حياة القطيع

كم فرحتُ عند سماعي خبراً بثّته إحدى الإذاعات عن حاجتهم الملحّة إلى المزيد من الممثّلات! لطالما انتظرتُ فرصة كهذه، أنا التي ترى في التّمثيل مهنةً سهلةً، فنحن في كلّ لحظةٍ نمارسها، نمارسها لنبقى نمارسها ليسمحوا لنا بالبقاء ضمن القطيع، القطيع الذي لا نجرؤ على الخروج منه، وإذا تجرّأ أحدنا وخرجَ.. فهو غالباً مُنهَك القِوى ولم يتركوا له شيئاً ليخسره! وبما أنّني عشتُ طوال حياتي ضمن مجتمعٍ يقدّس القطيع وكنتُ فرداً مُطيعاً لأحكامهم الجائرة.. فزتُ بأعلى المراتب في مسابقة التّمثيل هذه! انبهرتْ لجنة التّحكيم بأدائي المتقَن وبموهبتي الفذّة هذا رأيهم ! امتَحَنوا تعابير وجهي في العديد من المشاعر الإنسانيّة طلبوا منّي الضحك.. فتذكّرتُ المهزلة التي نعيشها كبشرٍ فخرجتِ الضّحكات بعفويّة وانسيابيّة طلبوا مني إظهار علامات الدّهشة على وجهي.. تذكّرتُ صبرنا على حياة لا تتماشى مع إنسانيّتنا فاقتنعوا كثيراً في أدائي طلبوا منّي إقناعهم بأنّني أضجّ بالفرح.. فتذكّرت أنّ حياتنا فانية والقضيّة هي فقط قضيّة وقت وسينتهي كلّ شيء! ففاضَ وجهي فرحاً وإشراقاً ولم أتوقّع أنّ ما كنتُ أخاف الفشل فيه سيكون هو الأسهل! تذكّرتُكَ حالما طلبوا منّي البكاء شكراً حبيبي.. حتّى غيابك وقسوتكَ هما أحد أسباب نجاحي في الحياة.

ريم رباط

حلب – سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى