والأبطال القادة الذين جابهوا المحتلّ الافرنسي وحاربوا في فلسطين. نحن اليوم كما كان هؤلاء وأمثالهم كثيرون نوجه الصفعات ولا نعقد الصفقات.

منذ البداية لم يكن العربان يؤمنون بقضية بقدر ما كانوا يرسمون لمصالح فردية آنية، يهبون الأرض والأوطان كما يهبون «نعجة» أو جَملاً، أو كما يذبحون شاة لضيف قادم…! وها انتم ايها المقاتلون وعيتم مهمّتكم بكامل خطورتها وتسلحتم لها بالفكر والزند وخضتم غمار قتال شرس لإنجازها، فكان قتالكم قتال أبطال، قتال منصورين في وجه أعداء مقهورين، قتال أباة في وجه طغاة وقتال أعزّة في وجه أذلة.

ما اشد اعتزازنا بكم وأنتم تحققون نصرا، فرحتنا به ليست الآن انها فرحة سيشعر بها أولادنا وأحفادنا وأجيالنا التي لم تولد بعد. لقد خسر الصهاينة والعملاء وانتصرتم…

لقد عايشنا عصور الذلّ وعهر الاستسلام ومذلة الخنوع الذي مارسه قادة في أمتنا وفي العالم العربي وأرادوه نهجاً لها حتى كانت الاستكانة كالكرامة ورشوا السكر على المهانة وأصبح الذلّ كالذيل خلف كلّ فرد في هذه الجماعات كنا نطأطئ الرأس لكلّ إملاءات الوافدين والمعتدين وأصبحت الشتيمة كالوليمة نجلس كلّ يوم نبتلعها بكلّ شكل ولون يقدّم لنا. حاولنا ان نخفي عن أولادنا صفحات سوداء في تاريخنا لئلا تلوّث أرواحهم وتبدّد روح العنفوان في نشأتهم، ما كان لنا زاد نزوّدهم به ليكون ذخيرة المستقبل لهم… إلى أن أتيتم أنتم يا أبطال بلادي، عمالها وكادحيها وفلاحيها، فأحدثتم معجزة وأعدتم خلقنا من جديد وأعطيتمونا روحاً ستفتح أمام أحفادنا وأجيالنا الذين لم يولدوا بعد طرق القمة لأفضل أمة.

ونقول مع سعاده: «انّ لنا في الحرب سياسة واحدة هي سياسة القتال.. هذه هي سياستنا الواحدة في الحرب.. أما في السلم فهي أن يسلم أعداء هذه الأمة للأمة بحقها ونهضتها.. نحن لا ندوس أماني الشعب بأقدامنا بل نرفعها على هامنا ونبذل نفوسنا فداء للشعب».أا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى