خطوات مطلوبة من أجل مجتمع سليم ومعافى

فاطمة ملحم

حين نسعى إلى تعريف ماهية التفكك الاجتماعي نجد أنه يمثل حالة التدهور في المجتمع، أو بمعنى آخر يمكن اعتباره نوعاً من التمزق والتباعد والتنافر وربما التشرّد مع مرور الوقت، وقد يكون ذلك نتيجة تردّي أو انهيار أنظمة العلاقات الاجتماعية التقليدية كالزواج والأسرة والبيئة الاجتماعية والروابط المتعدّدة في الحي الواحد أو المدينة أو حتى الدولة.

وظاهرة التفكك حاصلة في المجتمعات الإنسانية كافة، وأسبابها متعدّدة، بدءاً من الخلاف على الميراث إلى الجشع إلى الفروقات الطبقية الحادّة، إلى الطائفية المقيتة، وأيضاً النزاعات السياسية والمناطقية. ولا ننسى أبداً تأثير عوامل التربية ولا اختلاف النظرة بين جيل وآخر، حيث أنّ كلّ جيل يختلف في كثير من الأمور عن الجيل الذي سبقه. يُضاف إلى ذلك ما تواجهه المجتمعات من انحدار في منظومة القيم ومن انتشار الفساد والغرائزية، وغزوة الأفكار الهجينة، وتفشي ظاهرة المصلحة الفردية على حساب المصلحة العامة. ومن الأمثلة الحاضرة في الذهن غياب الرابطة الاجتماعية التي قد تتشكل في المدرسة أو الجامعة ثم تزول. وهناك روابط الصداقة في الأعمال والتجارة والتي سرعان ما تتبخر. ولكن أخطر حالات التفكك الاجتماعي هو تفكك الأسرة وحالات الطلاق التي تشكل مقتلاً، لأنها تؤدّي إلى ضياع مستقبل الأبناء ودفعهم نحو مستقبل محفوف بالمخاطر الاجتماعية. ولا يحالف الحظ هؤلاء إلا الذين يجدون جهة أو مؤسسة ترعاهم وتساعدهم على تجاوز معاناتهم، وهنا يبرز دور المؤسسات الاجتماعية الأهلية والتنموية في إيجاد الحلول لمثل هذه الحالات التي تبدو مستعصية في كثير من الأحيان.

لقد تفشت في المجتمع ظواهر كثيرة نتيجة التفكك الاجتماعي ومنها التشرّد والتسول والجهل والأمية والتناحر والتشاجر والجريمة بكلّ أنواعها من سرقة واختلاس ورشوة ونصب واحتيال وميسر وربا وتعاطي الخمور والمسكرات والمخدرات. إضافة إلى حيازة الأسلحة والإتجار بها، وسرقة الآثار والأموال العامة والخاصة. ولعلّ من أهمّ عوامل التفكك الاجتماعي الفقر والعوز المؤدّيان إلى الحقد والحسد والتحامل من الفقير على الغني ومن الضعيف على القوي وشيوع الخوف والرهاب والأمراض الكثيرة التي تواكب كلّ مظهر من مظاهر التفكك الاجتماعي.

إننا مطالبون جميعاً وعلى مختلف الأصعدة والمستويات إلى تضافر الجهود والعمل على نشر التوعية والثقافة والحث على العلم والابتعاد عن الشبهات والرذيلة والعودة إلى القيم والأخلاق. والأهمّ هو الدعوة إلى الترابط الأسري والمجتمعي والمحبة والتواصل بين الأهل والأقارب والتعاون في تأمين الاحتياجات العامة والخاصة.

ويتحتم علينا أيضاً نشر سياسة الشكوى على كلّ فاسد يساهم في هدم المجتمع ويدمّر اقتصاد الدولة، والحدّ من التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب دوراً في الابتعاد عن القيم والحضّ على التفلت.

بناء على ما تقدّم يجب العمل على تحقيق الإصلاح المجتمعي عبر الدعوة الى الوحدة المجتمعية ونبذ التفرقة وتحقيق العدالة الاجتماعية واتخاذ العقل شرعاً أعلى لمعالجة المشكلات كافة، بما في ذلك مشكلات الطلاق والخلافات العائلية والمالية والتقاضي أمام القانون لحلّ المشاكل المستعصية.

ختاماً إنّ أنجع السبل لتحصين وحدة المجتمع والارتقاء به ليكون مجتمعاً سليماً ومعافى، يتمّ من خلال العدالة الاجتماعية ومن خلال التنشئة الصحيحة في البيت والمدرسة والمجتمع ككلّ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى