ما الذي يدبّره التحالف الأميركي الرجعي الصهيوني لسورية ومحور المقاومة

محمد شريف الجيوسي

لا يختلف عاقلان موضوعيان بغضّ النظر عن موقفهما السياسي على أنّ الدولة الوطنية السورية انتصرت بقيادتها التي كانت عليها عندما بدأت المؤامرة الإقليمية الغربية الرجعية الصهيونية عليها بقيادة الولايات المتحدة الأميركية من الحلفاء والأتباع والعملاء والمريدين ..

ولم يعد سراً أنّ العديد ممن تآمروا على سورية بعد أن فضحوا بعضهم البعض أدواراً وأرقاماً فلكية من أموال الشعوب هدروها عبثاً بسخاء ونذالة وخسة وهبل، لإسقاط سورية الدور والموقف والقرار الوطني والقومي المستقلّ، والاقتصاد غير المدين المكتفي ـ باتوا يتسابقون للعودة إلى سورية اليوم قبل الغد، فمن لم يلحق نفسه الآن قد لا تسنح له فرصة العودة مع حفظ ماء الوجه غداً ، وقد يكون ثمن استعادة مصالحه مكلفاً.

ولكن هل ستكون عودة أطراف المؤامرة إلى الدولة الوطنية السورية عودة نظيفة صادقة ودودة مخلصة مستسلمة لواقع أنّ مشروعها التآمري قرابة 8 سنوات متصلات عجاف قد هُزم، بعد أن بذلت لإنجاحه كلّ أشكال الخسة وأساليت وآليات التآمر من الإعلام والإشاعة وتحشيد وتمرير الإرهابيين من بقاع الأرض الأربع والتمويل والتدريب والتزويد بالسلاح ووسائل الاتصال والمعلومات والإحداثيات والخدمات اللوجستية عبثاً.

لقد تجاوزت سورية نحو 95 من المؤامرة، وبات استكمال إنجاز الـ 5 الباقية مسألة وقت يسير، ولكن مع ذلك، فإنّ هذه الـ 5 لا تقلّ خطورة وأهمية وصعوبة عن إنجاز الـ 95 المتحققة على الأرض في كلّ المجالات ..

عدو جدك ما بودّك هكذا تقول العرب، فالإسلام السياسي الأميركي الغربي كان ولا يزال على الدوام عدواً للشعور القومي والعربي، وأداة مطواعة في يد الرجعية العربية وغير العربية بل كان هو الرجعية العربية غالباً، التصق بالأنظمة التابعة لعواصم الغرب الاستعماري الجديد منها والقديم وكان أداة في يدها، وعندما تعارض في حالات معها لم يُنجز حالة وطنية واحدة مميّزة قادرة وإنما تابعة، ورأينا أخيراً دوره العميل في ما أسمي الربيع العربي فحرف البوصلة الى صراع سني شيعي وعربي فارسي بديلاً عن الصراع العربي الصهيوني، مركزاً حربه على الدول التي تتوفر على جيوش وسمات وطنية وقومية.

ومن هنا فإنّ عودة الدول والأطراف التي تآمرت على سورية واليمن والعراق وليبيا ومصر وتونس والجزائر إلى هذه الدول وفي الطليعة منها سورية، لن تكون عودة مطمئنة بحال، فهي مجبولة على العداء لكبّ شأن قومي وعربي، ولن تقدر على تجاوز ذاتها، ومصالحها المرتبطة بالغرب الاستعماري.

وإنْ حدث خروج للبعض عن تقاليد التبعية لدى الإسلام السياسي فلن يجد مساندة حقيقية من مكتب الإرشاد العالمي الإخواني أو من الوهابية وتفريخاتهما.. فالسودان مثلاً بدأ بداية جيدة خارج الوصاية الأميركية حيث نقّب عن النفط واستخرجه ومدّ خطوط نقله وتسويقه باستقلالية كاملة عن أميركا بخاصة، فكانت النتيجة أن صعّدوا حركة الجنوب الإنفصالية ضدّه، وصولاً إلى الانفصال الكامل عنه، وخلقوا له العديد من المشكلات في دارفور وكردفان وغيرهما.. ولم يتوقف خلق المشكلات له عند حدود الانفصال وما سبق، حيث تُرك دمل أبيي مع الجنوب مفتوحاً، ويجري تحريك مشكلة حلايب مع مصر بين حين وآخر. وفي السنوات الأخيرة خلق الكيان الصهيوني مشكلة سدّ النهضة مع أثيوبيا ومع مصر في آن معاً.. دون أن تتحرك الوهابية أو الإخوانية بما لديهما من نفوذ وعلاقات لنصرة السودان، رغم أنّ الدولة العميقة فيه إسلامية إخوانية بامتياز.

وعندما زار الرئيس السوداني عمر حسن البشير دمشق بتنسيق مع السعودية والإمارات وروسيا وغيرها.. حرّكت قطر وتركيا ومكتب الإرشاد العالمي الشارع الإخواني في السودان على الفور مستغلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة فيه، في مسعى لإفشال مساعي المصالحات والحلول السياسية بالمنطقة، وفي آن لم توفر أطراف الإسلام السياسي المحرّكة للمساعي، ما ينبغي من مساعدات اقتصادية عاجلة للسودان، ربما بانتظار إشارات خضراء لتقديمها ..

كما أنه لا يراهن على أميركا في شأن ما أيّ شأن فهي طالما خذلت أصدقائها ونقضت عهودها مع غير الأصدقاء.

بكلمات إنّ عودة الدول والأطراف التي طالما محضت الدولة الوطنية السورية العداء، هي عودة فرضتها وتفرضها موازين القوى على الأرض السورية وتداعياتها المنتظرة اللاحقة .. وليس منة أو كرم أخلاق أو حتى ليس نتاج تقاطع مصالح أحياناً، وفي جوانب ستكون محاولات تخريب وتآمر سياسي هادئ وغير هادئ طويل الأمد من الداخل، بعد فشل عنصر القوة والتآمر المسلح.. وهم في ذلك سيلجأون الى الإستفادة من التنوّع الديمغرافي والمعتقدي وما خلّفته الحرب من آلام وضحايا وشهداء وجرحى. وسيحاولون الظهور بمظاهر إنسانية زائفة، وتشجيع قيام مؤسسات مجتمع مدني وأهلي للنفاذ من خلالها والسخاء عليها، وتكوين وتمرير ثقافات غربية ورجعية وصهيونية بأساليب غاية بالخبث من ناحية ومتقدّمة تكنولوجيا وأتمتة وعلمياً لتسليس استقبالها وسيكون عنصر الشباب بخاصة الفئات المستهدفة بالتخريب.

كلّ ذلك يستدعي أقصى درجات الحذر، والبناء عليه وعلى الانتصارات تعزيزاً للإرادة الحرة المستقلة ولمحور المقاومة وحلفائه.

m.sh.jayousi hotmail.co.uk

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى