جنيف تكشف عن خلافات في وجهات النظر بين الجانبين الروسي والتركي بشأن إدلب

انتهى اللقاء الثلاثي الذي ترأسه المبعوث الأممي إلى سورية ستافان دي ميستورا وشارك فيه مبعوثو الدول الضامنة روسيا وإيران وتركيا في مقر الأمم المتحدة في جنيف، حيث ناقش المجتمعون ملفي تطورات العملية السياسية وفي مقدمها تشكيل اللجنة الدستورية والأوضاع في إدلب.

وقالت أوساط تابعت هذا الاجتماع إن خلافات في وجهات النظر لا تزال كبيرة بين الجانبين الروسي والتركي حول الوضع في إدلب وبرز إصرار من قبل الموفد الروسي الكسندر لافرانتييف على أن «الأولوية حالياً بالنسبة لموسكو هي إنهاء الوضع الشاذ في إدلب»، في حين لوحظ إصرار من قبل المبعوث التركي سادات أونال على رفض أنقرة للعملية العسكرية.

مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري أكد أن إيران تشاطر الأمم المتحدة قلقها حيال إدلب وهي تعمل على تفادي كارثة إنسانية فيها.

بالتزامن، اتهم نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الغرب وواشنطن بتجاهل التقارير المحددة التي قدمتها موسكو بخصوص الإعداد لاستفزاز كيميائي في سورية، وقال إن «النهج الأميركي في سورية مدمّر ويهدّد أمن المنطقة كلها».

كما أضاف أن «مواقف روسيا وتركيا بخصوص إدلب ليست متوافقة تماماً، لافتاً إلى أن «البلدين يبحثان عن قواسم مشتركة». كلام ريابكوف جاء قبيل عقد مجلس الأمن الدولي اليوم جلسة خاصة لبحث الوضع في إدلب بناء على طلب روسيا.

وكانت البعثة الروسية في الأمم المتحدة قد قالت إنها طلبت عقد جلسة لإطلاع أعضاء مجلس الأمن على نتائج القمة الثلاثية بين إيران وروسيا وتركيا التي عقدت في طهران أخيراً. وأشارت الولايات المتحدة التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن إنّ الجلسة ستعقد وستكون علنية.

وفي سياق متصل، حمّل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان روسيا وإيران مسؤولية منع وقوع كارثة إنسانية في إدلب السورية.

وفي مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» رأى إردوغان أن هجوم الحكومة السورية على إدلب سيسبب مخاطر إنسانية وأمنية لتركيا وأوروبا وغيرهما، منبّهاً أن العالم بأكمله سيدفع الثمن إذا لم يتحرّك المجتمع الدولي بشأن إدلب.

تصوير محاكاة «هجوم كيميائي»

بالتزامن، تحدثت وزارة الدفاع الروسية عن بدء تصوير محاكاة «هجوم كيميائي» في مدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب السورية بمشاركة عناصر إرهابية، لتحميل حكومة دمشق مسؤوليته.

وأعلن مركز المصالحة بين الأطراف المتحاربة في سورية التابع لوزارة الدفاع الروسية في بيان صحافي: «حسب معطيات وردت من سكان محافظة إدلب، يجري في مدينة جسر الشغور الآن تصوير مشاهد استفزاز مفبرك يحاكي استخدام الجيش السوري لـ«السلاح الكيميائي» ضد المدنيين».

المدنيون رهائن الإرهابيين

إلى ذلك، قال المندوب الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن موسكو لن تسمح للإرهابيين بأخذ المدنيين رهائن في سورية.

وأضاف في كلمة له خلال جلسة خاصة لمجلس الأمن لبحث الأوضاع في إدلب بناء على طلب روسيا، أن بلاده أكدت في قمة طهران ألاّ بديل للحل السياسي في سورية، لافتاً إلى أن «تركيا وإيران أثبتتا أنه يمكننا وقف العنف وتوفير البيئة المناسبة لإطلاق عملية التسوية».

وأكد نيبينزيا أن السلطات السورية لا تملك أسلحة كيميائية، محذّراً من أن المتطرفين قد يستخدمون سلاحاً كيميائياً.

المندوب السوري في الأمم المتحدة أكد أن دمشق عازمة على تحرير إدلب من النصرة وإعادتها إلى كنف الدولة، مشيراً إلى أن «الأمم المتحدة تواصل تجاهل الإرهاب والإجراءات القسرية أحادية الجانب».

وكانت البعثة الروسية في الأمم المتحدة قد قالت إنها طلبت عقد جلسة لإطلاع أعضاء مجلس الأمن على نتائج القمة الثلاثية بين إيران وروسيا وتركيا التي عقدت في طهران أخيراً. وأشارت الولايات المتحدة التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن أنّ الجلسة ستعقد وستكون علنية.

من جهته قال مندوب فرنسا في الأمم المتحدة فرانسوا دي لاتر إن «سورية باتت مرتعاً للإرهاب، والمواطنون يتظاهرون ضد استهدافهم بصفتهم إرهابيين»، مشيراً إلى أن «العمليات العسكرية قد تسبب كوارث محلية وإقليمية ودولية».

وشدد على عدم التسامح مع أي هجوم كيميائي في سورية، مشيراً إلى «ضرورة حماية موظفي الإغاثة وضرورة عدم استهداف المدنيين والبحث الدؤوب عن الحلول السياسية قبل العمليات».

لصيانة السيادة السورية

بدوره، قال مندوب إيران غلام علي خوشرو إن «سيادة سورية يجب أن تصان ولا يجب أن تكون الاستثناء»، ودان أي استخدام للأسلحة الكيميائية من أي كان، مؤكداً أن سورية تخلصت من ترسانتها الكيميائية.

وشدد خوشرو على أهمية الحؤول دون وقوع إصابات في صفوف المدنيين أثناء محاربة الإرهاب، لافتاً إلى أن «ما يجري يرمي إلى إعادة السلام إلى جميع السوريين بالتخلص من سيطرة الإرهابيين مع استثناء المنضمين إلى عملية السلام من المسلحين السوريين».

وأكد أن «السوريين وحدهم يقررون مصيرهم»، منوهاً إلى أن «إيران تدعم هزيمة الإرهابيين وإعادة الازدهار إلى سورية، وهي دعيت لمـساعدة سورية بينما الوجود العسكري الأميركي عمل عدواني ويجب وضع نهاية له».

أما مندوب تركيا فأشار إلى أن «منطقة خفض التصعيد في إدلب كانت ناجحة»، مشيراً إلى أن «المهم هو إيجاد حل سياسي مع المحافظة على منطقة خفض التصعيد بوقف الغارات الجوية والقصف البري».

وحذّر من خطورة العملية العسكرية على الجانب التركي، لافتاً إلى أن «تركيا تستضيف مليونا ونصف مليون لاجئ أكثر من أي دولة أخرى ولا تود مشاهدة المزيد يتدفقون عبر الحدود نتيجة الهجوم».

ووصف الوضع في إدلب بأنه معقّد ولا يحتمل هجوماً قد يؤدي إلى ترعرع الإرهاب، مضيفاً أن جهود تركيا تقضي بفصل الإرهابيين عن سواهم، معتبراً أن مناطق المراقبة التركية منعت التصعيد وأمنت الاستقرار والهدوء.

واعتبر المندوب الفرنسي أن «الوضع في سورية لا يزال سيئاً للغاية وسورية لم تتجاوز القطوع الأصعب»، كما اعتبر أن «ما يجري في إدلب قد يؤدي إلى تفشي الفوضى السيئة، وليس هناك أي حل غير سياسي».

ودعا إلى «حشد الطاقات لإعادة إطلاق عملية جنيف وبلوغ تسوية بأسرع ما يمكن برعاية الأمم المتحدة»، مؤكداً أهمية إعلان وقف نار شامل يمهد لحوار سياسي، وإعادة بناء سورية لن تتم إلا على هذا الأساس»، وتوجه إلى روسيا قائلاً «أن الكرة في ملعبها».

أما مندوب الصين، فرحّب بقمة طهران التي تتوجت ببيان مشترك يرمي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بدفع المفاوضات وتشكيل اللجنة الدستورية.

وطلب من كافة الأطراف الالتزام الكامل بوحدة سورية واستقلالها وعدم تهديدها بالقوة، ودعا الأطراف السورية للتحلي بالواقعية والدخول في حوار سوري بقيادة سورية ورعاية أممية.

هايلي تدافع عن «الخوذ البيضاء»

من جهتها، اتهمت مندوبة الولايات المتحدة نيكي هايلي روسيا وسورية «بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في إدلب بما فيها استدراج المدنيين بالضربة الأولى ثم استهدافهم ثانية بضربة ثانية»، ووصفت العمل بأنه «جبان ويستهدف المسعفين مثل الخوذ البيضاء».

واعتبرت هايلي أن «محادثات أستانة فشلت في وقف النار أو سواه»، وقالت إنها «لن تكون ناجحة إلا إذا وقف القتال وجرى التعاون واشنطن وتم إنهاء نفوذ إيران في سورية كلياً»، وجددت التحذير من أي هجوم كيميائي، وقالت إن «واشنطن تعتبر أي هجوم على إدلب عملاً مستهتراً والنتائج ستكون كارثية».

وفي معرض رده على المندوبة الأميركية، طلب المندوب الروسي من الطرف الآخر تقديم خططه حول الوضع في إدلب. وقال إن ما سمعه «يمثل تهديدات ضد دولة سيادة بذريعة الكيميائي».

ونبّه إلى أن الحديث لا يشمل عملية عسكرية في إدلب بل عملية لمحاربة الإرهاب في إدلب، لافتاً إلى أن المناطق الأخرى التي تخلّصت من الإرهاب شهدت عودة النازحين. وأكد أن «أستانة مستمرة ولم تخفق وهي تحقق إنجازات. أما الانتقادات للعمليات في إدلب فهدفها الإبقاء على مناطق من سورية تحت سيطرة الإرهابيين والإستفادة منها في التفاوض بدلاً من إعادتها إلى كنف الدولة».

في حين أكدت مندوبة بريطانيا كارين بيرس دعم «كل مَن يعمل على وقف القتال على الأرض»، ورفضت الخطة الروسية «التي لا تراعي التناسب في الصراع حسب القواعد الدولية»، بحسب تعبيرها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى