هدوء الأيام العشرة التي يحتاجها لبنان

د. فريد البستاني

تدخل اليوم حزمة العقوبات الأميركية الجديدة على إيران حيّز التنفيذ، ومعها يحبس العالم أنفاسه ومنهم اللبنانيون، خصوصاً تجاه ما ينتظر المنطقة، ولبنان الذي ينقسم حول الموقف من خيارات حزب الله الخارجية على الأقلّ، موحد تجاه الحرص على احتواء الأزمة الناجمة عن العقوبات، سواء لجهة عدم تأثيرها على استقراره الاقتصادي والاجتماعي، أو لجهة عدم تحوّلها إلى مدخل لتصعيد سياسي إقليمي ربما ينعكس محلياً، ولذلك على اللبنانيين الإنتباه لكلّ خطوة يقومون بها أو موقف يتخذونه، كي لا يقع سلوكهم أو كلامهم حيث يسهم بوعي أو بدون وعي، في مكان يزيد المخاطر على الاستقرار بأبعاده المختلفة.

وخلال أيام ينشغل الأميركيون بانتخاباتهم الداخلية، ولا يمنحون آذانهم للإصغاء لما يجري خارج الجدران الأميركية، وهذا يعني أن لا مكان لتلقي أميركي لأيّ رسائل كلامية أو عملية يوجهها لهم الخصوم أو الأصدقاء، واللبنانيون بين الذين لن يجدوا أذناً أميركية صاغية في ما يقولون ويفعلون، فلا مبرّر لعبث بالكلام والمواقف بهدف إيصال رسائل لن تصل، سواء أرادت إزعاج الأميركيين وإغضابهم أو استنهاضهم وإرضاءهم، وسيكون لكلّ ما يُقال أو يُفعل بهذا الغرض أو ذاك مردود واحد، هو توتير المناخات اللبنانية الداخلية وزيادة حدة الإنقسامات .

ويوم الإثنين المقبل سيلتقي الكثير من قادة العالم في باريس في احتفالات نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد توافق الرئيسان الأميركي والروسي على عقد قمة ثنائية على هامش هذه الاحتفالات، وكلّ عاقل يفكر ببلده يتوقع تفاهمات أو تجاذبات بين الدول الكبرى، يسعى للنأي ببلده عن أن تكون طبقاً على مائدة الكبار، فلا تكون ضمن جوائز التفاهمات، ولا ضمن صناديق بريد التجاذبات، وكلّ تصعيد في الإنقسام الداخلي، تذكير بإزعاج لا يريده الكبار فيجعلهم يعاجلون بتفاهمات لا تنطلق من المصالح الوطنية لهذا البلد ولا تراعيها، أو يجعلهم ينتبهون للإستثمار على تصعيد الإنقسامات في بلد يتطوّع أهله لتقديمه كصندوق بريد يستعمله الخارج في رسائله الساخنة، فيزداد بلدهم انقساماً وسخونة .

كانت رغبة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون صاحب البصيرة الإستراتيجية، أن تكون للبنانيين حكومة موحدة قبل هذا التاريخ، وليس خافياً أنّ الرئيس الذي قال ما قال على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن تمسكه بالخيارات الإستراتيجية التي يلتقي معه حزب الله على أغلبها، قد اختلف مع حزب الله على الموقف من تشكيل الحكومة ليقينه أنّ أيّ مطلب تكتيكي حول التشكيلة الحكومية أقلّ قيمة من الهدف الاستراتيجي من ولادتها كأداة وطنية لتحصين بلدنا لبنان في وجه العواصف الإقليمية والدولية، لكنه خلاف تحت سقف الحرص الإستراتيجي، لا مصلحة لبنانية بأن يستعمله أيّ طرف من الأطراف المحلية لتوتير الوضع الداخلي وتصعيد الخلافات والإنقسامات .

ما نفعله عندما نغادر الهدوء في هذه الأيام إلى ساحات التصعيد الكلامي وتبادل الإتهامات، أننا نكشف بلدنا في لحظة حرجة، ونقول لخارج يعيش حال التقلبات السريعة، أننا صحن جاهز ليُضاف إلى موائده، وهذا ما يربأ أيّ لبناني بنفسه أن يقوم بفعله .

عضو مجلس النواب اللبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى