عالم «الأعراب» عالم رابع أم عالم خانع…!

محمد ح. الحاج

العالم الفقير والنامي يسمّونه عالماً ثالثاً، وقد تكون هناك عوالم أخرى، رابع وخامس… بعضها يملك الثروات لكنه مجتمع استهلاكي اتكالي منغلق لا يمكن أن يكون نامياً لابتعاده عن الإنتاج والبحث العلمي والتطوّر الاجتماعي، وفي مثل هذه الحال لا يشكل تقليده للمجتمعات المتقدّمة واستهلاكه الكثير من إنتاجها وتقنياتها طريقاً لارتقائه، فمن يستهلك الآليات والآلات الحديثة ليس كمن صمّمها وأنتجها، يُضاف إلى ذلك مواصفات فريدة لهذه المجتمعات المنغلقة على نفسها، الخاضعة لأنظمة حكم لا مثيل لها تشكل امتداداً للعصور الغابرة القديمة، عصور الرقّ والعبودية والتبعية المطلقة في الخضوع لسلالات متسلطة تطلق أسماءها على الأرض في حين يأخذ كلّ سكان الأرض صفاتهم من اسم الأرض التي يعيشون عليها مثل الفرنسي والألماني والسوري واللبناني والتركي والعراقي وأغلب باقي سكان الكرة الأرضية.

من النادر وجود حكام يتصرفون بثروات بلادهم بشكل مطلق دون حسيب أو رقيب، يستخدمونها لمصالحهم الشخصية ويقدّمون أغلبها رشى لدول عظمى وحكامها للحفاظ على وجودهم والسيطرة على شعوبهم، وتكديس الأسلحة من ثم صرف الأنظار عن ممارساتهم اللاأخلاقية واللاإنسانية في شنّ الحروب وحبك المؤامرات ضدّ الجوار الذي يشكل خطراً وجودياً عليهم بسلوكه الحضاري والعلمي لأنّ هذا السلوك يشكل قدوة تلفت أنظار المقموعين والتابعين المغيّبين عن مثله فينقلبون عليهم، وما ثورة النساء ببعيدة حيث أجبرت السلطات على السماح لهنّ بقيادة السيارة…! واعتبر ذلك إنجازاً حضارياً وإنسانياً وتطوّراً قبلت به هذه السلطات بعد تخلف ومنع استمرّ عشرات السنين، تخلف أنتجته هيئة متخلفة تعتبر نفسها حامية للدين وقد اتخذته مطية للسيطرة على العامة وإخضاعهم خدمة للعائلة ليس حباً بالله وإنما طمعاً بالمال والعطايا.

انّ مجرد التلميح برؤية ما للتغيير على مساحة البلد التائق للحرية، المنهوبة ثرواته أوجد حراكاً يحدوه شبه أمل بالمشاركة والتغيير، وهو أمل مشروع ونهاية حتمية لكلّ نظام هذه مواصفاته وهذا سلوكه الإجرامي عبر مسيرته الحافلة بخيانة قضايا اعتبرها قضايا مقدّسة، من قضية فلسطين والتحرّر العربي إلى قضية الثروة العربية والحفاظ عليها، والأهمّ قضية الدين التي جعل من سلوكه المنحرف ودعوته الوهابية الوسيلة الأعظم في تشويهه ووصمه بالإرهاب خدمة لأغراض صهيو- ماسونية، وبتخطيط من المحافل التي يرتبط بها وتوجهه ضمن خطط موضوعة وقيادات تشغل مراكز بحوث وغرف عمليات، وجاءت أهمّ إنجازات هذا النظام تدمير الدول الإسلامية وليس غيرها بذرائع كاذبة وحجج واهية أوّلها أفغانستان والصومال والسودان ثم العراق وليبيا وسورية واليمن وما زال العمل مستمراً دون هوادة بعد أن أوصل المحفل محمد بن سلمان بن عبد العزيز بن فيصل بن محمد بن سعود بن مرخان بن موسى بن ابراهيم ومرخان هذا هو مردخاي بن موشي بن ابرام تاجر الحبوب من يهود الدونمه من غازي عنتاب راجعوا الموسوعة العالمية ويكيبيديا أصول الحكام العرب .

لا أرى ضرورة تذكير العالم بالعلاقات الأعرابية مع شاه ايران عندما كان شرطي المنطقة والمدافع الأول عن الصهيونية والكيان الغاصب لأرض فلسطين، وكان نظام الشاه شيعياً.. ولم يتغيّر، المتغيّر الوحيد هو انعكاس العلاقة بحيث انقطعت بعد الثورة مع الكيان الصهيوني لتتبنّى الثورة الحق الفلسطيني، وانقلبت السفارة إلى سفارة فلسطين، هنا فقط بدا لعيون القيادات الأعرابية المذهب الشيعي الذريعة وقضت الأوامر الغربية عبر المحافل لاعتبار إيران العدو الأخطر وإعلان الحرب عليه، ولما لم يكن لدول المنطقة القدرة على مواجهة إيران حتى بمساعدة صهيونية اتجهت العمليات لتخريب ما يسمّونه «محور الشر» أو دول المواجهة والممانعة، العراق، سورية، ليبيا واليمن، ولا استثناء للجزائر مع محاولة تخريب الخاصرة السورية في لبنان.

إنّ ما أنفقته الحكومة السعودية من أموال على عمليات التخريب والتسليح وشنّ الحروب، مبالغ هائلة حسب مراكز الإحصاء الغربية كفيل برفع سوية الحياة في كلّ العالم العربي إلى السوية الأوروبية، وتغطية تكاليف الأبحاث المتقدّمة لهذا العالم والانتقال به إلى دول العالم الثاني خلال السنوات العشرين الماضية، لكن العقل والسلوك الأعرابي الهمجي والالتزام الوظيفي تكفل بإعادة أغلب دول العالم العربي سنوات مديدة إلى الخلف بعد تدمير بنيته التحتية، العلمية، والصناعية والثقافية، والقضاء على أغلب علمائه وباحثيه أو تهجيرهم في كلّ أصقاع الأرض، هذه كانت رسالة الأسرة ومهمّتها وقد أنجزتها على أكمل وجه، أما الآن وقد استقرّت أغلب أموال الأسرة في البنوك الغربية وهي المملوكة من عائلات المتنوّرين، فقد يمكن القول إنّ نهاية الأسرة التي تتداعى من الداخل أصبحت في خواتيمها واحتمال التقسيم قائم طبقاً لخطط البنتاغون بعد ضمّ أجزاء إلى الأردن الكبير، وإذا ما تمكّنت الولايات المتحدة من وضع يدها على اليمن أو إيصال أتباع لها إلى الحكم فسيكون اليمن الكبير بعد استعادة ما سلبه بني سعود من ولايات، وإنْ بقي أحد من هؤلاء فلن يكون أكثر من حاكم لنجد فقط عودة إلى الرياض و.. الدرعية من جديد وتكون الحجاز تحت وصاية دولية إسلامية تدور في الفلك الأميركي.

ينطبق على بني سعود صفة السفيه المبذر للأموال دون وجه حق أو حساب وفي كلّ قوانين العالم الإنسانية يكون الحكم بالحجر والمنع من التصرّف، هؤلاء يبذرون أموال شعب وأمة، ماذا يُقال عن حاكم يشتري قصراً بخمسمئة مليون دولار، ويختاً بمثل ذلك، ويقدّم هدايا بالمليارات ومنها اليخت وقلائد الذهب والماس…! وهل أطلقوا على الأرض اسم العائلة إلا ليملكوا ثرواتها وشعبها الذي لم يتلمّس حتى اليوم كرامته ويدرك أنه نجدي أو حجازي وليس سعودياً، أو يطالب بحريته ومشاركته في الحكم كما غيره من شعوب العالم، ويتحدثون عن ديوان للمحاسبات ومكافحة الفساد، ويبدو أنها سمة وشعار في عالمنا فارغ المضمون.

اليوم تغرق السعودية في أوحال اليمن الحزين ومعها تحالف ظالم، ستخرج مهزومة، مثقلة بالديون وسيطالبها العالم عبر المحاكم الدولية بتعويضات عما خرّبته في اليمن وغيرها، ويتلمّس أبناء نجد والحجاز وعسير وغيرها حجم الكارثة والألم، ولا أمل بحراك يشبه الثورة رغم أصوات البعض من المثقفين من أبناء البلد في بلاد المنافي وهم تحت رقابة الاستخبارات المركزية، في مصر اضطرابات من سيناء الى الصومال الى السودان، ثم ليبيا، مصر مطوّقة بالمتاعب وهذا نتاج مخطط صهيو ماسوني فلا تلتفت لأبعد من توفير لقمة العيش والاتكالية والوقوف عند حدود التسوّل…! مؤلم هو واقع مصر، الأكثر إيلاماً رؤية قائد هذه الدولة العربية العريقة ينحني ليلثم يد ابن سلمان، وقد تكون صورة مركبة الغاية منها إذلال شعب مصر العظيم، لكنه الصامت كما ابو الهول، الإمارات والبحرين وقطر وعُمان والكويت محميات متعدّدة الجنسية، أميركية بريطانية فرنسية، وحتى تركية ولا تختلف من حيث التركيب عن قبائل نجد والحجاز، وهكذا يمكن القول إنهم جميعاً ليسوا من عالم رابع فقط، بل من عالم متخلف، صامت، بل خانع.

أحداث المشرق العربي والأفريقي قد تفسح الطريق أمام تشكل نظام جديد يخرق عالم الدولار ويتجاوزه، وهو أمر بالإمكان إذا ما قرّر العملاق الصيني المشاركة، إضافة إلى مجموعة من الدول الفاعلة التي طفح كيلها بعنتريات ترامب وخطابه المتعجرف وكأنه فرخ لواحد من آلهة الحرب القدماء. أما تركيا الحائرة في أمر علاقتها مع الأميركي البشع فلن تكون الرابحة في كلّ الأحوال، القادم قريب، فلننتظر مع المنتظرين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى