بسبب اختفاء الخاشقجي.. لندن وباريس وواشنطن تلغي مشاركتها في «دافوس الصحراء» بوتين يحمّل واشنطن جزءاً من المسؤولية وبومبيو يمنح الرياض وقتاً إضافياً

في وقت دخل فيه محققون أتراك منزل القنصل السعودي للتحقيق في قضية اختفاء الخاشقجي، أعلن بومبيو «أنّ بلاده قرّرت منح السعودية وتركيا أياماً إضافية لكشف ملابسات القضية»، فيما حمّل بوتين، واشنطن «جزءا من المسؤولية»، بدورها، أعربت لندن وباريس عن «قلقهما إزاء اختفائه وضرورة محاسبة الجناة».

بومبيو

في هذا الصّدد، قرّرت الولايات المتحدة «منح السعودية وتركيا أيام إضافية عدة لكشف ملابسات اختفاء الصحافي جمال الخاشقجي»، وفق ما أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو.

وأوضح بومبيو في موجز صحافي عقده أمس، «أن المملكة السعودية لا تزال شريكاً مهماً لنا في مجال مكافحة الإرهاب، وعاهلها هو خادم الحرمين الشريفين، والسعوديون حلفاء استراتيجيون مهمون للولايات المتحدة وعلينا الاهتمام بذلك أيضاً».

وأكد بومبيو «أنه أبلغ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بنتائج زيارتيه إلى السعودية وتركيا»، مضيفاً: «التقينا في الرياض كلاً من الملك وولي العهد ووزير الخارجية.. وأكدنا لهم بوضوح أننا نتعامل مع قضية اختفاء الخاشقجي بجدية كبيرة، وهم بدورهم أيضاً شددوا على تفهمهم لجدية الوضع».

وأشار بومبيو إلى أن «السعوديين تعهّدوا بأنهم سيجرون تحقيقاً شاملاً ونزيهاً لكشف كل الحقائق المتعلقة باختفاء الخاشقجي وسيفعلون ذلك في الوقت المناسب».

ولفت بومبيو إلى أن «ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وعد شخصياً ترامب خلال محادثاتهما الأخيرة بأن السعودية ستجري تحقيقاً نزيهاً في القضية».

وأردف وزير الخارجية الأميركي: «قلت للرئيس ترامب صباحاً إن علينا أن نعطيهم أياماً إضافية عدة لتنفيذ ذلك من أجل أن نفهم بشكل كامل ملابسات ما حصل لكي يكون بإمكاننا أن نقرّر، انطلاقاً من ذلك، كيف سنردّ على اختفاء الخاشقجي».

وأضاف الدبلوماسي الأميركي: «أعتقد أيضاً أن من المهم جداً بالنسبة إلينا جميعاً أن نتذكر أن لدينا علاقات استراتيجية طويلة الأمد مع المملكة العربية السعودية تعود إلى العام 1932».

كما أشار بومبيو إلى لقائه مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مضيفاً: «تحدّثنا حول الحادث، وقال لي إنهم يجرون تحقيقاً من قبلهم، والتقينا بأفراد من الفريق الذي يجري التحقيق، وتعهّد لي أردوغان بأنهم سيشاركون نتائج تحقيقهم مع السعوديين أيضاً».

واختتم بومبيو بالقول: «هناك قصص كثيرة حول ما حصل، لكننا نعتزم أن نتيح للعملية التحقيق أن تتقدم، ولم يتم حتى الآن الكشف عن الكثير من الحقائق، وعندما سيجري ذلك سنقرر بالنسبة إلينا بأنفسنا ماذا حصل اعتماداً على الحقائق المتوفرة، وعندها ستحدّد الولايات المتحدة ما هو الردّ المناسب».

من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوشين، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي عبر «تويتر»، «إنه قرّر عدم المشاركة في المؤتمر الاستثماري الذي ستنظمه السعودية». وذلك عقب اجتماعه مع الرئيس الأميركي، ووزير الخارجية.

بوتين

فيما حمّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واشنطن «جزءاً من المسؤولية عن اختفاء الخاشقجي، بعد دخوله قنصلية الرياض في إسطنبول، لكونه مقيماً في الولايات المتحدة».

ولفت بوتين إلى أن «العمليات المعقّدة تجري ضمن النخبة الأميركية أيضاً»، معرباً عن «أمله في ألا تصل الأمور في الولايات المتحدة إلى مستوى قضية الخاشقجي».

وقارن بوتين بين «اختفاء الخاشقجي وقضية سكريبال»، وحث المجتمع الدولي على «طرح مناهج مشتركة للتعامل مع قضايا كهذه».

وأشار بوتين إلى أن «دول الغرب فرضت عقوبات تحت ذرائع مصطنعة على موسكو بتهمة استخدام الأسلحة الكيميائية في التسميم المزعوم لضابط الاستخبارات الروسية السابق سيرغي سكريبال».

وتابع: «لم تطرح أي أدلة تثبت تورط روسيا في القضية، لكن الإجراءات العقابية اتُّخذت.. والآن يتحدّثون أن عملية اغتيال نُفّذت في اسطنبول لكن دون اتخاذ أي خطوات. يجب طرح مناهج موحّدة للتعامل مع مثل هذه القضايا».

من جهة أخرى، شدّد بوتين على أنه «لا يجوز الإضرار بالعلاقات مع المملكة السعودية»، مشيراً إلى أنه «لا جدوى من اتخاذ خطوات تضر بالعلاقات مع الرياض قبل انتهاء التحقيق في القضية»، داعياً مَن يعتقد أن الخاشقجي اغتيل إلى «تقديم أدلة تثبت ذلك، كي تتصرّف روسيا على أساسها».

وتساءل بوتين، في كلمة ألقاها أمس أثناء الجلسة العامة لمنتدى «فالداي» الدولي للحوار التي افتتحت أعمالها في سوتشي: «كيف يمكننا الإضرار بعلاقاتنا مع السعودية من دون علم ما حدث في الواقع؟».

وأضاف الرئيس الروسي «أن الصحافي المختفي، حسب تصوّره، منتمٍ، إلى حد ما، للنخبة السعودية أو مرتبط بشكل أو بآخر مع الأوساط الحاكمة في المملكة»، مؤكداً «أنه يصعب التحدث الآن عما حدث للخاشقجي».

لندن

كذلك، أعربت الحكومة البريطانية عن «قلقها إزاء اختفاء الصحافي السعودي جمال الخاشقجي في تركيا»، وشدّدت على «ضرورة محاسبة مَن يقف وراء ذلك».

في هذا الصّدد، رحّب المتحدث باسم الحكومة البريطانية للصحافيين أمس، بـ»التعاون التركي السعودي في التحقيق باختفاء الخاشقجي»، مؤكداً «أن لندن تنتظر من المملكة السعودية إجراء تحقيق ذي مصداقية شفاف وسريع في القضية».

وأكد المتحدث «أن وزير التجارة البريطاني ليام فوكس قرّر على خلفية اختفاء الخاشقجي الامتناع عن المشاركة في منتدى مستقبل الاستثمار المعروف بـ دافوس الصحراء والمقرّر تنظيمه في السعودية الأسبوع المقبل، خلفاً لبعض زملائه الغربيين».

باريس

فيما يعتزم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، «الاتصال قريباً بالعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز لمتابعة تطوّرات قضية اختفاء الخاشقجي»، وفق ما أعلنت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، نقلاً عن مصدر دبلوماسي.

وأعلن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، برونو لومير، في وقت سابق، أمس، بأنه «لن يشارك بقمة دافوس الصحراء التي تستضيفها الرياض، وذلك على خلفية اختفاء الخاشقجي».

وفي هذا الصدد، صرّح مصدر دبلوماسي لصحيفة «لوفيغارو» قائلاً: «قرار برونو لومير عدم المشاركة بقمة دافوس الصحراء جاء بالتنسيق مع الإيليزيه».

صحف تركية وأميركية

من جانبها، أفادت «واشنطن بوست» أن «بعض المسؤولين الأتراك أبلغوا نظراءهم الأميركيين بأنهم يملكون تسجيلات صوتية ومرئية تثبت اغتيال الصحافي داخل مبنى القنصلية»، وهو ما نفته السلطات السعودية بشكل قاطع.

فيما نشرت الصحافة التركية أمس، صوراً ترصد تحركات الضابط في جهاز الأمن المقرّب من ولي العهد السعودي وعرفت عنه على أنه قاد «فريق الإعدام» الذي يشتبه بأنه نفذ عملية اغتيال الصحافي السعودي جمال الخاشقجي.

وفتّش الفريق التركي القنصلية للمرة الثانية في أقل من أسبوع، وتركّز التفتيش على الحديقة الخلفية للقنصلية، وأفادت مصادر إعلامية، أنّه «بالتزامن مع دخول فريق التحقيق التركيّ غادر فريق التحقيق السعوديّ منزل القنصل».

ولم تعلن تركيا، التي تجري تحقيقاً في القضية، حتى الآن فرضيتها الرسمية حول مصير الخاشقجي، إلا أن مصادر عديدة بينها أمنية ذكرت أن «تقديراتها الأولية تدل على أن الصحافي السعودي قتل داخل قنصلية بلاده».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى