عودة الى الديكتانور أنا صورة طبق الأصل 2018

بلال رفعت شرارة

بالتأكيد الديكتاتور أنا دكتور فخري نال شهادات بكلّ الاختصاصات من الجامعات ومعاهد التعليم العالي الوطنية، أو التي تحمل صفة تمثيلية للمعاهد الأجنبية، وهو الديكتاور أنا جنرال تدرّج على ذوقه على سلم الرتب، بل واستحدث رتباً فوق الرتب: الفريق، المشير، المهيب، وهكذا… لم يبق من رتبة إلا ومنحها الديكتاتور أنا لنفسه، وكان مدير مكتبه حتى لا يقع في المحظور يناديه صاحب السيادة والفخامة وهي مناداة تغطي أية رتبة يكون الديكاتور أنا قد سبق فيها اسمه في ساعة من الليل أو في أحلام يقظته.

في الأخبار التي تتحدث عن سيرة ومسار الديكتاتور أنا أنه استهدف كلّ من مكان يعلوه رتبه، وأنّ الضباط الأعلى شأناً سقطوا في حوادث متفرّقة بين قتيل ومعوق، بعضهم سقط من طبقات مرتفعة وبعضهم صدمته سيارة مسرعة أو أطاح به أحد سائقي سيارات النقل الكبيرة إذ صدم سيارته وألقى بها إلى الوادي، أو أنه ألقي القبض عليه متلبّساً بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصرة أو قاصر، أو بتهمة الفساد الإداري أو المالي وقد تلكأ في الإجابة على سؤال مباشر: من أين لك هذا؟

الديكتاتور أنا الجنرال لم يجد نفسه مرة واحدة يقع أمام سؤال مماثل من أين له هذا؟ من أين له هذه الشهادات والرتب ولماذا؟ في أيّ من ساحات الوغى قد انتصر وحقق لوطنه أو لأمته أو لنفسه هذا المجد التليد؟ أساساً الأسئلة كانت وما زالت ممنوعة في ما خصّ أطوار الديكتاتور أنا الدكتور والجنرال. إنه التطابق نفسه يوم اجتمع أدولف هتلر بأركانه وتطلع إلى موقع روستوف على خريطة العمليات العسكرية التي وصلتها دبابات التايغر الألمانية وإلى موقع موسكو الذي يبعد أقلّ من طول خنصر اليد، ولم يعد يفصل بينهم إلا الكثير من الثلج وجيش روسي مهزوم، وأمر ضباطه بتحقيق دخول موسكو وإعلان النصر، والمعروف أنه قد توقف الغزو النازي آنذاك دون ان يتمكّن النازيون من اقتحام ليغيراد حتى الآن الديكتاتور أنا وكلما قام أمنه بغزوة ليلية أو مداهمة مسكن أحد خصومه وإحضاره موجوداً حياً أو جثة، كلما منح نفسه رتبة أعلى وقد تكللت لياليه بالانتصارات الوهمية .

الديكاتور الدكتور الجنرال أنا كان في البداية وفي النهاية هو من يقرّر، كلمته، قانون، توقيعه، قانون همسته، إشارته… غمزته كلها: أوامر وقوانين ومراسيم لا ترد ولا تتبدّل إلا إذا نسي هو نفسه الأمر فأعاد ترسيمه.

كانت حكايته شبيهة بما رواه أحدهم عن مرسوم أصدره بوكاسا، إذ تضمّن الإعلان في مادته الأولى أنه يحق لبوكاسا ما لا يحق لغيره، وفي المادة الثانية التأكيد أنه في حال أخطأ بوكاسا فإنّ الأمر يتطلب العودة إلى المادة الاولى.

الديكاتور أنا كان لا يأبه بما يصيب الهيكل التنظيمي للدولة وأدوارها ومؤسساتها ومهماته جراء تصرفاته ومزاجه…

كان يتلاعب بكلّ شيء، بالمؤسسات بالحكومة والمجلس النيابي، كان يوقع على اقتراح لقانون محال حسب الأصول الى المجلس النيابي ثم يعود ويصدره ممهوراً بتوقيعه دون عرضه على الحكومة، كانت الحرية عنده منبراً مفتوحاً على كلّ شيء عداه، الا في مجال مدحه وتشخيصه… منبر الحرية كان يتوقف عند عتبات قصره وحدود مصالحه.

وهكذا…

من كتابي القادم سوالف .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى