اجتماع في دمشق للاتحادات المهنية العربية يبحث المساهمة في إعادة إعمار سورية

انعقد في مقرّ الاتحاد العام لنقابات العمال بدمشق لقاء تشاوري لرؤساء اتحادات العمال العرب، والاجتماع السنوي للأمناء العامين للاتحادات المهنية العربية تحت عنوان «دور الاتحادات المهنية العربية في إعادة إعمار سورية»، لبحث دور العمال العرب في المساهمة بإعادة الإعمار في سورية وأهمية عودة المهجرين جراء الإرهاب إلى وطنهم ومستجدات الحركة النقابية العربية وضرورة التضامن بين المنظمات النقابية العربية ورص الصفوف لمواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدف الدول العربية وشعوبها.

غصن

بداية، تحدث الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن وقال: «نلتقي اليوم ودمشق مطهرة من رجس الإرهاب وأنتم في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب لم تغادروها يوماً لا بل كنتم دائماً في مواجهة قوى الشر ولم تتنكروا لها يوماً يوم أنكرها الجاحدون، ولم تغدروا بها يوماً يوم طمع بها المتآمرون».

وأضاف غصن: «ندرك حجم التضحيات الباهظة التي قدمها الشعب السوري دفاعاً عن كرامته وهويته واستقلاله، لا بل دفاعاً عن العروبة والقومية العربية، ومن هذا المنطلق ومن هذه الزاوية نحن نتطلع إلى أن يكون للعمال العرب ولاتحاداتهم المهنية في هذا الاجتماع الدور البارز في بناء ما هدمته هذه الحرب الشرسة والغادرة على سورية. ونحن من قطاعات مهنية وعمالنا العرب يواكبون سورية ما قبل وأثناء وبعد انتصار شعبها الأبي وقيادتها الرشيدة وحكمة ووعي شعبها، ندرك أن هذه المهمة الآن ملقاة على العمل العربي المشترك في ما بيننا، وإن غاب بعض العرب وتنكروا لسورية وهم الآن يستجدون العودة وسورية تستعيدهم».

وشدد غصن على دور الاتحادات النقابية المهنية العربية»، لافتاً إلى أنّ «النقطة الأساس التي نتحاور بها اليوم، هي العمل العربي المشترك والسعي الدائم من أجل أن نرص الصف أولاً بالوحدة، فإعادة البناء والإعمار تنطلق بالأساس من الوحدة، ووحدة العمال العرب ستكون النبراس والراية التي يجتمع تحتها كل العرب».

وشدّد على «أن بناء ما هدمته الحرب يحتاج إلى دور وفعالية وتأثير وخبرة من أجل أن ننهض بسورية الحديثة التي بدأ برسم هندستها الأولى ما قبل الحرب الرئيس القائد بشار الأسد، فهو مهندس سورية الحديثة».

وأكد «ضرورة عودة المهجرين السوريين إلى بلدهم الآمن ولا يستطيع أحد أن يدعي بأنه حريص على أبناء سورية أكثر من حرص قيادة سورية على أبنائها، وشعب سورية على لم شمله ووحدته، فأبواب العودة مفتوحة لجميع السوريون لكي يساهموا «مع إخوانهم الذين لم يغادروها في إعادة استنهاض هذا البلد الأبي الشامخ».

ودعا غصن إلى «أن تكون كلمة العمال العرب واحدة وصوتهم واحد من أجل عزة سورية ورفعتها ومجدها».

القادري

بدوره، لفت رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية جمال القادري إلى أن سورية «استطاعت أن تحقق تنمية اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة بمواردها الذاتية»، وقال: «لو حققنا التنمية بالاقتراض من صناديق النقد الدولي والبنك الدولي ورهنا اقتصادنا وقرارنا السياسي، لما كانت لديهم مشكلة، ولكننا حققنا تنمية بموارد ذاتية ووصلت معدلات النمو في سورية عام 2007 إلى 6 في المئة، وكان هناك نهوض اقتصادي، وسورية في 2011 مع بداية الحرب عليها كانت واحة للأمن والأمان وأنموذجاً في هذا المجال وكنا ننعم بحالة من الأمن غير مسبوقة، ونعيش في بحبوحة اقتصادية غير مسبوقة أيضاً، فالعمال والفلاحون كانوا مرتاحين، جراء الدعم الكبير من قبل الدولة وحزب البعث».

وأوضح القادري «أن الأعداء تآمروا على سورية من الخارج ولم يستطيعوا، ثم حاولوا الولوج من الداخل»، لافتاً إلى «أن السواد الأعظم من الشعب السوري لم تنطل عليه هذه الخدع خلال الحرب، وكنا نحن عمال سورية في طليعة المتصدّين للغوغائيين الذين غرر بهم». وأشار إلى «أن الحصار الاقتصادي الرهيب والغير مسبوق الذي فرض على سورية كان هدفه تجويع الشعب السوري ليقتلوا فيه إرادة الصمود، ويدفعوه إلى التخلي عن الاصطفاف خلف قيادته وجيشه لكنهم فشلوا في ذلك وصمد الشعب السوري صموداً أسطورياً».

واعتبر «أن المهمة المطلوبة منا نحن العمال العرب والقيادات النقابية استنهاض الوعي لتحصين شعوبنا كي لا تنساق وراء مخططات جهنمية ليست لمصلحة الشعوب، وإنما هي مصالح وأجندات غربية»، داعياً إلى «عدم الثقة بأنّ أميركا وأوروبا يحملون همّنا أو أن قطر والسعودية سيعلموننا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان»، مستغرباً «هذا العهر السياسي الحاصل في العلاقات الدولية، حيث تقوم الدول الغربية بدعم أنظمة لا تعرف معنى صندوق الانتخاب وتتصدى لتعلمنا أصول الديمقراطية والانتخاب، وهذا الأمر من مهازل العصر ونكد الدهر».

ودعا إلى «الاهتمام بتثقيف العمال العرب في كل الدول العربية وإيلاء الثقافة والتوعية اهتماماً كبيراً لأنه عندما يتسلح العمال بالوعي يكونون قادرين على الصمود والثبات في وجه التحديات».

ولفت القادري إلى «أن ورشة إعادة الإعمار انطلقت في سورية»، داعياً العرب إلى المشاركة، «باستثناء الذين انخرطوا في المخطط اللئيم والمشبوه على سورية ومن ساهم في سفك دماء أبناء الشعب السوري إن كان بالمال أو بالكلمة، فهؤلاء لن يكون لهم موطئ قدم في سورية، لا الآن ولا في المستقبل».

وأوضح القادري «أن هناك خططاً حكومية توضع الآن لإعادة إعمار كل ما دمره الإرهاب، وهناك مناطق ومنها حلب كنموذج انطلقت فيها عملية إعادة الإعمار وإزالة آثار الإرهاب بسرعة وثبات، وفي كل منطقة اندحر منها الإرهاب بدأ أبناؤها بمسح آثاره السوداء عن منازلهم وحقولهم ومعاملهم وشركاتهم».

وأضاف: «نحن في اتحاد عمال سورية منهمكون مع الحكومة في العمل لإعادة عجلة الإنتاج في كل المصانع، إذ إنّ الإرهابيين استهدفوا المعامل والمشافي والجامعات والمحاصيل الزراعية وسرقوا ونهبوا الموارد الاقتصادية التي كانت ترفد الخزين»، مشددا على «أن عمال سورية يشحذون الهمم اليوم لإعادة البناء والانخراط في ورشة إعادة الإعمار، وأي عملية إعمار العمال هم الأساس فيها، ونحن الآن نضع كل الخطط التي تمكننا من المشاركة العميقة في هذه المسألة».

وأعرب القادري عن التضامن اللامحدود باسم عمال سورية والعمال العرب مع رئيس الاتحاد العمالي اللبناني بشارة الأسمر «الذي استدعي للمحاكمة لأنه عبر عن رأيه مؤكداً رفض الممارسات اللامسؤولة التي خضع لها». كما تمنى للسودانيين «كل الاستقرار وأن يتجاوزوا قطوع هذه المحنة التي بدأت»، داعياً إياهم إلى «أن ينتبهوا لهذا المخطط لأن السيناريو نفسه يتكرر». كما حيّا أبناء وعمال الجولان السوري المحتل «الذين حافظوا على أصالتهم وعلى سوريتهم ورفضوا كل الإجراءات الإسرائيلية».

وتوجه رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال بالتحية إلى عمال فلسطين والفلسطينيين، مشدّداً على أن فلسطين «ستبقى قضيتنا المركزية ولا خوف عليها مع انتصار سورية»، ودعا أبناء شعبنا في فلسطين «إلى وحدة الصف حتى يفوتوا الفرصة على أعدائهم».

المراغي

من جهته، قال رئيس اتحاد عمال مصر رئيس المجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العرب جبالي المراغي إن السوريين قادرون على إعادة بناء كل ما دمره الإرهاب، مؤكداً «أن إعادة الإعمار ستكون الدرس الثاني للعملاء والمرتزقة، وإن الشعوب العربية جميعها يد واحدة ولكن بعض الأنظمة العربية هي سبب ما حصل». ودعا تلك الأنظمة «أن يعقلوا ويفهموا ويعوا الدرس بأن الشعب السوري شعب مناضل يلتف حول قائده».

وأضاف جبالي: «إن العمال العرب لم يتأخروا عن سورية، ولم يتنحوا ولم ينتقلوا أو ينتقل مقر الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب من سورية، بل كثرت الاجتماعات واللقاءات فيها وها نحن الآن سفراء في كل بلد عربي وأوروبي وأجنبي نذهب إليه لنقول الحقائق»، مشدداً على «أن سورية هي التي تدافع عن القومية العربية، والعمال العرب كما كانوا شركاء مع عمال سورية في المحن سيكونون شركاء بالتعمير».

عبدالكريم

من جانبه، أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان يوسف علي عبد الكريم إلى وقوف بلاده مع الحركات النقابية وحركة التنظيم النقابي بما فيها الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية، وأن الاتحاد العام لنقابات عمال السودان «سيبذل جهده للمساهمة في إعادة إعمار سورية».

وأكد عبد الكريم «أن الشعب السوري يعرف كيف يكون التطور والنهوض والتجديد والإعمار وهو انتصر للعروبة وللأوطان المحبة للسلام»، مضيفاً أن سورية «علمتنا كيف ينجلي الليل وكيف ينكسر القيد».

دنبوس

من ناحيته، أكد رئيس اتحاد عمال العراق ستار دنبوس «ضرورة تعزيز العلاقات العمالية العربية وتمتينها لمواجهة التحديات»، معرباً «عن استعداد عمال العراق للمشاركة في عملية إعادة الإعمار في سورية».

وهنأ دنبوس «سورية شعباً وجيشاً وقيادة بالنصر الذي تحقق على الإرهاب وتعافي سورية وعودتها إلى ألقها.»

وتركزت مداخلات الأمناء العامين للاتحادت المهنية العربية على ضرورة المشاركة في إعادة الإعمار وتقديم الخبرات والمهارات المطلوبة لذلك، مبدين استعداد عمالهم وفنييهم للمساهمة بكلّ الإمكانيات المتوافرة في هذه العملية، داعين إلى معرفة القطاعات التي تتطلب مشاركتهم وما يمكن تقديمه.

وفي السياق، دعا الأمين العام للاتحاد العربي للبتروكيماويات الكيميائي عماد حمدي إلى عقد مؤتمر اقتصادي عمالي «يخصص للحديث عن إعادة الإعمار في سورية وعرض جميع المشاريع والأفكار لتتم بلورتها في رؤية واحدة ولكي يساهم الجميع في الإنجاز والتقدم بخطوات إلى الأمام تساعد الشعب السوري في بناء كل ما خربه ودمره الإرهاب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى