ندوة في كفرحزير عن مخاطر مصانع الإسمنت: لنقلها بعيداً من شكا والكورة

عقدت لجنة كفرحزير البيئية ندوة بيئية عن مخاطر صناعة الإسمنت ومقالعها وتأثيرهما على الصحة والبيئة، في قاعة كنيسة ماريعقوب كفرحزير الكورة، حضرها النائب المحامي جورج عطالله وحشد من فاعليات الكورة وممثلون عن الأحزاب وعدد من رجال الدين والناشطين البيئيين ومهتمين.

العيناتي

أدار الندوة رئيس لجنة كفرحزير البيئية جورج العيناتي، مؤكداً «أن صناعة الإسمنت هي من أخطر الصناعات الثقيلة وهي أكبر مسبب للتلوث في العالم، أما الطريقة التي تعمل بها مصانع إسمنت شكا والهري فهي الأشدّ سوءاً وخطراً بين هذه المصانع المدمرة».

وأعلن «أنّ استعمال هذه المصانع البتروكوك بين البيوت والقرى، وتلويثها مياه الكورة الجوفية والبحرية، واقتلاع جبال الكورة وينابيعها وشلالاتها، وتخزينها النفايات السامة داخل الوديان الكورانية، وإطلاقها مليارات أطنان الغبار الناعم والمعادن الثقيلة والغازات السامة وأن خطتها لزيادة إنتاجها من أجل تصدير تراب كفرحزير وبدبهون إلى الخارج هو أكثر من اعتداء إرهابي واضح المعالم والبصمات».

بعد ذلك، عرض فيلم وثائقي عن الأضرار التي سببتها مصانع الإسمنت في دول الجوار.

رزق

وحاضر البروفسور ولسون رزق بعنوان «خطورة صناعة الإسمنت ومقالعها»، معدّداً «أضرار مقالع مصانع الإسمنت: مسح وتدمير الجبال وتشويه الطبيعة، تصحير المساحات الخضراء، تقويض القطاع الزراعي، تلويث الثروة المائية سطحية أو جوفية وتدميرها وتلويث الطبيعة من خلال نشر وتوزيع الغبار على مساحات شاسعة، التلوث الكميائي الناتج عن استعمال المتفجرات، تلوث سمعي وبصري».

وعن أضرار مصانع الإسمنت، قال: «هناك جملة أضرار تطال البشر والبر والبحر والجو بسبب إحراق البتروكوك الذي هو نفايات تكرير النفط ويحتوي على الفحم والكبريت بنسب عالية وطائفة من المعادن الثقيلة كالكادميوم والسترونسيوم والرصاص والزئبق وغيرها وهي معروفة بمفعولها المسرطن بامتياز، كما أنّ مركبات الكبريت تتفاعل مع رطوبة الجو لتنتج أسيد الكبريت الذي يدخل إلى التربة ويجعلها غير صالحة للزراعة. كما أن مخلفات مصانع الإسمنت التي ترمى من دون معالجة، تلوث التربة والمياه السطحية والجوفية وتلوث الشاطىء وتقضي على الثروة السمكية».

وعن الحلول، قال الدكتور رزق: «كوطنيين واختصاصيين بالبيئة نرى أنّ من الأجدر أن تقفل مصانع الإسمنت ومقالعها وأن يتحول العاملين فيها إلى قطاعات أخرى كالزراعة أو السياحة».

قطان

ثم حاضر البرفسور في علم المواد الأستاذ في الجامعة اللبنانية رفيق قطان بعنوان «مقالع ومعامل الإسمنت في شكا والهري ونهاية الصلاحية»، فقال: «من المعروف أنّ صناعة الإسمنت هي الأكثر تلويثاً بشهادة كافة الخبراء لانها تطال كل العناصر الضرورية للحياة:الهواء، الماء والتربة».

أضاف: «في هذه المنطقة المحدودة جغرافيا والكثيفة سكانياً تجري كل مراحل الاستخراج والتصنيع والإنتاج والنقل، وهذا ما يركز الأضرار على البشر وعلى الطبيعة، وذلك يستدعي مراجعة الأثر البيئي لهذه الصناعة في هذه المنطقة التي أصبحت هشة وحساسة جداً بسبب التلويث الدائم».

وعرض قطان وثائق تؤكد تسبب انبعاثات مصانع الإسمنت، التي تصل إلى 15 كيلومتراً، بالأمراض السرطانية وأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض التنفسية كالربو وصعوبة التنفس وأمراض الكبد وتهيج العين وتقرح الجلد والجهاز التنفسي وسرطان الرئة وتقرحات في الكبد والكلى والعظام وتآكل الأسنان وأمراض الخصوبة ونمو الجنين والتسبب بتشوهات خلقية للجنين وسرطان يضرب الجهاز العصبي وتآكل جلدي واضطراب معوي وسرطان البلعوم وامراض العين».

وقال: «لا يمكن الحديث عن خط أحمر بيئي هنا، إنما عن خط أسود نظراً لشمول التلوث كافة العناصر الطبيعية لفترة زمنية طويلة مع تلويث الغطاء النباتي والتنوع البيولوجي».

واعتبر «أنّ هذه المنطقة هشة بامتياز وينطبق عليها توصيف الكارثة البيئية ما يستدعي إعلان حالة طوارىء بيئية وإعادة تأهيل المحيط الحيوي والانتقال بالمنطقة إلى واقع إنمائي مختلف ونوعية حياة أفضل».

الشريده

وعرض الدكتور أحمد الشريده فيلماً عن التحرك الشعبي لأهل الفحيص في الأردن أدى إلى منع استخدام البتروكوك بقرار ملكي.

حمزة

ثم تحدث الأستاذ في الجامعة اللبنانية ورئيس مختبر «ميكروبيولوجيا الصحة والبيئة» التابع للمعهد العالي للدكتوراه الدكتور منذر حمزه عن مخاطر تلوث الهواء على الصحة العامة وعن التلوث البيئي الذي تسببه مصانع الإسمنت.

وقال: «إنّ مصانع الإسمنت قد وضعت على رأس لائحة الصناعات القذرة من قبل المنظمات التي تعنى بحماية البيئة حيث أن مصانع الإسمنت تنشر كميات كبيرة من الملوثات الغازية كاكاسيد النيتروجين والكبريت وثاني وأول أوكسيد الكاربون والزئبق والكادميوم، بالإضافة إلى الدقائق المحمولة مع غازات الاحتراق على شكل غبار ذو أقطار صغيرة. وتعتبر هذه الغازات والأغبرة من الملوثات الرئيسية للبيئة المحيطة»، مؤكداً أنه «ينتج عن صناعة الإسمنت أمراض خطيرة لما يحويه من تراكيب مثل الكربون والهيدروجين والجزئيات العالقة والأتربة والدخان والفسفور والضباب والأبخرة وغيرها».

سركيس

كما قدم المهندس راشد سركيس محاضرة بعنوان: «الترابة القاتلة» بدأها بتحذير بعض العلماء من «اقتراب موعد نهاية الحياة على الارض بسبب نشاطات الانسان المؤذية».

وتساءل: «هل السوق اللبناني يحتاج الى ثلاثة مصانع ترابة. وماذا ننفع اذا انتجنا ترابة لتشييد ابنية فارغة… وخسرنا مواطنينا».

وعرض سركيس للمخطط التوجيهي لبلدة كفرحزير «الذي يثبت أن جميع أراضي كفرحزير مصنفة أراضي بناء ولا يمكن حفر مقالع فيها». كما أبرز بيانات عن «كميات الإنتاج الهائل التدميري لشركات الترابة التي تصل إلى ستة ملايين طن سنوياً».

صاري

وفي الختام، تحدث مستشار محكمة التمييز العدلية القاضي المتقاعد نبيل صاري، مستهلاً محاضرته طالباً من الحضور الوقوف دقيقة صمت «تعاطفاً مع كل مريض مات بسبب مصانع شكا ومع كل شاب وصبية استشهدوا بسبب هذه الشركات». وقال: «ليس هناك من تلوث بيئي في لبنان بل هنالك فساد بيئي رغم القوانين الراقية التي تواكب أكبر الدول الأوروبية».

وأوضح أنه حين كان قاضياً في البترون نظم عدداً كبيراً من الأحكام بمصانع إسمنت شكا، بناء على القانون، كل منها بحوالي خمسين مليون ليرة ما دفع أحد زعماء الشمال إلى القول: إذا بقي هذا القاضي في البترون سينزل سعر سهم شركات الإسمنت الى خمسة ليرات وبالفعل قاموا بنقلي في التشكيلات في أيار».

وقال: «خلال عملي في القضاء، لم أصادف مرتكباً بيئياً إلا وكان مفتاحاً انتخابياً لأحد الزعماء. الموضوع البيئي مرتبط بالفساد».

وختم: «بالنسبة لقانون النيابة العامة البيئية المركزية الذي وضعته ورغم استبداله بقانون مسخ فانه لم يطبق حتى الآن أي بند من بنود هذا القانون. وسنقوم في القريب مع لجنة كفرحزير البيئية وعدد من الجهات الصادقة بتنظيم مؤتمر لملاحقة إصدار النيابة العامة البيئية المركزية أسوة بالنيابة العامة المالية وقد أثبتت هذه الأخيرة رغم الواقع اللبناني أنها قد وضعت حدّاً لبعض الفساد المنتشر».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى