غصن: لفكّ الاشتباك بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية بما يحقق تطلعات الطبقة العاملة

اعتبر الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن «أن النظام العالمي الجديد الذي يطوق العالم اليوم والقائم على الاستغلال الرأسمالي الطبقي للبشرية ومصادرة ثروات بلدانها «هو عار على الإنسانية»، مشدّداً على ضرورة «مواجهة هذا الخطر الداهم على مستقبل العمل وفكّ الاشتباك بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، بما يحقق تطلعات الطبقة العاملة».

وقال غصن في كلمة ألقاها خلال الاجتماع العام لمنظمة الوحدة النقابية الأفريقية والاتحادات الدولية في الجزائر:

«تسعدني مشاركتكم الاجتماع العام في الدورة 41 لمنظمة الوحدة النقابية الأفريقية ومؤتمر الاتحادات الدولية وأن أنقل إليكم تحيات الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، الشريك الذي يتقاسم معكم القارة السمراء ويواجه معكم التحديات عينها والنضالات ذاتها من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات وحق التنظيم النقابي والعمل اللائق والضمان الاجتماعي والمساواة بين الجنسين ومكافحة عمالة الأطفال وحماية حقوق العمال المهاجرين وتحقيق العدالة الاجتماعية وصون الكرامة الإنسانية. كما يشرفني أن أحضر بينكم في الجزائر عاصمة التحرير التي طرقت باب الحرية مضرجة بدماء مليون شهيد من أجل التحرُّر من الاستعمار والتبعية والارتهان والعيش بكرامة وعزة واستقلال».

ورأى أننا «نواجه اليوم استعماراً جديداً مختلفاً بالأسلوب غير أنه لا يختلف بالمضمون. استعمار اقتصادي جشع تقوده الرأسمالية العالمية تحت اسم مستعار «العولمة»، يديرها صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية يسعى إلى ارتهان الدول والهيمنة على مقدرات الشعوب وثرواتها البشرية والمادية».

وقال: «ها هي العولمة تغزو بلدان العالم من خلال الشركات العابرة للقارة وعبر قنوات التوريد من المناطق الاقتصادية الحرة من أجل جني الأرباح وتعظيم الثروة غير آبهة بالتنمية الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي».

أضاف: «من هنا يأتي الدور النضالي للحركة النقابية العمالية لمواجهة هذه التحديات الكبيرة»، مؤكداً «أنّ التعاون الوثيق بين الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ومنظمة الوحدة النقابية الأفريقية هو السبيل للتصدي لكلّ المخاطر التي تواجه عالم العمل والعمال، بالإضافة إلى تطوير هذا التعاون بين الاتحادين والمنظمات النقابية التي تشاركنا الأهداف النبيلة والمبادئ المشتركة التي أرساها إعلان أكرا ـ غانا في كانون الثاني عام 2014 حيث اتفقت المنظمتان على محاربة كلّ أشكال الاستغلال والحد من تحويل العامل إلى مجرد سلعة ومواجهة العولمة الجائر والليبرالية المتوحشة وضمان كرامة العامل وحقه بالعمل اللائق وبالأجر العادل وكذلك حقه بالتنظيم النقابي والتفاوض الجماعي والدفاع عن الحقوق والحريات النقابية، وكذلك مواجهة التحديات على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما البطالة والهجرة والنزوح والتصدي لمخططات تفتيت النقابات وشرذمتها والسعي إلى خلق الانشقاق بين المراكز النقابية العربية والأفريقية ومحاولة إضعاف الحركة العمالية العالمية وتشتيتها لمصلحة القوى الرأسمالية والأنظمة النيوليبرالية».

وتابع غصن: «هذا التعاون في الأفكار والرؤى مرهون بحجم الدور الذي تؤديه الطبقة العاملة في قيادة المجتمع بما يعزّز دورها النضالي في إقامة المجتمع المتقدم والمزدهر. ومن هنا نتطلع إلى مزيد من التعاون من أجل خلق تكتل عربي أفريقي دولي يقوي من تلاحمها والكفاح من أجل التصدي للأخطار المهدّدة لأهدافها وطموحاتها المستقبلية».

وأشار غصن إلى أنّ «حدة الوحشية الرأسمالية تزايدت منذ مطلع العقد الماضي فاستولدت مسخاً هجيناً من جاهلية التخلف والتعصب والكراهية ومن ومستنقعات البطالة وبؤر العوز والفقر ليرعب العالم بالتطرف الديني ويغزو منطقتنا بالإرهاب التكفيري. هذا الإرهاب المتمثل بداعش والقاعدة واتباعهما من النصرة وجند الشام وفيلق الحرمان وغيرها من العصابات الإرهابية وصولاً إلى القارة الأفريقية وإرهابيي بوكو حرام والتي دُحرت جميعها عند بوابة دمشق. قلب العروبة وقلعة المقاومة. فألحقت بهم شر هزيمة بفضل رساخة عقيدتها وثبات مبادئها ووحدة شعبها وبسالة جيشها وحكمة قائدها. كما زرع الاستعمار والصهيونية في وطننا كياناً إسرائيلياً مصطنعاً ليكون ذراعاً للإمبريالية وحارساً لمصالحها يحتل فلسطين والجولان في سورية وبعض من جنوب لبنان. يمارس الإرهاب بأشنع مظاهره العنصرية فيقتل ويعتقل ويشرد ويطرد المواطنين الفلسطينيين من بيوتهم ليبني المستوطنات للصهاينة المحتلين. وكلّ ذلك بدعم مطلق من الإدارة الأميركية التي لم يتردّد رئيسها ترامب في نقل سفارة بلده إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة لـ»إسرائيل» بل ذهب إلى شدّ الخناق على اللاجئين الفلسطينيين فامتنع عن دفع المساهمة الأميركية المقرّرة من الأمم المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيحرم أكثر من 5 ملايين لاجئ في فلسطين المحتلة والأردن وسورية ولبنان من أبسط المساعدات الإنسانية المتصلة بالصحة والتعليم والتشغيل وكل ذلك بهدف إذلالهم وإخضاعهم والإذعان «لصفقة القرن» والتنازل عن حقّ العودة إلى وطنهم الذي أقرت به الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلزام الدول التي لجأوا إليها بتوطينهم ودمجهم في مجتمعاتها».

وشدّد غصن على «أن النظام العالمي الجديد الذي يطوق العالم اليوم والقائم على الاستغلال الرأسمالي الطبقي للبشرية ومصادرة ثروات بلدانها، مستخدماً كافة أدواته السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والنقابية العمالية هو عار على الإنسانية وهو لم يقدم لها سوى الاحتلال والإرهاب والاستغلال والفساد والفقر والبطالة والمقدرة أن تبلغ نهاية هذا العام 200 مليون عاطل عن العمل، فضلاً على أنّ نصف القوى العاملة في العالم تعمل في القطاع غير المنظ. وهذا ما يدفعنا إلى العمل سوياً لوضع الرؤية وإعداد البرامج وتحديد الأهداف لمواجهة هذا الخطر الداهم على مستقبل العمل وفكّ الاشتباك بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، بما يحقق تطلعات الطبقة العاملة التي ننتمي إليها والتصدي للأخطار المهدّدة لأهداف التنمية المستدامة وطموحاتها لتحقيق العدالة الاجتماعية والعزة الإنسانية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى