رجل الإخفاقات والهزائم…

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

لا تزال حلقات الابتزاز الأميركي لآل سعود مستمرة، وهذه المرة عبر استغلال قضية الكاتب جمال خاشقجي لنهب مليارات جديدة من الدولارات. فالسعودية كما يصفها الرئيس الأميركي بقرة حلوب أو مغارة علي بابا المليئة بالكنوز. المال الذي دفعه محمد بن سلمان لأميركا لا يكفي، والاستثمارات وصفقات السلاح، لا تخفف من جشع مسؤولي البيت الأبيض. عين ترامب على الأموال المودعة في البنوك الأميركية وانتهاز هذه الحادثة للاستيلاء عليها أمر مرغوب لإشباع النهم الأميركي.

محمد بن سلمان ظنّ أنّ أميركا يمكن أن تكون صديقة وفية له وأن تحقق له آمانيه، ظلّ الرجل يدفع منذ أن توّلى سدة الحكم ليصل إلى الاستقرار والقوة التي ينشدها، ولكن مع كلّ دفعة من المليارات يزداد خوفاً وقلقاً ومأزقاً وضياعاً وتخبّطاً وتمزّقاً في بحور الدماء والأزمات.

كلّ هذا المال الذي دفعه لم ينفع في التخفيف من ورطاته الداخلية والخارجية. وكلّ هذه الحروب التي أوقعته أميركا فيها لم تنقذ صورته من الضعف. الرجل يعيش يأساً عميقاً، فما من حرب خرج فيها منتصراً. في العراق فشلت مخططاته عبر الحشد الشعبي. في اليمن اللجان الشعبية وأنصار الله الحفاة أذلوا عنجهيته وطغيانه. في سورية الجيش العربي السوري وقوى المقاومة الحليفة مرّغوا أنفه في التراب وشتتوا جمعه وبدّدوا أحلامه.

يمكن أن نُطلق على هذا الرجل رجل الإخفاقات والهزائم. إفلاس في كلّ مكان يضع يده فيه. إفلاس في السياسة والاقتصاد والأمن والعلاقات رغم كل وسائل الإعلام التي اشتراها لتجمّل صورته البشعة.

في وصية الإمام الكاظم ع لهشام بن الحكم يقول له فيها: «كفى بك جهلاً أن تركب ما نُهيت عنه»، إذ رغم المعرفة العميقة أنّ الإدارة الأميركية هي سارق ضخم، وناهب جشع، وشرير قبيح، وشيطان أشر، فإنّ آل سعود وولي عهدهم الذي لم يشبع من دماء اليمنيّين والعراقيّين والسوريّين ما زالوا يركبون السفينة الأميركية ويراهنون على قدرتها على إيصالهم إلى شاطئ الآمان. ولكن الحق ما قاله المتنبي:

ما كلُ ما يتمنى المَرْءُ يُدْرِكُهُ

تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى