بولتون ينتظر لقاء بوتين حاملاً ملفات العقوبات على إيران ومستقبل سورية الحريري لا لسنّة 8 آذار… وبراغيد لضبط الرياشي… وحردان لحكومة لا تستبعد اللاطائفيين؟

كتب المحرّر السياسيّ

يحبس العالم أنفاسه اليوم لسماع الرئيس التركي رجب أردوغان وما سيقوله تنفيذاً لوعده بكشف كل الحقائق الخاصة في قضية مقتل جمال الخاشقجي، بينما رأت مصادر تركية معارضة أن أردوغان وجد ضالته المنشودة في قضية الخاشقجي ولن يتركها بضربة واحدة، مرجّحة أن يمرحل أردوغان سيطرته على القضية خطوة خطوة، فلا يقع في خطأ يبدو فيه متستراً على ارتكابات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المتهم الأبرز في قضية قتل الخاشقجي، ولا يشعل أزمة مع السعودية تمنحها فرصة التملّص من الضغوط التي تضع على كاهلها قضية الخاشقجي. فهو سيظهر بالوقائع ما توصلت إليه التحقيقات التركية حول التفاصيل المثيرة التي تحرّك فضول الرأي العام في معرفة كيف تمّت العملية بالتفصيل، وسيتجنب الذهاب إلى ما وراء المنفذين بتوجيه اتهامات، مكتفياً بإثارة تساؤلات يضعها برسم التحقيق السعودي داعياً للمزيد من التعاون لكشف مَن خطّط ومَن حرّض ومَن أعطى الأوامر، مقدّماً نفسه وحكومته كجهة يمكن أن تؤتمن من الجميع على مواصلة تحقيق نزيه وشفاف.

أردوغان يطلّ بتفاصيله المثيرة بعيداً عن التصريح السياسي مكتفياً بالتلميح، ليلاقي تصاعد المناخات الدولية التي تشدّ الخناق على عنق إبن سلمان، وأردوغان حريص على وراثة الدور السعودي بسلاسة دون ضجيج عربياً وإسلامياً، مقدّماً أوراق اعتماده للغرب كوكيل لمصالحه عبر التشبيك مع روسيا بدلاً من خط الاشتباك معها الذي بلغ الطريق المسدود، وقد قرأ بموقف صهر الرئيس الأميركي دونالد ترماب جارد كوشنر المنقلب على إبن سلمان إشارات التخلي التي تمهد عنده للتجلي.

في طريق السعي لاستبدال الاشتباك مع موسكو بالتشبيك ومن الباب السوري الذي دخله الرئيس التركي، يواصل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون زيارته لموسكو وقد التقى فيها نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف بانتظار لقاء مرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلى جدول الأعمال ملفات سورية والعقوبات على إيران والعلاقات الثنائية، حيث لم تستبعد مصادر دبلوماسية على صلة بإدارة موسكو لملفات المنطقة أن يعرض بولتون تعاوناً روسياً أميركياً في إعادة التفاوض مع إيران مقابل وقف الحزمة الأخيرة من العقوبات أو تأجيلها، في ضوء التوقعات بعدم فاعلية هذه العقوبات وحجم الخروق التي تنتظرها، مستدرجاً عرضاً روسياً للتأجيل مقابل وعد أميركي بالتفاعل إيجاباً مع المساعي الروسية للحل السياسي في سورية تحت سقف الانتخابات وفقاً لدستور جديد، ترتبط به الانسحابات الأميركية والتركية من سورية، كما إنهاء الصيغ الانفصالية للأكراد.

لبنانياً، يواصل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري التفاؤل والاستقبالات في بيت الوسط، متجنباً تحديد مهل جديدة لولادة الحكومة، ليقع فيها مجدداً متحدثاً هذه المرة عن «يومين ثلاثة»، وفيما أظهر الحريري استخفافاً بطلب تمثيل النواب السنة من خارج تيار المستقبل، ركّز مساعيه على حلحلة عقدة التمثيل القواتي التي تنحصر بالبحث عن بديل لوزارة العدل، التي قالت مصادر معنية بالاتصالات حول تشكيل الحكومة أنها لم تكن عرضاً من رئيس الجمهورية حمله رئيس الحكومة للقوات ولا كانت طلباً قواتياً نقله رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية، بل كانت اجتهاداً من وزير الإعلام ملحم رياشي قدم بصيغة مبهمة ونال جواباً افتراضياً من رئيس الحكومة، بحيث ظن الحريري أنه مقترح رئيس حزب القوات سمير جعجع، وظن جعجع أنه مقترح الحريري أو رئيس الجمهورية، ما استدعى إيفاد مدير مكتب جعجع ايلي براغيد برفقة الرياشي للقاء الحريري في بيت الوسط، طلباً للدقة في المعلومات، خصوصاً أن براغيد صاحب خبرة أمنية في تدقيق التقارير كمسؤول أمني سابق في القوات.

في المقابل دعا رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الإجتماعي النائب أسعد حردان إلى وقف المحاصصة الطائفية التفتيتية وإلى حكومة وحدة وطنية لا تستبعد اللاطائفيين، معتبراً أن بناء الدولة القوية القادرة يستدعي حكومة وحدة وطنية بينما منطق التفتيت الطائفي الذي ينتشر كالنار في الهشيم لا يجلب إلا المزيد من الضعف.

استأنفت الاتصالات الحكومية على قدم وساق في بعبدا وبيت الوسط. وبينما يواصل الرئيس المكلف سعد الحريري لقاءاته مع حزب القوات لإيجاد حلّ للعقدة القواتية من خلال إيجاد مخرج بديل عن حقيبة العدل للقوات، يواصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهته تخصيص ساعات بعد الظهر لمتابعة المفاوضات الجارية لتأليف الحكومة، مؤكداً ضرورة تذليل العقبات التي حالت حتى الآن دون ولادة الحكومة، فالظروف الراهنة تفرض الإسراع في تشكيل الحكومة وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها.

وأكدت مصادر بيت الوسط أنّ الحريري يواصل العمل بالتعاون مع الرئيس عون للوصول إلى حكومة وفاق وطني. أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري فيسعى لدى المعنيين كي لا تطول فترة الانتظار، لا سيما أنّ التأخير ليس في مصلحة أحد. وتشير مصادر عين التينة لـ»البناء» إلى أن لا شيء جديداً وأنّ أي موعد لم يُحدَّد بعد للقاء الرئيس المكلف، مشيرة الى أنّ عقد اللقاء يفترض ان يكون مقروناً بأجواء إيجابية.

وأشارت مصادر مطلعة على الملف الحكومي لـ»البناء» الى انّ الحكومة سترى النور قبل نهاية الشهر وأنّ الأجواء ليست تشاؤمية رغم مطب يوم الجمعة، وأنّ العقدة القواتية على طريق الحلّ بعدما سلّم حزب القوات أن وزارة العدل ستبقى من حصة رئيس الجمهورية.

والتقى الرئيس المكلف مساء أمس، وفداً من حزب القوات، ضمّ وزير الإعلام في حكومة تصريف الاعمال ومدير مكتب رئيس حزب القوات إيلي براغيد، وغادر الوفد من دون الإدلاء بأيّ تصريح، حيث اكتفى وزير الإعلام بالقول: «مرتاحون للأجواء»، علماً أنّ براغيد سلم الحريري كتاباً من قيادة القوات لتصوّر الحزب بشأن كلّ الخيارات لتسهيل مهمة الرئيس المكلف. وبحسب المعلومات، تتواصل التسريبات انّ وزارة التربية طرحت على حزب القوات بدلاً من وزارة العدل التي رفض رئيس الجمهورية التخلي عنها، من دون أن يصدر أيّ موقف عن الحزب التقدمي الاشتراكي يؤكد صحة هذه التسريبات من عدمها، علماً أنّ مصادر الاشتراكي اكدت لـ البناء أنّ هذا الأمر لا أساس له من الصحة، متوقفة عند تأكيد النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقائه رئيس الجمهورية أنه يُصرّ على وزارة التربية لأنّه لا يريد وزارة حولها خلافات .

وتلفت المعلومات إلى أنّ الطرح الذي من الممكن أن تقبل به القوات يتمثل بحصولها على حقائب التربية، الشؤون الاجتماعية والثقافة ونائب رئيس مجلس النواب من دون حقيبة، مشيرة الى انّ محاولات إخراج القوات من التشكيلة الحكومية لم تنجح، في حين أنّ معلومات مقابلة تقول إنّ التربية لم تُحسم بعد، وبالتالي فإنّ الأمور تتراوح بين التربية أو العمل على الحقيبة الثالثة.

وعلى خط العقدة السنية، قال الرئيس الحريري: «ليس هناك من عقدة سنية، ومن يريد أن يطالب بالتمثيل فهذا شأنه، وفي نهاية المطاف سأبحث التشكيلة الحكومية مع رئيس الجمهورية ونقطة على السطر». وأضاف: «لا أريد التكلّم كثيراً عن هذا الموضوع، ولو كان هناك حزب كبير يطالب بأن يتمثل في الحكومة أفهم ذلك، ولكن أن يُصار الى تجميع نواب لتشكيل كتلة؟ وفي أي حال هناك حوار ونأمل خيراً».

هذا الموقف استدعى رداً من «اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلّين». فتمنّى اللقاء على الحريري أن يخفّف من توتّره ويواجه الحقيقة بصلابة وحكمة رجل دولة مسؤول، وقد تكون الحقيقة مرّة عليه، لكن هذا لا يقلّل على الإطلاق من كونها حقيقة عليه التعامل معها بهدوء وروّية تحفظان لموقع رئاسة مجلس الوزراء هيبته التي نحرص عليها جميعاً». ولفت اللقاء الى أنّ الخفّة في كيل الإهانات لنا هي إهانة للطائفة ولمن نمثّل.»

وأكدت مصادر مقرّبة من حزب الله لـ البناء الى أن لا حكومة من دون المعارضة السنية، مشدّدة على انّ اللقاء التشاوري سيمثل في الحكومة وغداً لناظره قريب، علماً أنّ المصادر نفسها ألمحت إلى أنّ الوزير السني من فريق 8 آذار قد يكون من حصة رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أنّ حزب الله مصرّ على تمثيل المعارضة السنية انطلاقاً مما أفرزته الانتخابات النيابية، مع إشارته إلى أنّ وحدة المعايير المعتمدة تعطي اللقاء التشاوري وزيراً من دون منة من أحد.

إلى ذلك، أشار رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان إلى أن منطق بناء الدولة القوية القادرة والعادلة يتطلب تحصيناً للوحدة الوطنية ولعناصر القوة التي تحمي لبنان وتصونه، أما منطق المحاصصات الذي ينتشر كما تنتشر النار في الهشيم، فهو تكريس لفيدراليات الطوائف والمذاهب، التي تغلب مصالحها على حساب مصلحة البلد وعلى حساب مصالح الناس .

وأضاف: كل هذا التأزيم الحاصل بسبب المحاصصات، له ارتدادات تفتيتية على لبنان، وهذه الارتدادات سلبية يدفع اللبنانيون أثمانها باهظة نتيجتها، ولذلك ندعو الحرصاء وكلّ القوى الحية إلى الوقوف بحزم ضدّ منطق التيئيس وبوجه ثقافة فيدراليات التفتيت، وأن يترجم هذا الموقف بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضمّ القوى اللاطائفية التي تشكل ضمانة حقيقية لوحدة لبنان وصون خياراته وثوابته، حتى يستعيد الناس ثقتهم بالدولة وبمشروعها الوطني بعيداً عن مشاريع فدراليات التفتيت .

ولفت رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في كلمة ألقاها خلال عشاء الجالية اللبنانية في سلطنة عُمان، إلى أنه «سيكون لنا قريباً جداً حكومة وحدة وطنية مهمّتها معالجة الأزمات الاقتصادية شرط أن نعمل من دون انقسام في ما يخصّ حاجات الناس فلا طائفة للكهرباء والطرقات والاتصالات»، مضيفاً «الأمل بحكومة جديدة مقياسها الإنتاجية ووعدنا ان نحقق الحصانة الاقتصادية مثلما أنجزنا الاستقرار الأمني بوجه إسرائيل والارهاب».

من ناحية أخرى، يصل الى بيروت اليوم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيير ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية مارييل دو سارنيز، في زيارة استطلاعية للاستماع الى المسؤولين والسياسيين انطلاقاً من الاهتمام الفرنسي في لبنان ليتسنى لهم تقديم تقرير عن نتائج الزيارة والاطلاع عن كثب على حقيقة الوضع.

في سياق آخر، يواصل جيش الحرب الإسرائيلي ادّعاءاته، حيث زعم أنه كشف مؤخراً موقعاً للرصد العسكري، أقامه حزب الله بغطاء مدني، على بعد كيلومتر من الحدود مع فلسطين المحتلة.

وأفادت مصادر عسكرية إسرائيلية بأنّ الموقع أقيم وكأنه يعود لجمعية مدنية لبنانية، تُعنى بحماية الطبيعة، مضيفة أنّ عناصر حزب الله يرصدون انطلاقاً من هذا الموقع، تحركات قوات الجيش الإسرائيلي وهم يرتدون زياً مدنياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى