العرض المسرحيّ «وطن» ضمن فعاليات المشروع الوطني «الأيقونة السورية»

لورا محمود

«إيل وبعل وعشتار وعناة وأورنينا ويم» شخصيات أسطورية جُسّدت على المسرح ووظفت لتكون حاضرة في زماننا بقالب معاصر يحاكي الواقع السوري، حيث تكاتفت هذه الشخصيات لتدافع عن سورية الوطن ولتقول لأبنائها أن من عرف الأبجدية والنوطة الموسيقة وعلم الزراعة قادر رغم الدمار على النهوض لبناء سورية الجديدة المتجدّدة.

وضمن فعاليات المشروع الوطني «الأيقونة السورية» قدّمت نقابة الفنانين العرض المسرحي «وطن» الذي تناول التاريخ الحضاري لسورية ضمن قالب تعبيري راقص، إضافةً إلى التمثيل الدرامي على خشبة مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق والعمل من تأليف عدنان أزروني وإخراج سامي نوفل وبمشاركة عدد من ممثلي الدراما السورية وفرقة ميرا للمسرح الراقص التي صمّم رقصاتها الفنانان محمد طرابلسي وجمال تركماني.

وقد وصل عدد الراقصين لـ75 راقصاً ينتمون لأعمار مختلفة كانوا جزءاً محورياً في العرض بالأزياء الرمادية والألوان التي صبغوا وجوههم بها ليظهروا كالتماثيل .

وتحدّث نقيب الفنانين زهير رمضان الذي كان مشرفاً على العرض عن مشروع الأيقونة السورية الذي أطلقته نقابة الفنانين بالتعاون مع وزارات الإعلام والتربية والثقافة لإعادة تأهيل الجيل الناشئ وتأكيد الثوابت والتربية الوطنية، مبيناً أن عرض وطن يؤكد مقولة مهمة يلخّصها بعل الذي قال منذ 6 آلاف سنة «إن قدر السوريين أن يعيدوا تنظيم العالم كلما وصل للخراب».

والتقت «البناء» مع مخرج العمل المسرحي سامي نوفل الذي تحدّث عن العرض «وطن» المأخوذ من الأسطورة أو الميثولوجيا حيث تقع الاحداث في مكان واحد هو المتحف الذي تزوره مجموعة من الزوار، وعلى وشك أن تحدث كارثة طبيعية تهدّد المكان. ونحن أشرنا إليها بأنها سيل أسود بالطبع هذه رؤيتي لطرح الموضوع بعيداً عن ذكر المجموعات الإرهابية المسلّحة ويعيش في المتحف رجل في العقد السابع من العمر تقريباً ومعه حفيده بعدها يغلق باب المتحف على مَن فيه وهنا ننتقل في العرض إلى المستوى الثاني، حيث تبدأ تماثيل المتحف بالتحرك وبالحديث مع الناس، ونعود إلى حقبة ما قبل الإنسان القديم لنصل إلى الميثولوجيا أو الأساطير، وخلال العرض نطرح الخلاف الذي تمّ في الميثولوجيا السورية، الخلاف بين الإله بعل والإله يم.

وأضاف نوفل يذهب العرض إلى الشكل الملحمي، من حيث الخطوة المدروسة والوضع الثابت والواضح للممثلين والراقصين، فالعمل بنسبة 60 يعتمد على الجانب الحركي، الذي قامت به فرقة ميرا للمسرح الراقص والتي تضمّ مجموعة من راقصي الباليه المحترفين ومنهم ما زالوا يدرسون في المعهد العالي للرقص.

وأشار نوفل إلى أن العمل تطلب مجهوداً كبيراً تقريباً 12 ساعة عمل يومياً والعرض اعتمد على مستويين مستوى الحكايا والميثولوجيا ومستوى الواقع في طرح الشخصيات بقالبها وببساطتها مع النكتة أحياناً، وذهبنا قليلاً باتجاه المبالغة ومدة العرض ساعة وعشر دقائق تقريباً.

أما الفنانة أمانة والي التي قامت بدور أورنينا ربّة الصوت الجميل قالت لـ»البناء»: أتابع المسرح الراقص، لكنني لم أعمل به أبداً. هذه المرة الأولى، ولم أجد الأمر صعباً أو معقداً. علينا فقط أن ننتبه إلى حركة الآخرين ونتماهى معهم، فالحركة مدروسة، ويجب أن يكون هناك تناغم بيننا. والأمر يحتاج إلى دقة كبيرة لكوننا لسنا أحراراً، بالمسافة فهي محددة جداً، مما يتطلب منا تركيب التمثيل مع الحركة بتطابق تام ومقصود لصالح الرقص والموسيقى. وهذه الأمور مجتمعة تحتاج لجهد مضاعف.

وبالنسبة لوجود الأطفال لفتت والي لا أرى الأمر صعباً، لكون الطفل مطواعاً وقادراً على التعلم بطريقة سريعة. ونحن قادرون على تعليمهم لكوننا ذوي الخبرة على المسرح.

وبدوره الممثل علي القاسم تحدث لـ»البناء» عن شخصية حارس المتحف الذي نذر نفسه وحياته لأجل خدمة المتحف. وتماثيله وبرأيه الناس الذين دخلوا ليحتموا بالمتحف لم يحتموا بالجدران بل احتموا بالفكر والثقافة والتاريخ والسيل الذي نتحدث عنه بالعرض هو الحرب. فالسيل أو الحرب ستنتهي وسنبقى نحن الذي خلقنا من هذه الحضارة.

وأضاف قاسم العرض فيه رؤية درامية وحركية تمثل الصراع الذي يمتد إلى ما قبل التاريخ. وهو عرض ليس سهلاً أبداً. فكل حركة لها معنى وموظفة بالشكل الصحيح ولها رمز ضمن الرؤية الإخراجية، والعرض موجه للجميع من الصغار إلى الكبار، أي العرض لكل السوريين.

أما الممثلة وفاء موصللي فقالت لـ»البناء»: من الضروري وجود فعاليات ثقافية وفنية كهذه، والعرض اليوم مهم لكونه يحكي عن سورية التي نظمت الكون وهذه حقيقة والأساطير تقول «يأتي علينا سبع سنوات عجاف»، لكن آلهة الخصب تأتي بعدها بالخير بمعنى بأنه يجب ألا نيأس، لأن هذا قدرنا كسوريين.

وتحدثت موصللي عن دورها شخصية «عناة» آلهة الصيد الأنثى الحاملة للمتناقضات مثلنا نحن البشر، حيث لديها السلبي والإيجابي، وهي تمثل المرأة السورية التي بداخلها القوة وهذه القوة تظهر في اللحظة المناسبة. فهي انعكاس للواقع الذي عشناه في الأزمة. فالمرأة السورية كانت حاضرة في كل الميادين حتى في الميدان العسكري.

ورأت موصللي أن العرض اجتمعت فيه كل أشكال الفرجة من تمثيل ورقص وغناء وموسيقى، ونحن بحاجة كثيراً لهذا النوع من العروض لكون مسارحنا اقتصرت على التمثيل الكلاسيكي، بينما هنا كل الألوان تجتمع مع بعضها. ومن الجميل بأننا نعبر عن الشعب السوري من خلال الخشبة.

أما مصمّم الرقصات محمد طرابلسي قال: هذه التجربة تطغى على كل ما تم تقديمه من عروض حركية سواء من حيث الفكرة او الإخراج او حتى النظام الحركي الجديد. وعندما تم الحديث عن الأيقونة السورية قررنا أن نقدّم أنواع رقص جديدة عما تم تقديمه من عروض راقصة حركية سواء أكانت فلكورية او غيرها. فاتجهنا نحو الرقص العالمي فقدّمنا الرقص النقري والرقص المعاصر والحديث.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى