لقاء بكركي: نرفض المسّ بصلاحيات رئاسة الجمهورية

أكد القادة الموارنة ورؤساء الأحزاب المشاركون في اللقاء الجامع الذي دعا إليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، تمسّكهم بهوية لبنان الذي نشأ من التلاقي الحضاري والإنساني بين المسيحيين والمسلمين، مشدّدين على أن «ليس لأحد أن يصنع للبنان هوية مغايرة لحقيقته».

وشدّد القادة الموارنة على وجوب تطبيق الدستور ورفض كل ما من شأنه المسّ بتوازن المؤسسات الدستورية وصلاحيات كل منها، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية، بما هي رئاسة للدولة ورمز لوحدة الوطن، لأن احترام الصلاحيات المنوطة بمسؤولي الدولة والتعاون المتكافئ بين السلطات الثلاث يحمي الدستور ويخدم مصلحة الوطن والناس ويعزّز مناعة الدولة وهيبتها.

وأكد وجوب تطبيق الدستور، نصاً وروحاً، ورفض تحويل أي استباحة له عرفاً جديداً واعتبار المؤسسات الدستورية الإطار الوحيد لمناقشة الأزمات السياسية وحلِّها ورفض جميع الأساليب التي تهدّد بالانقلاب على الدولة او السطو على قرارها.

ودعا إلى الإسراع في تشكيل حكومة وفق الدستور وآلياته تكون منتجة وتشكل حافزاً لدى المجتمع الدولي لمساندة لبنان، والتعاون مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف اللذين أناط بهما الدستور عملية التأليف حتى لا يبقى لبنان عرضة للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وشدد اللقاء على التمسّك باستقلالية القرار الوطني وبمصلحة لبنان العليا في صياغة علاقاته الخارجية والالتزام بمقتضيات انتمائه الى المنظومتين العربية والدولية حتى لا تتشوَّه هوية لبنان ويصبح في عزلة عن محيطه العربي والدولي.

ولفت إلى أنّ حضور المسيحيين في لبنان ودورهم الفاعل فيه، ومحافظتهم على الأرض وعلى الحرية هي شروط لاستمرار «لبنان الرسالة» كنموذج للتعددية والتنوع والحرية والديمقراطية.

وندّد بالانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادة لبنان ومواجهة خطرها بمزيد من التضامن الوطني تحت سقف الدولة والمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية، ورفض أي محاولة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتأكيد حقهم في العودة.

وأكد دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية للقيام بواجبهما في الدفاع عن لبنان وحفظ أمنه وسيادته. ولفت الى القيام بكلّ ما من شأنه تأمين عودة النازحين السوريين إلى أرضهم بأسرع وقت والتأكيد على حقهم في العودة الآمنة الى أرضهم، لان النزوح بات يمثل تحدياً وجودياً جدياً ويعرّض هوية لبنان وكيانه لخطر بليغ، وقد أصبحت معالجته ملحّة.

ودعا إلى التعاطي بمسؤولية في الشأنين الاقتصادي والمالي لمواجهة ما يهدّد أمن المواطنين الاجتماعي. والسعي المشترك الفاعل لضبط حسابات المالية العامة ووقف الهدر ومكافحة الفساد لخفض العجز في الموازنة. فالناس يئنون من البطالة والفقر والمؤسسات تقفل ابوابها، وشبابنا يهاجر مرغماً.

وشدّد على تشجيع الشباب المسيحي ومساعدته على الانخراط في مؤسسات الدولة والإدارات العامة المدنية والعسكرية والأمنية.

وأكد المجتمعون التزامهم بالوجدان الماروني وثوابته الوطنية التاريخية وخصوصاً لجهة العلاقات التي تجمعهم على قواعد المسالمة والغفران والتعاون، بالرغم من تعدد الخيارات السياسية وتعهدوا مواجهة التحديات المقلقة المذكورة أعلاه وتنظيم وتنسيق أطر وآليات مواجهتها عبر تشكيل لجنة متابعة تضمّ ممثلين عن الكتل النيابية المشاركة في اللقاء، تباشر أعمالها فوراً لاستكمال البحث في النقاط التي طرحت في خلاله على أن تعقد اجتماعات موسّعة لاحقاً في ضوء نتائج عملها. واللجنة مؤلفة من النواب: إبراهيم كنعان، جورج عدوان، سامي الجميّل، اسطفان الدويهي، ميشال معوّض، فريد هيكل الخازن وهادي حبيش.

الخازن

وأثنى رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن على اجتماع بكركي، معتبراً أنه «خريطة طريق ومنطلق لاستنهاض الدولة بكل مقوّماتها».

وقال الخازن: «دعوة غبطة البطريرك الراعي الوزراء والنواب الموارنة إلى بكركي هي بمثابة خريطة طريق ومنطلق لاستنهاض الدولة بكل مقوّماتها المعبّرة عن المشاركة الحقيقية في المسؤولية الوطنية».

أضاف: «هذه الخطوة نابعة من صميم ثوابت الكنيسة المارونية التي تكرّس وحدة العيش التي هي بمثابة الأقنوم الأول في مفهوم لبنان، فلا ميثاقية دستورية إلا بموجب هذا المفهوم الذي يعطي للبنان وجهه الحضاري المتميّز في تنوعه الديني والثقافي الذي نشأ في بيئة حاضنة لخصوصياته التاريخية من دون المسّ بالمسؤوليات في تقاسم السلطة وتراتبيتها وفق اتفاق الطائف».

وسأل: «إلى متى سيظلّ البطريرك الراعي يطلق نداءاته من أجل خلاص لبنان، هذا الوطن المتخبّط في مهب العاصفة الإقليمية وهو لا يلوي إلى حل يقيه شر التجاذب؟»

وقال: «كل النداءات التي خاطب بها القيادات المسيحية والإسلامية، ودعواته المتكرّرة الى تشكيل حكومة تواجه التحديات وتوقف الفساد والهدر في مرافق الدولة، إنما تنسجم مع مواقفه التي يحضّ فيها كلّ الأطراف على إسراع الخطى لإنفاذ الاستحقاقات، لأنها الوحيدة الكفيلة حماية الصيغة الفريدة في عالم متقلب الأوضاع، نسي أو تناسى أن الديمقراطية في هذا الشرق، الذي يصطلي حراك شعوبه من أجلها، إنما كانت نعمة الأنظمة المفتقرة إلى تداول السلطة منذ أكثر من سبعين عاماً».

الرابطة المارونية

كذلك أيّدت الرابطة المارونية لقاء النواب الموارنة في بكركي، ودعت في بيان أمس لأن يتحوّل الى «لقاء دوري يأخذ على عاتقه حماية لبنان والدور المسيحي، وما قامت به البطريركية المارونية يندرج في إطار مسؤولياتها التاريخية في الدفاع عن الوطن، ورسالته، وحضوره المميّز».

واعتبرت أنّ «اللقاء في هذه الأحوال الدقيقة ضروري، ومناسبة لإعادة إنتاج منظومة من الثوابت تكون الركيزة الأساس لوحدة الصف على قاعدة وطنية، ميثاقية، تعيد التذكير بما يجب أن يعيه اللبنانيون من أجل استمرار بلدهم، وصون العيش الواحد في إطار التنوّع والتعدّد، والتكافؤ، فلا يستقوي فريق على آخر بفائض القوة، ولا يعطل فريق آخر مسيرة الدولة لأمر لا يرغب في تحقيقه. كما لا ينصرف المسؤولون فيه عن المشكلات التي تعصف به، وكأنّ شيئاً لا يحصل».

ورأت أنّ «ما يواجه لبنان اليوم هو في منتهى الخطورة، ويهدّد بمضاعفات كبيرة ستكون لها انعكاساتها على النسيج الوطني، اذا لم يعد كلّ الأطراف إلى جادة المنطق والعقل، ويغلّبوا المصلحة العامة على المصالح الخاصة، ويتجاوزوا الحساسيات المذهبية، ويكفوا عن استخدام لبنان صندوقة بريد لبعث الرسائل في كلّ الاتجاهات».

ودعت الرابطة الى «وقف التعرّض لهيبة الدولة، من أيّ طرف كان، لأنّ الدولة ليست لفئة دون أخرى، بل لجميع مواطنيها. وهي إذ تكرّر تأييدها لأهداف لقاء بكركي الذي يتمّ تحت عناوين وطنية يجب عدم تجاوزها، فإنها تؤكد مجدّداً أنّ هذا الصرح كان وما زال صرحاً وطنياً جامعاً بقيادة سيده وأحباره الذين لا تتقدّم لديهم مصلحة على مصلحة لبنان الحاضن لجميع أبنائه بالعدل والمساواة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى