الانتصار السوري يؤسّس لتحالفات غير متوقعة سيشهدها العالم

ربى يوسف شاهين

رؤى غير متوقعة تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية، حيث أنّ زمن المسار السياسي الواحد على ما يبدو، لم يعد يجدي نفعاً لبعض القادة، وخاصة على مستوى السياسات الخارجية، لتنقشع ضبابية التوجهات السياسية لعدد من البلدان التي تعدّ دولاً عظمى، وبيدها مفاتيح الحلول لكثير من قضايا المنطقة، لكن الانتصار السوري جعل من مشهدية الحرب الكونية على الدولة السورية، مفصلاً لكلّ المسارات السياسية والعسكرية على المستويين الإقليمي والدولي.

حقيقة ما يجري في أروقة الدول الكبرى وعلى رأسها أميركا، أجبر بريطانيا على الخروج عن صمتها، لتبدي رأياً في بقاء الرئيس الأسد، ولعلّ بريطانيا قد تناست بأنّ زمن المطالبة برحيل الرئيس الأسد قد ولى، ولم يعد لهذه الدول سوى الرضوخ والانصياع لرغبات الأسد المنتصر، حتى واشنطن التي تاهت في الجغرافيا السورية، وغرقت في رمال سورية، وما جاءت لتنفيذه قد دخل في نفق التخبّط والتشتّت، حتى وصل الأمر بالرئيس ترامب إلى الاعتراف بنوايا تواجد قواته في سورية، حيث قال «نحن متفقون على أنّ ذريعة التواجد هي لمحاربة داعش والتنظيمات الإرهابية»،

ولكن على ما يبدو اللوبي «الإسرائيلي» قد فرض أمرأ ولا بدّ من التنفيذ»، ضمن هذا المعطى يمكننا القول، بأنّ حقيقة الانتصار السوري أجبرت ترامب على إعلان الانسحاب من سورية، فقد خسر الرهان على إسقاط الدور السوري في «الشرق الأوسط»، ورأى صمود القيادة السورية وحنكتها السياسية، وقوة الجيش السوري.

ما عزمت أميركا على تنفيذه لصالح اللوبي الصهيوني قد نُفذ، لكن نظريات تدمير الدولة السورية وإرهاقها، باءت كلها بالفشل، حتى أنّ «إسرائيل» أدركت أنّ سورية بقيادة الأسد لا يمكن أن تُكسر، وأيّ اعتداء على الدولة السورية سيكون هناك ردّ مباشر، وبهذا باتت التحركات الإسرائيلية محكومة بتوقيت انتصار دمشق ومحورها المقاوم.

الانتصار السوري استطاع تغيير كلّ مسارات الحرب على سورية، فأميركا وأدواتها باتوا خارج اللعبة، وما قرار الانسحاب إلا ترجمة حقيقية لمفاعيل الانتصار السوري، وأعتقد جازمة بأنّ هذا القرار يتبعه تغيير للمواقع وليس للمواقف، لكن الظروف على الساحة السياسية والعسكرية في سورية، أجبرت أميركا على التفكير في الانسحاب، لأنّ العائد من هذه الحرب السورية على أميركا وحلفائها كان في أدنى مستوياته سياسياً.

قرار الرئيس ترامب بالانسحاب وتراجعه عن القرار ثم عدم تحديد مدة زمنية واضحة، يشي بأنّ هناك من الضغوط عليه ما يجعله لا يضع مدة زمنية ليُرضي بها «إسرائيل» وكلّ من يتبع للوبي الصهيوني، حيث أنّ كتّاب مسرحية «الربيع العربي» ما زالوا موجودين، لكن لم يُكتب لهم المشاركة العملية فيها، ليكون الرئيس الأميركي السابق أوباما مفتتح لها، والرئيس ترامب مختتماً لبعض فصولها، فالخطر الغربي والعربي على طبيعة الدور السوري في الشرق الأوسط، ما يزال موجوداً، ومن المؤكد أنّ محور العدوان على سورية لا يزال يحيك الخطط، في انتظار الفرصة السانحة التي تمكنهم من إعادة صياغة أيّ معادلات جديدة.

قرار ترامب سيُجبر الكثيرين ممن راهنوا على التواجد الأميركي في سورية، على إعادة حساباتهم الاستراتيجية، وبناء تحالفات تحدّ من تداعيات قرار ترامب، لتكون بذلك المعادلة الإقليمية والدولية الجديدة رهنٌ بتوقيت دمشق. وما يهمّنا أننا انتصرنا في سورية، وأنّ انسحاب القوات الأميركية الغير شرعية هو مطلب سوري منذ بداية الحرب، وما يحدث في الشمال والشمال الشرقي من سورية، ما هو إلا جراء الانتصار السوري، هذا الانتصار جعل من الكثيرين يوجّهون البوصلة إلى ابواب دمشق، فالأكراد والدول الخليجية والأوربية أدركوا أنّ تحالفهم مع واشنطن، لم يجلب لهم سوى الهزائم، وباتوا جميعهم يبحثون عن ايّ تحالف يقرّبهم من الدولة السورية، فـ للمنتصر كلّ الحق باختيار تحالفاته الجديدة، لتكون سورية وحلفاؤها مهندسي العلاقات الإقليمية والدولية، انطلاقاً من انتصار دمشق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى