ناشيونال إنترست: أميركا لم تعد الأقوى… جيشان يمكنهما إلحاق الهزيمة بأميركا عسكرياً

قارن دانييل ديفيز في تقرير له على موقع «ناشونال إنترست» بين القدرات العسكرية للولايات المتحدة وكلّ من روسيا والصين، مشيراً إلى أنّ واشنطن ستعاني إذا ما اندلعت حرب بين القوى العظمى.

وأوضح ديفيز أنه في أوائل العام الحالي صرّح نائب رئيس أركان الجيش الجنرال، دانييل ألين، بأنّ ثلاثة فقط من أصل 58 من الألوية القتالية في الجيش الأميركي مدرّبة بشكل كافٍ لخوض الحروب، ملقياً اللوم على ضعف الإنفاق العسكري. غير أنّ الافتقار إلى المال ليس هو السبب وراء عجز الجيش عن تحديث قواته. وإنما هو هيكل القوة المتقادمة الذي حافظ عليه الجيش منذ الحرب العالمية الثانية. لحسن الحظ يمكن أن يؤدّي التفكير الحديث والتنظيم الجديد للجيش إلى عكس هذا الاتجاه دون الحاجة إلى زيادة في الميزانية.

ضعف القدرات

رغم ضخامة الميزانية

كان رئيس أركان الجيش الجنرال راي أوديرنو، قد ادّعى أنّ الولايات المتحدة لديها فقط لواءان مدرّعان من الجيش، وألقى اللوم أيضاً على ضعف الإنفاق العسكري. لكن الجيش الأميركي لا يعاني من أزمة نقدية إذ تقدّر ميزانيته السنوية بـ148 مليار دولار، بحسب التقرير.

إنّ هذا الرقم يفوق ميزانيات الدفاع في كلّ من روسيا وألمانيا واليابان مجتمعة يؤكد ديفيز. ولكن تكمن المشكلة في الطريقة التي يتمّ فيها إنفاق الأموال وطريقة تنظيم الخدمة العسكرية. لقد أدركت كلّ من روسيا والصين الطبيعة المتغيّرة للحروب وتخليتا عن التكوينات التي ولدت خلال الحرب العالمية الثانية مما حسّن من قدرات جيشيهما.

بدءاً من عام 2010 بدأت القوات البرية الروسية في تغيير البنية التي استخدمتها منذ معركة ستالينغراد لصالح تشكيلات أسلحة أصغر وأكثر فتكاً. وقد حذر تحليل نُشر في مجلة المشاة التابعة للجيش الأميركي العام الماضي من أنه «في أوروبا الشرقية، تستخدم روسيا نسخة جديدة من الحرب المهجنة التي تتسم بالتكامل الشديد والتزامن والفعالية المدمرة».

توصف الكتائب الروسية الجديدة بأنها «متكاملة وقوية للغاية، وسريعة التنقل بشكل استثنائي»، كما أوضح الباحثون، مشيرين إلى أنها تتكون من «فرقة دبابات، وثلاث فرق مشاة آلية، وفرقة مضادة للدبابات، وبطاريتين إلى ثلاث بطاريات للمدفعية، وبطاريتين للدفاع الجوي». وبالمثل، قامت القوات البرية الصينية بإصلاح تشكيلاتها وتحديث عقيدة الجيش.

الجيش الأميركي في أفغانستان

بدأت القوات البرية لجيش التحرير الشعبي الصيني بإعادة تنظيم تشكيلاتها القتالية الرئيسية منذ أكثر من عقد من الزمان يشير ديفيز للاستفادة من التقدّم في تكنولوجيا الحرب فابتعدوا عن حشود قوات المشاة، إلى تكوينات مدرّعة متحرّكة بالكامل. ومثلما فعل الروس فقد فضلوا مجموعات قتالية أصغر وأكثر فتكاً وقابلة للصمود. وقد اعترفت وزارة الدفاع الأميركية بهذه التغيرات وآثارها المحتملة.

آثار سلبية لغزو العراق

قبل غزو العراق عام 2003 يضيف ديفيز كانت القوات البرية الأميركية تتفوّق بشكل واضح على روسيا والصين. ومع ذلك ففي السنوات التالية أدّى التحوّل إلى تكتيكات مكافحة التمرّد إلى تدهور كبير في مهارات القتال التقليدية. والأهمّ من ذلك أنّ الولايات المتحدة خسرت عقداً من الزمان عندما كان بإمكانها تحديث الجيش وإعادة تنظيمه وتحسينه. لقد تآكلت الميزة التي كانت تمتلكها أميركا في يوم من الأيام على روسيا والصين. وإذا لم يتمّ إجراء تغييرات فقد يتخلف الجيش الأميركي عنهم في وقت قريب.

في عام 2015 دشن قانون إقرار الدفاع الوطني «NDAA» اللجنة الوطنية حول مستقبل الجيش، وكلفها بإجراء تقييم لحجم الجيش وقوّته في المستقبل بحلول عام 2016. خلُصت اللجنة إلى أنه يجب على «الكونغرس أن يطلب من وزير الدفاع وهيئة الأركان الإشراف على وضع تصوّر جديد للجيش ومفاهيم العمليات، بما في ذلك مجموعة الاستطلاع». إنّ مجموعة الاستطلاع «RSG» هي من أهمّ عناصر الجيش. وقد صمّمها العقيد المتقاعد بالجيش الأميركي، دوغلاس ماكغريغور.

يشير ديفيز إلى أنّ مجموعة الاستطلاع هي قوة من ستة آلاف فرد من جميع الأذرع، وجميع المجموعات القتالية، «وقد صمّمت لاستغلال تكنولوجيات جديدة مجرّبة في سياق تشغيلي متكامل مشترك»، وفقًا لما جاء في إحاطة ماكغريغور على الإنترنت. اعتمدت لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ توصية لجنة الجيش، وأمرت بإنشاء مكتب الاستطلاع لتقوم بتقييم فعالية الهيكل الجديد في عام 2017.

تمّ تنظيم المجموعة ضمن بنية تشغيلية شاملة تجمع بين المناورة والهجوم وقدرات «الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع» والاستدامة. والقوة هي تشكيل قائم بذاته، وهي عبارة عن تشكيل قتالي مدرّع بأسلحة كاملة، يقوده جنرال من فئة النجم الواحد، وتتمتع بقوة هجوم هائلة، وقدرة أكبر على الصمود من وحدات الجيش الحالية.

لقد بدأ الروس والصينيون بالفعل هذا النوع من الإصلاح. ويؤكد ديفيز أنّ لدى مجموعة الاستطلاع، التي يشكلها ويقودها جنود أميركيون مدرّبون تدريباً عالياً، القدرة على إعادة الجيش الأميركي إلى مجده السابق كأكبر قوّة في العالم دون منازع.

يقول الكاتب في ختام تقريره: إنه «من غير المؤكد أن يتمّ إلغاء تقليص ميزانية الدفاع في أيّ وقت قريب، وعلى أية حال، لا يبدو أنّ الجيش سيحصل على زيادة في الميزانية كما يحلو لقادته. إذا كانت الولايات المتحدة تريد أكثر من اثنين أو ثلاثة من ألوية القتال الجاهزة دوماً، فقد حان الوقت للاهتمام بوحدة الاستطلاع، وإعادة هيكلة الجيش الأميركي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى