رندة بري: لمقاربة الملف البيئي بطريقة تحفظ للإنسان صحته وحياته وتصون تاريخه وتراثه من التدمير

مصطفى الحمود

رعت رئيسة الجمعية اللبنانية للحفاظ على آثار وتراث الجنوب اللبناني آثار جل رندة عاصي بري الاحتفال الذي نظمه اتحاد بلديات الشقيف – النبطية وبلدية الكفور، لإطلاق محمية الشقيف الثالثة ـ في وادي الكفور، باحتفال أقيم في مطعم قصر الملوك ـ النبطية، حضره إلى بري النائبان ياسين جابر وهاني قبيسي، ممثل رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد علي قانصو، وشخصيات وفاعليات ورؤساء بلديات الاتحاد.

مطر

بعد النشيد اللبناني وعرض فيلم عن إنجازات الاتحاد، ألقى عضو بلدية الكفور أحمد مطر كلمة باسم رئيس البلدية خضر سعد أشار في خلالها إلى «أنّ العمل البلدي يكمن في وضوح الهدف وإمكانية تحققه عبر إتاحة الوسائل وتذليل العوائق، ويتجلى ذلك في التوافق بين خطة العمل والبرنامج المقرر والأعمال المنجزة على أرض الواقع، وما يعزز تحقق الأهداف رغم صعوبتها، وحدة الروح وتعاون أعضاء المجلس البلدي مع رئيسه، فالروح الواحد تنعكس إيجاباً وتخفف من قساوة المطبات التي من الممكن أن تصادفها، فبين طيات برنامجنا السنوي الكثير مما أنجز، والكثير مما نعمل جاهدين على إنجازه. إلا أنّ ما نغص علينا صفو عملنا، ذاك المكب المشؤوم الذي هدد مستقبل بلدتنا الموصوفة بهوائها العذب وفضائها الرحب، وهنا عمدنا الى تحويل التهديد الى فرصة، فكان مشروعنا الأخضر رداً على ذاك المشروع المدمر، وحيث أنّ خدمة الناس محط لفخرنا ومدعاة لفرحنا، وبعد إنجازات بلديتنا العديدة وخطواتنا الحثيثة نحو التقدم، نزرع اليوم بذور الأمل في تلال قريتنا علها تكون بارقة للجيل الصاعد بعدم الإستسلام والتسليم للأمر الواقع، للتمييز بين الخطأ والصواب وترجيح الخير وإعطائه الأولوية المطلقة، فلنسجل موقفنا ونبين حقنا وندافع عنه بكل جرأة وشجاعة، وفي سبيل خدمة أبناء منطقتنا نضع بين أيديكم المزيد من النجاحات عبر إقفال هذا المكب وتحويله الى محمية طبيعية، بفضل دعم دولة الرئيس نبيه بري وعقيلته السيدة رندة».

وتمنى مطر «تشكيل الحكومة من أجل تفعيل دور المؤسسات وعلى رأسها البلديات، لكي تتمكن من العمل بشكل أفضل بما يخص الإنماء وتلبية حاجات الناس»، معاهداً «ومن عمق الجنوب الصامد صمود البواسل، الصارخ صرخة الأحرار نعاهد بأننا سوف نبقى كما عهدتمونا السباقين لخدمتكم والمسارعين الى تلبية احتياجاتكم».

جابر

من جهته، أكد جابر «أن الاهتمام بالبيئة ضرورة وتنظيمها يسمح في زيادة المساحات الخضراء بهدف المحافظة على نظافتها، خصوصاً أننا نعاني من مشاكل كثيرة على مستوى الوطن من أزمة النفايات وتلوث الهواء والمياه وزيادة مناطق التصحر وانقراض العديد من أنواع الأشجار والنباتات الموسمية، مما انعكس سلباً على الثروة الحيوانية ولا سيما الطيور منها، ناهيك عن أخطار التلوث على صحة المواطن».

أضاف: «انطلاقاً مما تقدم فقد احتلت البيئة مركزاً طليعياً في أولويات الاتحاد، وهذا ما استحق منا الجهد الكبير والاهتمام الأكبر من حملات تشجير وإنشاء محميات وحدائق وخلافه، ونعاهدكم المضي قدماً من دون كلل او ملل، وسنستمر بالتمدد ومساعدة البلديات في انشاء واستكمال الحدائق والمحميات وبشكل خاص تحويل المكبات العشوائية بعد معالجتها إلى محميات طبيعية».

وأعلن «أننا على أبواب توقيع مذكرة التعاون بين الاتحاد ومنظمة الفاو وجمعية أمواج البيئة ووزارة الزراعة للقيام بحملات تحريج واسعة في مناطق الاتحاد كافة، وسنباشر في العام 2019 بتحريج 4 مناطق هي زوطر الغربية والشرقية وحبوش وانصار بعد تأمين التمويل اللازم من منظمة الفاو وبمساهمة الاتحاد والبلديات، وبإشراف فني من قبل وزارة الزراعة».

أضاف: «يسرني ويشرفني أن اعلن من هنا من الكفور عن إطلاق سنة البيئة النظيفة في العام 2019، وهنا لا بد من كلمة من القلب لأهلنا في الكفور والجوار، كونوا على ثقة بأنني وزملائي في مجلس الاتحاد لن نقف مكتوفي الأيدي، ولن نسمح بأي ضرر يأتيكم من مطمر للنفايات أو من معمل الفرز والمعالجة، بل على العكس سنعمل على تحسين وتطوير المعمل وتعزيز قدراته ومعالجة شوائبه وتخفيف الحمل عنكم. كما وسوف نعمل على تأمين الحوافز لتحسين منطقتكم من باب الشكر ورد الجميل».

كما أعلن أن «الاتحاد يتابع مع المعنيين كل الجهود المطلوبة لإعادة تشغيل المعمل بعد ادخال التحسينات عليه، وذلك بجهود ومتابعة مباشرة من الرئيس بري ومؤازرة الوزارات المعنية، خصوصاً وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية ومكتب الشؤون البلدية والاختيارية المركزي في «حركة أمل» ومكتب العمل البلدي في حزب الله ورؤساء البلديات في مجلس الاتحاد».

بري

وشكرت بري في كلمتها «اتحاد بلديات الشقيف بشخص رئيسه وأعضائه لتجاوبهم الفوري مع مبادرة دول الرئيس نبيه بري وتمنيه بإنشاء حديقة عامة مكان المكب السيىء الذكر والذي طويت صفحته السوداء إلى غير رجعة، تمهيدا لتحويل هذه الحديقة إلى محمية طبيعية في المستقبل القريب، على أن تتلاقى في أدوارها ووظائفها مع المحميات الطبيعية التي أطلق اتحاد البلديات العمل بها في الشقيف العام الماضي وفي بلدة بريقع في نيسان من العام الحالي».

واعتبرت «أنّ الكفور محمية وطنية بما تجسد من تعايش حي بين الرسالات السماوية ومن تآخ بين أبناء المذاهب الإسلامية. نعم الكفور تفرض نفسها بأن تكون محمية تاريخية، وإرثاً ثقافياً يستدعي من كل الجهات والسلطات في محافظة النبطية، التوقف عند المكتشفات الأثرية التي تحتويها جغرافيتها ومحيطها، لا سيما في وادي فخر الدين حيث يوجد المشروع المائي الذي يغذي عشرات القرى بمياه الشفة وهو واحد من إنجازات قائد مسيرة التنمية والتحرير الرئيس نبيه بري. ففي هذا المكان اكتشف طريق مرصوف يعتقد أنه جزء من الطريق الروماني المقدس الذي سار عليه السيد المسيح من الجليل إلى صيدون، وأيضاً تشير التقارير التاريخية إلى أنه بين بلدتي الكفور وحبوش، وتحديداً على تلة تسمى «تلة يانوح»، تم العثور على بقايا لأرضية كنيسة من العهد البيزنطي وهي عبارة عن لوحة فسيفساء، هذه اللوحة قد بيعت من قبل تجار الآثار، فهذه معلومات نضعها بين أيدي أبناء البلدة أولاً للتأكد من مدى صدقيتها وثانياً هي برسم مصلحة الآثار في وزارة الثقافة. فإذا كانت هذه المعطيات التاريخية مؤكدة وحقيقية، فنحن أمام بلدة بما تمثل من تاريخ وإرث ومن رسالية، وبما تختزن أوديتها من احتياط مائي عذب يتم استثمارها بمشروع آبار فخر الدين الحيوي».

وتابعت: «إزاء كل تلك الحيثيات المتجسدة حيوية ونبضاً في الكفور، المطلوب من أي جهة تريد أن تقارب الملف البيئي سواء في النبطية أو في أي منطقة لبنانية أخرى، أن تقاربه مقاربة تراعي القواعد التي تحفظ للانسان صحته وسلامة حياته، وتصون تاريخه وتراثه من التدمير، وتحمي العنصر الذي خلق الله منه كل شيء حي، وهو المياه، من التلويث وخصوصا المياه الجوفية. فاذا لم يكن هذا التحصين انطلاقاً من وعي شخصي وإجتماعي وقانوني، فليكن إمتثالا لدعوة إلهية نص عليها القرآن الكريم: «لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها».

وقالت: «وها أنتم اليوم ومن خلال هذا المشروع الإنساني البيئي الذي يطلقه إتحاد بلديات الشقيف، بالتعاون مع بلدية الكفور تخطون خطوة بالإتجاه الصحيح في مقاربة الملف البيئي بغرس هذه الأشجار، والتي نأمل أن تنمو وتكبر ويكبر معها الأمل باقفال الملف البيئي في هذه المنطقة وكل المناطق من دون خطأ أو خطيئة وعلى نحو يحفظ صحة الإنسان وسلامة غذائه وكل العناوين المتصلة بحياته وبتاريخه وتراثه وحاضره ومستقبله».

بعد ذلك، زارت بري والحضور بلدية الكفور، وعقدت لقاء موسعاً مع رئيسها المهندس خضر سعد، ثم انتقلوا جميعاً إلى المحمية حيث زرعت شجرة ايذانا بانطلاق حملة التشجير فيها. وأزاحت الستارة عن لوحة تؤرخ للمناسبة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى