تطبيق اتفاق سوتشي والقمة الرباعية

حميدي العبدالله

بات واضحاً أنّ تركيا المعنية بتنفيذ اتفاق سوتشي وفقاً للمراحل والجداول الزمنية التي تمّ الاتفاق عليها في القمة التي جمعت الرئيسين الروسي والتركي، لم تفِ بالتزاماتها، ولم تنجح في تنفيذ الاتفاق، وهذا ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكلمة التي ألقاها في منتدى فالداي.

غضّ روسيا النظر وإعطاء مهلة لم تكن متوقعة إضافية لتركيا وعبرها للمسلحين للالتزام بما جاء في الاتفاق له بكلّ تأكيد أسباب وجيهة، لا سيما أنّ الحديث لا يدور عن تأخير ساعات أو أيام قليلة كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بل إنّ الوقت الإضافي الذي منح لتركيا والجماعات المسلحة، سواء كانت مصنّفة إرهابية أم لا، تجاوز الساعات والأيام القليلة، فما الذي يعنيه ذلك، وهل يلاقي اتفاق سوتشي نفس مصير اتفاق خفض التصعيد الذي استمرّ العمل به أكثر من عام من دون أن يجري تطبيق أيّ بند من بنوده؟

لا يمكن على الإطلاق قبول أمر واقع شبيه بالأمر الواقع الذي حال دون تنفيذ اتفاق خفض التصعيد في إدلب عاماً كاملاً. قد تكون هذه رغبة تركيا، ولكن لا سورية ولا روسيا يمكنها قبول مثل هذا الأمر الواقع.

الجيش السوري لم تعد لديه أولويات الآن غير إدلب، لأنّ وضع منطقة شرق الفرات لن يتقدّم على الوضع في إدلب لأسباب كثيرة، والجيش السوري يحشد قوات كبيرة على تخوم هذه المنطقة استعداداً للمعركة الكبرى، وبالتالي فإما تنفيذ الاتفاق، وإما ستبدأ المعركة بعد استنفاد كلّ المهل التي من شأنها أن تفضي إلى تطبيق الاتفاق.

أما روسيا فليس من مصلحتها أن تظهر وكأنها عاجزة عن تنفيذ اتفاقات هي شريكة فيها إلى جانب تركيا.

إذن، إذا كان هناك من مهلة فإنّ هذه المهلة سوف تنتهي بعد القمة الرباعية التي ستجمع قادة روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا. لا شك أنّ روسيا تراهن على هذه القمة في حسم الوضع في إدلب والتخلّص من أكثر من عشرة آلاف إرهابي، وفق التقديرات الغربية، لأنّ الدول الثلاث التي تشارك روسيا في القمة تخشى أن تقود معركة القضاء على هؤلاء الإرهابيين إلى حركة نزوح كثيف للإرهابيين واللاجئين إلى تركيا والغرب ومن مصلحتها ألا تقع مثل هذه المعركة، وإذا ما وقعت يريدون ألا تقود إلى النتائج التي يخشونها.

الأرجح أنّ روسيا سوف تستثمر ذلك القلق للحصول على غطاء لفرض وتنفيذ اتفاق سوتشي بكامل أجندته، وإذا لم تعط القمة الرباعية هذا الغطاء فسوف تبدأ معركة إدلب بعد القمة مباشرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى