جهل مقنّع!

قام مجموعة من العلماء بوضع خمسة قردة في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم، وفي أعلاه وضعوا بعض الموز: في كلّ مرّة يصعد أحد القردة لأخذ الموز يقوم العلماء برش باقي القردة بالماء المغلي، وبعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز يقوم بقية القردة بمنعه وضربه حتّى لا يتم رشهم بالماء المغلي. في البدء كان الخوف من الماء المغلي، لاحقاً صار الخوف داخل كل واحد منهم، من خطورة الاقتراب من السلّم، رغم أنه لم يجرب الماء المغلي، وأخيراً، صارت ثقافة وطباعاً، تجعلهم يرفضون أي محاولة جديدة لأي منهم لصعود السلم. باختصار إنه الجهل. يجب أن نفرق كي لا ندخل في قضايا بيزنطية لا ينتهي الجدل حولها بين المبدأ والفعل. فالمبدأ عام والفعل خاص، المبدأ نظرية والفعل تطبيق، المبدأ مطلق والفعل متغيّر، المبدأ يسري على الجميع والفعل قد لا يُرضي الجميع. لا يجوز أخذ الفعل حتى حين ينحدر مستواه كحجة لإلغاء المبدأ الذي يسانده. يقول المثل: عدو عاقل خير من صديق جاهل . لا يوجد شيء اسمه سلام هنالك استسلام وهناك منتصر ومهزوم. لا تصدق كل ثرثرات الحالمين والرومانسيين عن الهدوء والسكينة والسلام، فلن تجد الهدوء والسكينة والسلام إلّا في قبرك.. إن تغمدك الله برحمته! لا توجد صفة أقبح من الجهل حتّى أنه إذا دخل في الفضيلة يحولها إلى رذيلة. راقب تصرفات الجاهل فستجده: أوّل من يروّج للإشاعة، أوّل من يمتدح المشعوذ، فهو يذهب إلى أسواق النخاسة بإرادته ليعرض نفسه لمن يدفع له اكثر ! تجربة القردة والموز تجربة مخيفة! وما تمّ تطبيقه على القردة في تجربة علمية، يتم فعله بالبشر بأشكال مخيفة وأكثر سوداوية! هناك من يخاف صعود السلم لانتزاع الموز أو المطالبة بحقوقه لأنّ الآخر أوهمه ألّا يستخدم فمه سوى للتنفس. هناك من لا يزال يعيش في قفص الأعراف والتقاليد البالية لأن من يخالف يعرف ويُصلى بنار جهنم ! هناك من لديه استعداد بسبب الخوف من الماء المغلي أن يحرم من أكل الموز ! هناك ألف قفص وألف جالون من الماء المغلي والكثير ممّا نخاف الوصول إليه ونكتفي ب تيمّموا صعيداّ طيبا من الظلم أحياناً أن تطالب المشغول بـ رغيف الخبز أن يتخذ موقفاً تجاه الكعكة فما بالك لو طالبته بموقف تجاه خاروف مكتف ، والأهم من كل هذا هناك الكثير من القردة والتي لا تعلم أنها قردة، لأنّ بعضهم مكيجها فحولها مُستعبَدة…

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى