ميم للإنتاج السينمائي ودار ميم أنتجت الترفيه بالفن وفن صناعة الترفيه 100 إصدار للأطفال خلال سنة وتم بيع 300 ألف نسخة منها

حوار نجاة حجازي

لا يختلف اثنان في أن الترفيه حاجة ضرورية لحياة كل فرد منا في مراحله العمرية كافة. ولكي يكون الترفيه إيجابياً، لا بد ان يحمل رسائل تثقيفية، تربوية تنسجم مع ثقافتنا وتساهم في تعزيز وغرس القيم والمبادئ والأخلاقيات في نفوس وأذهان الأفراد وذواتهم وسلوكياتهم من خلال تحفيز طموحاتهم وقدراتهم الكامنة بعيداً عن العبثية ومضيعة الوقت لتكون بمثابة الجدار العازل والمادة الآمنة الذي تساهم في حماية الأبناء مما يتلقونه من ثقافة مسمومة تبثّ من هنا وهناك وتهدّد سلامتهم وتعيق تنشئتهم السوية. اذاً، تكمن أهمية الترفيه في اعتباره فناً مسؤولاً هادفاً كسائر الفنون الإبداعية يؤثر جلياً في الحفاظ على صحتنا وسلامتنا النفسية والاجتماعية والتربوية.

تحت عنوان لفتني جداً

«نصنع عالماً أجمل»

«مهرجان أفلام العائلة»

وللإضاءة أكثر على فكرة المشروع وتطلعاته ونشاطاته وأهدافه وما حققه من إنجازات امتازت بالحرفية العالية المرتكزة على أرقى المعايير. كانت لي مقابلة خاصة مع مدير شركة ميم للإنتاج الثقافي والإعلامي، السيد عباس شرارة.

الهوليوودية المسيطرة تكريس اغتصاب الهوية

في ظل العولمة وتأثيرها على كافة تفاصيل حياتنا اليومية وثقافة مجتمعنا ومدى الخطر في انسلاخنا عن الهوية وذوباننا في الآخر، ما دور الفن في التصدّي لها وإحداث التأثير الأقوى في الجمهور؟

ـ الفنّ هو أحد عناصر المركب الثقافي لأيّ مجتمع أو حضارة. بل هو وجه المجتمع الثقافي والحضاري. وهو إحدى دعائم وأوتاد المحافظة على الهوية الخاصة لأي شعب أو جماعة.

لقد اختزلت العولمة الكثير من الخصوصية الثقافية للمجتمعات، وبما أنّ الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الأقوى على مختلف الصعد، وخاصة على صعيد الإنتاج الإعلامي والفني، فإنّنا نتلمس سيادة المظهر الفني الهوليوودي وتأثيره في ثقافات الشعوب والأمم المختلفة. وهو سيحمل إليها بطبيعة الحال المرتكزات الفكرية والبنيوية الأميركية. وهذا من المفاعيل السلبية للعولمة.

وأما العولمة بوجهها الإيجابي، فهي عندما يُتاح للمجتمع وأبنائه التعرف على ثقافة المجتمعات الأخرى، وأنماط عيشهم وتفكيرهم من دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى الانصهار معها. وهنا يمكننا أن ندرك أنّ الإنتاج الفني والسينمائي العالمي ينطوي على إنتاجات راقية، هي أعمق من متطلبات التسويق التجاري أو اختزال معتقدات الأمم والشعوب.

ومواكبة هذا الفن تؤدي إلى معرفة الآخر وتراثه وفكره ونمط عيشه وهي من العوامل المؤثرة في حفظ الهوية الخاصة في ظل العولمة.

كيف تنظرون الى تصحيح مفهوم الجمال في مجتمعاتنا وبالأخص جيل الشباب اليافع والمحافظة على المعنى الحقيقي للفن بإبراز القيم الأصيلة والإضاءة على كافة معايير الجمال والإبداع في ثقافتنا؟ ـ قد يصعب على بعض الناس، ولا سيما الشباب التعامل مع نسبية مفهوم الجمال، فيتعلقون بموضوع يمتلك جاذبية ما، على أنّه قد يشبع نهمهم للجمال المطلق، والذي هو أمر فطري لدى الإنسان. ولكن نظراً لصعوبة الفصل بين الإدراك الذهني وذائقة الجمال لدى الإنسان، فإنّنا نرى أنّ الفنّ الأصيل والراقي ينسجم تماماً مع القيم. ولا يمكننا ان نتحدث عن جمالية الفن بعيداً عن القيم الانسانية التي تحفظ توازن وسلامة المجتمع. وحينها فقط تتقلص نسبية الجمال نحو الإطلاق.

لمهرجان أفلام العائلة سياق استراتيجي

من اين ولدت فكرة مشروع أفلام العائلة؟ وما هي الاهداف والتطلعات؟

ـ تأتي فكرة مهرجان أفلام العائلة في سياق استراتيجي، حيث ستشكّل لبنتها الأولى هذا العام اختباراً عملياً وواقعياً لمدى نجاح الفكرة، وتقديمها قيمة مضافة لمجتمعنا اللبناني على كافة الصعد، وبناء على ما سنتوصل إليه من نتائج ستتحدّد الخطوات اللاحقة.

إنّ هذا المهرجان هو فعالية كبيرة لتقديم الأفلام الآمنة والمؤنسة والمؤثرة والممتعة لكل أفراد العائلة، صغاراً وكباراً بشكل يومي متوالٍ على امتداد الجغرافيا اللبنانية ما يشكل فرصة للمشاريع العائلية.

يضم المهرجان عدداً من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة الدرامية التمثيلية والمتحركة، والتي تمّ اختيارها من قبل اللجنة المتخصصة في شركة ميم للإنتاج الثقافي والإعلامي ارتكازاً على معايير ورؤية الشركة للفن الراقي المؤثر، وقد تمّ انتخاب الأفلام من بين الأفلام الحديثة المرشحة لعدد من الجوائز المهمة في مهرجانات عالمية، فتمّ التواصل مع منتجيها وتحصيل حقوق مشاركتها في مهرجاننا الذي سيتيح للجمهور اختيار ما يناسبه في بستان متعدد الألوان، حيث يتنوّع منشأ الأفلام من الهند وتركيا وإيران وكازاخستان إلى فنلندا وهولندا وإيطاليا وفرنسا مضافاً لإنتاجات شركة ميم.

إنّ هذا المهرجان بتقديرنا يساهم في تفعيل الأنشطة العائلية وهي من العوامل المؤثرة في تماسك المجتمع ودرء المخاطر التي تتهدد سلامة الناشئة واليافعين بشكل خاص.

ولا شكّ في أنّ المهرجان يشكّل فرصة للمدارس والجمعيات التربوية والكشفية، التي ستجد أمامها باقة واسعة من الاختيارات المناسبة لكافة المراحل الدراسية والفئات العمرية، ولا سيّما مع تقاطع بعض الأفلام المشاركة مع المنهج التعليمي في لبنان بشكل مباشر. كما أنّ بعض الأفلام توفر فرصة لأنشطة اللغات الفرنسية والانكليزية.

علماً أن شركة ميم للإنتاج الثقافي أخذت على عاتقها ترجمة بعض الأفلام المشاركة في المهرجان للّغة العربية نظراً لثقل لغتها الأصلية، وهو ما يعطي مهرجان أفلام العائلة علامة فارقة.

شركة»ميم» للإنتاج الثقافي

متى كانت انطلاقة شركة»ميم» للإنتاج الثقافي وما السر في تميزها والتفوق الذي حققتموه الى الآن وأية صعوبات واجهتكم؟

ـ ولدت شركة ميم للإنتاج الثقافي من رحم نجاح إنتاجها الأول فيلم أميرة الروم في العام 2015 وكانت نواتها الأولى قد انطلقت كمبادرة شبابية طموحة في العام 2012 مع بدء التخطيط للفيلم وتأمين موارده عبر توفير الاستثمار من جهات وشركات عدة، ثم العمل على إنتاجه على مدار ثلاث سنوات. وقد شكل الإنتاج مفاجأة كبيرة للجمهور والمجتمع الفني والإنتاجي في لبنان والدول العربية، وشكّل ذلك مرتكزاً لانطلاق عمل الشركة في العام 2016، حيث تمّ ترخيصها ومأسسة المبادرة الشبابية بشكل منتظم وفاعل. وتمكنت بعد سنتين من انتاج فيلمها الثاني«الفيل الملك» بالتعاون مع شريكها التوأم»هنر بويا» الذي نشأ بصورة مشابهة تماماً لشركة ميم كمبادرة شبابية إنتاجية جذبت طاقات محترفة وأنتجت على التوالي فيلمي أميرة الروم والفيل الملك. وقد أحدث هذا الأخير أيضاً هزة كبيرة في الوسط الفني والسينمائي والإنتاجي اللبناني والعربي. نظراً لميزاته الاحترافية العالية والمنافسة ضمن المعايير العالمية.

لقد كان التحدّي الأساس أمام إدارة الشركة هو بثّ روح الثقة والاقتدار لدى الشباب في ظل الواقع المتردي على كافة الصعد، وعدم احتضان الدولة اللبنانية خصوصاً والكثير من الدول العربية للإبداعات والنجاحات والطاقات الشبابية، فكان نموذج ميم هو دعوة للعمل والتميز في مقابل الإحباط والاستسلام، ولا سيّما أمام الصعوبات والتعقيدات المادية التي تواجه أي مبادرة جادة. ولكن الطموح واليقين هو الذي يمكّن هذه المبادرات من النجاح وتحقيق الهدف.

وهكذا تمكّنت شركة ميم من إنجاز العمل من دون دعم أو مساندة فعلية من الحكومة ومؤسساتها رغم الوعود من وزارتي السياحة والثقافة في لبنان من دون أن تتحول هذه الوعود أفعالاً. ورغم ذلك تمكّنت من تحقيق الريادة على صعيد إنتاج أفلام الأنيميشن، وسجلت رقماً قياسياً عبر جذب فيلم الفيل الملك لما يقارب 100 ألف مشاهد في الصالات اللبنانية، وأكثر من مليون مشاهد في الدول القليلة الأخرى التي عرض فيها.

ورغم الصعوبات التي واجهتها في استيعاب السينما اللبنانية لإنتاجها في البداية إلا أنها راكمت معها الثقة نظراً لقدرة إنتاجات ميم على جذب فئات جديدة من الرواد إلى الصالات. ولكنّ التحدي الأساس لا زال في إمكانية تحقيق اختراق في التوزيع الخارجي، ولا سيما في الدول العربية التي لم تحدّد موعداً لعرض فيلم الفيل الملك حتى الآن رغم توقيع عقد التوزيع مع شركة vox إحدى أقوى شركات التوزيع في دول الخليج. ولا شك في أن نجاح التوزيع الخارجي سيشكل خط أمان لاستمرارية العمل الانتاجي للشركة والذي لم يتوقف، فأنتجت خلال العام الحالي مسلسل رسوم متحركة بتقنية»كات آوت انيميشن» من 780 دقيقة باسم»ألف شجرة وشجرة» وتمّ بيع نسخته الأولى لقناة الشارقة، ويتمّ العمل على تسويقه لدى القنوات الأخرى المهتمة.

دعم إلكتروني للكتاب الورقي

هل انطوت مكانة الكتاب الورقي في ظل اكتساح التكنولوجيا؟

ـ حيث إنّه لا يمكن الحديث عن العمل الثقافي دون الارتكاز على الكتاب، كان لدار ميم دوره المميّز في كتب الأطفال واليافعين حيث أنتج خلال سنتين 100 قصة وإصدار وتمكّن من بيع 300 ألف نسخة منها. ومن أجل ربط الكتاب بالتقنيات الحديثة أنجزت الشركة تطبيقات تفاعلية تعتمد على تقنيات QR والواقع المعزّز بما يتيح للقارئ الانتقال من الكتاب الورقي إلى القصص المحكية والفيديوهات والألعاب التفاعلية. وقد أطلقت الشركة مشروعي حديقة الكتاب والمعرض المتجوّل اللذين يوفران الكتاب للمستهدفين بشكل جذاب.

«لبنان على عجلات» الفيلم العربي الوحيد المشارك في دبي

النجاحات التي حققتها شركة ميم والمشاريع التي أطلقتها.

ـ لم يقتصر نجاح ميم على انتاج الأنيميشن، فشاركت بفيلمها الأول في مجال الواقع الافتراضي»لبنان على عجلات» في مهرجان دبي السينمائي الذي عرض لسبعة أيام متتالية ضمن 12 فيلماً اختارها المهرجان في مجال الواقع الافتراضي، وكان»لبنان على عجلات» الفيلم الوحيد المشارك من الدول العربية. كما أنتجت الشركة العديد من الأفلام الوثائقية والتعليمية والفواصل والكليبات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى