تونس تنتفض بوجه زيارة محمد بن سلمان… والكونغرس يستدعي وزراء ترامب المستقبل يصعّد بوجه حزب الله… والقوات تدعو لحكومة بدونه… والهدف بعبدا

كتب المحرّر السياسيّ

الارتباك سيد الموقف في واشنطن والرياض مع تداعيات الحملة التي تقودها وكالة المخابرات الأميركية بالتنسيق مع تركيا تحت عنوان قضية قتل جمال الخاشقجي لمحاصرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما المنظمات المدنية والحقوقية تخوض معركتها للتمييز عن الفريقين، الأخواني والوهابي، حيث تقدم تونس نموذجاً لانتفاضة جمعت النقابات والحقوقيين والصحافيين تستعد لاستقبال زيارة ولي العهد السعودي بحملة احتجاجات وتحركات، وقد تشارك الآلاف من التونسيين ساحات العاصمة في حراك شعبي احتجاجي رافقته صور منددة بالزيارة.

التسريبات التركية من جهتها متواصلة بأسلوب القطارة التي لا تترك المسرح يجفّ من المعلومات الجديدة لإبقاء القضية حاضرة بقوة في الإعلام وعلى مستوى الرأي العام، بينما وسائل الإعلام الأميركية متحفّزة لتلقي كل جديد، ومثلها أعضاء الكونغرس الجمهوريون والديمقراطيون يستعدّون للمواجهة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحت عنوان اتهامه بالتستّر على دور ولي العهد السعودي في قتل الخاشقجي، وقد نجحوا بجلب وزيري الخارجية والدفاع مايك بومبيو وجيمس ماتيس للمثول أمام الكونغرس وتقديم إحاطة حول العلاقة بالسعودية سواء في قضية الخاشقجي أو في حرب اليمن، بينما سيستمع الكونغرس لمديرة المخابرات الأميركية للوصول إلى خلاصة واضحة حول مسؤولية إبن سلمان في قتل الخاشقجي، والسير بالتشريعات اللازمة في ضوء هذه الخلاصة بمعزل عن رفض الرئيس ترامب لها، وكان الادعاء التركي قد أفرج عن معلومات جديدة تتصل بالكشف عن رجل أعمال سعودي هو محمد أحمد الفوزان يملك منزلاً في إحدى ضواحي اسطنبول تم الاتصال المسبق به من فريق القتل لتأمين نقل بقايا جثة الخاشقجي إلى بيته والتخلّص منها هناك.

لبنانياً، صعّد تيار المستقبل حملته على حزب الله متهما إياه بتخريب مساعي تشكيل الحكومة، بينما ذهب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى خطوة تصعيد أبعد بمطالبة رئيس الجمهورية بالموافقة على توقيع مراسيم تشكيل الحكومة من دون حزب الله، وتركّزت حملات المستقبل والقوات على مطالبة رئيس الجمهورية بالتنازل من حصته عن الوزير الذي يُراد منحه لنواب اللقاء التشاوري شرط الا يكون من النواب وأن يحظى بقبول الرئيس سعد الحريري.

مصادر في قوى الثامن من آذار رأت في الحملات الجديدة محاولات للتوتير السياسي للتغطية على العجز عن تخطّي عقدة التمثيل السياسي في الحكومة لنواب اللقاء التشاوري التي صارت محسومة ولا تعبر محاولات الإنكار إلا عن حقيقة أن لا مفر في النهاية من هذه الحقيقة. وقالت المصادر لم يكن حزب الله أو حلفاؤه من المطالبين بحكومة من دون القوات اللبنانية يوم كان عنوان العقدة تمثيلها الوزاري، ولن يستفزّ أحد من هذه الحملات ليمنح طلاب التوتير ما يريدونه للتغطية على عجزهم. وقالت المصادر رداً على كلام مصادر تيار المستقبل حول أن الحريري مستمر إلى قيام الساعة ولن يعتذر، بالقول إن أحداً لم يطالب الحريري بالاعتذار، بل بتحمل المسؤولية كرئيس مكلف بتشكيل الحكومة والإفصاح عن كيفية تطبيق معيار تمثيل فريق الرابع عشر من آذار بإثني عشر وزيراً مقابل تمثيله النيابي بأربعة وأربعين نائباً بينما يريد حصر تمثيل الثامن من آذار بسبعة وزراء مقابل عدد مماثل من النواب؟

الحريري رفض حكومة بلا حزب الله

بعد دعوة رئيس حزب القوات سمير جعجع رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف الى توقيع مرسوم تأليف حكومة بمَن حضر، علمت «البناء» أن «هناك محاولات جرت لدى الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة من دون حزب الله وسنة 8 آذار، إلا أن المعلومات تشير الى أن الحريري رفض هذا الخيار الذي اعتبر أنه لن يصبّ في مصلحته على الإطلاق، أولاً لأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يشارك بحكومة من دون حزب الله، وثانياً أن الرئيس ميشال عون لن يوقع مرسوم أي حكومة تخالف قواعد العيش المشترك والميثاقية والوحدة الوطنية وبالتالي أي حكومة من هذا القبيل ستولد ميتة الأمر الذي يشكل خطراً على إعادة تكليف الحريري من جديد إن أقدم على ذلك».

كلام جعجع يدعو للتساؤل: هل ثمة مخطط خارجي لتفجير الساحة اللبنانية بعد فشل المشاريع الأميركية السعودية في الساحات الأخرى، وذلك عبر دفع الفريق السعودي الأميركي في لبنان الى مواجهة مع حزب الله يعبر عنه جعجع في كلامه؟ ولماذا عطل «الحكيم» الحكومة مع النائب وليد جنبلاط أربعة أشهر عبر وضعهما الشروط على الرئيس المكلف؟ هل كانا ليقبلا بتأليف حكومة من دون القوات والحزب الاشتراكي تحت شعار الحاجة الاقتصادية للحكومة؟

ووصفت مصادر سياسية كلام جعجع بـ«اللاواقعي ودونه موانع دستورية وسياسية لا سيما لجهة نيل الحكومة الثقة في المجلس النيابي، خصوصاً أن الرئيس عون و8 آذار يملكان الأكثرية النيابية، واضعة كلامه في إطار الحرب الإعلامية والنفسية المضادة لتوتير الأجواء والضغط على رئيس الجمهورية وحزب الله واحراج الحريري في الوقت عينه».

وتقول المعلومات إن «الحريري لم يُقفل الباب على استقبال نواب اللقاء التشاوري، لكن بشرط أن ينحصر التفاوض على توزير شخصية سنية من خارج اللقاء التشاوري تحظى بقبول الحريري واللقاء إذا نجحت مساعي الوزير جبران باسيل بإلغاء المقايضة بين عون والحريري»، إلا أن هذا الخيار غير مقبول من «اللقاء» الذي أكدت أوساطه لـ«البناء» تمسكه بتوزير أحد نواب اللقاء الستة ولم يُطرح عليه أصلاً اي طرح جديد ولم يتم التواصل معهم من بيت الوسط». وتنقل مصادر مقربة من رئيس الجمهورية عنه لـ«البناء» أنه لا يرى بأن العقدة خارجية بل داخلية تتعلق بالنفوذ داخل كل طائفة لا سيما الطائفة السنية، مؤكداً أن «العقدة ليست مفتعلة لكن بالوقت نفسه معقدة»، كما عُلِم بأن الوزير باسيل فتح باباً للتشاور بين طرفي العقدة الحريري – اللقاء وهو مستمر بمساعيه، لكن على نار هادئة وبعيداً عن الاضواء. ولفت باسيل أمس، رداً على سؤال عما اذا كانت وساطته توقّفت: «طبعاً لم تتوقف».

أما تيار المستقبل فتحمّل مصادره حزب الله مسؤولية وصول الأمور الى هذه النقطة. وتشير لـ«البناء» الى المخاطر الكبيرة جراء هذا التعطيل لا سيما أن البلد سيكون من دون موازنة في الشهر الأول من العام المقبل، وبالتالي سيتم الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية ما يهدد مصير مؤتمر سيدر والاصلاحات وبالتالي تدهور الوضع الاقتصادي والانهيار النقدي والمالي إذا بقينا بلا حكومة، لا سيما أن كل الاصلاحات مرتبطة بالموازنة إذ إننا بحاجة الى موازنة اصلاحية لأن في الموازنة السابقة لم تُطبق الاصلاحات بالكامل». وتحذر المصادر بأن «الدول لن تنتظر لبنان لتأليف حكومته طويلاً بل ربما تتغير وجهة المساعدات الى دول أخرى كالأردن مثلاً».

غير أن مراقبين توقفوا عند كلام الرئيس عون عن «أم الصبي» فرأوا أن الكلام يحمل في طياته توجهاً الى أن يبادر الرئيس الى تقديم تنازل عبر تقديم «الصبي» قرباناً لمن يدّعي أنه «أم الصبي» للتأكيد بأن عون هو «أم الصبي» الحقيقي، وإذا أسقطنا هذه المعادلة «السليمانية الحكيمية» العادلة على الوضع الحكومي، فيمكن أن يتم الاتفاق مع اللقاء التشاوري على حل وسطي يقضي بتوزير أحد أعضاء اللقاء من حصة رئيس الجمهورية أو كـ «وزير ملك» اي نصفه للقاء ونصفه الآخر للرئيس عون، أو أن يتنازل عون عن الوزير السني للحريري من دون أن يسترجع وديعته «الوزير الماروني» غير أن لا صورة واضحة عن الحل حتى الساعة بحسب مطلعين وكل الحلول والاقتراحات قيد البحث والنقاش.

وأكد الرئيس بري من عين التينة في رده على سؤال بعد استقباله نظيره البلجيكي سيغفريد براك «أننا نردد مع رئيس الجمهورية انّنا لم نعد نملك ترف تأخير تأليف الحكومة، فهي حاجة بالأمس قبل اليوم وليس أمامنا سوى التفاؤل بالخير والدعاء».

على صعيد آخر، أكد رئيس الجمهورية أن الحل الامثل لأزمة النازحين السوريين هو في عودتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، «لان ربط هذه العودة بالتوصل الى حل سياسي للازمة السورية يترك مجالاً للشكوك في ما خص بقاءهم في الدول الموجودين فيها لاسيما وان تجربة الشعب الفلسطيني لا تزال ماثلة امامنا، وقد مرت 70 سنة وحل القضية الفلسطينية لم يتحقق بعد». وابلغ الرئيس عون رئيس مجلس النواب البلجيكي «ان لبنان طالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة بأن يُصار الى تقديم المساعدات الى النازحين السوريين بعد عودتهم، لأنهم بذلك يساهمون في إعادة إعمار بلدهم وبناء منازلهم. كذلك طالب لبنان بزيادة المساعدات التي تقدم اليه للمساهمة في إعادة إعماره وتعزيز اقتصاده وتطوير البنى التحتية فيه».

وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد لقائه الرئيس عون أمس، إن «الاستقرار النقدي في لبنان مستمر والإمكانات متوافرة لذلك».

وفي موازاة ذلك واصل العدو الإسرائيلي اعتداءاته على لبنان وانتهاك سيادته ونفذت طائراته الحربية أمس، غارات وهمية كثيفة وعلى علو منخفض فوق النبطية واقليم التفاح ومجرى نهر الليطاني وقلعة الشقيف ويحمر وزوطر الشرقية. ما يطرح السؤال التالي: إلى متى ستبقى الدولة اللبنانية الغائب والصامت الأكبر ومكتوفة الأيدي على كل هذه الاعتداءات؟ وهل يتجرّأ رئيس الحكومة وفريقه السياسي قبول الهبات والمساعدات من دول صديقة للبنان كإيران وروسيا لصد العدوان؟

لكن الممارسات الإسرائيلية في وادٍ والحكومة ورئيسها في واد آخر في ظل المعلومات التي تتسرّب عن رفض لبنان تسلم هبة من الذخائر الحربية الروسية عبارة عن ملايين الأعيرة لبنادق كلاشنيكوف، إلا أن المكتب الإعلامي للحريري نفى ذلك في بيان، مؤكداً أن «الخبر عار من الصحة، وأن الجانب الروسي قد تبلغ الموافقة على تسلّم الهبة، التي ستذهب للزوم قوى الأمن الداخلي في وزارة الداخلية».

وحذّر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من خطورة التعامل باستخفاف مع الإرهاب في ظل تمدده في افريقيا والعالم بعد دحره من الشرق الأوسط، وخلال افتتاح مؤتمر «دحر الارهاب في المنطقة وتأثيره على افريقيا» الذي يُعقد في بيروت للمرة الاولى وتنظمه المديرية العامة للأمن العام برعاية رئيس الجمهورية، قال إبراهيم في كلمته: «لا بدّ من التنبه الى استحالة عزل تمدّد تلك الجماعات الإرهابية عن عوامل التهميش السياسي والاقتصادي والصراعات القبلية والإثنية في كثير من الدول الأفريقية التي صار فيها ما يمكنني ان أسميه «الإرهاب الهجين» الذي يتشكل من هيمنة قبلية مع جريمة منظمة، وبما يعكس تشابك العنف الديني مع التطرف القبلي. وهذا الإرهاب الهجين يصل قواه من استغلال الدين والهوية لتحقيق أهداف الإرهابيين، وهو ما يجب العمل على دحض رواياتهم. واول ما يفترض القيام به «تلازم الإرادة السياسية مع الإدارة الأمنية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى