عشق الصباح..

قالت وهي تنظر بعينين دامعتين لصورة معلقة في صدر البيت :

برأيك هل نستطيع أن نغسلَ هذا العتمَ المعشعشَ في صدرونا كخيوطِ العنكبوت والذي سببته هذه الحرب العدوانية على بلدنا سورية الحبيبة. وقد كنا قبلَ هذا الوباءِ الذي دهمَ حياتَنا فجأة، نتبادلُ الأقلامَ، والدفاتر، ومقاعدَ الدراسةِ، والكلامَ، والأفراحَ، والأحزانَ، كلُّ شيءٍ في الحياةِ كانَ جميلاً، السماءُ والأرضُ، البحرُ والبرُ، الليلُ والنهارُ، كنا منذ ولادة في الوطن.. نشتركُ في الحب والحياة والعمل.. وكم حكينا في ليالي البيادر عن الحب والقمح وخبز التنور، وكم تلاقينا في سهرات المحبة على ضوءِ سراجِ الكازِ في تلكَ البيوتِ الطينيةِ، كمْ كانتْ تُشعِرُنا بالحميميةِ، آهٍ «يا بلدي سورية «.. لو أستطيع أن أسقيكَ مطرَ السماءِ كلَّهُ لأوقفَ هذا التصحرَ الذي يدهم الاخضرارَ لفعلتُ، تركت البحر للنوارس وكنتُ أخشى أنْ أعودَ إلى بيتي منكسراً. سأكتبُ في دفتريَ الخاصِّ :

«أقرأ..» القراءاتُ صارتْ متعبةً، أرقبُ عبرَ النافذةِ جنونَ الخرابِ، يبدو كأنَّ الأرضَ خُسفتْ، وجنَّ جنونُ العجاجِ، أسمعُ عويلَ ذئابٍ وخوارَ ثيرانٍ تجأرُ هائجةً في ليلٍ طالَ ظلامه….

أرتل: «يا فجر الله حان زمن الضوء».

أقرأ: «قالتِ الأعرابُ آمنّا» ردّدَ صدى الجبالِ والوديانِ… خسئتم «لن تؤمنوا»؟ لكنكم ملأتمُ السهولَ والوديانَ ذئاباً وضباعاً وقروداً وعقاربَ وأفاعي تفحُّ السّمَّ، يبدو أنَّ هذا الجنونَ الهمجيَّ كلَّه كانَ مخبوءاً في رحمِ الكتبِ الصفراءِ التي شوّهتْ تاريخَ الأرضِ والإنسانِ؟

حسن ابراهيم الناصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى