بدل العقدة الحكومية «تعقيدات» ودعوة سورية للقمة فرصة لبنان الذهبية

روزانا رمّال

كشف مصدر سياسي بارز لـ»البناء» أن المعلومات تشير الى ان الرئيس المكلف سعد الحريري لم يكن بوارد التوصل للتشكيلة الأخيرة عشية الطرح المفترض أن يكلف الاسم التوافقي المطروح لحل إشكالية تمثيل السنة اي «جواد عدرا» وان لبنان لم يكن ليشهد ولادة حكومة حتى ولو تم حل العقدة السنية بأسماء أخرى، وان الرئيس الحريري يعرف ذلك جيداً وهو ما جعله يرفع اشكالية الحقائب بوجه الرئيس بري ما استتبع مفاجأة الأخير الذي تساءل عن سبب إعادة خلط الحقائب ونسف التنسيق السابق باللحظات الأخيرة. ويضيف المصدر «رفع قضية الحقائب الى جانب عقدة توزير السنة خارج تيار المستقبل يعني أن الحريري استدرك امكانية نجاح العقدة الأولى فرفع الثانية في الوقت الذي تبدو فيه العقدة سنية صرفة، هذا لأسباب تتعلق بالتطورات التي تحيط بالجوار السوري وتفرض على لبنان وحكومته الانخراط الأمر الذي لا يبدو ان الحريري جاهزاً بعد للتعاطي معه. وكما بدا فإن الانتظار حمل تطورات سياسية ودبلوماسية سريعة حتمت إعادة فتح سفارات دول عربية ودول أجنبية كبرى تتحضّر بعد رأس السنة لاستئناف العمل في دمشق لتبقى القمة العربية الاقتصادية فرصة لبنان. وختم المصدر «لن تكون سهلة إعادة العلاقات الرسمية مع سورية إذا لم تأت بشكلها التدريجي، لأن ذلك سيجعل الخطوة أصعب على الحريري، خصوصاً أن السعودية أكدت عدم ممانعتها عودة سورية للجامعة العربية. الأمر الذي يحتّم على لبنان التحرك لدعوة سورية لتحضر في القمة العربية الاقتصادية».

وعلى هذا، فإن المساعي التي أعيد إحياؤها قبل الدخول بعطلة رأس السنة تشي بأن التقدم باتجاه تشكيل الحكومة صار أقرب بعد ان اتضحت وجهة الدول العربية باتجاه سورية، ما يسهل فكرة التنازلات الواقعة ضمن حسابات إقليمية تأخذ مجراها بسرعة كبيرة تماماً كما تتم إعادة فتح السفارات في سورية خلال ساعات في مشهد يُعيد الى الأذهان سرعة إغلاق السفارات عام 2011 بشكل دراماتيكي قلب الصورة بشكل سريع خلال 24 ساعة ليُعاد المشهد العكسي باتجاه تحرّك سريع تحضيراً للاعتراف بما سُمّي لسنوات «النظام السوري» ليصبح اليوم الحديث عن مقعد سورية والدولة السورية.

بكل الأحوال كان الرئيس ميشال عون قد تحدّث في حوار تلفزيوني عشية عيد الاستقلال أن العلاقة بسورية وهي التي يعترف عون بحقها وحق نظامها بالبقاء والصمود منذ أوائل أيام الحرب عليها والذي كان قد زارها في زيارة تاريخية أن هذا مرتبط بعودة العلاقة مع الجامعة العربية. وهذا يعني أن مسألة العلاقة الرسمية موضوع ضمن هذا الإطار الا ان مصادر واسعة الاطلاع تتحدّث عن عدم ممانعة وزير خارجية لبنان جبران باسيل من التواصل مع سورية والتقدّم نحوها لدعوتها الى القمة العربية الاقتصادية إلا أن الأمر لا يتوقف عنده بل عند حسابات أخرى ليست من الجهة اللبنانية.

العلاقة اللبنانية السورية ستحتلّ حيزاً أساسياً من ورقة عمل الحكومة الجديدة التي ستجد نفسها امام إحراج بلورة علاقة ترضي المجتمع الدولي الذي يتوجه نحو فتح علاقات طبيعية مع الرئيس السوري بشار الأسد من جهة والذي يجد في سورية ساحة مهمة للمشاركة بإعادة الإعمار ولبنان هو أحد أهم الممرات و»المقار» القادرة على الدخول على خط المهمة. الأمر الذي يتطلب بكل تأكيد الموافقة السورية على آلية عمل وتواصل مناسبة. وبالتالي فإن لبنان اليوم أكثر المعنيين بتحريك العلاقة السليمة والواضحة لأن إعادة العلاقات العربية الطبيعية معها تجعل من العلاقة مع دمشق على سلم أولويات الدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة. فكيف بالحال أن الملفات العالقة بين البلدين، خصوصاً ازمة النازحين التي تعني لبنان واقتصاده أكثر من اي وقت مضى بظل الضيق الذي يعيشه ستكون امام آفاق واسعة للحلحلة اضافة الى اعادة ترتيب علاقة طبيعية توقفت منذ عام 2005 عند حدود اتهامات باغتيالات متتالية في لبنان، أبرزها اغتيال رفيق الحريري الذي أدخل لبنان وسورية في مرحلة جديدة.

التطورات السياسية العربية أقوى من الحكومة اللبنانية والأفرقاء في لبنان الذين يشاهدون عن كثب المتغيرات في دمشق مع استمرار تراشق التهم، مع علم الجميع أن الحدث الطاغي هو إغلاق صفحة المقاطعة العربية والدولية مع دمشق ما يعني أن حسابات الرئيس المكلف صارت أضيق لأن من يُعرفون بحلفاء سورية ستكون لهم فرصة التفوق السياسي في هذه الحكومة وفي المجلس النيابي. وهو الامر الذي يحتم الاستفادة من الوضع الراهن والمسارعة لإيجاد حلول سريعة قبل ان تصبح التنازلات مرهقة على فريق قرّر أن المقاطعة هي مصلحة للبنان قد تنقلب بشكل سريع هي الأخرى عليه، خصوصاً اذا تم ترتيب علاقة مباشرة بين المملكة العربية السعودية وسورية تحضيراً لملء مقعد سورية في القمة العربية.

دعوة سورية الى القمة العربية فرصة ذهبية ومكسب لبناني ومطلب ملحّ للتسريع بالاستحقاقات الاقتصادية والسياسية قبل أن تتسع الهوة ويصبح لبنان آخر المنضمّين للركب العربي بدل أن يكون أول العابرين نحوها والفرصة اليوم للدعوة تأتي كمبرّر عادي وطبيعي فهل مَن يستغلها؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى