الشعب السوري بين القليبة وبين الميزان

مما لا شك فيه أن لوسائل الإعلام السوشيال ميديا السلاح الأكبر في الحرب على سورية.. فقد بدأت الحرب على سورية بأخبار كاذبة وصور مفبركة.. وانجرّ إليها قسم كبير من السوريين دون التأكد من صحة الأخبار أو الصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

البعض قال إزاء تأثر غالبية السوريين بما تنشره جهات غير معلومة وبوتيرة واحدة متفق عليها وبشعارات واحدة.. أن السوريين عاشوا فترة أمان طويلة وليس لغالبيتهم تجربة في الحرب.. وأيضاً لم تكن مواقع التواصل الاجتماعي فعالة بهذا الشكل الكبير والمكثَّف.. وكان هذا الأمر مبرراً..

اليوم تذهب سورية إلى السنة الثامنة للحرب.. وقد نزفت من رجالها وخيراتها ما فاق كل تصور.. وصار المواطن السوري منفعلاً ومتفاعلاً في الأحداث السياسية.. وانتشرت بهذه السنوات تحذيرات كثيرة من الدعوات المشبوهة والإشاعات المغرضة.. وتضاعفت هذه الإشاعات والأخبار الكاذبة والصفحات المزورة بشكل كبير عقب كل انتصار عسكري مفصلي كان ينجزه الجيش العربي السوري..

وفي الفترات الأخيرة.. وبين كل هدنة أو استراحة من الحرب والتصاعد العسكري.. كان الشعب السوري ينشغل بحدث ونلاحظ أنه يبدأ بخبر يروّجه بعض الأشخاص مرفقة بصور مفبركة.. ويبدأ الانقسام الحاد بين السوريين.. وتعلو لهجة التخوين والعنف وكأن كل فريق يحتكر لنفسه حقيقة ما يدافع عنه..

ما زلنا نذكر الهمروجة التي رافقت إصدار المنهاج الدراسي.. وانتشار الصور المزورة عن فحوى المنهاج بحيث يتقصد مروّجوها إلى استفزاز الشعب السوري بشكل كبير وتقديم رسالة له بأن كل صمودك لا ثمن له..

وفي هذه السجالات الحادة قلة مَن نجدها تسمع لصوت العقل وتخضع نفسها للمحاكمة المنطقية قبل إصدار الأحكام..

الحدث الأبرز اليوم هو مرسوم وزارة الأوقاف.. الذي قسم الشارع السوري إلى قسمين متطرّفين.. وحين سؤالك لأي شخص رفع شعارات معادية أو موالية لهذا المرسوم.. عن المرسوم ذاته لأخبرك بأنه سمع من فلان أو قرأ عن فلان.. الغالبية لم ترَ المرسوم ولا تعرف تفاصيله..

بنظرة عامة نستطيع القول إن أمام الشعب السوري تحد كبير في استحقاقه للديمقراطية.. فعلى ما يبدو أن سنوات الحرب لم تجعله ناضجاً بما يكفي ولم يبلغ سن الرشد الوطني كي يصبح قائداً للرأي العام بشكل موضوعي..

هل يعقل بعد كل هذه الدماء والتضحيات.. ينجرّ السوريون ببساطة إلى اشاعات وأخبار غير مؤكدة أضعف الايمان؟..

نعلم أننا جميعاً ننشد العدالة وتنصيب الميزان بكفتيه المتعادلتين كي نحقق العدل..

ولكن ما نراه إزاء ردود الأفعال هذه أشبه بلعبة القليبة التي لا مقياس لها سوى كثرة الأطراف وثقل وزنها.. وهي بالنهاية أرجحة في الهواء غايتها التنفيس عن الغضب وليس تقديم حلول وإعمال العقل.

أين يتجه الشارع السوري الذي اجتمع على موالاة الجيش العربي السوري.. واختلف على آراء وأفكار سواء دينية أو علمانية.. ليست مهيئأة لها الأرض السورية؟..

هيفاء فويتي

سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى