ماذا يحصل في قصر عدل بعلبك؟

نضال حمادة

هو بعيد كلّ البعد من أن يكون مبنى عادياً يليق بزواره، حتى يكون قصراً. فكلمة قصر تطلق عليه مجازاً، بينما الحقيقة لمن يراها على أرض الواقع داخل مبنى قصر العدل في مدينة بعلبك مهينة وعار على الجميع، مسؤولين ومعنيين، من منظر المراحيض المقزّز الواقع في الطابق الأرضي من المبنى المؤلف من أربعة طوابق بقي الطابق الرابع منها غير مكتمل بسبب امتناع المؤجّر محمد على ديب عواضة عن تجهيزه وإكمال بنائه رغم المبلغ الكبير الذي يتقاضاه سنوياً والذي يتجاوز السبعين ألف دولار أميركي، ما جعل مرتادي قصر العدل يقضون حاجاتهم في خراب الطابق الرابع أو خلف جدران المبنى والمباني المجاورة.

هذا فضلاً عن البرد القارس خلال الشتاء داخل أروقة القصر، حيث تتساوى الحرارة بين الداخل والخارج، هذا هو الحال منذ 25 سنة ومن يأتي في اليوم المخصّص لدفع غرامات السير عليه توقّع قضاء يوم أشغال شاقة وإذلال، بسبب كثافة الناس وعدم التنظيم والنقص في كل ما يمكن تسميته بنى تحتية في المبنى .

قصة قصر العدل، الذي أصبح محور اشتباك بين نادي القضاة اللبناني المنشأ حديثاً بشخص قاضي التحقيق حمزة شرف الدين الآتي من بلدة شحيم إلى بعلبك وجهات في وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، والتي تفجرت على خلفية قيام القاضي المذكور بالتحرك لتحسين ما يمكن تحسينه من البنية التحتية للمبنى، عبر جمع التبرعات لترميمم وتجهيز المراحيض في الطابق الأول، وكذلك تحركه في الأمر الملح والعاجل مع إقتراب فصل الشتاء القارس في بعلبك والذي من المتوقع أن يكون هذا العام عالي البرودة عن السنوات السابقة، فاشترى على نفقته الخاصة مدافىء متنقلة على الغاز وُضعت في الطابق الثاني من المبنى. وهنا انفجر الوضع مع وزير العدل سليم جريصاتي ومن خلفه مجلس القضاء الأعلى وبين القاضي شرف الدين على خلفية عدم قانونية ما يقوم به القاضي من ترميم للبنى التحتية في المبنى كون قصر العدل مرفقاً عاماً وليس خاصاً.

مصادر مطلعة على مسار الخلافات، قالت إنّ الكلام عن تحديث البنية التحتية في قصر عدل بعلبك، هو الواجهة لخلاف حقيقي بين القضاة في لبنان ومجلس القضاء الأعلى وذلك على خلفية إنشاء ناد للقضاة كان القاضي شرف الدين رأس حربة في عملية بنائه كما يشغل فيه منصب مسؤول الصندوق.

وتشير المصادر إلى أنّ القضاة تقدموا بطلب علم وخبر وحصلوا على إيصال بذلك، لكنهم لم يحصلوا بعد على العلم والخبر وذلك بسبب رفض مجلس القضاء الأعلى، بينما تقول مصادر قضاة النادي، أنهم زاروا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأيد خطوتهم هذه.

أمر آخر قد يكون عنصراً فعالاً في هذه المعركة، وهو المحامون الذين يأخذون على القاضي شرف الدين عدم تشدُّده في إصدار مذكرات التوقيف وهذا ما يجفف منابع العمل لديهم. ويؤخذ على القاضي أنه يخلي سبيل غالبية من يعرضون أمامه في التحقيقات، بينما يقول هو، إنّ أي قرار بإخلاء السبيل أو بالتوقيف يخضع للأدلة التي بين يديه فضلاً عن تقديراته .

لا يبدو أنّ المواجهة بين الطرفين والتي اتخذت من قصر عدل بعلبك عنواناً سوف تنتهي، وإن كان هناك قرار بتهدئة الوضع حالياً. فصراع السياسة والمصالح يتخطى مصالح الناس العاديين واحتياجاتهم وتبقى مدفئة تخفف قساوة البرد أهم عند المواطن العادي، من مناظرات السياسيين وخلافاتهم مهما كانت محقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى