هل تعرفون أنّ الألمان هم سبب الفساد عندنا..!؟

نصار إبراهيم

أولاً لنبدأ بهذا الدعاء من باب الاحتياط:

« إلهي أعنِّي عليهم

لقد عقروا ناقتي وأباحوا دمي

في بيوت أذنت بأن لا يُراق دم فوق سجادها

إلهي

أعوذ بك الآن من شرِّ أهلي يبيعون خمراً رديئاً

ويؤذون ليلَ السكارى البريء

إلهي لقد تمّ بيع التذاكر للآخرة

ولم أجد المال والوقت والعذر كي أقتني تذكرة

فمزق تذاكرهم يا إلهي ليسعد قلبي

ألم تعد الناس بالمغفرة – الشاعر التونسي الراحل الرائع الصغير أولاد أحمد

بعد هذا الدّعاء البريء… وقبل أن أكشف لكم سرّ مسؤولية الألمان عن الفساد الذي يدمّر واقعنا، علينا أن نتابع أولاً هذا التمهيد:

المواطن في هذا البلد العربي أو ذاك، أقصد ذلك الذي يقولون عنه بأنه أغلى ما نملك، يقضي يومه وحياته يركض وراء فرصة العمل ونافذة الأمل، يمضي وأكتافه مثقلة برغيف الخبز وشربة الماء وحبة الدواء وثمن الكتاب ولتر البنزين وأسطوانة الغاز والحذاء.

أحياناً… أيّ حين تتوفر لذلك المواطن لحظة للتنفس… وفيما هو ينوس ما بين اليقظة والتعب تتناهى لسمعه الأهازيج والأغاني عن الوطن والكرامة والتضحية والعمل الشريف واللقمة الشريفة المعجونة بعرق التعب الشريف… محطات الإذاعة والتلفاز لا تصمت ولا تكلّ ولا تملّ وهي تصخب من الصباح حتى مطلع الفجر عن الوفاء للوطن والغزل بكرامة المواطن التي تطاول السماء… يستمع المواطن للخطابات من كلّ فجّ عميق… يستمع مدهوشاً كم هذا الوطن العربي غنيّ بأرضه وثرواته… كم هو ممتدّ وشاسع… كم هو غني بما يكفي لأطعام وإسكان وتعليم أضعاف عدد الأمة… لكن الغريب أنّ هذا المواطن حين ينظر لذاته فإنه لا يجد سوى القهر والتعب والألم والوجع والدمار أو التدمير الذاتي.. يركض.. ويركض ويتحمّل ويضحي.. ومع ذلك لا يزال يتسكع في ذيل الشعوب الأكثر فقراً وتخلفاً…

كم هي مضحكة المفارقة بين هذا الواقع الصعب والقاسي وبين ما يراه ويسمعه ذات المواطن من خطابات حماسية للمسؤولين من الدرجة الأولى والدرجة العشرين وما بينهما وبعدهما وهم يشنّون الحملات ضدّ الفساد والمفسدين، أو وهم يطالبون المواطن بأنّ يشدّ الحزام أكثر فأكثر لكي يبقى الوطن حراً عزيزاً كريما…

يبتسم المواطن قهراً.. ويسأل: إذا كنتم جميعا شرفاء وغير فاسدين أو مفسدين كما تقولون.. فمن هو الفاسد والسارق يا ترى!؟ ولماذا حالنا على ما هي عليه من بؤس وتعب وإخفاق؟

الآن… أيّ بعد هذا التقديم ومع هذه الأسئلة التي تطل برؤوسها كقرون الشياطين… سأكشف لكم سرّ الدور الألماني في انتشار الفساد في بلادنا العربية من أقصارها إلى أدناها.. وذلك لكي يدرك الجميع بأننا نحمّل المسؤولين أوزاراً ليس لهم فيها ناقة ولا جمل أو جدي… إليكم السرّ:

في مقابلة صحافية افتراضية مع سياسي ألماني يسأل الصحافي: كيف أصبحت أحوالك الاقتصادية جيدة هكذا… يعني من أين لك هذا!؟

يجيب السياسي الألماني: الحقيقة أنني عندما توليت المسؤولية في الحكومة وجدت نفسي أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، الأول: أن أخدم بلدي بجدّ وإخلاص وشرف وبهذا تنهض البلد وأنهض أنا معها… والخيار الثاني أن أسرق وأكذب وأنهب ما استطعت فاغتني دون أن أحسب حساباً لأحد… فاخترت الخيار الأول وها أنذا كما ترى.

ذات المذيع توجه بالسؤال لمسؤول عربي في مقام رفيع جداً: وأنت كيف أصبحت غنياً هكذا وبسرعة مع أنّ الجميع يعرفون ما كانت عليه أحوالك حين توليت المسؤولية!؟

يردّ المسؤول العربي ودون أن يرفّ له جفن: والله العظيم وأقسم لك بأنني أنا أيضاً وجدت نفسي بالضبط أمام ذات الخيارات التي أشار لها المسؤول الألماني.. غير أنّ ذلك الملعون سبقني وأخذ الخيار الأول.. فلم يبق أمامي سوى الخيار الثاني…! وها أنذا كما ترى… فماذا أفعل حين تنعدم أمامي الخيارات…ها!

والآن لنترك الثرثرة جانباً… ولنستمع مرة أخرى للشاعر الصغير أولاد أحمد:

«نحب البلاد كما لا يحبّ البلاد أحد

صباحا مساء… وقبل الصباح

وبعد المساء… ويوم الأحد

ولو قتّلونا… كما قتّلونا

ولو شرّدونا… كما شرّدونا

لعدنا غزاة لهذا البلد

وعاد إلى أرضنا الشجر

وعاد إلى ليلنا القمر

وصاح الشهيد سلامٌ… سلامٌ

على من صمد»…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى