نوبل والتحرش الجنسي؟

ستائر المكائد تُطيل نُعاس الغفلة، واعتذار العواصف لا يُحيي الأغصان المقطوعة، وفي النهاية تُحسم المهاترات بسكين الإقصاء.. منذ أشهر زفت صحيفة نيويورك تايمز إلى البشرية خبراً مفاده: لن تمنح جائزة نوبل للأدب هذا العام، لأنّ اللجنة الأكاديمية المسؤولة عنها تغرق في فضيحة تحرّش جنسي! وجاء في بيان الأكاديمية السويدية أنه سوف يتم إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للأدب لعام 2018 بالتوازي مع إعلان اسم الفائز بالجائزة في عام 2019. رغم أنّ الجائزة لم تحجب منذ عام 1949. وأكدّوا في بيانهم: أنّ هذا القرار يؤكد جدّية الموقف، وسوف يساعد في الحفاظ على سمعة جائزة نوبل على المدى البعيد. جائزة نوبل للأدب طالما خضعت لمعايير غير أدبية عكس اسمها وعكس جوائز نوبل للمجالات العلمية كالفيزياء والكيمياء التي تعد إلى حدّ بعيد صادقة ومستحقة. أمّا جائزة نوبل للأدب فتقف رهينة تجاذبات فكرية وعقائدية وسياسيّة.. وبما أنّ الإعلان عن الفائزين يتم في شهر أكتوبر من كل عام فقد جاءت هذا العام خالية من جائزة نوبل للأدب كما كان متوقعاً. وأنا كمواطنة سوريّة لم يصبني الجزع الكبير لأنني حاولت جاهدة ان أبحث عن الأسماء التي نالت الجائزة منذ تأسيسها لأكحّل ناظريّ بأسماء عربية حصدتها فلم أجد إلّا ما ندر وكنت فخورة عندما قرأت اسم نجيب محفوظ فقد منحت له مرّة واحدة. الحمد لله نحن العرب مقلّون في كلّ شيء مقارنة بغيرنا من الشعوب العريقة حتّى في حصاد الجوائز. وشكرت ربي أنه نال اللقب قبل أن تتمزق أحشاء هذه المؤسسة في عالمنا الحالي وما زاد الطين بلّه أن قضية التحرش الجنسي طالت مؤسسي نوبل وإثر هذا الخبر تنحّى ثمانية من أعضاء الأكاديمية الـ 18. من بينهم سارة دانيوس، وهي أول امرأة تتولى رئاسة الأكاديمية منذ عام 1786. إنّ الفائزين بها هم من أكثرية يهودية، أو غربية، أو أميركية، وكلّ لوبي يختار ما يناسبه من تفاسير خاصة، لمنح الجائزة أو حجبها عن مرشّح ما، لتطفو على السطح عبارة جائزة موجهّة والأصح جائزة ترضية لجهة ما، التي تحمل رفضاً مبطناً لاسم الفائز، وقد يكون التدليك عفواً التلبيس السياسي من أكثر ما يقترن بجوائز نوبل، ونحن نتكلم في ما يخص مجال الأدب، فلهذه الجوائز معايير مطاطية، قابلة للتقولب والتدحرج لتناسب الشكل المطلوب. من السهل مثلاً أن يحصل كاتب على جائزة نوبل للأدب إذا تناول في روايته المحرقة اليهودية. بينما الصعود إلى القمر وتأملّ العالم العربي عن بعد أسهل من الفوز بجائزة نوبل للأدب لكاتب تناول في روايته المجازر التي ارتكبتها «إسرائيل» بحقّ العرب، مهما كانت تلك الرواية رائعة في سردها وبنتيها وتقنيتها. وكي لا يأتي مَن يقول هذا الكلام مبالغاً فيه ورجماً بالغيب، عندما منحت اللجنة الأكاديمية جائزة نوبل للأدب للروائي «بوريس باسترناك» عن روايته الدكتور زيفاغو التي يتناول فيها دكتاتورية الحكم الشيوعي، يعرف الجميع أنّ الجائزة قد منحت له بضغط من المخابرات الأميركية والمخابرات البريطانية! على أية حال أجبر النظام الشيوعي باسترناك على رفض الجائزة! وإن كان باسترناك قد رفضها قهراً، فقد رفضها كلّ من سارتر و برنارد شو طوعاً. والتاريخ حافل بأسماء تشهد لها كتاباتها بإنتاجها المذهل من الأدب أن هناك الكثير منهم ترك أدباً لم يخلُ من إيحاءات جنسية او تصريحات، بدءاً بإلياذة هوميروس وانتهاء بأدب نجيب محفوظ . ولكن أن تكون علاقة الأدب مع الجنس حبراً على ورق شيء، وأن يستسلم أعضاء اللجنة المانحة لجائزة نوبل للأدب لغرائزهم شيء آخر!! وفي النهاية حمدت الله أنني لم أنهِ روايتي بعد وريثما أنهيها وأقدمها لنوبلهم النزيه لا بدّ أن يكون تنحىّ من الأسماء العشرة البقيّة…

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى