مأتم حاشد ومهيب للرئيس الأسبق الأمين جبران عريجي في زغرتا انتصر بثباته على الحق وبنظافة الكف والقلب وبعقله المتنوّر والراجح والمتزن

اعتدال صادق شومان

ها هو شوقُ الرفقاء المتوشحين بالصمت الوجل، يجالدون حزنهم وتتبعثر في الرمق كلمات المواساة، وعزاؤهم انّ «البقاء للامة» اذ انّ الزمن يطوف بمواكب الترحال جيلاً بعد جيلْ، يمضي ولا ينطفئ..

بالأمس كانوا هنا.. نعرفهم شاهداً شاهداً، اسماً اسماً فقيداً فقيدا، وقامة قامة، رفقاء درب ومسار… نعرف وقفاتهم، ومكمن النبض، اشتياقهم، ونزفهم الصامت… ورحيلهم الصامت وكلٌّ له حكاية نضال ليس كمثلها حكاية.

وتعود تلك الحكاية الى وضوء الذاكرة عند كلّ رحيل.

اليوم، في الرياح الأليمة انتظمت صفوفهم وساروا بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم، والفراق يطوّقهم الى بلدة زغرتا، زاويتها، وهضبتها جارة الغيم أهدن، فلاقاهم أهل الإيثار بالأسود القاتم، وحزن قارس أرخى بثقله على الأغصان المنحنية بالأبيض من غير انكسار، وعلى وقع أجراس دير مار سركيس وباخوس تشق الصمت، وترصد الوداع بقرع جنائزي للراقد على نية القيامة في كنيسة ما يوسف، ليعلو الهمس الخافت توجّساً من القضاء والقدر يعلن: مات جبران عريجي… عن عمر ليس عتياّ… فكم هو مؤلم ذلك اليقين…

هكذا أختار الأمين جبران عريجي الرئيس الأسبق للحزب السوري القومي الاجتماعي ان يضمّه الأبد، وأن «يجمع عُمره ويمشي بصمت نحو نومته الأخيرة».

بالأمس كان هنا… يملأ المكان كما القلب قبل أن يتخذ درب الرحيل تاركاً خلفه مواقد وحكايات وتجارب في سفر نضالنا، ومعاني ودروساً من رحم تجربة حزبنا العظيم، حكاية ليس يطفئها غياب.

غير أنّ ثمة بعضنا يغيب، لكنه يبقى بمواقفه، بسِماته، بقناعاته، يبقى بظله وبجدارة المسؤولية، حيث وقف، وانْ مشى، أو ألقى كلمته ورحل.

ويظلّ نجماً جميلاً في الحضور والغياب. مناضلاً عنيداً وحضوراً ثقافياً، صميمياّ بحسّ نقدي مرهف، يغوص في قضايا هذا الهلال الخصيب… وسياقات الحياة العامة، وعن أزماتنا التي لا تنتهي.

أغواه الفكر وأغراه الاجتهاد والرغبة في التميّز في الكلمة، وجسارة الكشف عن الخطأ وإشهاره. ورفع أسنة الرماح في كلّ المناسبات بالحجة والحوار والنضال السياسي. وما ان يغيب حتى يخرج الناس يتفقدون الغياب.

ناصع غيابك أيها الأمين الراحل كما حضورك… اتيناك مودّعين، نلقي عليك التحية… والنظرة الأخيرة.

ودع الحزب السوري القومي الاجتماعي، ومدينة زغرتا والقضاء والعائلة، الرئيس السابق للحزب جبران عريجي، في مأتم مهيب أقيم في كنيسة مار يوسف في زغرتا، وترأس الصلاة المونسنيور اسطفان فرنجية، بمشاركة كهنة من نيابة إهدن – زغرتا.

حضر صلاة الجنازة إلى جانب عائلة الراحل، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف، رئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان، عضو الكتلة القومية النائب سليم سعادة، الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل، نائب رئيس الحزب وائل الحسنية، ناموس المجلس الأعلى توفيق مهنا، رئيس هيئة منح رتبة الأمانة كمال الجمل، وأعضاء مجلس العمُد والمجلس الأعلى والمكتب السياسي والمسؤولون المركزيون والمنفذون العامون وهيئات المنفذيات.

وحضر عضو قيادة حركة أمل علي عبدالله على رأس وفد ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس، النواب طوني فرنجية، اسطفان الدويهي، جهاد الصمد، وهنري معوض ممثلاً النائب ميشال معوض.

وفد من «حزب الله» مثّل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ضمّ نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي وأعضاء المجلس محمد صالح، د. علي ضاهر.

الوزراء والنواب السابقون: يوسف سعاده، روني عريجي، أميل رحمه، د. مروان فارس، أنطون خليل، غسان مطر، أمين عام المجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري،

كما وشارك قائد الجيش العماد جوزاف عون ممثلاً بالعميد يوسف تكريتي، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلاً بآمر فصيلة درك زغرتا الرائد داني الحداد، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ممثلاً بالرائد طلال حمدان، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ممثلاً برئيس مكتب أمن الدولة في زغرتا العقيد اسكندر يونس.

وحضر أمين عام مؤتمر الأحزاب العربية قاسم صالح، عضو قيادة الحزب العربي الديمقراطي مهدي مصطفى، رئيس التنظيم القومي الناصري درويش مراد، المسؤول الإعلامي في تيار المردة سليمان فرنجية، عضو قيادة حزب رزكاري ابراهيم فرحو، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية محمد بكري، سايد فرنجية، جورج قرداحي، سوسن صفا درويش، طوني الصيقة، د. بسام الهاشم، القنصل غسان الديري، القنصل غسان عبد الخالق، د. عبدالله خالد، رئيس بلدية زغرتا – إهدن سيزار باسيم، وشخصيات اجتماعية وحزبية وفاعليات ووفود شعبية.

وبعث بأكاليل زهر كلّ من رئيس الحزب حنا الناشف ورئيس المجلس الأعلى أسعد حردان ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية والعديد من الشخصيات.

بعد الانجيل المقدس ألقى المونسنيور فرنجية عظة قال فيها: «زغرتا تودّع جبرانها لا بأجنحة متكسّرة بل بأجنحة الفرح والنصر والرجاء، لأنّ جبرانها حقق ما كان يصبو إليه، ما كان يحلم به، وانتصر على الظلم بثباته على الحق، وعلى الفساد بنظافة الكف والقلب، وعلى الجهل بعقله المتنوّر والراجح والمتزن، وعلى الضغينة بالحب، وعلى الحروب المتنوّعة الأشكال بالنزعة السلامية الوحدوية التي جسّدها في أدائه السياسي والوطني والقومي ومن خلال أحاديثه ومناظراته وكتاباته، وكأني به قد اتخذ شعاراً له كلام يسوع: طوبى لفاعلي السلام، فإنهم أبناء الله يدعون».

وتابع: «جبران العريجي يمضي من هذه الحياة منتصراً متصالحاً مع نفسه ومع الناس الذين أحبّهم ورأى فيهم جميعاً صورة الأب والأخ والابن والصديق، يمضي منتصباً، مشرقاً، مبتسماً، مؤمناً، بعد صراع مع مرضه، لم ينل من عزيمته القوية بل نال من جسده المتعب والمرهق من هموم أمة استفحل بها الجهل والحقد والفساد استفحال الأمراض في الأجساد».

أضاف: «زغرتا الحزينة تضمّ جبرانها إلى صدرها، هو الذي ولد من رحمها ولعب في بساتين زيتونها وليمونها، مشى في أحيائها وطرقاتها، وعلى ضفاف أنهرها، تأمّل حركة المياه المتدفقة تروي العطاش، بشراً وأشجاراً ونباتاً وحيواناً، ومن غزارة ينابيعها تعلم العطاء والكرم وعدم العودة إلى الوراء. زغرتا الجريحة بفقدانك المبكر ترحب بك أسداً عائداً إلى عرينه وتضمّك إلى تربتها التي تفتخر فيك بطلاً جاهد في سبيل ما اعتقد حتى الرمق الأخير دون كلل أو تعب. تربّيت في كنائسها، فكنت مسؤولاً في طلائع العذراء في زغرتا وفي الشمال، لبست روح الكنيسة الحقة، أيّ روح يسوع، روح المحبة والرحمة، وتركت حجرها دون أن تترك محبتك لها واحترامك. أعطاك جدك طنوس اسم جبران تيمناً منه وإعجاباً بكتابات الأديب جبران خليل جبران، ابن جارتنا بشري، الداعية إلى الثورة على الظلم والجهل. وكأنّ اختيار اسمك كان في الوقت عينه اختياراً لرسالتك في هذه الحياة… كنت ثائراً منذ نعومة أظافرك، منشداً التغيير من أجل كرامة الإنسان ومنتفضاً على الكثير الكثير من أوجه الحياة في مجتمعك والعالم، الذي ظنّ الكثير من أترابك أنها ثابتة، لا تموت ولا تتغيّر».

وقال: «انطلقت بعملك السياسي منشداً هذا التغيير وإحقاق الحق ونصرة المظلوم أياً كان هذا المظلوم وأياً كان هذا الظالم. فالتحقت بالحزب السوري القومي الاجتماعي، مدرسة الزعيم والمفكر الشهيد أنطون سعاده، إبن الشوير البار ورمزها، من أجل بناء أمة متماسكة ومتطوّرة وحرة يكون فيها الإنسان في المرتبة الأولى ويكون فيها الدين علامة تحرّر وعاملاً مساعداً «على تقوية التجانس الروحي» بين الناس إذ «إنّ الدين في أصله لا قومي ومنافي للقومية وتكوين الأمة لأنه إنساني ذو صبغة عالمية… كلّ دين في العالم يزعم أنه للعالم كله لا فرق بين سورية وإغريقية، ويسعى إلى توحيد العالم تحت ظله» كما يقول سعاده في كتابه نشوء الأمم ص 246 ».

وتابع الأب فرنجية: «كتبت إليك هذه الكلمة في سكون ليلة من ليالي كانون الباردة والحزينة على فقد صديق حبيب وأخ كبير، كتبتها على ضوء ذكرياتنا الجميلة معاً، فتارة أراك على ميدان إهدن تجالس الصغير والكبير، الغني والفقير، بتواضع ووداعة وصبر وفرح، وتارة أراك تحت أقبية بيت الكهنة في إهدن أو في ساحة الكتلة، وتارة أراك في حفل نادي السلام مشجعاً، مازحاً وضاحكاً، تارة أراك في تدشين كنيسة أو قاعة أو احتفال حاضراً كعادتك بتواضع وذوق وخفر دون سؤال عن موقع أو صف أول أو ثاني، تارةً أتخيّلك تسير وحدك في شوارع بيروت دون حماية أو مرافقة تسلّم على كلّ من يقترب منك مصافحاً أو محيياً، تارة أراك في كاراكاس فنزويلا تتنشق من ذكريات السنين التي عشتها هناك فتركت بصماتك في قلوب الجميع من أبناء زغرتا ومن أبناء الحزب، وأراك معانقاً حفيدتك الصغيرة كارين بحب وحنان، تارة أراك مع شريكة حياتك الوفية والأمينة والجوهرة الثمينة في حياتك السيدة زكية تتشكى وتتخبّط في مشاكل بيت صغير بنيته في إهدن وهي تضحك وتبتسم وأنت الخبير في الكلمة والفكرة وليس في شؤون البيت وشجونه، تارة أراك أباً تريد من ابنك رئيف أن يكون كما تريده أنت أن يكون، متناسياً أنّ رئيف مثلك، من عجينتك وعلى شكلك، يريد أن يكون كما يريد هو أن يكون، وفي قلبك تفرح به وتفتخر. أراك تحضن بحنانك بناتك حنان وجنان وسلمى وأرى فرحتك بفرحتهم وفرحة رئيف. تارة أراك مع الأحفاد طفلاً مثلهم، تفرح بأرنب يفرحون به وبكلب يريدونه… تارة أراك الصديق الوفي حتى الموت لأصدقائك والساعي إلى الخدمة بكلّ ما أوتيت من قوة واندفاع… تارة أراك خطيباً لامعاً تنطق بالحق وتزهق الباطل. تارة أراك بعد قداس 13 حزيران في إهدن تمازحني قائلاً: «من كتب لك عظتك».

وقال: «الآن ستعرف أنني أنا من أكتب عظتي لأنها مكتوبة بدمع صداقتنا ومختومة بختم أيامنا وذكرياتنا… تارة أراك على التلفزيون متكلماً بفمك وقلبك وكلماتك المختارة بدقة تنال احترام الجميع الذي اكتسبته أيضاً من تهذيبك ولباقتك وعمق تفكيرك وتحليلك وقدرتك على الإقناع دون الفرض، وعلى كسب احترام السامعين لك دون تزلف وإثارة للنعرات المذهبية والطائفية والعصبيات على أنواعها. جبران لم يمت الآن بل مات سنة 2005. فبعدما نجح مع الكثير من أبناء الحزب الأوفياء وقادته في توحيد الحزب السوري القومي الاجتماعي وتحمّل مسؤولية رئاسته في أصعب الظروف وأدقها، مات حين رأى الوجوه تتبدّل وتتغيّر، حين رأى الجهل والجنون يأكل ما تبقى من أخضر أمتنا ويباسها، حين رأى ما ناضل من أجله مع رفاقه من حزبيين وغيرهم ينشطر إلى شطرين أو ثلاثة أو أكثر، فقدّم استقالته من رئاسة الحزب وانسحب في هدوء ووقف يدافع عن العقل في وجه الجنون بالكلمة الحرة والمسؤولة. مات حين رأى سورية ولبنان وما تبقى من حلم أمة تتآكلها النيران، مات حين ضاعت القيم الأخلاقية وغابت المثل العليا، مات حين ضعفت «بقايا الأمة» إلى حدّ أنها لم تعد قادرة على تمييز عدوها من صديقها… ولكنه لم ييأس ولم يسقط وبقي يكافح من أجل مبادئه وأفكار حزبه».

واردف: «جبران… لماذا فعلت بي هكذا؟… لماذا حمّلتني هذه المسؤولية بأن أقول لك وحدي كلمة الوداع… أردت وداعك وداعاً كنسياً بسيطاً يترأسه كاهن بسيط مثلي. أردته وداعاً شعبياً متواضعاً كقامتك وعميقاً كعمقك، بعيداً من القشور والمظاهر على أنواعها. أردت أن تمضي يومك الأخير بين عائلتك وأصدقائك وأبناء حزبك وشعبك وأهلك. إنه حمل ثقيل على كتفي لأني لن أستطيع أن أوفيك حقك. كتب رفاقك عنك وفيك الكثير في الصحف ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وسيكتبون.

نعاك حزبك بأجمل الكلمات، يودّعك أبناء زغرتا وبناتها بإجلال، تودّعك زكية والعائلة بفخر وإيمان ورجاء. رثاك الأصدقاء وحتى الأعداء في السياسة والجميع اتفقوا على احترامك وتقديرك، فكنت برحيلك قاسماً مشتركاً لأبناء الوطن، في بلد تتحطم فيه الجسور.

أتذكر عندما طلبت منك خدمة من أحد الوزراء الذي كان معتكفاً عن التوقيع آنذاك فقلت له أرجوك أريد هذه الخدمة لأنّ هيدا الخوري بدو يجنّزني. وكنت دائماً تخبرها وتضحك. وها هي حقيقة ولكن أنا لا أجنّزك وحسب، بل أنا أصلي من أجلك مع أهلك، مع عائلتك وأصدقائك. وأودّعك باسم العائلة الصغيرة: زوجتك زكية، ابنك رئيف، وبناتك حنان وجنان وسلمى الذين أتوا من بعيد ليكونوا حولك في مرضك ونزاعك ووجعك وموتك ووداعك إلى بيت الآب السماوي لتكبر قلوبهم بك، مخففين وطأة الألم الذي هزئت به.

أودّعك باسم شقيقك الحنون العميد غسان وأخواتك والعائلات. أودّعك باسم أصدقائك الأوفياء الذين لم يتركوك يوماً حتى نفسك الأخير.

أودّعك باسم حزبك، عائلتك السياسية والقومية، الذي آمنت به وأحببته حباً كبيراً وجعلته الأولوية في حياتك على حساب عملك وفي كثير من الأحيان على حساب عائلتك، وكنت مثالاً صادقاً في الالتزام والمناقبية، فباسمه أتوجه إلى كلّ أصدقائه في الحزب السوري القومي الاجتماعي داعياً إياهم إلى التجدّد والتمسك بالفكر الإنساني والقومي، فالأمة والوطن في حاجة إلى تضحياتكم وثقافتكم واعتدالكم ونزاهتكم ووحدتكم.

أودّعك باسم أبناء زغرتا وإهدن الذين سيفتقدونك في أفراحهم وأحزانهم، في مجالسهم وطرقاتهم وحكاياتهم لأنك من اليوم ستصبح أنت القصة والحكاية. أودعك لتنضمّ إلى من تاقت نفسك إليه إلى يسوع الذي قال لك يوماً: إنْ لم تعودوا كالأطفال، فلن تدخلوا ملكوت الله».

«أودعك لتنطلق إلى ملكوت الله الذي تستحقه لأنك عرفت بنعمة خالقك أن تبقي قلبك نظيفاً أبيض بياض ثلجنا الذي يلفّ جبالنا اليوم خالياً من الحقد والضغينة، خالياً من المال الحرام والصفقات على حساب المال العام. وعرفت أن تجعل من عقلك كنز حكمة ينضح بالحب والسلام.

تعال أيها الحبيب جبران نشهد معك لقيامة يسوع قائلين المسيح قام حقاً قام على أمل قيام أمة حلمت بها ووطن يليق بنا جميعا».

بعد صلاة الجنازة، تقبّلت قيادة الحزب والعائلة التعازي من المشاركين، فيما لف النعش بعلم الزوبعة ودفن الفقيد في الثرى بمدافن العائلة بعد أن أدّى له القوميون تحية الوداع.

تصوير: مخايل شريقي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى